الموضوع: فتوح الغيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-17-2011, 01:51 AM   رقم المشاركة : 32
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم


المقالة الخامسة والعشرون

فـي شــجـرة الإيـمـان


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : لا تقولن يا فقير اليد، يا مولى عنه الدنيا وأبناؤها، يا خامل الذكر بين ملوك الدنيا وأربابها، يا جائع يا نايع يا عريان الجسد يا ظمآن الكبد يا مشتتاً في كل زاوية من الأرض من مسجد وبقاع خراب، ومردوداً من كل باب، ومدفوعاً عن كل مراد، ومنكسراً ومزدحماً في قلبه كل حاجة مرام. إن الله تعالى أفقرني وذوى عنى الدنيا وغرني، وتركني وقلاني وفرقني ولم يجمعني، وأهانني ولم يعطني من الدنيا كفاية، وأخملني ولم يرفع ذكرى بين الخليقة وإخواني، وأسبل على غيري نعمة منه سابغة يتقلب فيها في ليله ونهاره، وفضله عليّ وعلى أهل دياري وكلانا مسلمان مؤمنان ويجمعنا أبونا آدم وأمنا حواء عليهما السلام، أما أنت فقد فعل الله ذلك بك، لأن طينتك حرة وندى رحمة الله متدارك عليك من الصبر والرضا واليقين والموافقة والعلم وأنوار الإيمان والتوحيد متراكم لديك، فشجرة إيمانك وغرسها وبذرها ثابتة مكينة مورقة مثمرة متزايدة متشعبة غضة مظللة متفرعة، فهي كل يوم في زيادة ونمو، فلا حاجة بها إلى سباطة وعلف لتنمى بها وتربى، وقد فرغ الله عزَّ وجلَّ من أمرك على ذلك، وأعطاك في الآخرة دار البقاء وخولك فيها، وأجزل عطاءك في العقبى مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. قال الله تعالى: }فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{.السجدة17. أي ما عملوا في الدنيا من أداء الأوامر، والصبر على ترك المناهى، والتسليم والتفويض إليه في المقدور، والموافقة له في جميع الأمور. وأما الغير الذي أعطاه الله عزَّ وجلَّ الدنيا وخوله ونعمه بها وأسبغ عليه فضله فعل به ذلك، لأن محل إيمانه أرض سبخة وصخر لا يكاد يثبت فيها الماء وتنبت فيها الأشجار، ويتربى فيها الزرع والثمار فصب عليها أنواع سباطه وغيرها مما يربى به النبات والأشجار، وهى الدنيا وحطامها ليحفظ بها ما أنبت فيها من شجرة الإيمان وغرس الأعمال، فلو قطع ذلك عنها لجف النبات والأشجار، وانقطعت الثمار، فخربت الديار، وهو عزَّ وجلَّ مريد عمارتها، فجشرة إيمان الغنى ضعيفة المنبت وخال عما هو مشحون به منبت شجرة إيمانك يا فقير، فقوتها وبقاؤها بما ترى عنده من الدنيا وأنواع النعيم، فلو قطع ذلك عنه مع ضعف الشجرة جفت، فكان كفراً وجحوداً وإلحاقاً بالمنافقين والمرتدين والكفار، اللهمَّ إلا أن يبعث الله عزَّ وجلَّ إلى الغنى عساكر الصبر والرضا واليقين والتوفيق والعلم وأنواع المعارف فيقوى الإيمان بها فحينئذ لا يبالى بانقطاع الغنى والنعيم، والله الهادي الموفق.


آخر تعديل عمر نجاتي يوم 04-18-2022 في 09:54 AM.
رد مع اقتباس