عرض مشاركة واحدة
قديم 10-03-2011, 01:28 PM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: تاريخ الخلفاء للسيوطي

فصل في الأحاديث المنذرة بخلافة بني أمية قال الترمذي: حدثنا محمد بن غيلان حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا القاسم ابن الفضل المدني عن يوسف بن سعد قال قام رجل إلى الحسن بن علي بعد ما بايع معاوية فقال سودت وجوه المؤمنين فقال لا تؤنبني رحمك الله فإن النبي رأى بني أمية على منبره فساءه ذلك فنزلت " إنا أعطيناك الكوثر " ونزلت " إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر " " القدر: 1 - 3 " يملكها بعدك بنو أمية يا محمد قال القاسم: فعددنا فإذا هي ألف شهر لا تزيد ولا تنقص قال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث القاسم وهو ثقة ولكن شيخه مجهول وأخرج هذا الحديث الحاكم في مستدركه وابن جرير في تفسيره: قال الحافظ أبو الحجاج المزي: وهو حديث منكر وكذا قال ابن كثير وقال ابن جرير في تفسيره: حدثت عن محمد بن الحسن بن زبالة حدثت عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل حدثني أبي عن جدي قال رأى رسول الله بنى الحكم بن أبي العاص ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى مات وأنزل الله في ذلك " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " " الإسراء: 60 " إسناده ضعيف لكن له شواهد من حديث عبد الله بن عمر ويعلى بن مرة والحسين ابن علي وغيرهم وقد أوردتها بطرقها في كتاب التفسير والمسند وأشرت إليها في كتاب أسباب النزول.

[عدل] فصل في الأحاديث المبشرة بخلافة بني العباسقال البزار: حدثنا يحيى بن يعلى بن منصور حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن محمد بن عبد الرحمن العامري عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله للعباس " فيكم النبوة والمملكة " العامري ضعيف وقد أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة وابن عدى في الكامل وابن عساكر من طرق عن ابن أبي فديك.

وقال الترمذي: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن ثور بن يزيد عن مكحول عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله للعباس " إذا كان غداة الاثنين فأتني أنت وولدك حتى أدعو لهم بدعوة ينفعك الله بها وولدك فغدا وغدونا معه وألبستنا كساء ثم قال اللهم اغفر للعباس ولولده مغفرة ظاهرة وباطنة لا تغادر ذنبا اللهم احفظه في ولده " هكذا أخرجه الترمذي في جامعه وزاد رزين العبدري في آخره " واجعل الخلافة باقية في عقبه ".

قلت: هذا الحديث والذي قبله أصلح ما ورد في هذا الباب.

وقال الطبراني: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة حدثنا إسحاق عن إبراهيم بن أبي النضر عن يزيد بن ربيعة عن أبي الأشعث عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله : " رأيت بني مروان يتعاورون على منبري فساءني ذلك ورأيت بني العباس يتعاورون على منبري فسرني ذلك ".

وقال أبو نعيم في الحلية: حدثنا محمد بن المظفر حدثنا عمر بن الحسن بن علي حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبيد حدثنا محمد بن صالح العدوي حدثنا ابن جعفر التميمي حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي أخبرني على بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " خرج رسول الله فتلقاه العباس فقال ألا أبشرك يا أبا الفضل قال بلى يا رسول الله قال إن الله افتتح بي هذا الأمر وبذريتك يختمه " إسناده ضعيف.

وقد ورد من حديث علي بإسناد أضعف من هذا أخرجه ابن عساكر من طريق محمد بن يونس الكديمي وهو وضاع عن إبراهيم بن سعيد الأشقر عن خليفة عن أبي هاشم عن محمد بن الحنفية عن علي رضي الله عنه أن رسول الله قال للعباس: " إن الله فتح هذا الأمر بي ويختمه بولدك " وورد أيضا من حديث ابن عباس أخرجه الخطيب في التاريخ ولفظه " بكم يفتح هذا الأمر وبكم يختم " وسيأتي بسنده في ترجمة المهتدي بالله وورد أيضا من حديث عمار بن ياسر أخرجه الخطيب.

وقال في الحلية: حدثنا محمد بن المظفر حدثنا نصر بن محمد حدثنا علي ابن أحمد السواق حدثنا عمر بن راشد حدثنا عبد الله بن محمد بن صالح عن أبيه عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله : " يكون من ولد العباس ملوك تكون أمراء أمتي يعز الله بهم الدين " عمر بن راشد ضعيف.

وقال أبو نعيم في الدلائل حدثنا الحسن بن إسحاق بن إبراهيم بن زيد حدثنا المنتصر بن نصر بن المنتصر حدثنا احمد بن راشد بن خثيم ثنا عمي سعيد بن خثيم عن حنظلة عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال حدثتني أم الفضل رضي الله عنها قالت مررت بالنبي فقال " إنك حامل بغلام فإذا ولدت فأتيني به فلما ولدته أتيت به النبي فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى وألبأه من ريقه وسماه عبد الله وقال اذهبي بأبي الخلفاء فأخبرت العباس وكان رجلا لباسا فلبس ثيابه ثم أتى إلى النبي فلما بصر به قام فقبل بين عينيه فذكر ذلك لرسول الله فقال هو ما أخبرتك هو أبو الخلفاء حتى يكون منهم السفاح حتى يكون منهم المهدي حتى يكون منهم من يصلي بعيسى بن مريم عليه السلام ".

وقال الديلمي في مسند الفردوس أخبرنا عبدوس بن عبد الله كتابة أخبرنا الحسن بن فتحويه حدثنا عبد الله بن أحمد بن يعقوب المقري حدثنا العباس ابن علي النسائي حدثنا يحيى بن يعلى الرازي حدثنا سهل بن تمام حدثنا الحارث بن شبل حدثتنا أم النعمان عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا سيكون لبني العباس راية ولن يخرج من أيديهم ما أقاموا الحق.

وقال الدار قطني في الأفراد حدثنا عبد الله بن عبد الصمد بن المهتدي حدثنا محمد بن هارون السعدي حدثنا أحمد بن إبراهيم الأنصاري عن أبي يعقوب بن سليمان الهاشمي قال سمعت المنصور يقول حدثني أبي عن جدي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي قال للعباس " إذا سكن بنوك السواد ولبسوا السواد وكان شيعتهم أهل خراسان لم يزل الأمر فيهم حتى يدفعوه إلى عيسى بن مريم ".

أحمد بن إبراهيم ليس بشيء وشيخه مجهول والحديث ضعيف حتى إن ابن الجوزي ذكره في الموضوعات وله شاهد أخرجه الطبراني في الكبير عن أحمد بن داود المكي عن محمد بن إسماعيل بن عون النبلي عن الحارث بن معاوية ابن الحارث عن أبيه عن جده أبي أمه عن أم سلمة رضي الله عنها مرفوعا الخلافة في ولد عمي وصنو أبي حتى يسلموه إلى المسيح وأخرجه الديلمي من وجه آخر عن أم سلمة رضي الله عنها.

وقال العقيلي في كتاب الضعفاء: حدثنا أحمد بن محمد النصيبي حدثنا إبراهيم بن المستمر العروقي حدثنا أحمد بن سعيد الجبيري حدثنا عبد العزيز بن بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه عن جده أبي بكرة رضي الله عنه مرفوعا " يلي ولد العباس من كل يوم تليه بنو أمية يومين ومن كل شهر شهرين ".

هذا حديث أورده ابن الجوزي في الموضوعات وأعله ببكار وليس كما قال فإن بكارا لم يتهم بكذب ولا وضع بل قال فيه ابن عدي: هو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم ثم قال وأرجو أنه لا بأس به ولعمري فليس معنى الحديث ببعيد فإن دولة العباسيين في حال علوها ونفوذ كلمتها في أقطار الأرض شرقا وغربا ما عدا أقصى المغرب كانت من سنة بضع وثلاثين ومائة إلى سنة بضع وتسعين ومائتين حتى تولى المقتدر وفي أيامه انخرم النظام وخرجت المغرب بأسرها عن أمره ثم تتابع الفساد والاختلال في دولته وبعده كما سيأتي فكانت أيام شموخ دولتهم ومملكتهم مائة وبضعا وستين سنة وهي ضعف أيام بني أمية الشامخة فإنها كانت اثنتين وتسعين سنة منها تسع سنين الأمر فيها لابن الزبير فصفت ثلاثا وثمانين سنة وكسرا وهي ألف شهر سواء.

ثم وجدت للحديث شاهدا قال الزبير بن بكار في الموفقيات: حدثني علي ابن صالح عن جدي عبد الله بن مصعب عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لمعاوية لا تملكون يوما إلا ملكنا يومين ولا شهرا إلا ملكنا شهرين ولا حولا إلا ملكنا حولين وقال الزبير في الموفقيات حدثني علي بن المغيرة عن ابن الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال الرايات السود لنا أهل البيت وقال لا يجيء هلاكها إلا من قبل المغرب.

وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق: أنبأنا أبو القاسم بن بنان أخبرنا أبو علي بن شاذان حدثنا جعفر بن محمد الواسطي حدثنا محمد بن يونس الكديمي حدثنا عبد الله بن سوار العنبري حدثنا أبو الأشهب جعفر بن حيان عن أبي رجاء العطاردي عن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنهما أن رسول الله قال له " اللهم انصر العباس وولد العباس " قالها ثلاثا ثم قال " يا عم أما شعرت أن المهدي من ولدك موفقا راضيا مرضيا " الكديمي وضاع.

وقال ابن سعد في الطبقات: حدثنا محمد بن عمر حدثنا عمر بن عقبة الليثي عن شعبة مولى ابن العباس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أرسل العباس ابن عبد المطلب إلى بني عبد المطلب فجمعهم عنده وكان علي عنده بمنزلة لم يكن أحد بها فقال العباس: يا ابن أخي إني قد رأيت رأيا لم أحب أن أقطع فيه شيئا حتى أستشيرك فقال علي ما هو قال يدخل على النبي تسأله إلى من هذا الأمر من بعده فإن كان فينا لم نسلمه والله ما بقى في الأرض من طارق وأن كان في غيرنا لم نطلبها بعد أبدا قال علي يا عم وهل هذا الأمر إلا إليك وهل أحد ينازعكم في هذا الأمر؟.

فصل

قال الديلمي في مسند الفردوس: أخبرنا أبو منصور ابن خيرون حدثنا أحمد بن علي حدثنا بشرى بن عبد الله الرومي حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر الفامي يعرف بغندر قال قرئ على أبي شاكر مسرة بن عبد الله حدثنا الحسن بن يزيد حدثنا ابن المبارك حدثنا الأعمش حدثنا إبراهيم بن جعفر الأنصاري حدثنا أنس بن مالك مرفوعا: " إذا أراد الله أن يخلق خلقا للخلافة مسح على ناصيته بيمينه ".

مسرة ذاهب الحديث متروك وقد ورد من حديث أبي هريرة أخرجه الديلمي من ثلاث طرق عن ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا وأخرجه الحاكم في مستدركه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

[عدل] فصل في شأن البردة النبوية التي تداولها الخلفاء إلى آخر وقتأخرج السلفي في الطوريات بسنده إلى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء أن كعب بن زهير رضي الله عنه لما أنشد النبي صلى الله عيه وسلم قصيدته بانت سعاد رمى إليه ببردة كانت عليه فلما كان زمن معاوية رضي الله عنه كتب إلى كعب: بعنا بردة رسول الله بعشرة آلاف درهم فأبى عليه فلما مات كعب بعث معاوية إلى أولاده بعشرين ألف درهم وأخذ منهم البردة التي هي عند الخلفاء آل العباس وهكذا قاله خلائق آخرون.

وأما الذهبي فقال في تاريخه أما البردة التي عند الخلفاء آل العباس فقد قال يونس بن بكير عن ابن إسحاق في قصة غزوة تبوك: " إن النبي أعطى أهل أيلة بردة مع كتابه الذي كتب لهم أمانا لهم فاشتراها أبو العباس السفاح بثلاثمائة دينار ".

قلت: فكانت التي اشتراها معاوية فقدت عند زوال دولة بني أمية.

وأخرج الإمام أحمد بن حنبل في الزهد عن عروة بن الزبير رضي الله عنه أن ثوب رسول الله الذي كان يخرج فيه للوفد رداء حضرمي طوله أربعة أذرع وعرضه ذراعان وشبر فهو عند الخلفاء قد خلق وطووه بثياب تلبس يوم الأضحى والفطر في إسناده ابن لهيعة وقد كانت هذه البردة عند الخلفاء يتوارثونها ويطرحونها على أكتافهم في المواكب جلوسا وركوبا وكانت على المقتدر حين قتل وتلوثت بالدم وأظن أنها فقدت في فتنة التتار فإنا لله وإنا إليه راجعون.

[عدل] فصل في فوائد منثورة تقع في التراجم ولكن ذكرها في موضع واحد أنسب وأفيدقال ابن الجوزي: ذكر الصولي أن الناس يقولون إن كل سادس يقوم للناس يخلع قال: فتأملت هذا فرأيته عجبا اعتقد الأمر لنبينا ثم قام به بعده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن فخلع ثم معاوية ويزيد بن معاوية ومعاوية بن يزيد ومروان وعبد الملك ابن مروان وابن الزبير فخلع ثم الوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز ويزيد وهشام والوليد فخلع ثم لم ينتظم لبني أمية أمر فولى السفاح والمنصور والمهدي والهادي والرشيد والأمين فخلع ثم المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين فخلع ثم المعتز والمهتدي والمعتمد والمعتضد والمكتفي والمقتدر فخلع مرتين ثم قتل ثم القاهر والراضي والمتقي والمستكفي والمطيع والطائع فخلع القادر والقائم والمقتدي والمستظهر والمسترشد والراشد فخلع هذا آخر كلام ابن الجوزي قال الذهبي وما ذكره ينخرم بأشياء.

أحدها: قوله وعبد الملك وابن الزبير وليس الأمر كذلك بل ابن الزبير خامس وبعده عبد الملك أو كلاهما خامس أو أحدهما خليفة والآخر خارج لأن ابن الزبير سابق البيعة عليه وإنما صحت خلافة عبد الملك من حين قتل ابن الزبير.

والثاني: تركه لعد يزيد الناقص وأخيه إبراهيم الذي خلع ومروان فيكون الأمين باعتبار عددهم تاسعا.

قلت: قد تقدم أن مروان ساقط من العدد لأنه باغ ومعاوية بن يزيد كذلك لأن ابن الزبير بويع له بعد موت يزيد وخالف عليه معاوية بالشام فهما واحد وإبراهيم الذي بعد يزيد الناقص لم يتم له أمر فإن قوما بايعوه بالخلافة وآخرين لم يبايعوه وقوم كانوا يدعونه بالإمارة دون الخلافة ولم يقم سوى أربعين يوما أو سبعين يوما فعلى هذا مروان الحمار سادس لأنه الثاني عشر من معاوية والأمين بعده سادس.

والثالث: أن الخلع ليس مقتصرا على كل سادس فإن المعتز خلع وكذا القاهر والمتقي والمستكفي.

قلت: لا انخرام بهذا فإن المقصود أن السادس لا بد من خلعه ولا ينافي هذا كون غيره أيضا يخلع.

ويقال زيادة على ما ذكره ابن الجوزي ولي بعد الراشد المقتفى والمستنجد والمستضيء والناصر والظاهر والمستنصر وهو السادس فلم يخلع ثم المستعصم وهو الذي قتله التتار وكان آخر دولة الخلفاء وانقطعت الخلافة بعده إلى ثلاث سنين ونصف ثم أقيم بعده المستنصر فلم يقم في الخلافة بل بويع بمصر وسار إلى العراق فصادف التتار فقتل أيضا وتعطلت الخلافة بعده سنة ثم أقيمت الخلافة بمصر فأولهم الحاكم ثم المستكفي ثم الواثق ثم الحاكم ثم المعتضد ثم المتوكل وهو السادس فخلع وولى المعتصم ثم خلع بعده بخمسة عشر يوما وأعيد المتوكل ثم خلع وبويع الواثق ثم المعتصم ثم خلع وأعيد المتوكل فاستمر إلى أن مات ثم المستعين ثم المعتضد ثم المستكفي ثم القائم وهو السادس من المعتصم الأول ومن المعتصم الثاني فخلع ثم المستنجد خليفة العصر وهو الحادي والخمسون من خلفاء بني العباس.

[عدل] فوائديقال: لبني العباس فاتحة وواسطة وخاتمة فالفاتحة المنصور والواسطة المأمون والخاتمة المعتضد.

خلفاء بني العباس كلهم أبناء سراري إلا السفاح والمهدي والأمين.

ولم يل الخلافة هاشمي ابن هاشمية إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابنه الحسن والأمين قال الصولي.

ولم يل الخلافة من اسمه علي إلا علي بن أبي طالب وعلي المكتفي.

قال الذهبي: قلت غالب أسماء الخلفاء أفراد والمثنى منهم قليل والمتكرر كثير: عبد الله وأحمد ومحمد وجميع ألقاب الخلفاء أفراد إلى المستعصم آخر خلفاء العراقيين ثم كررت الألقاب في الخلفاء المصريين فكرر المستنصر والمستكفي والواثق والحاكم والمعتضد والمتوكل والمستعصم والمستعين والقائم والمستنجد وكلها لم يتكرر غير مرة واحدة إلا المستكفي والمعتضد فكررا مرة أخرى فتلقب بهما من الخلفاء العباسيين ثلاثة ولم يتلقب أحد من خلفاء بني العباس بلقب أحد من بني عبيد إلا القائم والحاكم والظاهر والمستنصر وأما المهدي والمنصور فسبق التلقب به لبني العباس قبل وجود بني عبيد.

قال بعضهم: وما تلقب أحد بالقاهر فأفلح لا من الخلفاء ولا من الملوك.

قلت: وكذا المستكفي والمستعين لقب بكل منهما اثنان من بني العباس فخلعا ونفيا والمعتضد من أجل الألقاب وأبركها لمن يلقب به.

ولم يل الخلافة أحد بعد ابن أخيه إلا المقتفي بعد الراشد والمستنصر بعد المعتصم قاله الذهبي.

قال: ولم يل الخلافة ثلاثة أخوة إلا أولاد الرشيد الأمين والمأمون والمعتصم وأولاد المتوكل المستنصر والمعتز والمعتمد وأولاد المقتدر: الراضي والمقتفي والمطيع.

قال: وولى الأمر من أولاد عبد الملك أربعة ولا نظير لذلك إلا في الملوك.

قلت: بل له نظير في الخلفاء بعد النبي فولي الخلافة من أولاد المتوكل محمد أربعة: بل خمسة المستعين والمعتضد والمستكفي والقائم والمستنجد خليفة العصر.

ولم يل الخلافة أحد في حياة أبيه إلا أبو بكر الصديق وأبو بكر الطائع بن المطيع حصل لأبيه فالج فنزل لابنه عنها طوعا.

قال العلماء: أول من ولى الخلافة وأبوه حي أبو بكر وهو أول من عهد بها وأول من أتخذ بيت المال وأول من سمى المصحف مصحفا وأول من سمى بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب وهو أول من اتخذ الدرة وأول من أرخ من الهجرة وأول من أمر بصلاة التراويح وأول من وضع الديوان وأول من حمى الحمى عثمان وهو أول من أقطع الإقطاعات أي أكثر من ذلك وأول من زاد الأذان في الجمعة وأول من رزق المؤذنين وأول من أرتج عليه في الخطبة وأول من اتخذ صاحب شرطة وأول من استخلف ولي العهد في حياته معاوية وهو أول من أتخذ الخصيان لخدمته وأول من حملت إليه الرؤوس عبد الله بن الزبير وأول من ضرب اسمه على السكة عبد الملك بن مروان وأول من منع من ندائه باسمه الوليد بن عبد الملك وأول ما حدثت الألقاب لبني العباس.

وقال ابن فضل الله زعم بعضهم أن لبني أمية ألقابا مثل ألقاب بني العباس قلت وكذا ذكر بعض المؤرخين أن لقب معاوية الناصر لدين الله ولقب يزيد المستنصر ولقب معاوية ابنه الراجع إلى الحق ولقب مروان المؤتمن بالله ولقب عبد الملك الموفق لأمر الله ولقب ابنه الوليد المنتقم بالله ولقب عمر بن عبد العزيز المعصوم بالله ولقب يزيد بن عبد الملك القادر بصنع الله ولقب يزيد الناقص الشاكر لأنعم الله.

أول ما تفرقت الكلمة في دولة السفاح أول خليفة قرب المنجمين وعمل بأحكام النجوم المنصور وهو أول خليفة استعمل مواليه في الأعمال وقدمهم على العرب أول من أمر بتصنيف الكتب في الرد على المخالفين المهدي أول من مشت الرجال بين يديه بالسيوف والأعمدة الهادي أول من لعب بالصوالجة في الميدان الرشيد أول من دعي وكتب للخليفة بلقبه في أيامه الأمين وأول من أدخل الأتراك الديوان المعتصم وأول من أمر بتغيير أهل الذمة زيهم المتوكل أول من تحكمت الأترك في قتله المتوكل وظهر بذلك تصديق الحديث النبوي كما أخرج الطبراني بسند جيد عن ابن مسعود قال: قال رسول الله : " اتركوا الترك ما تركوكم فإن أول من يسلب أمتي ملكهم وما خولهم الله بنو قنطوراء ". أول من أحدث لبس الأكمام الواسعة وصغر القلانس المستعين أول خليفة أحدث الركوب بحلية الذهب المعتز أول خليفة قهر وحجر عليه ووكل به المعتمد أول من ولي الخلافة من الصبيان المقتدر.

آخر خليفة انفرد بتدبير الجيوش والأموال الراضي وهو آخر خليفة له شعر مدون وآخر خليفة خطب وصلى بالناس دائما وآخر خليفة جالس الندماء وآخر خليفة كانت نفقته وجوائزه وعطاياه وخدمه وجراياته وخزائنه ومطابخه ومشاربه ومجالسه وحجابه وأموره جارية على ترتيب الخلافة الأولية وهو آخر خليفة سافر بزي الخلفاء القدماء.

أول ما كررت الألقاب من المستنصر الذي تولى بعد المستعصم.

في الأوائل للعسكري: أول خليفة ولي في حياة أمه عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم الهادي ثم الرشيد ثم الأمين ثم المتوكل ثم المنتصر ثم المستعين ثم المعتز ثم المعتضد ثم المطيع ولم يل الخلافة في حياة أبيه غير أبي بكر الصديق رضي الله عنه وزيد عليه الطائع.

وقال الصولي: لا نعرف امرأة ولدت خليفتين إلا ولادة أم الوليد وسليمان ابني عبد الملك وشاهين أم يزيد الناقص وإبراهيم ابني الوليد والخيزران أم الهادي والرشيد.

قلت: ويزاد أم العباس وحمزة وأم داود وسليمان أولاد المتوكل الأخير.

فائدة: المتسمون بالخلافة من العبيديين أربعة عشر ثلاثة بالمغرب المهدي والقائم والمنصور وأحد عشر بمصر المعز والعزيز والحاكم والظاهر والمستنصر والمستعلي والآمر والحافظ والظافر والفائز والعاضد وكان ابتداء أمر مملكتهم سنة بضع وتسعين ومائتين وانقراضها في سنة سبع وستين وخمسمائة قال الذهبي وهي الدولة المجوسية واليهودية لا العلوية والباطنية لا الفاطمية وكانوا أربعة عشر متخلفا لا مستخلفا انتهى.

فائدة: المتسمون بالخلافة من الأمويين بالمغرب كانوا أحسن حالا من العبيديين بكثير إسلاما وسنة وعدلا وفضلا وعلما وجهادا وغزوا وهم كثير حتى إنه اجتمع بالأندلس في عصر واحد ستة كلهم تسمى بالخلافة.

فائدة: أفرد تواريخ الخلفاء بالتأليف جماعة من المتقدمين منها تاريخ الخلفاء لنفطويه النحوي مجلدان انتهى إلى أيام القاهر والأوراق للصولي ذكر فيه العباسيين فقط وانتهى إليه قلت: وقد وقفت عليه وتاريخ خلفاء بني العباس لابن الجوزي رأيته أيضا انتهى إلى أيام الناصر وتاريخ الخلفاء لأبي الفضل أحمد بن أبي طاهر المروزي الكاتب أحد فحول الشعراء مات في سنة ثمانين ومائتين وتاريخ خلفاء بني العباس للأمير أبي موسى هارون بن محمد العباسي.

فائدة: أخرج الخطيب في التاريخ بسنده عن محمد بن عبادة قال لم يحفظ القرآن أحد من الخلفاء إلا عثمان بن عفان رضي الله عنه والمأمون.

قلت: وهذا الحصر ممنوع بل حفظه أيضا الصديق رضي الله عنه على الصحيح وصرح به جماعة منهم النووي في تهذيبه وعلى رضي الله عنه ورد من طريق أنه حفظه كله بعد موت النبي .

فائدة: قال ابن الساعي حضرت مبايعة الخليفة الظاهر فكان جالسا في شباك القبة بثياب بيض وعليه الطرحة وعلى كتفه بردة النبي والوزير قائم بين يديه على منبر وأستاذ الدار دونه بمرقاة وهو يأخذ البيعة على الناس ولفظ المبايعة أبايع سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على جميع الأنام أبا نصر محمد الظاهر بأمر الله على كتاب الله وسنة نبيه واجتهاد أمير المؤمنين وأن لا خليفة سواه انتهى.

أبو بكر الصديقأبو بكر الصديق خليفة رسول الله اسمه عبد الله ابن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي يلتقي مع رسول الله في مرة.

قال النووي في تهذيبه وما ذكرناه من أن اسم أبي بكر الصديق عبد الله هو الصحيح المشهور وقيل اسمه عتيق والصواب الذي عليه كافة العلماء أن عتيقا لقب له لا اسم ولقب عتيقا لعتقه من النار كما ورد في حديث رواه الترمذي وقيل لعتاقة وجهه أي حسنه وجماله قاله مصعب ابن الزبير والليث بن سعد وجماعة وقيل لأنه لم يكن في نسبه شيء يعاب به.


قال مصعب بن الزبير وغيره: وأجمعت الأمة على تسميته بالصديق لأنه بادر إلى تصديق رسول الله ولازم الصدق فلم تقع منه هناة ما ولا وقفة في حال من الأحوال وكانت له في الإسلام المواقف الرفيعة منها قصته يوم ليلة الإسراء وثباته وجوابه للكفار في ذلك وهجرته مع رسول الله وترك عياله وأطفاله وملازمته في الغار وسائر الطريق ثم كلامه يوم بدر ويوم الحديبية حين اشتبه على غيره الأمر في تأخر دخول مكة ثم بكاؤه حين قال رسول الله إن عبدا خيره الله بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ثم ثباته يوم وفاة رسول الله صلى الله وسلم وخطبته الناس وتسكينهم ثم قيامه في قضية البيعة لمصلحة المسلمين ثم اهتمامه وثباته في بعث جيش أسامة بن زيد إلى الشام وتصميمه في ذلك ثم قيامه في قتال أهل الردة ومناظرته للصحابة حتى حجهم بالدلائل وشرح الله صدورهم لما شرح له صدره من الحق وهو قتال أهل الردة ثم تجهيزه الجيوش إلى الشام لفتوحه وإمدادهم بالأمداد ثم ختم ذلك بمهم من أحسن مناقبه وأجل فضائله وهو استخلافه على المسلمين عمر رضي الله عنه وتفرسه فيه ووصيته له واستيداعه الله الأمة فخلفه الله عز وجل فيهم أحسن الخلافة وظهر لعمر الذي هو حسنة من حسناته وواحدة من فعلاته تمهيد الإسلام وإعزاز الدين وتصديق وعد الله تعالى بأنه يظهره على الدين كله وكم للصديق من مناقب وموافق وفضائل لا تحصى هذا كلام النووي.

وأقول: قد أردت أن أبسط ترجمة الصديق بعض البسط ذاكرا فيه جملة كثيرة مما وقفت عليه من حاله وأرتب ذلك فصولا.

[عدل] فصل في اسمه ولقبهتقدمت الإشارة إلى ذلك قال ابن كثير: اتفقوا على أن اسمه عبد الله ابن عثمان إلا ما روى ابن سعد عن ابن سيرين أن اسمه عتيق والصحيح أنه لقبه ثم اختلف في وقت تلقيبه به وفي سببه فقيل: لعتاقة وجهه أي لجماله قاله الليث ابن سعد وأحمد بن حنبل وابن معين وغيرهم وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: لقدمه في الخير وقيل: لعتاقة نسبه أي طهارته إذا لم يكن في نسبه شيء يعاب به وقيل: سمي به أولا ثم سمى بعبد الله وروى الطبراني عن القاسم بن محمد أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن اسم أبي بكر فقالت: عبد الله فقال إن الناس يقولون عتيق قالت إن أبا قحافة كان له ثلاثة أولاد سماهم عتيقا ومعتقا ومعيتقا وأخرج ابن منده وابن عساكر عن موسى بن طلحة قال: قلت لأبي طلحة قال قلت لأبي طلحة: لم سمي أبو بكر عتيقا قال: كانت أمه لا يعيش لها ولد فلما ولدته استقبلت به البيت ثم قالت اللهم إن هذا عتيق من الموت فهبه لي وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال: إنما سمي عتيقا لحسن وجهه وأخرج ابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها قالت اسم أبي بكر الذي سماه به أهله عبد الله ولكن غلب عليه اسم عتيق وفي لفظ ولكن النبي سماه عتيقا أخرج أبو يعلى في مسنده وابن سعد والحاكم وصححه عن عائشة رضي الله عنها قالت والله إني لفي بيتي ذات يوم ورسول الله وأصحابه في الفناء والستر بيني وبينهم إذا أقبل أبو بكر فقال النبي " من سره أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى أبي بكر " وإن اسمه الذي سماه أهله عبد الله فغلب عليه اسم عتيق وأخرج الترمذي والحاكم عن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر دخل على رسول الله فقال: يا أبا بكر أنت عتيق الله من النار فمن يومئذ سمي عتيقا وأخرج البزار والطبراني بسند جيد عن عبد الله بن الزبير قال: كان اسم أبي بكر عبد الله فقال له رسول الله " أنت عتيق الله من النار " فسمي عتيقا.

وأما الصديق فقيل كان يلقب به في الجاهلية لما عرف منه من الصدق ذكره ابن مسدي وقيل لمبادرته إلى تصديق رسول الله فيما كان يخبر به قال ابن إسحاق عن الحسن البصري وقتادة وأول ما اشتهر به صبيحة الإسراء أخرج الحاكم في المستدرك عن عائشة رضي الله عنها قالت جاء المشركون إلى أبي بكر فقالوا هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس قال أو قال ذلك؟ قالوا نعم فقال لقد صدق إني لأصدقه بأبعد من ذلك بخبر السماء غدوة وروحة فلذلك سمي الصديق إسناده جيد وقد ورد ذلك من حديث أنس وأبي هريرة أسندهما ابن عساكر وأم هانئ أخرجه الطبراني.

قال سعيد بن منصور في سننه: حدثنا أبو معشر عن أبي وهب مولى أبي هريرة قال لما رجع رسول الله ليلة أسري به فكان بذي طوى قال يا جبريل إن قومي لا يصدقوني قال يصدقك أبو بكر وهو الصديق وأخرجه الطبراني في الأوسط موصولا عن أبي وهب عن أبي هريرة.

وأخرج الحاكم في المستدرك عن النزال بن سبرة قال: قلنا لعلي يا أمير المؤمنين أخبرنا عن أبي بكر قال ذاك امرؤ سماه الله الصديق على لسان جبريل وعلى لسان محمد كان خليفة رسول الله رضيه لديننا فرضيناه لدنيانا إسناده جيد.

وأخرج الدراقطني والحاكم عن أبي يحيى قال لا أحصي كم سمعت عليا يقول على المنبر: إن الله سمى أبا بكر على لسان نبيه صديقا.

وأخرجه الطبراني بسند جيد صحيح عن حكيم بن سعد قال: سمعت عليا يقول ويحلف لأنزل الله اسم أبي بكر من السماء الصديق وفي حديث أحد " اسكن فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ".

وأم أبي بكر بنت عم أبيه اسمها: سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب وتكنى أم الخير قاله الزهري أخرجه ابن عساكر.

[عدل] فصل في مولده ومنشئهولد بعد مولد النبي بسنتين وأشهر فإنه مات وله ثلاثة وستون سنة.

قال ابن كثير: وأما ما أخرجه خليفة بن الخياط عن يزيد بن الأصم أن النبي قال لأبي بكر: أنا أكبر أو أنت؟ قال أنت أكبر وأنا أسن منك فهو مرسل غريب جدا والمشهور خلافه وإنما صح ذلك عن العباس.

وكان منشؤه بمكة لا يخرج منها إلا لتجارة وكان ذا مال جزيل في قومه ومروءة تامة وإحسان وتفضل فيهم كما قال ابن الدغنة: إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتكسب المعدوم وتحمل الكل وتعين على نوائب الدهر وتقري الضيف.

قال النووي: وكان من رؤوساء قريش في الجاهلية وأهل مشاورتهم ومحببا فيهم وأعلم لمعالمهم فلما جاء الإسلام آثره على ما سواه ودخل فيه أكمل دخول وأخرج الزبير بن بكار وابن عساكر عن معروف بن خربوذ قال: إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه أحد عشر من قريش اتصل بهم شرف الجاهلية والإسلام فكان إليه أمر الديات والغرم وذلك أن قريشا لم يكن لهم ملك ترجع الأمور كلها إليه بل كان في كل قبيلة ولاية عامة تكون لرئيسها فكانت في بني هاشم السقاية والرفادة ومعنى ذلك أنه لا يأكل ولا يشرب أحد إلا من طعامهم وشرابهم وكانت في بني عبد الدار الحجابة واللواء والندوة أي لا يدخل البيت أحد إلا بإذنهم وإذا عقدت قريش راية حرب عقدها لهم بنو عبد الدار وإذا اجتمعوا لأمر إبراما أو نقضا لا يكون اجتماعهم إلا بدار الندوة ولا ينفذ إلا بها وكانت لبني عبد الدار.

‘’’فصل

كان أبو بكر أعف الناس في الجاهلية

أخرج ابن عساكر بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: والله ما قال أبو بكر شعرا قط في جاهلية ولا إسلام ولقد ترك هو وعثمان شرب الخمر في الجاهلية.

وأخرج أبو نعيم بسند جيد عنها قالت: لقد كان حرم أبو بكر الخمر على نفسه في الجاهلية.

وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن الزبير قال: ما قال أبو بكر شعرا قط.

وأخرج ابن عساكر عن أبي العالية الرياحي قال: قيل لأبي بكر الصديق في مجمع من أصحاب رسول الله هل شربت الخمر في الجاهلية؟ فقال: أعوذ بالله فقيل ولم؟ قال: كنت أصون عرضي واحفظ مروءتي فإن من شرب الخمر كان مضيعا في عرضه ومروءته قال: فبلغ ذلك رسول الله فقال: صدق أبو بكر صدق أبو بكر مرتين مرسل غريب سندا ومتنا.

[عدل] فصل في صفته رضي الله عنهأخرج ابن سعد عائشة رضي الله عنها أن رجلا قال لها: صفي لنا أبا بكر فقالت رجل أبيض نحيف خفيف العارضين أجنأ لا يستمسك إزاره يسترخي عن حقويه معروق الوجه غائر العينين ناتئ الجبهة عاري الأشاجع هذه صفته.

وأخرج عن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر كان يخضب بالحناء والكتم.

وأخرج عن أنس قال: قدم رسول الله المدينة وليس في أصحابه أشمط غير أبي بكر فلفها بالحناء والكتم.

[عدل] فصل في إسلامه رضي الله عنهأخرج الترمذي وابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد الخدري قال: قال أبو بكر: ألست أحق الناس بها أي الخلافة ألست أول من أسلم؟ ألست صاحب كذا؟ ألست صاحب كذا؟.

وأخرج ابن عساكر من طريق الحارث عن علي رضي الله عنه قال: أول من أسلم من الرجال أبو بكر.

وأخرج ابن أبي خيثمة بسند صحيح عن زيد بن أرقم قال: أول من صلى مع النبي أبو بكر الصديق.

وأخرج ابن سعد عن أبي أروى الدوسي الصحابي رضي الله عنه قال: أول من أسلم أبو بكر الصديق.

وأخرج الطبراني في الكبير وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الشعبي قال: سألت ابن عباس أي الناس كان أول إسلاما قال أبو بكر الصديق ألم تسمع قول حسان:

إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة ** فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا

خير البرية أتقاها وأعدلها ** إلا النبي وأوفاها بما حملا

والثاني التالي المحمود مشهده ** وأول الناس منهم صدق الرسلا

وأخرج أبو نعيم عن فرات بن السائب: قال: سألت ميمون بن مهران قلت: علي أفضل عندك أم أبو بكر وعمر قال: فارتعد حتى سقطت عصاه من يده ثم قال: ما كنت أظن أن أبقى إلى زمان يعدل بهما لله درهما كانا رأس الإسلام قلت: فأبو بكر كان أول إسلاما أم علي قال والله لقد آمن أبو بكر بالنبي زمن بحيرا الراهب حين مر به واختلف فيما بنيه وبين خديجة حتى أنكحها إياه وذلك كله قبل أن يولد علي وقد قال إنه أول من أسلم خلائق من الصحابة والتابعين وغيرهم بل ادعى بعضهم الإجماع عليه وقيل أول من أسلم علي وقيل خديجة وجمع بين الأقوال بأن أبا بكر أول من أسلم من الرجال وعلى أول من أسلم من الصبيان وخديجة أول من أسلمت من النساء وأول من ذكر هذا الجمع الإمام أبو حنيفة رحمه الله أخرجه عنه.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن عساكر عن سالم بن أبي الجعد قال: قلت لمحمد بن الحنفية هل كان أبو بكر أول القوم إسلاما قال لا قلت: فيم علا أبو بكر وسبق حتى لا يذكر أحد غير أبي بكر؟ قال لأنه كان أفضلهم إسلاما من حين أسلم حتى لحق بربه.

وأخرج ابن عساكر بسند جيد عن محمد بن سعد بن أبي وقاص أنه قال لأبيه سعد: أكان أبو بكر الصديق أولكم إسلاما قال لا ولكنه أسلم قبله أكثر من خمسة ولكن كان خيرنا إسلاما.

قال ابن كثير والظاهر أن أهل بيته آمنوا قبل كل أحد: زوجته خديجة ومولاه زيد وزوجة زيد أم أيمن وعلى وورقة انتهى.

وأخرج ابن عساكر عن عيسى بن يزيد قال: قال أبو بكر الصديق: كنت جالسا بفناء الكعبة وكان زيد بن عمرو بن نفيل قاعدا فمر به أمية ابن أبي الصلت فقال كيف أصبحت يا باغي الخير؟ قال بخير قال وهل وجدت قال لا فقال:

كل دين يوم القيامة إلا ** ما قضى الله في الحقيقة بور

أما إن هذا النبي الذي ينتظر منا أو منكم قال ولم أكن سمعت قبل ذلك بنبي ينتظر ويبعث قال فخرجت إلى ورقة بن نوفل وكان كثير النظر إلى السماء كثير همهمة الصدر فاستوقفته ثم قصصت عليه الحديث فقال نعم يا ابن أخي إنا أهل الكتب والعلوم إلا أن هذا النبي الذي ينتظر من أوسط العرب نسبا ولي علم بالنسب وقومك أوسط العرب نسبا قلت: يا عم وما يقول النبي؟ قال يقول ما قيل له إلا أنه لا يظلم ولا يظلم ولا يظالم فلما بعث رسول الله آمنت به وصدقته.

وقال ابن إسحاق: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين التميمي أن رسول الله قال " ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت له عنه كبوة وتردد ونظر إلا أبا بكر ما عتم عنه حين ذكرته وما تردد فيه " عتم: أي لبث قال البيهقي: وهذا لأنه كان يرى دلائل نبوة رسول الله ويسمع آثاره قبل دعوته فحين دعاه كان قد سبق له فيه تفكر ونظر فأسلم في الحال ثم أخرج عن أبي ميسرة أن رسول الله كان إذا برز سمع من يناديه يا محمد فإذا سمع الصوت ولى هاربا فأسر ذلك إلى أبي بكر وكان صديقا له في الجاهلية.

وأخرج أبو نعيم وابن عساكر عن ابن عباس قال: قال رسول الله " ما كلمت في الإسلام أحدا إلا أبى علي وراجعني الكلام إلا ابن أبي قحافة فإني لم أكلمه في شيء إلا قبله واستقام عليه:.

وأخرج البخاري عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله " هل أنتم تاركون لي صاحبي؟ هل أنتم تاركون لي صاحبي إني قلت: أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدقت ".

[عدل] فصل في صحبته ومشاهدهقال العلماء صحب أبو بكر النبي من حين أسلم إلى حين توفي لم يفارقه سفرا ولا حضرا إلا فيما أذن له في الخروج فيه من حج وغزو وشهد معه المشاهد كلها وهاجر معه وترك عياله وأولاده رغبة في الله ورسوله وهو رفيقه في الغار قال تعالى " ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا " " التوبة: 40 " وقام بنصر رسول الله في غير موضع وله الآثار الجميلة في المشاهد وثبت يوم أحد ويوم حنين وقد فر الناس كما سيأتي في فصل شجاعته.

أخرج ابن عساكر عن أبي هريرة قال: تباشرت الملائكة يوم بدر فقالوا أما ترون الصديق مع رسول الله في العريش.

وأخرج أبو يعلى والحاكم وأحمد عن علي قال: قال لي رسول الله يوم بدر ولأبي بكر " مع أحد كما جبريل ومع الآخر ميكائيل ".

وأخرج ابن عساكر عن ابن سيرين أن عبد الرحمن بن أبي بكر كان يوم بدر مع المشركين فلما أسلم قال لأبيه: لقد أهدفت لي يوم بدر فانصرفت عنك ولم أقتلك فقال أبو بكر لكنك لو أهدفت لي لم أنصرف عنك.

قال ابن قتيبة: معنى أهدفت أشرفت ومنه قيل للبناء المرتفع هدف.

[عدل] فصل في شجاعته وأنه أشجع الصحابة رضي الله عنهأخرج البزار في مسنده عن علي أنه قال: أخبروني من أشجع الناس؟ فقالوا أنت قال: أما إني ما بارزت أحدا إلا انتصفت منه ولكن أخبروني بأشجع الناس قالوا لا نعلم فمن قال أبو بكر إنه لما كان يوم بدر فجعلتم لرسول الله عريشا فقلنا من يكون مع رسول الله لئلا يهوي إليه أحد من المشركين فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهرا بالسيف على رأس رسول الله لا يهوي إليه أحد إلا هوى إليه فهو أشجع الناس قال علي رضي الله عنه ولقد رأيت رسول الله وأخذته قريش فهذا يجبأه وهذا يتلتله وهم يقولون: أنت الذي جعلت الآلهة إلها واحدا قال: فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر يضرب هذا ويجبأ هذا ويتلتل هذا وهو يقول ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ثم رفع على بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلت لحيته ثم قال أنشدكم الله أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر فسكت القوم فقال ألا تجيبونني فوالله لساعة من أبي بكر خير من ألف ساعة من مثل مؤمن آل فرعون ذاك رجل يكتم إيمانه وهذا رجل أعلن إيمانه.

وأخرج البخاري عن عروة بن الزبير قال: سألت عبد الله بن عمرو بن العاص عن أشد ما صنع المشركون برسول الله فقال: رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي وهو يصلي فوضع رداءه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه فقال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم؟.

وأخرج الهيثم بن كليب في مسنده عن أبي بكر قال لما كان يوم أحد انصرف الناس كلهم عن رسول الله فكنت أول من فاء وسيأتي تتمة الحديث في مسند ما رواه.

وأخرج ابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها قالت لما اجتمع أصحاب النبي فكانوا ثمانية وثلاثين رجلا ألح أبو بكر على رسول الله في الظهور فقال: يا أبا بكر إنا قليل فلم يزل أبو بكر يلح على رسول الله حتى ظهر رسول الله وتفرق المسلمون في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته وقام أبو بكر في الناس خطيبا فكان أول خطيب دعا إلى الله وإلى رسوله وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين وضربوا في نواحي المسجد ضربا شديدا وسيأتي تتمة الحديث في ترجمة عمر رضي الله عنه.

وأخرج ابن عساكر عن علي رضي الله عنه قال لما أسلم أبو بكر أظهر إسلامه ودعا إلى الله وإلى رسوله .

[عدل] فصل في إنفاقه ماله على رسول الله وأنه أجود الصحابةقال الله تعالى: " وسيجنبها الأتقى الذي يؤتى ماله يتزكى " " الليل: 18 " إلى آخر السورة قال ابن الجوزي أجمعوا على أنها نزلت في أبي بكر.

وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله " ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر " فبكى أبو بكر وقال هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله؟.

وأخرج أبو يعلى من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا مثله.

قال ابن كثير وروى أيضا من حديث علي وابن عباس وأنس وجابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم وأخرجه الخطيب عن سعيد بن المسيب مرسلا وزاد وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقضي في مال أبي بكر كما يقضي في مال نفسه.

وأخرج ابن عساكر من طرق عن عائشة رضي الله عنها وعروة بن الزبير " أن أبا بكر رضي الله عنه أسلم يوم أسلم وله أربعون ألف دينار وفي لفظ أربعون ألف درهم فأنفقها على رسول الله ".

وأخرج أبو سعيد بن الأعرابي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أسلم أبو بكر رضي الله عنه يوم أسلم وفي منزله أربعون ألف درهم فخرج إلى المدينة في الهجرة وماله غير خمسة آلاف كل ذلك بنفقة في الرقاب والعون على الإسلام.

وأخرج ابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر أعتق سبعة كلهم يعذب في الله.

وأخرج ابن شاهين في السنة والبغوي في تفسيره وابن عساكر عن ابن عمر قال: كنت عند النبي وعنده أبو بكر الصديق وعليه عباءة قد خللها في صدره بخلال فنزل عليه جبريل عليه السلام فقال يا محمد مالي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خللها في صدره بخلال فقال يا جبريل أنفق ماله على قبل الفتح قال فإن الله تعالى يقرأ عليه السلام ويقول قل له أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط فقال أبو بكر أسخط على ربي أنا عن ربي راض أنا عن ربي راض أنا عن ربي راض غريب وسنده ضعيف جدا.

وأخرج أبو نعيم عن أبي هريرة وابن مسعود مثله وسندهما ضعيف أيضا.

وأخرج ابن عساكر نحوه من حديث ابن عباس.

وأخرج الخطيب بسند واه أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي قال: هبط على جبريل عليه السلام وعليه طنفسة وهو متخلل بها: فقلت له: يا جبريل ما هذا قال إن الله تعالى أمر الملائكة أن تتخلل في السماء كتخلل أبي بكر في الأرض.

قال ابن كثير: وهذا منكر جدا وقال ولولا أن هذا والذي قبله يتداوله كثير من الناس لكان الإعراض عنهما أولى.

وأخرج أبو داود والترمذي عن عمر بن الخطاب قال " أمرنا رسول الله أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندي قلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما فجئت بنصف مالي فقال رسول الله ما أبقيت لأهلك قلت مثله وأتي أبو بكر بكل ما عنده فقال يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك قال أبقيت لهم الله ورسوله فقلت لا أسبقه في شيء أبدا قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن الحسن البصري: أن أبا بكر أتى النبي بصدقته فأخفاها فقال: يا رسول الله هذه صدقتي ولله عندي معاد وجاء عمر بصدقته فأظهرها فقال يا رسول الله هذه صدقتي ولي عند الله معاد فقال رسول الله : " ما بين صدقتيكما كما بين كلمتيكما " إسناده جيد لكنه مرسل.

واخرج الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله " ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه إلا أبا بكر فإن له عندنا يدا يكافئه الله بها يوم القيامة وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر ".

وأخرج البزار عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: جئت بأبي قحافة إلى النبي فقال: " هلا تركت الشيخ حتى آتيه قال بل هو أحق أن يأتيك قال إنا نحفظه لأيادي ابنه عندنا ".

وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: قال رسول الله : " ما أحد عندي أعظم يدا من أبي بكر واساني بنفسه وماله وأنكحني ابنته ".

[عدل] فصل في علمه وأنه أعلم الصحابة وأذكاهمقال النووي في تهذيبه ومن خطه نقلت استدل أصحابنا على عظم علمه بقوله رضي الله عنه في الحديث الثابت في الصحيحين: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه واستدل الشيخ أبو إسحاق بهذا وغيره في طبقاته على أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه أعلم الصحابة لأنهم كلهم وقفوا عن فهم الحكم في المسألة إلا هو ثم ظهر لهم بمباحثته لهم أن قوله هو الصواب فرجعوا إليه.

وروينا عن ابن عمر أنه سئل من كان يفتي الناس في زمن رسول الله فقال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ما أعلم غيرهما.

وأخرج الشيخان عن أبي سعيد الخدري قال خطب رسول الله الناس وقال: إن الله تبارك وتعالى خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله تعالى فبكى أبو بكر وقال نفديك بآبائنا وأمهاتنا فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله وآله وسلم عن عبد خير فكان رسول الله هو المخير وكان أبو بكر أعلمنا فقال رسول الله " إن من آمن الناس على في صحبته وماله أبا بكر ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخدت أبا بكر ولكن أخوة الإسلام ومودته لا يبقين باب إلا سد إلا باب أبي بكر " هذا كلام النووي.

وقال ابن كثير: كان الصديق رضي الله عنه أقرأ الصحابة أي أعلمهم بالقرآن لأنه قدمه إماما للصلاة بالصحابة رضي الله عنه مع قوله " يوم القوم أقرؤهم لكتاب الله ".

وأخرج الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : " لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يؤمهم غيره ".

وكان مع ذلك أعلمهم بالسنة كما رجع إليه الصحابة في غير موضع يبرز عليهم بنقل سنن عن النبي يحفظها هو ويستحضرها عند الحاجة إليها ليست عندهم وكيف لا يكون كذلك وقد واظب على صحبة الرسول من أول البعثة إلى الوفاة وهو مع ذلك من أذكى عباد الله وأعقلهم وإنما لم يرو عنه من الأحاديث المسندة إلا القليل لقصر مدته وسرعة وفاته بعد النبي وإلا فلو طالت مدته لكثر ذلك عنه جدا ولم يترك الناقلون عنه حديثا إلا نقلوه ولكن كان الذين في زمانه من الصحابة لا يحتاج أحد منهم أن ينقل عنه ما قد شاركه هو في روايته فكانوا ينقلون عنه ما ليس عندهم.

وأخرج أبو القاسم البغوي عن ميمون بن مهران قال كان أبو بكر إذا ورد عليه الخصم نظر في كتاب الله فإن وجد فيه ما يقضي به بينهم قضى به وإن لم يكن في الكتاب وعلم من رسول الله صلى الله عليه آله وسلم في ذلك الأمر سنة قضى بها فإن أعياه خرج فسأل المسلمين وقال أتاني كذا وكذا فهل علمتم أن رسول الله قضى في ذلك بقضاء فربما اجتمع إليه النفر كلهم يذكر عن رسول الله فيه قضاء فيقول أبو بكر الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ عن نبينا فإن أعياه أن يجد فيه سنة عن رسول الله جمع رؤوس الناس وخيارهم فاستشارهم فإن أجمع أمرهم على رأى قضى به وكان عمر رضي الله عنه يفعل ذلك فإن أعياه أن يجد في القرآن والسنة نظر هل كان لأبي بكر فيه قضاء فإن وجد أبا بكر قضى فيه بقضاء قضى به وإلا دعا رؤوس المسلمين فإذا اجتمعوا على أمر قضى به.

وكان الصديق رضي الله عنه مع ذلك أعلم الناس بأنساب العرب لا سيما قريش أخرج ابن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن شيخ من الأنصار قال: كان جبير بن مطعم من أنسب قريش لقريش والعرب قاطبة وكان يقول إنما أخذت النسب من أبي بكر الصديق وكان أبو بكر الصديق من أنسب العرب.

وكان الصديق مع ذلك غاية في علم تعبير الرؤيا وقد كان يعبر الرؤيا في زمن النبي وقد قال محمد بن سيرين وهو المقدم في هذا العلم بالاتفاق كان أبو بكر أعبر هذه الأمة بعد النبي أخرجه ابن سعد.

وأخرج الديلمي في مسند الفردوس وابن عساكر عن سمرة قال: قال رسول الله " أمرت أن أؤول الرؤيا وأن أعلمها أبا بكر ".

قال ابن كثير وكان من أفصح الناس وأخطبهم قال الزبير بن بكار: سمعت بعض أهل العلم يقول: أفصح خطباء أصحاب رسول الله أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما وسيأتي في حديث السقيفة قول عمر رضي الله عنه وكان من أعلم الناس بالله وأخوفهم له وسيأتي من كلامه في ذلك وفي تعبير الرؤيا ومن خطبه جملة في فصل مستقل.

ومن الدلائل على أنه أعلم الصحابة حديث صلح الحديبية حيث سأل عمر رسول الله عن ذلك الصلح وقال: علام نعطى الدنية في ديننا؟ فأجابه النبي ثم ذهب إلى أبي بكر فسأله عما سأل رسول الله فأجابه كما أجابه النبي سواء بسواء أخرجه البخاري وغيره.

وكان مع ذلك أشد الصحابة رأيا وأكملهم عقلا أخرج تمام الرازي في فوائد وابن عساكر عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله يقول " أتاني جبريل فقال إن الله يأمرك أن تستشير أبا بكر " وأخرج الطبراني وأبو نعيم وغيرهما عن معاذ بن جبل أن النبي لما أراد أن يسرح معاذا إلى اليمن استشار ناسا من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وأسيد بن حضير فتكلم القوم كل إنسان برأيه فقال ما ترى يا معاذ قالت أرى ما قال أبو بكر فقال النبي إن الله يكره فوق سمائه أن يخطأ أبو بكر ورواه ابن أبي أسامة في مسنده " إن الله يكره في السماء أن يخطأ أبو بكر الصديق في الأرض " وأخرج الطبراني في الوسط عن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله " إن الله يكره أن يخطأ أبو بكر " رجاله ثقات.

‘’’فصل

قال النووي في تهذيبه الصديق أحد الصحابة الذين حفظوا القرآن كله وذكر هذا أيضا جماعة منهم ابن كثير في تفسيره وأما حديث أنس " جمع القرآن في عهد رسول الله أربعة " فمراده من الأنصار كما أوضحته في كتاب الإتقان وأما ما أخرجه ابن أبي داود عن الشعبي قال مات أبو بكر الصديق رضي الله عنه ولم يجمع القرآن كله فهو مدفوع أو مؤول على أن المراد جمعه في المصحف على الترتيب الذي صنعه عثمان رضي الله عنه. فصل في أنه أفضل الصحابة وخيرهم

أهل السنة أن أفضل الناس بعد رسول الله أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم سائر العشرة ثم باقي أهل بدر ثم باقي أهل أحد ثم باقي أهل البيعة ثم باقي الصحابة هكذا حكى الإجماع عليه أبو منصور البغدادي.

وروى البخاري عن ابن عمر قال: كنا نخير بين الناس في زمان رسول الله فنخير أبا بكر ثم عمر ابن الخطاب ثم عثمان ابن عفان رضي الله عنهم وزاد الطبراني في الكبير فيعلم بذلك النبي ولا ينكره.

وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال: كنا وفينا رسول الله نفضل أبا بكر وعمر وعثمان وعليا.

وأخرج ابن عساكر عن أبي هريرة قال: كنا معاشر أصحاب رسول الله ونحن متوافرون نقول أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم نسكت.

وأخرج الترمذي عن جابر بن عبد الله قال: قال عمر لأبي بكر: يا خير الناس بعد رسول الله فقال أبو بكر: أما إنك إن قلت ذاك فلقد سمعته يقول: ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر.

وأخرج البخاري عن محمد بن علي بن أبي طالب قال: قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله قال أبو بكر قلت: ثم من؟ قال عمر وخشيت أن يقول عثمان فقلت: ثم أنت؟ قال ما أنا إلا رجل من المسلمين.

وأخرج أحمد وغيره عن علي قال: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر قال الذهبي: هذا متواتر عن علي فلعن الله الرافضة ما أجهلهم.

وأخرج الترمذي والحاكم عن عمر بن الخطاب قال: أبو بكر سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله .

وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عمر صعد المنبر ثم قال: ألا إن أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر فمن قال غير هذا فهو مفتر عليه ما على المفتري.

وأخرج أيضا عن ابن أبي ليلى قال: قال علي: لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري.

وأخرج عبد الرحمن بن حميد في مسنده وأبو نعيم وغيرهما من طرق عن أبي الدرداء " أن رسول الله قال: ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد أفضل من أبي بكر إلا أن يكون نبي " وفي لفظ " على أحد من المسلمين بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر ".

وقد ورد أيضا من حديث جابر ولفظه ما طلعت الشمس على أحد منكم أفضل منه أخرجه الطبراني وغيره وله شواهد من وجوه أخر تقضى له بالصحة أو الحسن وقد أشار ابن كثير إلى الحكم بصحته.

وأخرج الطبراني عن سلمة بن الأكوع قال: قال رسول الله " أبو بكر الصديق خير الناس إلا أن يكون نبي " وفي الأوسط عن سعد بن زرارة قال: قال رسول الله " إن روح القدس جبريل أخبرني أن خير أمتك بعدك أبو بكر ".

وأخرج الشيخان عن عمرو بن العاص قال: قلت يا رسول الله أي الناس أحب إليك؟ قال عائشة قلت: من الرجال قال أبوها قلت ثم من؟ قال ثم عمر بن الخطاب وقد ورد هذا الحديث بدون ثم عمر في رواية أنس وابن عمرو وابن عباس.

وأخرج الترمذي والنسائي والحاكم عن عبد الله بن شقيق قال: قلت لعائشة أي أصحاب رسول الله وآله وسلم كان أحب إلى رسول الله ؟ قالت: أبو بكر قلت ثم من قالت ثم عمر قلت ثم من؟ قالت أبو عبيدة بن الجراح.

