منتديات أفـــاق دبـــي الثقافيـــة

منتديات أفـــاق دبـــي الثقافيـــة (http://www.afaqdubai.ae/vb/index.php)
-   المهرجانات والفعاليات التراثية والفنون الشعبية الامارات (http://www.afaqdubai.ae/vb/forumdisplay.php?f=19)
-   -   عادات عربية العود والبخور (http://www.afaqdubai.ae/vb/showthread.php?t=31626)

أفاق الفكر 09-09-2012 12:39 PM

عادات عربية العود والبخور
 

عادات عربية

العود والبخور

Cant See Links
لا يكاد الضيف يستقر إذا دخل بيتاً في الخليج , أو الجزيرة العربية حتى يكون في مقدمة ما يستقبله به المضيف مبخرة يتصاعد منها دخان العود , بعبقه وشذاه العطر العميق .

ولا غرابة في ذلك , فالعلاقة بين هذه المنطقة العربية وبين بخور العود المجلوب عبر القفار والبحار من أدغال أسيا الجنوبية الشرقية علاقة قديمة , وذلك لأنها تقع في منطقة من المشرق العربي , الذي كان ينتهي إليها أحد فروع ( درب البخور ) الذي كانت أن تتخذه القوافل منذ قرون بعيدة في القدم , من جنوب شبه الجزيرة العربية , حاملة العطور والتوابل إلى بلاد الشام , وأوروبا عبر الجزيرة والأناضول . ومما يؤيد هذه العلاقة أن مرجعاً لغويا ككتاب ( المخصص ) لابن سيدة الأندلسي يرى اشتقاق اسم ( قطر ) من ( القطر ) وهو أحد أسماء عود البخور . ومنه قالوا في اللغة : قطر الرجل ثوبه أي : تبخر بالعود ونحوه من البخور .

والعود في اللغة العربية كل خشبة دقيقة كانت أو غليظة رطبة كانت أو يابسة ، ولكنه خصص بهذا الصنف من البخور , لأنه كما قال ابن سيدة : أشرف أنواع العود ، وأطيبها رائحة .

وعندما جاء الإسلام زادت صلة هذه الأمة بالعود والطيب وسائر العطور ؛ لأن ديننا العظيم يسعى إلى طهارة الروح والجسد والحياة , فحث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على التعطر والتطيب , روى البغوي أن عائشة قالت : كان أحب الطيب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العود , وروى ابن عباس أنه كان أحب العود إلى الرسول الله القماري , وكان يستجمر بالالوة غير مطراة وبكافور يطرحه مع الالوة .

وسار المسلمون على سنة نبيهم عليه السلام , فكان ابن مسعود إذا خرج إلى المسجد , عرف جيرانه ذاك بطيب ريحه , وقال أحدهم : رأيت على رأس ابن الزبير من المسك ما لو كان لي – كان رأس مالٍ . وكان ابن عباس يطلي جسده بالطيب , فإذا مر بالطريق قال الناس : أمر ابن عباس , أم مر المسك ؟ .

ولعود البخور الذي نعنيه في هذا الموضوع أسماء كثيرة وله في تاريخنا وتراثنا ذكر عجيب في الشعر والنثر على السواء . فقد جاء في كتاب ( الذخائر والتحف ) للقاضي الرشيد ابن الزبير من القرن الخامس الهجري طرائف كثيرة عن العود نذكر منها على سبيل المثال أن ملك الصين أهدى إلى أحد الملوك ألف من – والمن رطلان – من العود الهندي , يذوب في النار كالشمع , ويختم عليه , فتبين الكتابة , وأهدى بعض الملوك الهند إلى الحسنين سهل في زفاف ابنته ( بوران ) على الخليفة العباسي المأمون في السنة 210هـ , هدايا من بينهما سقط عود لم ير مثله , أهدى اسحق بن زياد صاحب اليمن الى عز الدولة أبي منصور سنة 359هـ , هدية في جملتها دقل من عود قمارى , طوله عشرة أذرع , ووزنه ثلاثون مناً .


وقال أحمد بن أبي طاهر يرد على شاعر إستهداه بخوراً :

قد بعثنا إليك منه بدرجٍ

وأزرناك منه أطيب زور

بين ند , وبين عود مطرى

ما له مشبه بنجد وغور

أنت منه أزكى وأطيب عرفا

وهو أزكى من كل طيب ونور

وأعجب ما في أمر عود البخور ، أنه ناتج عن مرض يصيب شجرته ؛ بسبب جرثومة فطر مؤذية تدفع النبات إلى إفراز تلك المادة الراتنجية الزكية الرائحة .

والموطن الأصلي لشجرة العود حوض البنغال ، وبورما واسام ، وجتوا وكمبوديا في جنوب شرقي آسيا ، وينسبونها إلى الصعتريات . ويصل إرتفاع الشجرة البالغة إلى مائة قدم ، ويتراوح محيط جذعها بين ثمانية أقدام ، واثني عشر قدماً . ولا رائحة لخشبها السليم المعافى . ولكنها حين تهرم ذكورها ، ويزيد عمرها على خمسين عاماً ، تبدأ الفطريات في العدوان عليها ، فلا تملك للدفاع عن نفسها إلا إفراز ذلك الصمغ الراتنجي الزكي ، الذي يكسب الخشب لونه البني الداكن الذي يعرفه من عرف العود .

وقد عرف الناس العود في مصر القديمة ، وفلسطين ، وشبه الجزيرة العربية منذ قرون خلت ويسميه جامعوه في جنوب شرقي آسيا خشب ( الأجور أو الأجار ) ، وقد أصبحوا يتفننون في غشه . وفي كمبوديا نوع يسميه علماء النبات ( أكويللا ريكسراسنا ) وله أيضاً رائحة طيبة حين يصيبه المرض . ولكنه أقل جودة . ويميزه جامعو العود في مظانه بإلقائه في الماء ، فيفصلون ما يطفو عما يغرق لثقله وهذا الذي يطفو بأثقال ويتركونه تحت الماء زمناً غير قصير , فتحلل البكتريا في الماء الراكد جزءاً كبيراً مما تبقى فيه من السيلوز , ولا يتأثر الراتنج فتزداد قيمته ويعلو قدره .. وأخشى أن يكون الكيماويون قد توصلوا إلى توليد ذلك الراتنج الذي تفرزه في الطبيعة شجرة العود الذكر المريضة , ثم يقدمونه للناس - وفي سوقنا بخاصة – على أنه طبيعي . ولا نستغرب ذلك إذا عرفنا إن ثمن الكيلوجرام الواحد من العود الجيد الذي يشبه عود عرس بوران والمأمون قد يصل ثمنه اليوم إلى عشرة الآف دولار أو يزيد .

Cant See Links
منقول


الساعة الآن 07:07 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir