منتديات أفـــاق دبـــي الثقافيـــة

منتديات أفـــاق دبـــي الثقافيـــة (http://www.afaqdubai.ae/vb/index.php)
-   الفقه الإسلامي : العبادة ، والأحوال الشخصية, المعاملات , الميراثIslamic Jurisprudence: worship, pers (http://www.afaqdubai.ae/vb/forumdisplay.php?f=13)
-   -   فتوح الغيب (http://www.afaqdubai.ae/vb/showthread.php?t=29632)

عمر نجاتي 12-17-2011 10:11 AM

رد: فتوح الغيب
 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة السادسة والستون

فـي الأمـر بـالـدعـاء و الـنـهـى عـن تـركـه

قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : لا تقل لا أدعو الله، فإن كان ما أسأله مقسوماً فسيأتي إن سألته أو لم أسأله، و إن كان غير مقسوم فلا يعطيني بسؤال، بل اسأله عزَّ و جلَّ جميع ما تريد و تحتاج إليه من خير الدنيا و الآخرة ما لم يكن فيه محرم و مفسدة لأن الله تعالى أمر بالسؤال له و حث عليه. قال تعالى : }ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ{.غافر60. و قال عزَّ و جلَّ : }وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ}{ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ{.النساء32. قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اسألوا الله و أنتم موقنون بالإجابة ) و قال صلى الله عليه وسلم : ( اسألوا الله ببطون أكفكم ) و غير ذلك من الأخبار. و لا تقل إني أسأله فلا يعطيني فإذا لا أسأله، بل دم على دعائه، فإن كان ذلك مقسوماً ساقه إليك بعد أن تسأله، فيزيد ذلك إيماناً و يقيناً و توحيداً و ترك سؤال الخلق و الرجوع إليه في جميع أحوالك و إنزال حوائجك به عزَّ و جلَّ ، و إن لم يكن مقسوماً لك أعطاك الغناء عنه و الرضا عنه عزَّ و جلَّ بالقصص. فإن كان فقراً أو مرضاً أرضاك بهما و إن كان ديناً قلب الدائن من سوء المطالبة إلى الرفق و التأخير و التسهيل إلى حين ميسرتك أو إسقاطه عنك أو نقصه، فإن لم يسقط و لم يترك منه في الدنيا أعطاك عزَّ و جلَّ ثواباً جزيلاً ما لم يعطك بسؤالك في الدنيا، لأنه كريم غنى رحيم، فلا يخيب سائله في الدنيا و الآخرة فلابد من فائدة، و نائلة إما عاجلاً و إما آجلاً فقد جاء في الحديث: ( المؤمن يرى في صحيفته يوم القيامة حسنات لم يعملها و لم يدر بها فيقال له أتعرفها ؟ فيقول ما أعرفها من أين لي هذه ؟ فيقال له إنها بدل مسألتك التي سألتها في دار الدنيا ) و ذلك أنه بسؤال الله عزَّ و جلَّ يكون ذاكراً الله و موحداً و واضع الشئ في موضعه، و معطي الحق أهله، و متبرئاً من حوله و قوته، و تاركاً للتكبر و التعظيم و الأنفة، و جميع ذلك أعمال صالحة ثوابها عند الله عزَّ و جلَّ.

عمر نجاتي 12-17-2011 10:11 AM

رد: فتوح الغيب
 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة السابعة والستون

فـي جـهـاد الـنـفـس و تـفـصـيـل كـيـفـيـتـه


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : كلما جاهدت نفسك و غلبتها و قتلتها بسيف المخالفة أحياها الله، و نازعتك و طلبت منك الشهوات و اللذات الجناح منها و المباح، لتعود إلى المجاهدة ليكتب لك ثواباً دائماً، و هو معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ) أراد مجاهدة النفس لدوامها و استمرارها على الشهوات و اللذات، و إنهماكها في المعاصي، و هو معنى قوله عزَّ و جلَّ : }وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ{.الحجر99. أمر الله عزَّ و جلَّ لنبيه صلى الله عليه وسلم بالعبادة و هي مخالفة النفس، لأن العبادة كلها تأباها النفس و تريد ضدها إلى أن يأتيه اليقين يعنى الموت.

فإن قيل : كيف تأبى نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم العبادة و هو عليه والصلاة و السلام لا هوى له }وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{.النجم3–4. فيقال أنه عزَّ و جلَّ خاطب نبيه صلى الله عليه وسلم ليتقرر به الشرع فيكون عاماً بين أمته إلى أن تقوم الساعة. ثم إن الله عزَّ و جلَّ أعطى نبيه عليه الصلاة و السلام القوة على النفس و الهوى، كيلا يضراه و يحوجاه إلى المجاهدة، بخلاف أمته، فإذا دام المؤمن على هذه المجاهدة إلى أن يأتيه الموت و يلحق بربه عزَّ و جلَّ بسيف مسلول ملطخ بدم النفس و الهوى أعطاه ما ضمن له من الجنة، لقوله عزَّ و جلَّ : }وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى{.النتزعات40–41. فإذا أدخله الجنة و جعلها داره و مقره و مصيره، أمن من التحويل عنها و الانتقال إلى غيرها و العودة إلى دار الدنيا جدد له كل يوم و كل ساعة من أنواع النعيم و تغير عليه أنواع الحال و الحلى إلى ما لا نهاية و لا غاية و لا نفاد، كما جدد في الدنيا كل يوم و كل ساعة و لحظة مجاهدة النفس و الهوى.

و أما الكافر و المنافق و العاصي لما تركوا مجاهدة النفس و الهوى في الدنيا و تابعوها، و وافقوا الشيطان تمرجوا في أنواع المعاصي من الكفر و الشرك و ما دونهما حتى أتاهم الموت من غير الإسلام و التوبة، أدخلهم الله النار التي أعدت للكافرين في قوله عزَّ و جلَّ : }وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ{.آل عمران131. فإذا أدخلهم فيها و جعلها مقرهم و صيرهم، فأحرقت جلودهم و لحومهم جدد لهم عزَّ و جلَّ جلوداً و لحوماً كما قال عزَّ و جلَّ : }كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا{.النساء56. يفعل عزَّ و جلَّ بهم ذلك كما وافقوا أنفسهم و أهواءهم في الدنيا في معاصيه عزَّ و جلَّ ، فأهل النار تجدد لهم كل وقت جلود و لحوم لإيصال العذاب و الآلام إليهم. و سبب ذلك مجاهدة النفس و عدم موافقتها في دار الدنيا و هذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الدنيا مزرعة الآخرة ).

عمر نجاتي 12-17-2011 10:12 AM

رد: فتوح الغيب
 
بسم الله الرحمن الرحيم


المقالة الثامنة والستون

فـي قـولـه تـعـالـى : ( كـل يـوم هـو فـي شــأن )


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : إذا أجاب الله عبداً ما سأله و أعطاه ما طلبه لم تنخرم إرادته و لا ما جف به القلم و سبق به العلم، لكنه يوافق سؤاله مراد ربه عزَّ و جلَّ في وقته، فتحصل الإجابة و قضاء الحاجة في الوقت المقدر الذي قدره له في السابقة لبلوغ القدر وقته كما قال أهل العلم قوله عزَّ و جلّ : }كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ{.الرحمن29. أي يسوق المقادير إلى المواقيت، يعطى الله أحداً شيئاً في الدنيا بمجرد دعائه، و كذلك لا يصرف عنه شيئاً بدعائه المجرد، و الذي ورد في الحديث ( و لا يرد القضاء إلا الدعاء ) قيل إن المراد به لا يرد القضاء إلا الدعاء الذي قضى أن يرد لقضائه، و كذلك لا يدخل أحد الجنة في الآخرة بعمله، بل برحمة الله عزَّ و جلَّ، لكنه يعطى العباد في الجنة الدرجات على قدر أعمالهم.

و قد ورد في حديث عائشة رضي الله عنها ( أنها سألت النبي صلى الله عليه و سلم هل يدخل أحد الجنة بعمله؟ فقال لا برحمة الله، فقالت و لا أنت؟ فقال و لا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته و وضع يده على هامته ) و ذلك لأن الله عزَّ و جلَّ لا يجب عليه لأحد حق و لا يلزمه الوفاء بالعهد، بل يفعل ما يريد يعذب من يشاء و يغفر لمن يشاء، و يرحم من يشاء، فعال لما يريد و لا يسال عما يفعل و هم يسئلون، يرزق من يشاء بغير حساب بفضل رحمته و منته، و يمنع من شاء بعدله، و كيف لا يكون كذلك و الخلق من لدن العرش إلى الثرى التي هي الأرض السابعة السفلى ملكه و صنعه، لا مالك لهم غيره و لا صانع لهم غيره، قال عزَّ و جلَّ : }هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ{.فاطر3. و قال تعالى : }أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ{.النمل60–61–62–63–64. و قال تعالى : }هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً{.مريم65. و قال تعالى : قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ{.آل عمران26–27.

عمر نجاتي 12-17-2011 10:13 AM

رد: فتوح الغيب
 
بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة التاسعة والستون

فـي الأمـر بـطـلـب الـمـغـفـرة و الـعـصـمـة
و الـتـوفـيـق و الـرضـا و الـصـبـر مـن الله تـعـالـى

قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : لا تطلبنّ من الله شيئاً سوى المغفرة للذنوب السابقة و العصمة منها في الأيام الآتية اللاحقة، و التوفيق لحُسن الطاعة، و امتثال الأمر و الرضا بمر القضاء، و الصبر على شدائد البلاء، و الشكر على جزيل النعماء و العطاء، ثم الوفاة بخاتمة الخير، و اللحوق بالأنبياء و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقاً و لا تطلب منه الدنيا و لا كشف الفقر و البلاء إلى الغناء و العافية، بل الرضا بما قسم و دبر، و اسأله الحفظ الدائم على ما أقامك فيه و أحلك و ابتلاك، إلى أن ينقلك منه إلى غيره و ضده، لأنك لا تعلم الخير في أيهما، في الفقر أو في الغناء، في البلاء أو في العافية، طوى عنك علم الأشياء و تفرد هو عزّ و جلّ بمصالحها و مفاسدها.

فقد ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا أبالى على أي حال أصبح، على ما أكره أو على ما أحب، لأني لا أدرى الخير في أيهما. قال ذلك لحسن رضاه بتدبير الله عزّ و جلّ، و الطمأنينة على اختياره و قضائه. قال الله تعالى : }كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ{.البقرة216.

كن على هذا الحال إلى أن يزول هواك و تنكسر نفسك فتكون ذليلة مغلوبة تابعة ثم تزول إرادتك و أمانيك، و تخرج الأكوان من قلبك و لا يبقى في قلبك شئ سوى الله تعالى، فيمتلئ قلبك بحب الله تعالى، و تصدق إرادتك في طلبه عزّ و جلّ فيرد إليك الإرادة بأمره بطلب حظ من الحظوظ دنيوية و أخروية، فحينئذ تسأله عزّ و جلّ بذلك و تطلبه ممتثلاً لأمره، إن أعطاك شكرته و تلبست به، و إن منعك لم تتسخط عليه و لم تتغير عليه في باطنك و لا تتهمه في ذلك ببخل، لأنك لم تكن طلبته بهواك و إرادتك، لأنك فارغ القلب عن ذلك غير مريد له، بل ممتثلاً لأمره بالسؤال و السلام.

عمر نجاتي 12-17-2011 10:14 AM

رد: فتوح الغيب
 
بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة السبعون

فـي الـشــكـر و الاعـتـراف بـالـتـقـصـيـر


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : كيف يحسن منك العجب في أعمالك و رؤية نفسك فيها و طلب الأعواض عليها، و جميع ذلك بتوفيق الله تعالى و عونه و قوته و إرادته و فضله، و إن كان ترك معصيته فبعصمته و حفظه و حميته.

أين أنت من الشكر على ذلك و الاعتراف بهذه النعم التي أولاكها، ما هذه الرعونة و الجهل، تعجب بشجاعة غيرك و سخائه و بذل ماله إذا لم تكن قاتلاً بعودك إلا بعد معاونة شجاع ضرب في عدوك ثم تمنيت قتله، لولاه كنت مصروعاً مكانه و بدله، و لا باذلاً لبعض مالك إلا بعد ضمان صادق كريم أمين ضمن لك عوضه و خلفه، لولا قوله و طمعك فيما وعد لك و ضمن لك ما بذلت حبة منه، كيف تعجبك بمجرد فعلك.

أحسن حالك الشكر و الثناء على المعين و الحمد لله الدائم و إضافة ذلك إليه في الأحوال كلها إلا الشر و المعاصي و اللوم، فإنك تضيفها إلى نفسك و تنسبها إلى الظلم و سوء الأدب و تتهمها به، فهي أحق بذلك لأنها مأوى لكل شر و أمارة بكل سوء و داهية وإن كان هو عزّ و جلّ خالقك و خالق أفعالك مع كسبك، أنت الكاسب و هو الخالق كما قال بعض العلماء بالله عزّ و جلّ : تجئ و لا بد منك، و قوله صلى الله عليه و سلم : ( اعملوا و قاربوا و سددوا فكل ميسر لما خلق له ).

عمر نجاتي 12-17-2011 10:15 AM

رد: فتوح الغيب
 
بسم الله الرحمن الرحيم
صلواة سلطان الاولياء عبد القادر كيلاني قدس الله سره

اَلصَّلاَةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللّٰهِ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حبيبَ اللّٰهِ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نَبِىَّ اللّٰهِ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خليل اللّٰهِ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا صَفِىَّ اللّٰهِ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَلِىَّ اللّٰهِ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَيْرَ خَلْقِ اللّٰهِ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نُورَ عَرْشِ اللّٰهِ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا اَمينَ وَحْىِ اللّٰهِ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ زَيَّنَهُ اللّٰهُ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ شَرَّفَهُ اللّٰهُ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ كَرَّمَهُ اللّٰهُ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ عَزَّمَهُ اللّٰهُ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ عَلَّمَهُ اللّٰهُ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ سَلَّمَهُ اللّٰهُ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَنِ اِخْتَارَهُ اللّٰهُ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ اْلاَوَّلينَ وَاْلاٰخِرينَ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا شَفيعَ الْمُذْنِبِينَ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَاتَمَ النَّبِيينَ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَحْمَةً لِلْعَالَمينَ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا اِمَامَ الْمُتَّقِينَ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ رَبِّ الْعَالَينَ،

صَلَاوَاتُ اللّٰهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَاَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ وَحَمَلَةِ
عَرْشِهِ وَجَميعِ خَلْقِهِ عَلٰى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلٰى اٰلِهِ وَصَحْبِهِ اَجْمَعينَ.

عمر نجاتي 12-17-2011 10:16 AM

رد: فتوح الغيب
 
فتوح الغيب
مقالات 71-78
الشيخ الرباني عبدالقادر الجيلاني قدس

عمر نجاتي 12-17-2011 10:16 AM

رد: فتوح الغيب
 
بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة الحادية السبعون

فـي الــمــريـــد والــمـــراد


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : لا يخلو إما أن تكون مريداً أو مراداً.

فإن كنت مريداً فأنت محمل و حمال يحمل كل شديد و ثقيل، لأنك طالب و الطالب مشقوق عليه حتى يصل إلى مطلوبه و يظفر بمحبوبه و يدرك مرامه، و لا ينبغي لك أن تنفر من بلاء ينزل بك في النفس و المال و الأهل و الولد، إلى أن يحط عنك الأعمال، و يزال عنك الأثقال، و يرفع عنك الآلام و يزال عنك الأذى و الإذلال، فتصان عن جميع الرذائل و الأدران و الأوساخ و المهانات و الافتقار إلى الخليقة و البريات، فتدخل في زمرة المحبوبين المدللين المرادين.

و إن كنت مراداً فلا تتهمن الحق عزّ و جلّ في إنزال البلية بك أيضاً، و لا تشكن في منزلتك و قدرك عنده عزّ و جلّ، لأنه قد يبتليك ليبلغك مبلغ الرجل، و يرفع منزلتك إلى منازل الأولياء.

أتحب ما يحط منزلتك عن منازلهم و درجاتك عن درجاتهم و أن تكون خلعتك و أنوارك و نعيمك دون ما لهم، فإن رضيت أنت بالدون فالحق عزّ و جلّ لا يرضى لك بذلك . قال تعالى : }وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ{.البقرة216+232.آل عمران66.النور19. يختار لك الأعلى و الأسنى و الأرفع و الأصلح و أنت تأبى.

فإن قلت: كيف يصلح ابتلاء المراد مع هذا النعيم و البيان مع أن الابتلاء إنما هو للمحب، و المدلل إنما هو المحبوب.

يقال لك ذكرنا الأغلب أولاً و سمرنا بالنادر الممكن ثانياً.

لا خلاف أن النبي صلى الله عليه و سلم كان سيد المحبوبين أشد الناس بلاء، و قد قال صلى الله عليه و سلم ( لقد خفت في الله ما لا يخافه أحد، و لقد أوذيت في الله لم يؤذه أحد، و لقد أتى علي ثلاثون يوماً و ليلة و ما لنا طعام إلا شيء يواريه إبط بلال ) و قد قال صلى الله عليه و سلم ( إنا معاشر الأنبياء أشد الناس بلاء ثم الأمثل فالأمثل ) و قد قال صلى الله عليه و سلم ( أنا أعرفكم بالله و أشدكم منه خوفاً ) فكيف يبتلى المحبوب و يخوف المدلل المراد و لم يكن ذلك إلا بما أشرنا إليه من بلوغ المنازل العالية في الجنة لأن المنازل في الجنة لا تشيد و لا ترفع بالأعمال في الدنيا.

الدنيا مزرعة الآخرة، و أعمال الأنبياء و الأولياء بعد أداء الأوامر و انتهاء النواهي و الصبر و الرضا و الموافقة في حالة البلاء يكشف عنهم البلاء و يواصلون بالنعيم و الفضل و الدلال و اللقاء أبد الآباد، و الله أعلم.

