المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نتائج غزوة الأحزاب و نتائج صلح الحديبيه و قصه أبي بصير


أفاق : الاداره
04-23-2007, 12:52 AM
نتائج غزوة الأحزاب و نتائج صلح الحديبيه و قصه أبي بصير



انتهت معركة الأحزاب وقد حقق المسلمون انتصارين عظيمين كان لهما اكبر الأثر في مستقبل الإسلام
أما الأول: فهو انهزام قريش بحلفائها مما حطم كبرياءها وقضي علي كل أمل يداعبها في غزو المدينة بعد ذلك
وأما الانتصار الثاني: فهو القضاء علي يهود بني قريظة وبذلك تم تأمين الجبهة الداخلية والقضاء علي اليهود بها
وقد استقبل المسلمون السنة السادسة للهجرة وهم علي أحسن حال من العزة والقوة وقد شجعهم هذا على أن يقوموا بعدة غزوات وسرايا في هذه السنة لتأديب القبائل التي ارتكبت جرائم في حق المسلمين ولإظهار قوة المسلمين وسلطانهم ولمنع التجمعات ضد المسلمين
وبهذا انتقل للمسلمين زمام المبادأة و أمسوا مرهوبي الجانب يحسب لهم العدو ألف حساب قبل أن يفكر في الاعتداء عليهم ولا أري ما يدعو لتفصيل هذه الغزوات و السرايا التي قام بها المسلمون لتشابه بعضها ببعض في التفاصيل ولأن الطابع العام الذي يجمعها يكاد يكون واحداً . ولذلك سنتحدث الآن عن حدث من أهم أحداث السنة السادسة للهجرة وهو صلح الحديبية



صلح الحديبية

كانت قريش قد آلت على نفسها منذ هاجر الرسول والمسلمون معه إلى المدينة أن يصدوهم عن المسجد الحرام وأن يحولوا بينهم وبين سائر العرب وقد كاد العام السادس الهجري أن ينتهي ولم يرى المهاجرون فيها مكة
وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد رأى في المنام أنه وأصحابه سيدخلون المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين لا يخافون وذلك في غير تحديد للزمان وتعيين للشهر والعام
فأخبر الرسول أصحابه بذلك وهو بالمدينة فاستبشروا به وزاد شوقهم لزيارة البيت واعتقدوا أن هذه الرؤيا تتفسر هذا العام، وفضل النبي الذهاب في ذي القعدة وهو من الأشهر الحرم حتى لا تتوجس قريش وتصده عن مكة
وخرج الرسول من المدينة في ذي القعدة من السنة السادسة معتمراً لا يريد حرباً إلى الحديبية وكان عدد المسلمين ألفا و أربعمائة علي ارجح الروايات خرجوا في ثياب الإحرام البيض وساقوا معهم الهدي وأحرموا بالعمرة ليعلم الناس انه خرج زائر للبيت معظماً له و حتى لا تفكر قريش في صده عن مكة وكانوا عزلا من السلاح إلا ما يحمله كل مسافر وهو سيف في قرابة. وركب الرسول ناقته القصواء و أصحابه من خلفه
فلما بلغوا ذي الحليفة ميقات أهل المدينة قلد الرسول الهدي بأن علق في عنقه شيئا وهو نعل ليعلم انه هدي و أشعره أي لطخه بالدم وأحرم الجميع ودوى صوتهم بالتلبية إعلانا عن عمرتهم. وكان ذلك حقا لهم فإن زيارة البيت من حق العرب جميعاً وليس لقريش بحكم العرف العام أن تصد أحدا حتى ولو كان عدوا متى رعت حرمه البيت
لكن قريشا بمجرد علمها أن المسلمين يقصدون مكة أخذت في الاستعداد للحرب ولم يصدقوا أن هدف الرسول الحج وعقدوا النية علي صد النبي عن مكة مهما كلفهم الأمر وهكذا كان هذا الموقف من قريش دليلا علي عنادها وصلفها وتماديها في الاعتداء على المسلمين ومصادرة حرياتهم و انتهاك حقوقهم
ومضي ركب الرسول في طريق مكة حتى بلغ عسفان (علي بعد يومين من مكة) ، وهناك لقيه بشر بن سفيان الكعبي فقال : يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجوا يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبدا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا ويح قريش لقد أكلتهم الحرب ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب فإن هم أصابوني كان الذي أرادوا وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام و آخرين وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة فما تظن قريش فوالله لا أزال أجاهد على الذي بعثني الله به حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة-اي صفحة العنق
وبلغ الرسول أن خالد بن الوليد خرج في خيل لقريش بلغت مائتا فارس طليعة لجيش قريش. ولكي يتجنب الرسول الاصطدام بقريش ومضياً مع الرغبة عن القتال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من رجل يخرج بنا عن طريق غير طريقهم التي هم بها؟ فسلك بها رجل من أسلم طريقا وعراً غير الطريق المعهود حتى وصل إلى الحديبية علي طرف حدود أراضي مكة، وهناك بركت ناقته فقال الناس خلأت الناقة فقال النبي : ما خلأت وما هو لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألونني فيها صلة الرحم ألا أعطيتهم إياها
ثم قال للناس انزلوا فقيل له يا رسول الله ما بالطريق ماء ننزل عليه فأخرج سهما من كنانته فأعطاه رجلا من أصحابه فنزل به في قليب فغرزه في جوفه فجاش بالرواء فمازال بجيش لهم بالري حتى صدروا عنه أي رجعوا رواء بعد ورودهم وعلم الجيش القرشي بنزول النبي بالحديبية فأسرع إلى مكة لحمايتها وليحولوا بين المسلمين وبين دخولها وعسكرت قريش بقواتها علي جميع مداخلها
السفارات بين الطرفين
ولما كانت قريش تعرف حرج موقفها إن نشب قتال جديد فحجتها فيه أمام نفسها وأمام أحلافها داحضة وقد ينتهي القتال بكارثة تؤدي بكيانهما كله ولهذا سيرت الوسطاء يفاوضون محمداً علهم ينتهون معه إلى مخرج من هذه الورطة
وكان أول من جاءه بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة فكلموه وسألوه عن سبب مجيئه فأخبرهم أنه لم يأت يريد حربا و إنما جاء زائر للبيت ومعظما لحرمته ومن ثم اقتنعوا بأحقيته في زيارة البيت وتعظيمه فرجعوا إلى قريش فقالوا يا معشر قريش إنكم تعجلون علي محمد إن محمداً لم يأت لقتال وإنما جاء زائراً هذا البيت ، ولكن قريشا ركبت رأسها وقالوا وإن كان جاء لا يريد قتالا فوالله لا يدخلها علينا عنوة أبدا ولا تتحدث ذلك عنا العرب
ثم تكررت الوفود بينهما فبعثت قريش رسولا أخر هو مكرز بن حفص فعاد بما عاد به بديل الخزاعي
وبعثوا للرسول أيضا الحليس بن علقمة وكان يومئذ سيد الأحابيش فلما رآه الرسول قال إن هذا من قوم يتألهون فابعثوا الهدي في وجهة حتى يراه ، فلما رأي الهدي يسيل عليه من عرض الوادي (جانبه) رجع إلى قريش دون أن يصل إلى الرسول إعظاما لما رأي فقال لهم ذلك فقالوا له : أجلس فإنما أنت أعرابي لا علم لك
فغضب الحليس عند ذلك وقال : يا معشر قريش والله ما علي هذا خلفناكم ولا علي هذا عاقدناكم أيصد عن بيت الله من جاء معظما له والذي نفس الحليس بيده لتخلن بين محمد وبين ما جاء له أولا لانفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد فقالوا له : مه كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به
ثم بعثوا إلى رسول الله رسولا رابعاً هو عروة بن مسعود الثقفي سيد أهل الطائف فكلمه الرسول بنحو مما كلم به أصحابه واخبره انه لم يأت يريد حرباً وإنما يريد أن يزور البيت كما يزوره غيره فلا يلقي صاداً ولا راداً
فقام من عند الرسول وقد رأي ما يصنع به أصحابه لا يتوضأ ألا ابتدروا وضوءه ولا يبصق بصاقا ألا ابتدروه ولا يسقط من شعره شئ إلا أخذوه
فرجع إلى قريش فقال : يا معشر قريش إني قد جئت كسري في ملكة وقيصر في ملكه والنجاشي في ملكه وإني والله ما رأيت ملكا في قوم قط مثل محمد في أصحابه ولقد رأيت قوماً لا يسلمونه لشئ أبداً فروا رأيكم
وطالت المحادثات علي نحو ما قدمنا فرأى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يبعث هو إلى قريش رسولا من عنده يوضح موقفه تمشيا مع حرص الرسول علي السلم وتأكيدا لحلمه الذي بلغ غايته ودعا رسول الله صلى الله عليه و سلم خراش بن أمية الخزاعي فبعثه إلى قريش بمكة وحمله علي بعير له ليبلغ أشراف مكة ما أمره به الرسول فعقروا به جمل الرسول و أرادوا قتله فمنعته الاحابيش فخلوا سبيله حتى أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم
وتمادت قريش في عنادها وأرسلت أربعين رجلا منهم أو خمسين رجلا وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله صلى الله عليه و سلم ليصيبوا لهم من أصحابه أحداً فأمك المسلمون بهم جميعاً وأتي بهم إلى رسول الله فعفا عنهم وخلى سبيلهم وقد كانوا رموا في عسكر رسول الله بالحجارة والنبل
وفي فظاظة قريش وسماحة المسلمين وحلم الرسول نزل قوله عز وجل{ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً}سورة الفتح ـ آية 26
وكره الرسول أن تجري الأمور علي هذا النحو وأن يتصاعد الموقف نحو القتال فدعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له فقال : يا رسول الله إني اخلف قريشاً علي نفسي وليس بمكة من عدي بن كعب أحد يمنعني وقد عرفت قريش عدواني إياها و غلظتي عليها ولكن أدلك علي رجل اعز بها مني عثمان بن عفان
فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم عثمان بن عفان فبعثه إلى أبي سفيان و أشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب وأنه إنما جاء زائرا لبيت معظماً لحرمته ودخل عثمان مكة في جوار أبان بن سعيد بن العاص الأموي فأنطلق عثمان حتى أتي أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله ما أرسله به فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله إن شئت أن تطوف بالبيت فطف فقال ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال عثمان حين رجع وقال له المسلمون : اشتفيت يا أبا عبد الله من الطواف بالبيت بئس ما ظننتم بي والذي نفسي بيده لو مكثت بها سنة ورسول الله صلى الله عليه و سلم مقيم بالحديبية ما طفت بها حتى يطوف بها رسول الله صلى الله عليه و سلم ولو دعتني قريش إلى الطواف بالبيت فأبيت
بيعة الرضوان
وتعثرت المفاوضات بين عثمان وقريش و احتسبت قريش عندها عثمان وراجت إشاعة بأنه قتل فقال الرسول حين بلغه ذلك : لا تبرح حتى نناجز القوم ودعا الناس إلى البيعة فضرب بإحدى يديه علي الأخرى فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة وفيها بايع الرسول أصحابه علي أن لا يبرحوا مكانهم حتى يقاتلوا المشركين دون أن يفروا إذا ما أصاب عثمان مكروه
وهذه البيعة هي التي نزل فيها قوله تعالى : {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً}سورة الفتح ـ آية 18
ثم أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن الذي ذكر من أمر عثمان باطل ، وسارعت قريش فبعثت سهيل بن عمرو ليعقد محمد صلحا ولم يكن يعنيها في هذا الصلح إلا أن يرجع المسلمون هذا العام علي أن يعودا بعد إذا شاءوا وذلك إبقاء علي مكانة قريش في العرب فلما رأي الرسول مبعوث قريش قال قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل وتقدم سهيل بن عمرو إلى النبي فتكلما وتناقشا وتراجعا ثم جرى بينهما الصلح
ووسط دهشة الصحابة قبل الرسول شروط الصلح ولم يستشرهم في هذه الشروط أثناء المفاوضات علي غير عادته ولم يرق هذا الاتفاق في أعين جمهور الصحابة واعتقدوا أن الرسول سلم لقريش بكل مطالبهم وكان أشدهم نقدا له عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد ذهب إلى أبي بكر فقال يا أبا بكر أليس برسول الله ؟
قال : بلى
فقال : أو لسنا بالمسلمين ؟
قال : بلى
قال : أو ليسوا بالمشركين ؟
قال : بلى
قال عمر : فعلام نعطي الدنيه في ديننا
قال أبو بكر : يا عمر الزم غرزه (الزم أمره) فإني اشهد أنه رسول الله
قال عمر : و آنا اشهد انه رسول الله
ثم أتي رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله الست برسول الله ؟
قال : بلى
قال : أو لسنا بالمسلمين ؟
قال : بلى
قال : أو ليسوا بالمشركين ؟
قال : بلى
قال فعلام نعطي الدنية في ديننا ؟
قال : أنا عبد الله ورسوله لن أخالف أمره ولن يضيعني
فالموقف إذن ليس موقف شورى أو مناقشة بل كان كما ذكر الرسول صلى الله عليه و سلم أمر الله وتوجيه الوحي فتصرف الرسول عليه السلام على ضوء هذا الإلهام الإلهي ولكن الرسول كان يري ما لا يراه الصحابة. ثم إن الرسول وجد في هذه الشروط التي تم التوصل إليها الخير والبركة للإسلام والمسلمين كما سنناقش هذه الشروط بعد قليل
شروط صلح الحديبية
ودعا رسول الله صلى الله عليه و سلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليكتب شروط الصلح
فقال : أكتب بسم الله الرحمن الرحيم
فقال سهيل : لا أعرف هذا ولكن اكتب باسمك اللهم
فقال رسول الله : اكتب باسمك اللهم فكتبها
ثم قال : اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو
فاعترض سهيل وقال : لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك ولكن اكتب أسمك و أسم أبيك
فقال رسول الله : اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو
اصطلحا علي وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيهن الناس ويكف بعضهم عن بعض ـ على أنه من أتى محمداً من قريش بغير إذن وليه رده عليهم ومن جاء قريشاً ممن مع محمد لم يردوه عليه وأن بيننا عيبة مكفوفة وإنه لا إسلال ولا إغلال
عيبة مكفوفة : اي صدور منطوية على ما فيها
إسلال : أي السرقة الخفية
إغلال : أي الخبانة
وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه. وأنك ترجع عنا عامك هذا فلا تدخل علينا مكة وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فدخلتها بأصحابك فأقمت بها ثلاثا معك سلاح الراكب السيوف في القرب لا تدخلها بغيرها
أبو جندل بن سهيل
وبينما رسول الله صلى الله عليه و سلم يكتب الكتاب مع سهيل بن عمرو إذ جاه ابن المفاوض عن قريش نفسه جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يوسف في الحديد ويريد الالتحاق بالمسلمين. فلما رأى سهيل ابنه أبا جندل قام إليه فضرب وجهه وأخذ بتلبيبه ثم قال : يا محمد قد لجت (تمت) القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا ـ قالت صدقت فجعل يجذب أبنه جذبا شديداً في جفاء ليرده إلى قريش
وجدل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته : يا معشر المسلمين أأرد إلى المشركين يفتنوني في ديني؟ فقال رسول الله : يا أبا جندل أصبر وأحتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا و أعطيناهم علي ذلك و أعطونا عهد الله و إنا لا نغدر بهم
فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه و سلم من الكتاب أشهد علي الصلح فريقا من الجانبين وقد جاءت قصة أبي جندل هذا فزادت آلام المسلمين وضاعفت أحزانهم ودخل على المسلمين من ذلك أمر عظيم حتى كادوا يهلكون
وبعد أن انتهي الرسول من أمر الصلح قال لأصحابه : قوموا فأنحروا واحلقوا رؤوسكم ليتحللوا من عمرتهم ويعودوا إلى المدينة
فتباطئوا حتى قال ذلك ثلاث مرات فدخل خيمته وذكر لأم سلمة ما لقي من الناس و أشارت عليه أن يخرج دون أن يكلم أحداًَ منهم ثم ينحر بدنه ويحلق رأسه فلما رأى المسلمون ما صنع النبي قاموا عجلين ينحرون هديهم ويحلقون حتى كاد بعضهم يقبل الآخر لفرط الغم
ثم انصرف رسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه عائدين إلى المدينة وفي طريق عودتهم نزلت سورة الفتح

من نتائج صلح الحديبيه قصه أبي بصير
قصة أبى بصير

ولما رجع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة جاءه رجل من قريش إسمه أبو بصير عتبة بن أسيد وكان ممن حبس بمكة فهاجر إلى المدينة يبغى المقام فيها مع المسلمين فأرسل أهل مكة فى طلبه رجلين من رجالهما يرجعان به كما يقضى بذلك صلح الحديبية فقال رسول الله . له يا أبا بصير إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت ولا يصلح لنا فى ديننا الغدر وإن الله جاعل لك ولمن معك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا فانطلق إلى قومك
وحزن أبو بصير وقال : يا رسول الله أتردني إلى المشركين ليفتنونني في ديني ؟ فقال الرسول يا أبا بصير إنطلق فإن الله تعالى سيجعل لك من المستضعفين فرجا ومخرجاً
فانطلق معهما حتى إذا كان بذي الحليفة إستطاع أن يفلت من هذا الأسر بعد أن قتل إحدى حارسيه وعاد إلى المدينة وقال أبو بصير:يا رسول الله وفت ذمتك وأدى الله عنك أسلمتني بيد القوم وقد إمتنعت بديني أن أفتن فيه أو يعبث بي فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم ويل أمه مسعر حرب لو كان معه رجال
ثم خرج أبو بصير حتى نزل " العيص" من ناحية ذي المروة على ساحل البحر بطريق قريش التي كانوا يسيرون عليها أثناء ذهابهم إلى الشام وبلغ المسلمين الذين كانوا مستضعفين بمكة قول رسول الله لأبى بصير " ويل أمه مسعر حرب لو كان معه رجال " فتلاحقوا بابي بصير " بالعيص " فاجتمع إليه منهم قريب من سبعين رجلا فيهم أبو جندل بن سهيل بن عمرو ، وجعلوا مهمتهم التضييق على قريش لا يظفرون بأحد منهم إلا قبلوه ولا يسمعون بعير لقريش خرجت إلى الشام إلا إعترضوها حتى أرسلت قريش إلى النبى صلى الله عليه و سلم تناشده بالله والرحم أن يؤوى من أناه منهم فلا حاجة لها بهم
فأرسل الرسول صلى الله عليه و سلم إليهم فقدموا عليه المدينة ولم يعد أبو بصير إلى رسول الله ذلك أن الإذن بالمقام معه جاءه وهو يحتضر فدفنه أبو جندل وهكذا تحقق الفرج القريب لهؤلاء المستضعفين فكان وعد النبى لهم صدقا وحقاً ونزلت قريش عن الشرط الذي أملته تعنتا وقبله المسلمون كارهين


أشرِكونا في الأجر.. ولا تنسونا من دعائكم ،،


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد واّله وصحبه أجمعين

اللهم إنا نتوسل إليك بك ونقسم عليك بذاتك
أن ترحم وتغفروتفرج كرب معدها وقارئها ومرسلها وناشرها
وآبائهم وأمهاتهم وأن ترزقنا صحبة النبى فى الجنة ولا تجعل منا
طالب حاجه الآ أعطيته أياها فأنك ولى ذلك والقادر عليه وصلى
اللهم وسلم على حبيبك ونبيك محمد
أمين....