الموضوع: تشاد Chad
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-18-2011, 03:27 AM   رقم المشاركة : 6
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: تشاد Chad

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب: حرب تشاد.. الكارثة الكارثة
7- دوافع الحرب..


قبل ان اتحدث عن موضوع هذه الحلقة، اود ان انوه الى انني، وكغيري من ملايين العرب والمسلمين، بما في ذلك ملايين الليبيين والتشاديين، ضد هذه الحرب جملة وتفصيلا، حتى لو ورد في هذا الجزء، او في غيره من الاجزاء السابقة او القادمة، ما قد يفهم خلاف ذلك.



واؤمن كذلك، وكغيري من ملايين الليبيين، ان قضية "اوزو"، وجميع القضايا المتعلقة بهذه الحرب، والتي ذهب ضحيتها الاف الابريا، كان من الممكن معالجتها بالف وسيلة ووسيلة سلمية اخرى. كما اؤمن ان كل ليبي، اشترك في هذه الحرب، تضرر بسببها، او لم يتضرر، مات في هذه الحرب، او لم يمت، هو ضحية لهذا النظام الاهوج، وضحية لهذه الحرب العبثية.



كما انني انظر الى الشعب التشادي، كجار مسلم لبلادنا، له ما للجار المسلم من حقوق. لقد جاهد الشعب الليبي، والشعب التشادي، جنبا الى جنب، في الماضي القريب، ضد استعمار مشترك شرس، لم يآلوا فينا، ولا في التشاديين، الا ولا ذمة، كما جاهد الشعب التشادي، في جانب شيخ الشهداء، عمر المختار، وضحى التشاديون والليبيون معا، بدمائهم واموالهم من اجل الارض والدين والعرض.



كما فتح التشاديون اراضيهم لليبيين، وذلك عندما تضاعف جنون الاستعمار الايطالي البشع، فاضطر جزء من الليبيين، الى الهجرة الى ارض الله الواسعة، فاستقبل التشاديون الليبيين، واحتضنوهم، واسكنوهم ارضهم، وشاركوهم في تجارتهم واموالهم، ولم يشعروهم بانهم غرباء او دخلاء، بل اشعروهم، بانهم لا يختلفون عن اهل تشاد الاصليين.



ينطبق كل ذلك، على الجنوب التشادي ايضا، او الجزء غير المسلم، من الشعب التشادي، فجميعنا ضحايا لهذه الحرب العبثية، وما سببته من ظلم، وقهر، وسفك دماء، وتنكيل واغتصاب، ومعاناة، واحزان، ناهيك عما خلفته هذه الحرب البشعة، من يتامى وارامل ومفقودين ومساكين ولاجئين ومعوقين، فهذه الحرب، وبكافة المعايير، كارثة كارثة، طالت البلاد والارض والعباد، في البلدين، ليبيا وتشاد.
وسنتحدث في هذا الجزء، عن دوافع الحرب واسبابها، ثم نتحدث في الجزء القادم، عن اسباب الهزيمة، كما سنخصص فصلا كاملا، من هذا الكتاب، نطلع فيه على اراء ورؤية ووجهات نظر جنود وافراد وقادة وافراد من العسكريين الذين شاركوا في حرب تشاد.

دوافع الحرب..

تعددت دوافع الحرب، وكان اغلبها دوافع مصطنعة، يعلن عنها النظام، من حين الى اخر، ليقنع الليبيين ويقنع القوات المسلحة، بضروروة وجدوى وعدالة هذه الحرب. كما جاءت بعض هذه الدوافع والاسباب كغطاء لاهداف غير معلنة. وسنتحدث في باقي هذا المقال، عن اهم دوافع هذه الحرب واسبابها.


ضم او استعادة شريط اوزو..
تعتبر اعادة شريط اوزو او ضمه الى ليبيا، من بين اهم الاسباب المعلنة للحرب. وقد تحدثنا عن ملابسات هذا الشريط، في الفصل الرابع من هذا الكتاب، تحت عنوان "خلفيات شريط اوزو". وفي خضم مجهوداته المتواصلة والمكثفة للترويج لهذا الدافع، اتهم النظام العهد الملكي بالتسيب والخيانة والمتاجرة بالوطن، والتفريط في جزء من ارض الوطن (شريط اوزو)، لذلك لابد من استرداده ولو بالقوة. وبذلك يحقق النظام اكثر من هدف، فيطعن في امانة ووطنية العهد الملكي من جهة، ويبرر قرار تدخله العسكري من جهة ثانية، ويضفي غطاء وطنيا بطوليا على هذا التدخل، من جهة ثالثة، ويبرز من جهة اخرى "ثورته" كبديل وطني عن العهد الملكي، من المفترض ان يعيد - هذا البديل- كرامة الوطن، ويحرر جزء "مغتصب" منه.


اليورانيوم.. وباطن اوزو..

ويكمن السبب الاخر، في الثروة الهائلة من اليورانيوم، التي يحتويها شريط اوزو. فهذه الثروة اضافت اهمية اقتصادية للشريط بعد اهميته الوطنية والسياسية. فبعد اكتشاف هذه الثروة الاسترتيجية او بالاحرى الاعلان عن وجودها، تحول شريط اوزو، من مجرد شريط صحراوي، وقطعة ارض جرداء، لا يستحق ان يُجرح من اجلها جندي واحد، الى ارض ذات قيمة اقتصادية استراتيجية هائلة. فيبرر النظام، استنادا على هذا السبب، تدخله العسكري، ليس في شريط اوزو وحسب، بل في تشاد بكاملها. فلسان حال النظام، يقول ان استعادة قطعة هذه الارض، الغنية بمثل هذا المعدن، تستحق ان يعلن من اجلها الحرب، وتستحق ان يموت من اجلها الليبيون.







اسباب امنية..

ويكمن السبب الرئيسي الاخر في تأمين الحدود الجنوبية لليبيا. فقد دأب النظام الليبي، في كل مناسبة، بسبب وبدون سبب، على الادعاء بان قوى الامبريالية العالمية والاستعمار والصهيونية والاخطبوط غيرالمرئي، يخطط لغزو ليبيا من الجنوب، وذلك لضرب "الثورة" او سرقتها. بل ويروى ان معمر، كان يردد دائما، ان الثورة ليست مهددة من الشمال فقط (اي من البحر الابيض المتوسط)، بل ومن الجنوب ايضا. وحسب رؤية معمر- فان تأمين الحدود الجنوبية، وحمايتها من القوى "الخفية الوهمية الرهيبة"، يعتبر امرا مصيريا، لا يتم الا عبر السيطرة العسكرية على تشاد (الاحتلال)، او عبر ضمها الى ليبيا نهائيا (وحدة قسرية)، او على اقل تقدير، السيطرة عليها، عبر تثبيت ودعم ومساندة نظام تشادي موالي للنظام الليبي، وجميع هذه الوسائل، تستوجب التدخل العسكري.



الحركة السنوسية..

يعتبر انتشار الحركة السنوسية في شمال تشاد، من اهم الاسباب التي تقف وراء رغبة النظام، في التدخل العسكري والسياسي في تشاد، وذلك منذ قيام الانقلاب في 1969م. فالحركة السنوسية، واتباعها واعوانها والمنتسبين اليها، تعتبر، حتى اليوم، احدى كوابيس معمر. ويمكننا ادراك ذلك بعد مراجعة سريعة لممارسات النظام ضد الحركة، ورجالها واتباعها واضرحتها واموالها وزواياها ومؤسساتها. ومازال شبح المحاولة التي اطلق عليها، "مؤامرة فزان"، او "محاولة سبها"، والتي ضخمها النظام القائم، بصورة خيالية، وادخل فيها الغرب والامبريالية والصهونية والعهد الملكي والسنوسية واهل فزان، - ما زال هذ االكابوس- ماثلا امام معمر، حتى يومنا هذا. ولان تشاد، تعتبر احدى اهم المعاقل الرئيسية للحركة السنوسية، لذلك يرى النظام، ضرورة السيطرة على الشمال التشادي، من اجل شل او اضعاف او انهاء او ضرب او احتواء، او على اقل تقدير، تحييد الحركة والمتعاطفين معها في تشاد.



أمريكا..

ومن الاسباب التي يرجحها بعض المراقبين السياسيين، ان النظام الليبي (من حيث يدري، اومن حيث لا يدري)، يعتبر طرفا في صراع النفوذ في افريقيا، بين فرنسا وامريكا، فقد اُستغل النظام او اُستُخدم (بارادته او بدون ارادته)، في تمهيد الطريق امام امريكا، للتدخل العسكري والسياسي والاقتصادي، في الشأن التشادي، بل الافريقي، وذلك من اجل منافسة، او زحزحة فرنسا، من مستعمراتها القديمة.



امبراطورية اسلامية..

يؤكد بعض المراقبين السياسيين، ان معمر كان ينوي تأسيس امبراطورية اسلامية صحراوية، تشمل ليبيا وبعض الدول الافريقية الاخرى، من بينها تشاد ومالي والنيجر والسودان، وغيرها من الدول العربية والاسلامية، وان بداية تأسيس هذه الامبراطورية يبدأ بضم تشاد. والغريب ان هذا التصور، او هذا التحليل، قد ورد في اكثر من مصدر غربي، وخاصة المصادر التي تناولت المشكل الليبي التشادي.



حماية المسلمين في الشمال.. من اضطهاد الجنوبيين..

يروج النظام الليبي، وبصورة دورية، الى ان اهم اسباب تدخل ليبيا في تشاد، هو انقاذ وحماية التشاديين المسلمين، من مرارة الاضطهاد، الذي يمارسه عليهم الجنوب المسيحي. والنظام يروج لهذا الامر، ويروج ايضا للأمر السابق (أي تأسيس امبراطورية اسلامية)، ليكسب تعاطف العالم الاسلامي، ويضفي على تدخله، طابعا دينيا، ويجعل من مهمة القتل والتدخل العسكري، مهمة انسانية سامية. ويصور انقلاب سبتمبر، كثورة اسلامية، تستجيب، وبدون تردد، لاستغاثة المسلمين، اينما كانوا، وبأي ثمن.



صفقات السلاح الروسي...

تململ ضباط وجنود القوات المسلحة الليبية، وتململ معهم الشعب الليبي ايضا، بسبب الكم الهائل من الاسلحة الروسية، التي كان النظام يكدسها، في المخازن، وبدأت الاصوات ترتفع مطالبة بتبريرات مقبولة، لهذه الصفقات، والغاية والهدف منها، كما بدأت الاشاعات تنتشر، حول عمولات ورشوات وسرقات مرتبطة بالصفقات العسكرية، التي بلغت البلايين. واطلق الشارع الليبي على الاسلحة الروسية اسم "الحديد المصدي"، او الحديد الذي طاله الصدى، كناية على طول مدة التخزين، وعدم استخدامه، الا في الاستعراضات المملة، وعدم الحاجة اليه، وانتفاء ضرورته، بهذا الحجم على الاقل. فالتدخل العسكري في تشاد، اتاح فرصة ذهبية للنظام الليبي، لاستخدام هذه الاسلحة، وتبرير الصفقات السابقة، بل وابرام صفقات اخرى جديدة.



دوافع اخرى..

ووردت دوافع مختلفة اخرى، منها تهديد االسودان، وتطويق نظام جعفر النميري، رحمه الله، وحاجة ليبيا الى منفذ على المحيط،، والتخلص من بعض ضباط، وافراد القوات المسلحة الليبية، تحت غطاء الحرب.



تلك كانت الاسباب والدوافع المعلنة، وغير المعلنة للحرب. واود ان انوه، مرة اخرى، الى ان جميع الدوافع والاهداف والاسباب التي ذكرناها، مجتمعة، لا تبرر الحرب، بل لا تبرر موت انسان واحد، خاصة وان تشاد لم تعتد على ليبيا، ولم ترسل جيوشها لتعزيز قواتها في اوزو، عقب اول تدخل عسكري ليبي، على سبيل المثال، كما لم تمارس ما من شأنه، استفزاز النظام الليبي.



ليس ذلك فحسب بل ان الاجواء بين ليبيا وتشاد، كانت على افضل ما يرام، قبيل التدخل العسكري الليبي الاول في تشاد، وخاصة بعد زيارة تمبلباي الى ليبيا، وتوقيع اتفاقية التعاون. كل ذلك يدل على ان التدخل الليبي في تشاد، وفي اوزو بالذات، وفي تلك الفترة، لم يكن له اي ميرر، بل على العكس، كانت له ردود افعال سلبية جادة، ضد الليبيين، نظاما وقوة، فقد استفز هذا التدخل، التشاديين، نظاما وجيشا وشعبا، المسلمين منهم، وغير المسلمين.





ناهيك عن الحلول السلمية، التي كان من الممكن ان تحقق اغلب اهداف النظام الليبي، دون اراقة نقطة دم واحدة، ومع ذلك اصر النظام الليبي، على التدخل العسكري، قبل ان يجرب بعض تلك الحلول، مما اضاف غموضا اخر الى هذه الحرب، وفتح بابا واسعا من التكهنات حولها.



والى اللقاء، مع الحلقة الثامنة،الاسبوع القادم، باذن الله، والحديث عن "اسباب الهزيمة..." السياسية والعسكرية في تشاد، والله ولي التوفيق.



اضغط هنا للاطلاع على باقي حلقات "حرب تشاد.. الكارثة.. الكارثة."



د. فتحي الفاضلي

______________________

لمراسلة الكاتب



Cant See Links

Cant See Links

Cant See Links



لزيارة موقع الكاتب

Cant See Links
Cant See Links



رد مع اقتباس