وأخرج الترمذي وغيره عن أنس قال: قال رسول الله لأبي بكر وعمر " هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين " وأخرج مثله عن علي.

وفي الباب عن ابن عباس وابن عمر: وأبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله.

وأخرج الطبراني في الأوسط عن عمار بن ياسر قال من فضل على أبي بكر وعمر أحدا من أصحاب رسول الله فقد أزرى على المهاجرين والأنصار.

وأخرج ابن سعيد عن الزهري قال: قال رسول الله لحسان بن ثابت: هل قلت في أبي بكر شيئا؟ قال نعم فقال قل وأنا أسمع فقال:

والثاني اثنين في الغار المنيف وقد ** طاف العدو به إذ صعد الجبلا

وكان حب رسول الله قد علموا ** من البرية لم يعدل به رجلا

فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه ثم قال: صدقت يا حسان هو كما قلت.

فصل

روى أحمد والترمذي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في أمر الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأعلمهم الحلال والحرام معاذ بن جبل وأفرضهم زيد بن ثابت وأقرؤهم أبي بن كعب ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح " وأخرجه أبو يعلى من حديث ابن عمر وزاد فيه " وأقضاهم علي " وأخرجه الديلمي في مسند الفردوس من حديث شداد بن أوس وزاد " وأبو ذر أزهد أمتي وأصدقها وأبو الدرداء أعبد أمتي وأتقاها ومعاوية بن أبي سفيان أحلم أمتي وأجودها " وقد سئل شيخنا العلامة الكافيجي عن هذه التفضيلات: هل تنافي التفضيل السابق فأجاب بأنه لا منافاة.

[عدل] فصل فيما أنزل من الآيات في مدحه أو تصديقه أو أمر من شأنهاعلم أني رأيت لبعضهم كتابا في أسماء من نزل فيهم القرآن غير محرر ولا مستوعب وقد ألفت في ذلك كتابا حافلا مستوعبا محررا وأنا ألخص هنا ما يتعلق منه بالصديق رضي الله عنه.

قال تعالى " ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه " " التوبة:40 " أجمع المسلمون على أن الصاحب المذكور أبو بكر وسيأتي فيه أثر عنه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى " فأنزل الله سكينته عليه " " التوبة: 40 " قال على أبي بكر إن النبي لم تزل السكينة عليه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود أن أبا بكر اشترى بلالا من أمية بن خلف وأبي بن خلف ببردة وعشر أواق فأعتقه لله فأنزل الله " والليل إذا يغشى " " الليل: 1 " إلى قوله " إن سعيكم لشتى " " الليل: 4 " سعي أبي بكر وأمية وأبي.

وأخرج ابن جرير عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال كان أبو بكر يعتق على الإسلام بمكة فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن فقال أبوه أي بنى أراك تعتق أناسا ضعافا فلو أنك تعتق رجالا جلدا يقومون معك ويمنعونك ويدفعون عنك قال أي أبت أنا أريد ما عند الله قال فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه الآية نزلت فيه " فأما من أعطى واتقى " " الليل: 5 " إلى آخرها.

وأخرج أبن أبي حاتم والطبراني عن عروة أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه أعتق سبعة كلهم يعذب في الله وفيه نزلت " وسيجنبها الأتقى " " الليل: 17 " إلى آخر السورة.

وأخرج البزار عن عبد الله بن الزبير قال: نزلت هذه الآية " وما لأحد عنده من نعمة تجزى " " الليل: 19 " إلى آخر السورة في أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

وأخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر لم يكن يحنث في يمين حتى أنزل الله كفارة اليمين.

وأخرج البزار وابن عساكر عن أسيد بن صفوان وكانت له صحبة قال: قال علي: والذي جاء بالحق محمد وصدق به أبو بكر الصديق قال ابن عساكر هكذا الرواية بالحق ولعلها قراءة لعلي.

وأخرج الحاكم عن ابن عباس في قوله تعالى " وشاورهم في الأمر " " آل عمران: 159 " قال: نزلت في أبي بكر وعمر.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شوذب قال: نزلت " ولمن خاف مقام ربه جنتان " " الرحمن: 46 " في أبي بكر رضي الله عنه وله طرق أخرى ذكرتها في أسباب النزول.

وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر وابن عباس في قوله تعالى: " وصالح المؤمنين " " التحريم: 4 " قال نزلت في أبي بكر وعمر.

وأخرج عبد الله بن أبي حميد في تفسيره عن مجاهد قال لما نزلت " إن الله وملائكته يصلون على النبي " " الأحزاب: 56 " قال أبو بكر يا رسول الله ما أنزل الله عليك خيرا إلا أشركنا فيه فنزلت هذه الآية " هو الذي يصلى عليكم وملائكته " " الأحزاب: 43 ".

وأخرج ابن عساكر عن علي بن الحسين أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعلي " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين " " الحجر: 47 ".

وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: نزلت في أبي بكر الصديق " ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا " " الأحقاف: 15 " إلى قوله " وعد الصدق الذي كانوا يوعدون " " الأحقاف: 16 ".

وأخرج ابن عساكر عن ابن عيينة قال عاتب الله المسلمين كلهم في رسول الله إلا أبا بكر وحده فإنه خرج من المعاتبة ثم قرأ " إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار " " التوبة: 40 ".

[عدل] فصل في الأحاديث الواردة في فضله مقرونا بعمر سوى ما تقدمأخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول: بينا راع في غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة فطلبه الراعي فالتفت إليه الذئب فقال: من لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري وبينا رجل يسوق بقرة قد حمل عليها فالتفتت إليه فكلمته فقالت إني لم أخلق لهذا ولكني خلقت للحرث قال الناس سبحان الله بقرة تتكلم قال النبي : فإني أومن بذلك وأبو بكر وعمر وما ثم أبو بكر وعمر أي لم يكونا في المجلس شهد لهما بالإيمان بذلك لعلمه بكمال إيمانها.

وأخرج الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله " ما من نبي إلا وله وزيران من أهل السماء ووزيران من أهل الأرض فأما وزيراي من أهل السماء فجبريل وميكائيل وأما وزيراي من أهل الأرض فأبو بكر وعمر " وأخرج أصحاب السنن وغيرهم عن سعيد بن زيد قال: سمعت رسول الله يقول: " أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة " وذكر تمام العشرة.

وأخرج الترمذي عن أبي سعيد قال: قال رسول الله إن أهل الدرجات العلي ليراهم من تحتهم كما ترون النجم الطالع في أفق السماء وإن أبا بكر وعمر منهم وأخرجه الطبراني من حديث جابر ابن سمرة وأبو هريرة.

وأخرج الترمذي عن أنس أن رسول الله " كان يخرج على أصحابه من المهاجرين والأنصار وهم جلوس فيهم أبو بكر وعمر فلا يرفع إليه أحد منهم بصره إلا أبو بكر وعمر فإنهما كانا ينظران إليه وينظر إليهما ويتبسمان إليه ويتبسم إليهما ".

وأخرج الترمذي والحاكم عن ابن عمر أن رسول الله " خرج ذات يوم فدخل المسجد وأبو بكر وعمر أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله وهو آخذ بأيديهما وقال: هكذا نبعث يوم القيامة " وأخرجه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة.

وأخرج الترمذي والحاكم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " أنا أول من تنشق عنه الأرض ثم أبو بكر ثم عمر ".

وأخرج الترمذي والحاكم وصححه عن عبد الله بن حنطب أن النبي رأى أبا بكر وعمر فقال " هذان السمع والبصر " وأخرجه الطبراني من حديث ابن عمر وابن عمرو.

وأخرج البزار والحاكم عن أبي أروى الدوسي قال كنت عند النبي فأقبل أبو بكر وعمر فقال: الحمد لله الذي أيدني بكما وورد أيضا من حديث البراء بن عازب أخرجه الطبراني في الأوسط.

وأخرج أبو يعلى عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله " أتاني جبريل آنفا فقلت يا جبريل حدثني بفضائل عمر بن الخطاب فقال لو حدثتك بفضائل عمر منذ ما لبث نوح في قومه ما نفدت فضائل عمر وإن عمر حسنة من حسنات أبي بكر ".

وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن غنم أن رسول الله قال لأبي بكر وعمر " لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما " وأخرجه الطبراني من حديث البراء بن عازب.

وأخرج ابن سعد عن ابن عمر أنه سئل من كان يفتي في زمن رسول الله فقال " أبو بكر وعمر ولا أعلم غيرهما ".

وأخرج عن القاسم بن محمد قال كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي يفتون في عهد رسول الله .

وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله قال: " إن لكل نبي خاصة من أمته وإن خاصتي من أصحابي أبو بكر وعمر ".

وأخرج ابن عساكر عن علي قال: قال رسول الله " رحم الله أبا بكر زوجني ابنته وحملني إلى دار الهجرة وأعتق بلالا رحم الله عمر يقول الحق وإن كان مرا تركه الحق وماله من صديق رحم الله عثمان تستحييه الملائكة رحم الله عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار ".

وأخرج الطبراني عن سهل رضي الله عنه قال لما قدم النبي من حجة الوداع صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أيها الناس إن أبا بكر لم يسؤني قط فاعرفوا له ذلك أيها الناس إني راض عنه وعن عمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف والمهاجرين الأولين فاعرفوا ذلك لهم ".

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن ابن أبي حازم قال: جاء رجل إلى علي بن الحسين فقال ما كان منزلة أبي بكر وعمر من رسول الله قال كمنزلتهما منه الساعة.

وأخرج ابن سعد عن بسطام بن مسلم قال: قال رسول الله لأبي بكر وعمر " لا يتأمر عليكما أحد بعدي ".

وأخرج ابن عساكر عن أنس مرفوعا " حب أبي بكر وعمر إيمان وبغضهما كفر ".

وأخرج عن ابن مسعود قال: حب أبي بكر وعمر ومعرفتهما من السنة.

وأخرج عن أنس مرفوعا " إني لأرجو لأمتي في حبهم لأبي بكر وعمر ما أرجو لهم في قول: لا إله إلا الله.

[عدل] فصل في الأحاديث الواردة في فضله وحده سوى ما تقدمأخرج الشيخان عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله يقول: " من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان فقال أبو بكر ما على من يدعى من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله قال نعم فأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر ".

وأخرج أبو داود والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله " أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي " وأخرج الشيخان عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله " إن من أمن الناس علي في صحبته وما له أبا بكر ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام ".

وقد ورد هذا الحديث من رواية ابن عباس وابن الزبير وابن مسعود وجندب بن عبد الله والبراء وكعب بن مالك وجابر بن عبد الله وأنس وأبي واقد الليثي وأبي المعلى وعائشة وأبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم وقد سردت طرقهم في الأحاديث المتواترة.

وأخرج البخاري عن أبي الدرداء قال كنت جالسا عند النبي إذ أقبل أبو بكر فسلم وقال إنه كان بيني وبين عمر بن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى على فأقبلت إليك فقال: يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثا ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فلم يجده فأتى النبي فجعل وجه النبي يتمعر حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال يا رسول الله والله أنا كنت أظلم منه مرتين فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم " إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدقت وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركون لي صاحبي مرتين فما أوذي بعدها ".


وأخرج ابن عدي من حديث ابن عمر رضي الله عنه نحوه وفيه فقال رسول الله " لا تؤذوني في صاحبي فإن الله بعثني بالهدى ودين الحق فقلتم: كذبت وقال أبو بكر: صدقت ولو لا أن الله سماه صاحبا لاتخذته خليلا ولكن أخوة الإسلام ".

وأخرج ابن عساكر عن المقدام قال: استب عقيل بن أبي طالب وأبو بكر قال: وكان أبو بكر نسابا غير أنه تحرج من قرابته من النبي فأعرض عنه وشكا إلى النبي فقام رسول الله في الناس فقال " ألا تدعون لي صاحبي ما شأنكم وشأنه فوالله ما منكم رجل إلا على باب بيته ظلمة إلا باب أبي بكر فإن على بابه النور فوالله لقد قلتم كذبت وقال أبو بكر صدقت وأمسكتم الأموال وجادلي بماله وخذلتموني وواساني واتبعني ".

وأخرج البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقال أبو بكر إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله " إنك لست تصنع ذلك خيلاء ".

وأخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله " من أصبح منكم اليوم صائما قال أبو بكر أنا قال فمن تبع منكم جنازة قال أبو بكر أنا قال فمن أطعم منكم اليوم مسكينا قال أبو بكر أنا قال: فمن عاد اليوم منكم مريضا قال أبو بكر أنا فقال رسول الله ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة ".

وقد ورد هذا الحديث من رواية أنس بن مالك وعبد الرحمن بن أبي بكر فحديث أنس أخرجه البيهقي في الأصل وفي آخره " وجبت لك الجنة وحديث عبد الرحمن أخرجه البزار ولفظه صلى رسول الله صلاة الصبح ثم أقبل على أصحابه بوجهه فقال: من أصبح منكم اليوم صائما فقال عمر يا رسول الله لم أحدث نفسي بالصوم البارحة فأصبحت مفطرا فقال أبو بكر ولكني حدثت نفسي بالصوم البارحة فأصبحت صائما فقال هل أحد منكم اليوم عاد مريضا فقال عمر يا رسول الله لم نبرح فكيف نعود المريض فقال أبو بكر بلغني أن أخي عبد الرحمن بن عوف شاك فجعلت طريقي عليه لأنظر كيف أصبح فقال هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينا فقال عمر صلينا يا رسول الله ثم لم نبرح فقال أبو بكر دخلت المسجد فإذا بسائل فوجدت كسرة من خبز الشعير في يد عبد الرحمن فأخذتها ودفعتها إليه فقال أنت فأبشر بالجنة ثم قال كلمة أرضى بها عمر وزعم عمر أنه لم يرد خيرا قط إلا سبقه إليه أبو بكر ".

أبو يعلى عن ابن مسعود رضي الله عنه قال كنت في المسجد أصلى فدخل رسول الله ومعه أبو بكر وعمر فوجدني أدعو فقال سل تعطه ثم قال " من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا فليقرأ بقراءة ابن أم عبد " فرجعت إلى منزلي فأتاني أبو بكر فبشرني ثم أتى عمر فوجد أبا بكر خارجا قد سبقه فقال إنك لسباق بالخير.

وأخرج أحمد بسند حسن عن ربيعة الأسلمي رضي الله عنه قال جرى بيني وبين أبي بكر كلام فقال لي كلمة كرهتها وندم فقال لي يا ربيعة رد على مثلها حتى يكون قصاصا قلت: لا أفعل قال أبو بكر لتقولن أو لأستعدين عليك رسول الله فقلت ما أنا بفاعل فانطلق أبو بكر رضي الله عنه إلى النبي وانطلقت أتلوه وجاء أناس من أسلم فقالوا لي رحم الله أبا بكر في أي شيء يستعدي عليك رسول الله وهو الذي قال لك ما قال؟ فقلت أتدرون من هذا؟ هذا أبو بكر الصديق هذا ثاني اثنين وهذا ذو شيبة المسلمين إياكم لا يلتفت فيراكم تنصروني عليه فيغضب فيأتي رسول الله فيغضب لغضبه فيغضب الله عز وجل لغضبهما فيهلك ربيعة قالوا ما تأمرنا؟ قال ارجعوا وانطلق أبو بكر رضي الله عنه وتبعته وحدي حتى أتى رسول الله فحدثه الحديث كما كان فرفع إلي رأسه فقال يا ربيعة ما لك والصديق فقلت يا رسول الله كان كذا وكذا فقال لي كلمة كرهتها فقال لي قل كما قلت حتى يكون قصاصا فأبيت فقال رسول الله أجل لا ترد عليه ولكن قل قد غفر الله لك يا أبا بكر فقلت غفر الله لك يا أبا بكر قال الحسن قولي أبو بكر رضي الله عنه وهو يبكي.

وأخرج الترمذي وحسنه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال لأبي بكر: " أنت صاحبي على الحوض وصاحبي في الغار ".

وأخرج عبد الله بن أحمد رضي الله عنه قال: قال رسول الله " أبو بكر صاحبي ومؤنسي في الغار " إسناده حسن.

وأخرج البيهقي عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله " إن في الجنة طيرا كأمثال البخاتي قال أبو بكر إنها لناعمة يا رسول الله قال أنعم منها من يأكلها وأنت ممن يأكلها " وقد ورد هذا الحديث من رواية أنس.

وأخرج أبو يعلى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله " عرج بي إلى السماء فما مررت بسماء إلا وجدت فيها اسمي محمد رسول الله وأبو بكر الصديق خلفي " إسناده ضعيف لكنه ورد أيضا من حديث ابن عباس وابن عمر وأنس وأبي سعيد وأبي الدرداء رضي الله عنهم بأسانيد ضعيفة يشد بعضها بعضا.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: قرأت عند النبي " يا أيتها النفس المطمئنة " فقال أبو بكر يا رسول الله إن هذا لحسن فقال رسول الله " أما إن الملك سيقولها لك عند الموت ".

وأخرج ابن أبي حاتم عن عامر بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال لما نزلت " ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم " الآية قال أبو بكر: يا رسول الله لو أمرتني أن أقتل نفسي لفعلت فقال " صدقت ".

وأخرج أبو القاسم البغوي: حدثنا داود بن عمر حدثنا عبد الجبار بن الورد عن ابن أبي مليكة قال دخل رسول الله وأصحابه غديرا فقال: ليسبح كل رجل إلى صاحبه قال: فسبح كل رجل حتى بقى رسول الله وأبو بكر فسبح رسول الله إلى أبي بكر حتى اعتنقه وقال: " لو كنت متخذا خليلا حتى ألقى الله لاتخذت أبا بكر خليلا ولكنه صاحبي " تابعه وكيع عن عبد الجبار بن الورد أخرجه ابن عساكر وعبد الجبار ثقة شيخه ابن أبي ملكية إمام إلا أنه مرسل وهو غريب جدا.

قلت: أخرجه الطبراني في الكبير وابن شاهين في السنة من وجه آخر موصولا عن ابن عباس.

وأخرج ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق وابن عساكر من طريق صدقة بن ميمون القرشي عن سليمان بن يسار قال: قال رسول الله " خصال الخير ثلاثمائة وستون خصلة إذا أراد الله بعبد خيرا جعل فيه خصلة منها يدخل بها الجنة " قال أبو بكر: يا رسول الله أفي شيء منها قال " نعم جمعا من كل ".

وأخرج ابن عساكر من طريق أخرى عن صدقة القرشي عن رجل قال: قال رسول الله " خصال الخير ثلاثمائة وستون فقال أبو بكر يا رسول الله لي منها شيء قال: كلها فيك فهنيئا لك يا أبا بكر ".

وأخرج ابن عساكر من طريق مجمع بن يعقوب الأنصاري عن أبيه قال: إن كانت حلقة رسول الله لتشتبك حتى تصير كالأسوار وإن مجلس أبي بكر منها لفارغ ما يطمع فيه أحد من الناس فإذا جاء أبو بكر جلس ذلك المجلس وأقبل عليه النبي بوجهه وألقى إليه حديثه وسمع الناس.

وأخرج ابن عساكر عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله " حب أبي بكر وشكره واجب على كل أمتي ".

وأخرج مثله في حديث سهل بن سعد.

وأخرج عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا " الناس كلهم يحاسبون إلا أبا بكر ".


رد مع اقتباس