المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فرقتهم السياسة وجمعهم الملجأ


fateemah
08-05-2007, 04:58 PM
لاجئون بجوازات دبلوماسية في الإمارات (3-3)
فرقتهم السياسة وجمعهم الملجأ

قيادات من اللجوء الى الرئاسة وبالعكس

اللاجئون السياسيون بالإمارات (1- 3)

تاج الدين عبد الحق من أبو ظبي: لم يكن لجوء السياسيين للامارات في غالبه، مرتبطا بأحداث سياسية عاصفة، بل كان في معظمه يتم بشكل فردي تبعا لظرف كل سياسي على حدة، وطبيعة الدور الذي كان يؤديه في بلاده قبل اللجوء الى الامارات. وقد شذ عن هذه القاعدة قيادات الشطر الجنوبي من اليمن التي جاءت اعداد منها بعد خسارتهم حرب الانفصال التي خاضوها مع الحكومة المركزية في صنعاء. ومع ان بعضا من هذه القيادات وجد طريقه الى دول اخرى غير الامارات، الا ان العدد الاكبر من طاقم قيادة ما عرف باليمن الديمقراطية خلال حرب الانفصال المشار اليها لجأ الى الامارات.

وقد جاء لجوء هذه القيادات على خلفية التأييد الذي ابدته دولة الامارات لها خلال الحرب الاهلية، حيث كان الشيخ زايد قد انتقد تسرع صنعاء في حسم خلافاتها مع الشطر الجنوبي عسكريا وكان يفضل اعطاء وقت للمساعي السلمية والوساطات العربية، مستحضرا في ذلك تجربة الامارات الاتحادية التي قامت على اساس التوافق بعيدا عن الاملاء العسكري والضغوط المادية.كما ان الموقف الاماراتي كان جزءا من موقف خليجي عاتب على الرئيس عبد الله صالح بسبب تأييده للرئيس العراقي السابق صدام حسين ابان غزو الكويت.

ومن بين مجموعة ما عرف ب الـ (16) التي صدرت بحقها احكام اعدام بسبب دورها و مشاركتها في حرب الانفصال لجأ الى الامارات بعد الحرب اكثر من ثلثي هذا العدد فضلا عن ضباط ومسؤولين من قيادات الصف الثاني في الشطر الجنوبي.

وباستثناء علي سالم البيض رئيس الشطر اليمني الجنوبي الذي كان حتى حرب الانفصال نائبا للرئيس علي عبد الله صالح والذي اختار سلطنة عمان ملجأ له، وعبد الرحمن الجفري وعبد الله الاصنج اللذين كانا اصلا في السعودية قبل حرب الانفصال وانضما إلى الانفصاليين بعد اندلاع الحرب، فان معظم قيادات الانفصال مرت او استقرت في ابوظبي. وكان من ابرز اللاجئين اليمنيين رئيس وزراء حكومة الانفصال حيدر ابوبكر العطاس الذي مكث لفترة قصيرة في الامارات قبل ان يستقر في لندن، وسعيد نعمان الذي كان رئيسا لبرلمان الوحدة ورئيسا للوزراء قبل قيامها والذي استمر وجوده في الامارات منذ انتهاء الحرب وحتى عودته الى اليمن في العام قبل الماضي مع العلم انه لم يكن من ضمن من صدر بحقهم حكم الاعدام.

ومن هؤلاء ايضا سالم صالح محمد عضو مجلس الرئاسة قبل الحرب والذي ظل في الامارات الى ان صدر عفو عنه وعاد الى اليمن على متن الطائرة الرئاسية التي جاء بها الرئيس علي عبد الله صالح الى الامارات زائرا بعد ان ترطبت الاجواء بين البلدين. ومنهم ايضا وزير الدفاع في حركة الانفصال المعروف باسم قاسم هيثم وكذلك وزير الخارجية الدكتورعبد العزيز الدالي وغيرهم من الوزراء. وقد منح هؤلاء الحماية الامنية وخصصت لهم مساكن في مجمع سكني واحد وكان واضحا انهم كانوا لاجئين سياسيين بالمعنى المعروف لهذا المصطلح.

لكن الامر ما لبث ان تغير بعد إحكام الحكومة اليمنية سيطرتها على الاوضاع في البلاد، وبعد ان ظهر ان الانفصاليين لايملكون قاعدة شعبية كافية لاستعادة مكانتهم التي فقدوها بنتيجة الحرب. كما ظهرت معطيات اقليمية ودولية اكدت ان قيادة الرئيس علي عبد الله صالح اكتسبت تأييدا دوليا في حربها ضد الانفصاليين خاصة من الولايات المتحدة التي لم تكن متحمسة لقيادات الحزب الاشتراكي اليمني ذات التوجهات الماركسية.

وكان من نتيجة ذلك ان خبا حماس اللاجئين السياسيين اليمنيين لممارسة اي دور وكان قصارى طموحهم هو الافلات من عقوبة الاعدام التي صدرت بحقهم وتأمين عودة كريمة لهم لاوطانهم. ولذلك فإنه سرعان ما بدأ نوع من الغزل بين اركان السفارة اليمنية والمعارضين المقيمين في الامارات. وقيل عن لقاءات شخصية وعائلية عقدت بين اهل الحكم واهل المعارضة. وما لبثت هذه الاتصالات ان توسعت بمجيء محمد سالم باسندوة وزير خارجية اليمن ابان حرب الانفصال , الى ابوظبي بعد أشهر من انتهاء الحرب ليصبح سفيرا لبلاده في الامارات.

و باسندوة هو من ابناء الشطر الجنوبي ومن القيادات التاريخية التي قادت حرب الاستقلال عن بريطانيا, وكان من معارضي الانفصال وعين خلال الحرب وزيرا للخارجية . لكن بعد انتهاء الحرب اصبح باسندوة من المناهضين للطابع الانتقامي من بقايا الانفصاليين وكان يطالب بطي صفحة الحرب والدخول بسرعة الى مصالحة وطنية.

وسواء كان ارساله الى ابوظبي سفيرا بعد الحرب بهدف ترضيته على موقفه من الانفصاليين او تخلصا من انتقاداته لادارة البلاد بعد الحرب فان وجود باسندوة في ابوظبي سرع عملية احتواء المعارضين اللاجئين للامارات, والتي تبنتها فيما بعد الحكومة اليمنية حيث ألغت أحكام الاعدام ودعت المعارضين إلى العودة .

واستجاب لهذه الدعوة البعض وعلى رأسهم سالم صالح محمد , الا ان معظمهم ظل مترددا لفترة في قبول الدعوة لانها لم تشمل اي ضمانات باعادة شيء من الامتيازات التي كانت لهم. بل ان بعضهم اشتكى لي في احاديث خاصة من انهم لايملكون بيوتا يعودون إليها. ولم تكن الحكومة اليمنية مستعدة في ما يبدو لتطوير قرار العفو والوعد باعادة الامتيازات المفقودة بل واجهت ضغوطا للطلب من الامارات رفع الغطاء المادي الذي قالت صنعاء انه السبب في تردد المعارضين للاستفادة من قرار العفو . وقد اثمر الطلب اليمني فاتخذت الامارات قرارا بإلغاء بعض المخصصات المالية والعينية التي منحت للمعارضين اليمنيين الامر الذي دفع معظمهم للعودة الى اليمن حتى دون ان تكون لديهم الضمانات التي كانوا يسعون إليها.

والى جانب اليمنيين الذين شكلوا اكثر حالات اللجوء وضوحا , شهدت الساحة الاماراتية حالات لجوء غير سياسية على الرغم من ان اصحابها كانت لهم ادوار سياسية مهمة في بلادهم. ومن هؤلاء وزير الخارجية التونسي الاسبق محمد المصمودي الذي تزامن مجيئه للامارات مع مجيء الرئيس بوتفليقة. ولم يكن هذا التزامن هو السبب في التلازم بين الرجلين طوال اقامة بوتفليقة فكلاهما يعرفان بعضهما البعض منذ ان كانا وزيرين للخارجية كل في بلده. ولايمارس المصمودي الذي كان من ابرز رفاق الرئيس السابق بورقيبة, اي عمل ويكتفي المصمودي الذي بات يرتدي اللباس الاماراتي التقليدي , بالتردد على عدد محدود من مجالس اصدقائه. وقال لي انه جاء الى الامارات بدعوة من الشيخ زايد رحمه الله مشيرا الى انه تعرف إليه في عام 1974 في اول زيارة يقوم بها الشيخ زايد لتونس.

ومن الحالات التي لايوجد لها توصيف سياسي آخر غير اللجوء حالة وزير الاعلام الاردني الاسبق صلاح ابوزيد والذي يعمل نظريا كمستشار لرئيس دولة الامارات. وكان ابوزيد من اقرب اعوان العاهل الاردني الراحل الملك حسين وتقلد عدة مناصب وزارية ويوصف بانه ابو الاعلام الاردني لدورة في تأسيس كل المؤسسات الاعلامية الاردنية بدءا من الاذاعة والتلفزيون ومرورا بوكالة الانباء و انتهاء بحزمة التشريعات التي نظمت العمل الاعلامي الاردني .

ومع ان ابوزيد عمل لفترة قصيرة كمستشار للعاهل الاردني الحالي الملك عبد الله بن الحسين الا ان من الواضح ان انتقاله للامارات في هذه السن المتقدمة حيث يبلغ من العمر 85 عاما لم يكن اختيارا خالصا. صحيح ان الامارات وفرت له كل مستلزمات الحياة الكريمة , الا ان وجوده في الامارات اقرب للتكريم منه للوظيفة.


http://elaph.com/ElaphWeb/AkhbarKhasa/2007/8/252794.htm