عمر نجاتي 12-17-2011 10:17 AM

رد: فتوح الغيب
 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة الثانية والسبعون

فـي مـن إذا دخـل الأســواق و مـال إلـى مـا فـيـهـا
و مـن إذا دخـلـهـا و صـبـر

قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : الذين يدخلون الأسواق من أهل الدين و النسك في خروجهم إلى أداء ما أمر الله تعالى من صلاة الجمعة و الجماعة و قضاء حوائج تسنح لهم على أضرب :

مــنــهــم من إذا دخل السوق و رأى فيه من أنواع الشهوات و اللذات تقيد بهما و علقت بقلبه فتن، و كان ذلك سبب هلاكه و تركه دينه و نسكه و رجوعه إلى موافقة طبعه و إتباع هواه إلا أن يتداركه عزّ و جلّ برحمته و عصمته و إصباره إياه عنها فتسلم.

و مــنــهــم من إذا رأى ذلك كاد أن يهلك بها رجع إلى عقله و دينه و تصبر و تجرع مرارة تركها، فهو كالمجاهد ينصره الله تعالى على نفسه و طبعه و هواه، و يكتب له الثواب الجزيل في الآخرة. كما جاء في بعض الأخبار عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( يكتب للمؤمنين بترك شهوة عند العجز عنها أو عند المقدرة سبعون حسنة ) أو كما قال.

و مــنــهــم من يتناولها و يتلبس بها و يحصلها بفضل نعمة الله عزّ و جلّ التي عنده من سعة الدنيا و المال، و يشكر الله عزّ و جلّ عليها.

و مــنــهــم من لا يراها و لا يشعر بها، فهو أعمى عن ما سوى الله عزّ و جلّ، فلا يرى غيره، و أصم عما سواه فلا يسمع من غيره، عنده شغل عن النظر إلى غير محبوبه و اشتهائه، فهو في معزل عما العالم فيه فإذا رايته و قد دخل السوق فسألته عما رأى في السوق يقول ما رأيت شيئاً. نعم قد رأى الأشياء لكن قدر رآها ببصر رأسه لا ببصر قلبه، و نظرة فجاءت لا نظرة شهوة، نظر صورة لا نظر معنى، نظر الظاهر لا نظر الباطن، فبظاهره ينظر إلى ما في السوق و بقلبه ينظر إلى ربه عزّ و جلّ، إلى جلاله تارة و إلى جماله تارة أخرى.

و مــنــهــم من إذا دخل السوق امتلأ قلبه بالله عزّ و جلّ رحمة لهم، فتشغله الرحمة لهم عن النظر إلى ما لهم و بين أيديهم فهو في حين دخوله إلى حين خروجه في الدعاء و الاستغفار و الشفاعة لأهله و الشفقة و الرحمة عليهم و لهم، و عينه مغرورقة و لسانه في ثناء و حمد لله عزّ و جلّ بما أولى الكافة من نعمه و فضله فهذا يسمى شحنة البلاد و العباد، و إن شئت سميته عارفاً و بدلاً و زاهداً و عالماً غيباً و بدلاً محبوباً مراداً و نائباً في الأرض على عباده، و سفيراً و جهبذاً و نفاذا و هادياً و مهدياً و دالاً و مرشداً فهذا هو الكبريت الأحمر و بيضة العقعق، رضوان الله عليه و على كل مؤمن مريد لله وصل إلى انتهاء المقام، و الله الهادي.

عمر نجاتي 12-17-2011 10:17 AM

رد: فتوح الغيب
 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة الثالثة والسبعون

فـي قـســم مـن الأولـيـاء قـد يـطـلـعـه الله عـلـى عـيـوب غـيـرهـم


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : قد يُطلع الله تعالى وليه على عيوب غيره و كذبه و دعوته و شركه في أفعاله و أقواله و إضماره و نيته، فيغار ولى الله لربه و لرسوله و دينه فيشتد غضب باطنه ثم ظاهره حاضراً و غائباً، كيف يدعى السلامة مع العلل و الأوجاع الباطنة والظاهرة؟؟ و كيف يدعى التوحيد مع الشرك، و الشرك كفر و بعد عن قرب الله و هو صفة العدو و الشيطان اللعين، و المنافقين المقطوع لهم بالدرك الأسفل من النار و الخلود فيها فيجرى على لسان الولي ذكر عيوبه و أفعاله الخبيثة و وقاحته بعريض دعاويه أحوال الصديقين و مزاحمته للفانين في قدر الله و فعله،و المراد من على وجه الغيرة لله عزّ و جلّ، مرة على وجه الإنكار له و الموعظة له أخرى، و على وجه الغلبة بفعل الله عزّ و جلّ و إرادته و شدة غضبه على الكذب أخرى فيضاف إلى الله عزّ و جلّ غيبة، فيقال أيغتاب الولي و هو يمنع منها أو يذكر الغائب و الحاضر بما يظهر عند الخواص و العوام؟؟ فيصير ذلك الإنكار في حقهم كما قال الله عزّ و جلّ : }وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا{.البقرة219. في الظاهر إنكار المنكر و في الباطن إسخاط الربّ و الاعتراض عليه فيصير حاله الخيرة، فيكون فرضه فيها السكوت و التسليم و طلب المساعي لذلك في الشرع، و الجواز لا الاعتراض على الربّ و الولي يطعنان لافترائه و كذبه، و قد يكون ذلك سبباً لإقلاعه و توبته و رجوعه عن جهله و حيرته، فيكون كرهاً للولي نفعاً للمغرور الهالك بغروره و رعونته. }وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{.البقرة213.النور46.

عمر نجاتي 12-17-2011 10:18 AM

رد: فتوح الغيب
 
بسم الله الرحمن الرحيم


المقالة الرابعة والسبعون

فـيـمـا يـنـبـغـي لـلـعـاقـل أن يـســتـدل بـه
عـلـى وحـدانـيـة الله تـعـالـى

قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : أول ما ينظر العاقل في صفة نفسه و تركيبه ثم في جميع المخلوقات و المبدعات فيستدل بذلك على خالقها و بمدعها، لأن فيه دلالة على الصانع و في القدرة المحكمة آية على الحكيم، فإن الأشياء كلها موجودة به.

و في مـعـنـاه ما ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى : }وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ{.الجاثية13. فقال في كل شئ اسم من أسمائه و اسم كل شئ من اسمه، فإنما أنت بين أسمائه و صفاته و أفعاله، باطن بقدرته و ظاهر بحكمته، ظهر بصفاته و بطن بذاته حجب الذات بالصفات و حجب الصفات بالأفعال، و كشف العلم بالإرادة و أظهر الإرادة بالحركات، و أخفى الصنع و الصنيعة و أظهر الصنعة بالإرادة، فهو باطن في غيبه و ظاهر في حكمته و قدرته }لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ{.الشورى11.

و لـقـد أظـهـر في هذا الكلام من أسرار المعرفة ما لا يظهر إلا من مشكاة فيها مصباح، أمره برفع يد العصمة اللهم فقهه في الدين و علمه التأويل، أنالنا الله تعالى بركاتهم و حشرنا في زمرتهم و حرمتهم آمين.

عمر نجاتي 12-17-2011 10:19 AM

رد: فتوح الغيب
 
بسم الله الرحمن الرحيم
المقالة الخامسة والسبعون

فـي الـتـصـوف و عـلـى أي شــئ مـبـنـاه


قـال رضـي الله تـعـالـى عـنـه و أرضـاه : أوصـيـك بـتـقوى الله و طـاعـتـه، و لـزوم ظـاهـر الـشــرع و ســلامـة الـصـدر، و ســخـاء الـنـفـس، و بـشــاشــة الـوجـه، و بـدل الـنـدى، و كـف الأذى، و تـحـمـل الأذى و الـفـقـر، و حـفـظ حـرمـات الـمـشــايـخ و الـعـشــرة مـع الإخـوان، و الـنـصـيـحـة لـلأصـاغـر و الأكـابـر، و تـرك الـخـصـومـة، و الإرفـاق، و مـلازمـة الإيـثـار و مـجـانـبـة الادخار، و تـرك صـحـبـة مـن لـيـس مـن طـبـقـتـهـم، و الـمـعـاونـة في أمـر الـديـن و الـدنـيـا.

و حـقـيـقـة الـفـقـر أن لا تـفـتـقـر عـلـى مـن هـو مـثـلـك و حـقـيـقـة الـغـنـى أن تستغني عـمـن هـو مـثـلـك.

و الـتـصـوف لـيـس أخـذ عـن الـقـيـل و الـقـال و لـكـن أخـذ عـن الـجـوع و قـطـع الـمـألـوفـات و الـمـســتـحـســنـات، و لا تبدءا الـفـقـيـر بـالـعـلـم و إبـدائـه بـالـرفـق، فـإن الـعـلـم يـوحـشــه و الـرفـق يـؤنـســه.

و الـتـصـوف مـبـنـي عـلـى ثــمــان خــصـال :

الــســـــــخــــاء لـســـــيــدنــا إبـــراهــــــيــــم عــــلــــيــــه الـــســــــلام
الـــــرضـــــــا لـســـــيــدنــا إســــــــحـــــاق عــــلــــيــــه الـــســــــلام
الـــصــــــبــــر لـســـــيــدنــا أيــــــــــــــــوب عــــلــــيــــه الـــســــــلام
الإشــــــــــــارة لـســـــيــدنــا ـزكــــــريـــــا عــــلــــيــــه الـــســــــلام
الـــغــــــربـــــة لـســـــيــدنــا ـيــــحـــــيــــى عــــلــــيــــه الـــســــــلام
الــتـــصـــــوف لـســـــيــدنــا ــمــــوســـــــى عــــلــــيــــه الـــســــــلام
الــســــيـــاحـــة لـســـــيــدنــا عــــيــــســــى عــــلــــيــــه الـــســــــلام
الـــفــــــقـــــــر لـســـــيــدنــا مــحـمــد صـلـى الله عـلـيـه و سـلـم

و عـلى إخـوانـه مـن الـنـبـيـيـن و الـمـرســلـيـن و آل كـل و صـحـب كـل و ســلـم أجـمـعـيـن

عمر نجاتي 12-17-2011 10:19 AM

رد: فتوح الغيب
 
بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة السادسة والسبعون

فـي الــوصـــيـــة


قـال رضـي الله تـعـالـى عـنـه و أرضـاه : أوصــيــك أن تصحب الأغنياء بالتعزز، و الفقراء بالتذلل، و عليك بالتذلل و الإخلاص، و هو دوام رؤية الخالق، و لا تتهم الله في الأسباب و استكن إليه في جميع الأحوال، و لا تضع حق أخيك اتكالاً على ما بينك و بينه من المودة.

و عـلـيـك بـصـحـبـة الـفـقـراء بالتواضع و حُسن الأدب و السخاء، و أمت نفسك حتى تحيى، و أقرب الخلق من الله تعالى أوسعهم خلقاً، و أفضل الأعمال : رعاية السر عن الالتفات إلى ما سوى الله تعالى.

و الـصـولـة بـالـحـق و الـصـبـر، و حسبك من الدنيا شيئان : صحبة فقير و خدمة ولي، و الفقير هو الذي لا يستغنى بشئ دون الله تعالى.

و الـصـولـة عـلـى من هو دونك ضعف، و على من هو فوقك فخر، و على من هو مثلك سوء خلق.

و الـفـقـر و الـتـصـوف جدان فلا تخلطهما بشئ من الهزل، وفقنا الله و إياكم و المسلمين آمين.

يـا ولــي عـلـيـك بذكر الله في كل حال فإنه للخير جامع. و عليك بالاعتصام بحبل الله فإنه للمضار دافع. و عليك بالتأهب لتلقى موارد القضاء فإنه واقع.

و أعـلـم أنـك مـســئـول عن حركاتك و سكناتك، فاشتغل بما هو أولى في الوقت و إياك و فضول تصرفات الجوارح.

و عـلـيـك بـطـاعـة الله و رســوله و مـن والاه و أد إليه حقه و لا تطالبه بما يجب عليه، و ادع في كل حال.

و عـلـيـك بـحـســن الـظـن في المسلمين و إصلاح النية لهم، و تسعى بينهم في كل خير، و أن لا تبيت و لأحد في قلبك شر و لا شحناء و لا بغض، و أن تدعو لمن ظلمك، و راقب الله عزَّ و جلَّ.

و عـلـيـك بأكل الحلال، و السؤال لأهل العلم بالله فيما لا تعلم، و عليك بالحياء من الله سبحانه و تعالى.

و أجـعـل صـحـبـتـك مع من الله معه و أصحب من سوى الله بصحبته، و تصدق في كل صباح بقرصك و إذا أمسيت فصل صلاة الجنازة على كل من مات من المسلمين في ذلك اليوم و إذا صليت المغرب فصلاة الاستخارة و تقول بكرة و عشياً سبع مرات ( الـلـهـمَّ أجـرنـا مـن الـنـار ) و حافظ على قول أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم }هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ{.الحشر22. إلى آخر سورة الحشر، و الله الموفق و المعين، إذ لا حول و لا قوة إلا بالله العلى العظيم.

عمر نجاتي 12-17-2011 10:20 AM

رد: فتوح الغيب
 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة السابعة والسبعون

فـي الـوقـوف مـع الله و الـفـنـاء عـن الـخـلـق


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : كن مع الله عزّ وجلّ كأن لا خلق، ومع الخلق كأن لا نفس، فإذا كنت مع الله عزّ وجلّ بلا خلق وجدت، وعن الكل فنيت. وإذا كنت مع الخلق بلا نفس عدلت وبقيت ومن التبعات سلمت، وأترك الكل على باب خلوتك، وأدخل وحدك تر مؤنسك في خلوتك بعين سرّك، وتشاهد ما وراء العيان، وتزول النفس ويأتي مكانها أمر الله وقربه، فإذن جهلك علم، وبعدك قرب، وصمتك ذكر، ووحشتك أنس.

يا هذا : ما ثم إلا خلق وخالق، فإذا اخترت الخالق فقل لهم : }فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ{.الشعراء77.

ثم قال رضي الله عنه و أرضاه : من ذاق عرف، فقيل له : من غلبت عليه مرارة صفرته كيف يجد حلاوة الذوق؟؟ فقال : يتعمل في الشهوات من قبله بقصد وتكلف.

يا هذا : المؤمن إذا عمل صالحاً انقلبت نفسه قلباً وأدرك مدركات القلب، ثم انقلب قلبه سراً ثم انقلب الفناء فصار وجوداً وبقاء.

ثم قال رضي الله عنه و أرضاه : الأحباب يسعهم كل باب.

يا هذا : الفناء إعدام الخلائق، وانقلاب طبعك عن طبع الملائكة، ثم الفناء عن طبع الملائكة، ثم لحوقك بالمنهاج الأول، وحينئذ يسقيك ربّك ما يسقيك، ويزرع فيك ما يزرع.

إن أردت هذا فعليك بالإسلام ثم الاستسلام، ثم العلم بالله ثم المعرفة ثم الـوجود. وإذا كان وجودك له كان كلك له.

الزهد عمل ساعة ، و الورع عمل ساعتين ، و المعرفة عمل الأبد.

عمر نجاتي 12-17-2011 10:21 AM

رد: فتوح الغيب
 

بسم الله الرحمن الرحيم


المقالة الثامنة والسبعون

فـي أهـل الـمـجـاهـدة و الـمـحـاســبـة و أولـى الـعـزم
و بـيـان خـصـالـهـم


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : لأهل المجاهدة و المحاسبة و أولى العزم عشر خصال جربوها، فإذا أقاموها و أحكموها بإذن الله تعال وصلوا إلى المنازل الشريفة :

( الأولـى ) أن لا يحلف بالله عزّ و جلّ صادقاً و لا كاذباً عامداً و لا ساهياً، لأنه إذا أحكم ذلك من نفسه و عود لسانه رفعه ذلك إلى ترك الحلف ساهياً و عامداً، فإذا اعتاد ذلك فتح الله له باب من أنواره يعرف منفعة ذلك في قلبه، و رفعه في درجة و قوة في عزمه و في صبره و الثناء عند الإخوان، و الكرامة عند الجيران حتى يهتم به من يعرفه و يهابه من يراه.

( الـثـانـيـة ) يجتنب الكذب لا هازلاً و لا جاداً، لأنه إذا فعل ذلك و أحكمه من نفسه و اعتاده لسانه شرح الله تعالى به صدره و صفا به علمه، كأنه لا يعرف الكذب، و إذا سمعه من غيره عاب ذلك عليه و عيره به في نفسه، و إن دعا له بزوال ذلك كان له ثواب.

( الـثـالـثـة ) أن يحذر أن يعد أحداً شيئاً فيخلفه، و يقطع العدة البتة فإنه أقوى لأمره و أقصد بطريقه، لأن الخلف من الكذب فإذا فعل ذلك فتح له باب السخاء و درجة الحياء و أعطى مودة في الصادقين و رفعة عند الله جل ثناؤه.

( الـرابـعـة ) أن يجتنب أن يلعن شيئاً من الخلق، أو يؤذى ذرة فما فوقها، لأنها من أخلاق الأبرار و الصديقين، و له عاقبة حسنة في حفظ الله تعالى في الدنيا مع ما يدخر له من الدرجات، و يستنقذ من مصارع الهلاك، و يسلمه من الخلق، و يرزقه رحمة العباد، و يقربه منه عزّ و جلّ.

( الـخـامـسـة ) أن يجتنب الدعاء على أحد من الخلق و إن ظلمه فلا يقطعه بلسانه، و لا يكافئه بقول و لا فعل، فإن هذه الخصلة ترفع صاحبها إلى الدرجات العلى. و إذا تأدب بها ينال منزلة شريفة في الدنيا و الآخرة، و المحبة و المودة في قلوب الخلق أجمعين من قريب و بعيد، و إجابة الدعوة و الغلوة في الخلق، و عز في الدنيا في قلوب المؤمنين.

( الـسـادسـة ) أن لا يقطع الشهادة على أحد من أهل القبلة بشرك و لا كفر و لا نفاق، فإنه أقرب للرحمة، و أعلى في الدرجة و هي تمام السنة، و أبعد عن الدخول في علم الله، و أبعد من مقت الله و أقرب إلى رضاء الله تعالى و رحمته، فإنه باب شريف كريم على الله تعالى يورث العبد الرحمة للخلق أجمعين.

( الـســابـعـة ) أن يجتنب النظر إلى المعاصي و يكف عنها جوارحه، فإن ذلك من أسرع الأعمال ثواباً في القلب و الجوارح في عاجل الدنيا، مع ما يدخره الله له من خير الآخرة. نسأل الله أن يمن علينا أجمعين و يعلمنا بهذه الخصال، و أن يخرج شهواتنا عن قلوبنا.

( الـثـامـنـة ) يجتنب أن يجعل على أحد من الخلق منه مؤنة صغيرة و لا كبيرة، بل يرفع مؤنته عن الخلق أجمعين مما أحتاج إليه و استغنى عنه، فإن ذلك تمام عزة العابدين و شرف المتقين، و به يقوى على الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر، و يكون الخلق عنده أجمعين بمنزلة واحدة، فإذا كان كذلك نقله الله إلى الغناء و اليقين و الثقة به عزّ و جلّ، و لا يرفع أحداً سواه، و تكون الخلق عنده في الحق سواء، و يقطع بأن هذه الأسباب عز المؤمنين و شرف المتقين، و هو أقرب باب الإخلاص.

( الـتـاســعـة ) ينبغي له أن يقطع طعمه من الآدميين، و لا يطمع نفسه فيما في أديهم، فإنه العز الأكبر، و الغنى الخاص، و الملك العظيم، و الفخر الجليل، و اليقين الصافي، و التوكل الشافي الصريح و هو باب من أبواب الثقة بالله عزّ و جلّ، و هو باب من أبواب الزهد، و به ينال الورع و يكمل نسكه، و هو من علامات المنقطعين إلى الله عزّ و جلّ.

( الـعـاشــرة ) التواضع لأنه به يشيد محل العابد و تعلو منزلته، و يستكمل العز و الرفعة عند الله سبحانه و عند الخلق، و يقدر على ما يريد من أمر الدنيا و الآخرة و هذه الخصلة أصل الخصال و كلها و فرعها و كمالها، و بها يدرك العبد منازل الصالحين الراضين من الله تعالى في السراء و الضراء و هي كمال التقوى.

و الـتـواضـع : هو أن لا يلقى العبد أحداً من الناس إلا رأى له الفضل عليه، و يقول عسى أن يكون عند الله خيراً مني و أرفع درجة، فإن كان صغيراً قال هذا لم يعص الله تعالى و أنا قد عصيت فلا شك أنه خير مني، و إن كان كبيراً قال هذا عبد الله قبلي، و إن كان عالماً هذا أعطي ما لم أبلغ، و نال ما لم أنل، و علم ما جهلت، و هو يعمل بعلمه و إن كان جاهلاً قال هذا عصى الله بجهل و أنا عصيته بعلم، و لا أدرى بما يختم لي و بما يختم له، و إن كان كافراً قال لا أدرى عسى أن يسلم فيختم له بخير العمل، و عسى أن أكفر فيختم لي بسوء العمل، و هذا باب الشفقة و الوجل، و أولى ما يصحب و آخر ما يبقى على العباد، فإذا كان العبد كذلك سلمه الله تعالى من الغوائل، و بلغ به منازل النصيحة لله عزّ و جلّ و كان من أصفياء الرحمن و أحبائه، و كان من أعداء إبليس عدو الله لعنه الله و هو باب الرحمة ومع ذلك يكون قطع باب الكبر و جبال العجب، و رفض درجة العلو في نفسه في الدين و الدنيا و الآخرة، و هو مخ العبادة، و غاية شرف الزاهدين، و سيما الناسكين، فلا شئ منه فضل، و مع ذلك يقطع لسانه عن ذكر العالمين و ما لا يعنى، فلا يتم له عمل إلا به، و يخرج الغل و الكبر و البغي من قلبه في جميع أحواله، و كان لسانه في السر و العلانية واحداً، و مشيئته في السر و العلانية واحدة، و كلامه كذلك، و الخلق عنده في النصيحة واحد، و لا يكون من الناصحين، و هو يذكر أحداً من خلق الله بسوء أو يعيره بفعل، أو يحب أن يذكره عنده واحدا بسوء. و هذه آفة العابدين، و عطب النساك، و هلاك الزاهدين إلا من أعانه الله تعالى و حفظ لسانه و قلبه برحمته و فضله و إحسانه.

عمر نجاتي 12-17-2011 10:21 AM

رد: فتوح الغيب
 
بسم الله الرحمن الرحيم


تكملة في ذكر وصاياه لأولاده قدِّست أسرارهم
و بعض مقالات نافعة أوردها
و مرضه و وفاته رضي الله عنه و أرضاه

انه رضي الله تعالى عنه و أرضاه لما مرض مرضه الذي مات فيه و قال له ابنه عبد الوهاب قدس سره، أوصني يا سيدي بما أعمل به بعدك فقال رضي الله تعالى عنه و أرضاه : عليك بتقوى الله عزّ و جلّ، و لا تخف أحداً سوى الله، و لا ترج أحداً سوى الله، وكل الحوائج إلى الله عزّ و جلّ، و لا تعتمد إلا عليه، و أطلبها جميعاً منه تعالى، و لا تتكل على أحد غير الله سبحانه، التوحيد التوحيد جماع الكل.

و قال رضي الله تعالى عنه و أرضاه : إذا صح القلب مع الله عزّ و جلّ لا يخلو منه شئ و لا يخرج منه شئ.

و قال رضي الله تعالى عنه و أرضاه : أنا لب بلا قشر.

و قال رضي الله تعالى عنه لأولاده : أبعدوا من حولي فإني معكم بالظاهر و مع غيركم بالباطن.

و قال رضي الله تعالى عنه : قد حضر عندي غيركم فأوسعوا لهم و تأدبوا معهم، هاهنا رحمة عظيمة، و لا تضيقوا عليهم المكان.

و كان رضي الله تعالى عنه يقول : عليكم السلام و رحمة الله و بركاته، غفر الله لي و لكم، تاب الله على و عليكم، بسم الله غير مودعين. قال ذلك يوماً و ليلة.

و قال رضي الله تعالى عنه : ويلكم أن لا أبالى بشئ، لا بملك و لا بملك الموت، منح لنا من يتولانا سواك، و صاح صيحة عظيمة و ذلك في اليوم الذي مات في عشيته رضي الله تعالى عنه.

و أخبر ولداه الشيخ عبد الرزاق و الشيخ موسى قدست أسرارهما أن حضرة الغوث رضي الله تعالى عنه كان يرفع يديه و يمدها و يقول : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته، توبوا و أدخلوا في الصف إذا جئ إليكم.

و كان رضي الله تعالى عنه يقول : أوقفوا، ثم أتاه الحق و سكرة الموت.

و قال رضي الله تعالى عنه : بيني و بينكم و بين الخلق كلهم بعد ما بين السماء و الأرض، فلا تقيسوني بأحد و لا تقيسونا على أحد، ثم سأله ولده الشيخ عبد العزيز قدس سره عن ألمه و حاله فقال رضي الله تعالى عنه : لا يسألني أحد عن شئ، أنا أتقلب في علم الله عزّ و جلّ.

و قال رضي الله تعالى عنه و قد سأله ولده الشيخ عبد العزيز قدس سره أيضاً عن مرضه، فقال رضي الله تعالى عنه : إن مرضى لا يعلمه أحد و لا يعقله أحد إنس و لا جن و لا ملك، ما ينقص علم الله بحكم الله، الحكم يتغير و العلم لا يتغير }يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ{.الرعد39. – و – }لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ{.الأنبياء23. أخبار الصفات تمر كما جاءت.

و سأله ولده الشيخ عبد الجبار قدس سره : ماذا يؤلمك في جسمك؟ فقال رضي الله تعالى عنه : جميع أعضائي تؤلمني إلا قلبي فما به ألم و هو مع الله عزّ و جلّ، ثم أتاه الموت فكان رضي الله تعالى عنه يقول : استعنت بلا إلـه إلا الله سبحانه و تعالى، و الحي الذي لا يخشى الموت، سبحان من تعزز بالقدرة و قهر عباده بالموت، لا إلـه إلا الله محمد رسول الله.

و أخبر ولده الشيخ موسى قدس سره أنه قال : لما قربت وفاة حضرة الشيخ رضي الله تعالى عنه و أرضاه كان يقول : تعزز و لم يؤدها على الصحة فمازال يكررها حتى إذا قال تعزز و مد بها صوته و شدها حتى صاح لسانه، ثم قال الله الله الله ثم خفي صوته و لسانه ملتصق بسقف حلقه، ثم خرجت روحه الكريمة رضوان الله تعالى عليه.

فـي بـيـان تـاريخ وفـاتـه و ولادتـه
و كـم لـه مـن الـعـمـر حـيـن دخـل بـغـداد و كـم عـاش
قـدس الله ســرّه و رضـي عـنـه

فـأمـا ولادتـه رضي الله تعالى عنه و أرضاه : ففي عام أربعمائة وسبعين
و أمـا وفـاتـه رضي الله تعالى عنه و أرضاه : في عام خمسمائة وأحد وستين
و أمـا عـمـره رضي الله تعالى عنه و أرضاه : فأحد وتسعون سنة
و دخـل بـغـداد و له من العمر ثمانية عشر سنة
و لله در بعضهم حيث جمع ذلك كله
يعنى تاريخ الولادة و الوفاة و العمر في بيت مفرد حيث قال :

إن بـــاز الله ســــلــطـان الــرجــــال
جـاء فـي عـشـق و مـات فـي كـمـال

فعلى هذا كلمة ( عشق ) عددها بالجمل أربعمائة وسبعين، فهو تاريخ الولادة
و كلمة ( كمال )، أحد وتسعون فهو قدر العمر
و إذا ضمينا كلمة ( عشق ) مع كلمة ( كمال )
يكون الحاصل من العدد خمسمائة وأحد وستون، فهو تاريخ الوفاة

كذا حققه في ( البهجة، و قلائد الجواهر، و نزهة الخواطر )

و الله أعلم



الـلـَّـهـُــَّم انــشــــر نـــفــحــات الـرضـــوان عــلــيــه
و أمــــدنــا بـالأســــرار الــتــي أودعـــتــهــا لــديــه

عمر نجاتي 12-17-2011 10:23 AM

رد: فتوح الغيب
 


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه

و الـتـصـوف مـبـنـي عـلـى ثــمــان خــصـال :

الــســـــــخــــاء لـســـــيــدنــا إبـــراهــــــيــــم عــــلــــيــــه الـــســــــلام
الـــــرضـــــــا لـســـــيــدنــا إســــــــحـــــاق عــــلــــيــــه الـــســــــلام
الـــصــــــبــــر لـســـــيــدنــا أيــــــــــــــــوب عــــلــــيــــه الـــســــــلام
الإشــــــــــــارة لـســـــيــدنــا ـزكــــــريـــــا عــــلــــيــــه الـــســــــلام
الـــغــــــربـــــة لـســـــيــدنــا ـيــــحـــــيــــى عــــلــــيــــه الـــســــــلام
الــتـــصـــــوف لـســـــيــدنــا ــمــــوســـــــى عــــلــــيــــه الـــســــــلام
الــســــيـــاحـــة لـســـــيــدنــا عــــيــــســــى عــــلــــيــــه الـــســــــلام
الـــفــــــقـــــــر لـســـــيــدنــا مــحـمــد صـلـى الله عـلـيـه و سـلـم





الساعة الآن 01:26 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir