منتديات أفـــاق دبـــي الثقافيـــة

منتديات أفـــاق دبـــي الثقافيـــة (http://www.afaqdubai.ae/vb/index.php)
-   السفر والسياحة العالميةTravel and tourism, global (http://www.afaqdubai.ae/vb/forumdisplay.php?f=95)
-   -   مدن الروح! (http://www.afaqdubai.ae/vb/showthread.php?t=32863)

أفاق : الاداره 05-22-2013 08:24 AM

مدن الروح!
 
أبجديات
عائشة سلطان

مدن الروح!


Cant See Links
تاريخ النشر: الأربعاء 22 مايو 2013
«هنالك مدن كالنساء، تهزمك أسماؤها مسبقاً. تغريك وتربكك، تملأك وتفرغك، وتجرّدك ذاكرتها من كل مشاريعك، ليصبح الحب كل برنامجك، هنالك مدن لم تخلق لتزورها بمفردك، لتتجول وتنام وتقوم فيها، وتتناول فطور الصباح وحيداً، هنالك مدن جميلة كذكرى، قريبة كدمعة، وموجعة كحسرة ...»، هكذا هي المدن كما كتبت أحلام مستغانمي، وكما كتب غيرها وسيكتب آخرون، أحد ألغاز التجربة الإنسانية، وكأن الله خلق البشر ليخلقوا هم المدن، ثم ليهيموا بها عشقاً أو ليكرهوها من النظرة الأولى، فالمدن كالنساء إما أن تحتلك من النظرة الأولى وإما أن تمر بك كماء بلا لون ولا طعم ولا رائحة، لا مجال لأن تقنع نفسك بالقوة كي تحب مدينة، أو تعشق امرأة فهذه ليست كتاب فلسفة، والمدن ليست نظرية في الجمال، إنها حالة عاطفية تتراوح بين السذاجة والكيمياء وتقع في المسافة بين الروح ورائحة العشب أو خربشات عاشقين على غطاء طاولة صغيرة في مقهى محذوف في زقاق ضيق!!
حين زرت باريس في صيف 2001 لم أحبها أبداً، وكان الحق على الطقس، ففي ذلك الوقت كانت الحرارة عالية والشمس تأكل الرأس والروح، ولم أجهد نفسي في عشقها أجلت تلك المهمة لسفر آخر لمدينة النور والثقافة واللوفر والسوربون ونهر السين وموليير وفيكتور هوجو، ولكنني حتى اليوم وبعد مضي أكثر من عشر سنوات لم أحاول أن أزورها رغم رغبتي في ذلك، وحين زرت مومباي، قررت أن لا أزورها ثانية، وكان الحق على لصوص الطرقات وسذاجتي، وسبحان الله الذي له في خلقه شؤون ولخلقه مع الحب أحوال وتجليات وأمزجة!
للمدن مزاج ولكل مدينة مزاجها الخاص، وما بين المرء والحب مسافة كيمياء، فإما أن تبيح المدينة لك شيفرة معادلتها فتعرفها منذ النظرة الأولى والخطوة الأولى ورشفة الماء الأولى ولقمة الطعام الأولى، فتتبسط معك وتفتح كل أبوابها وتسلمك المفاتيح، وهنا يطيب الحال ويحلو المزاج وتدخل في علاقة الحب التي لن ينتهي ولن تبرأ منه أبداً، وإما العكس تماماً، أنا أعترف بأنني لم أبرأ من عشق مدن عديدة، أظنها استوطنت روحي إلى ما لانهاية!
حين ذهبت إلى اسطنبول مؤخراً خشيت أن لا أحبها، ولا أدري سببا لخشيتي، ربما لأنني لم أزرها قط وربما لأنني أتوجس من مدن الشرق لأسباب لها علاقة بتجارب سيئة في بعضها، لكنني حين دخلتها سميت باسم الله وتعوذت من شر مزاج المدن السيئ ودعوت أن تستقبلني اسطنبول بلباقة إن لم تستطع أن تستقبلني بدفء، فكان ما أردت، حينما أفقت صباحا دخلت اسطنبول من أجمل أبوابها ومن أعظم زواياها التي تحبها، غازلت شغفها بالعظمة وعزفت على وترها الرنان، فكانت زيارة قصر السلطان سليمان العظيم مدخلاً موفقاً أنتج علاقة صداقة ناعمة مع مدينة لا تنتبه كثيراً لزوارها فهي مكتظة بهم طوال الوقت!
أحببت هذه المدينة، ففيها من دواعي الحب الكثير، لكن المعرفة بالتاريخ كانت مدخلاً صحيحاً لهذا الحب، فالأتراك يمتلكون تراثاً وتاريخاً مهولاً من القصور والمساجد والمتاحف والرموز التي لا تنتهي، ويمتلكون مطبخاً لا يُضاهى بأطعمته ونكهاته، كما تمتلك كل مدينة لديهم مزاجاً خاصاً وطابعاً مميزاً، أما البحر فيضفي على البلاد سحراً عجيباً، إنك لا تفتقد البحر والمآذن هناك فكلما حلق سرب طيور ثق بأنك قريب من بحر أو سوق أو مسجد!

Cant See Links

Cant See Links

Cant See Links


اقرأ المزيد : مدن الروح! - جريدة الاتحاد Cant See Links


الساعة الآن 01:21 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir