المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أهمية علم الأصول كمنهج للبحث:


ماما حواء
10-24-2006, 06:39 AM
أهمية علم الأصول كمنهج للبحث

يقول الإمام الغزالي: "ويعتبر علم أصول الفقه علماً جامعاً بين المنقول والمعقول، فإنه يأخذ من صفو الشرع والعقل سواء السبيل، فلا هو تصرف بمحض العقول بحيثُ لا يتلقاه الشرع بالقبول، ولا هو مبني على محض التقليد الذي لا يشهد له العقل بالتأييد" .

ويقول الدكتور علي النشار: (ويشكّل علم الأصول منهج البحث عند الفقيه، أو هو منطق مسائله، أو بمعنى واسع: هو قانون عاصم لذهن الفقيه، من الخطأ في الاستدلال على الأحكام) .

وذلك لأن علم أصول الفقه هو الأداة التي يستخدمها أهل العلم، للوصول إلى معرفة الأحكام الجزئية الفرعية، فيقوم هذا العلم ببناء القواعد الثابتة والرصينة التي يبنى عليها بناء التكليف، الذي هو مناط عمل الإنسان في هذه الحياة.
(فهو القواعد التي تبين طريقة استخراج الأحكام من الأدلة، وهو المنهاج التي تحد الحدود للفقيه، وتبين الطريق الذي يلتزمه، وهو بالتزامها يعصم الفقيه عن الخطأ في الاستنباط الفقهي، وإن كان خطأٌ فإنه من تنكب سبيل الاستنباط، أو لخفاء موضع الاستدلال، وإن كان المنهاج ذاته عاصماً، كما أن المنطق عاصم من الخطأ في الفكر، والخطأ الذي يجيء مع التزام المنهاج المنطقي يجيء من غموض موضع التفكير، لا من أصل المنهاج، فإنه في ذاته مستقيم) . (الشيخ محمد أبو زهرة)

وبذلك فإن علم الأصول يأتي في الدرجة الأساسية من حيث البناء الفقهي، فلا فروع دون أصول، ولا قيمة للرأي المخالف للأصول في الإسلام.

"فإن علم الأصول علم عظيم شأنه، عميم نفعه، يحتاج إليه الفقيه والمتفقه، والمحدث والمفسر، لا يستغني عنه ذوو النظر، ولا ينكر فضله أهل الأثر، وهو الدستور القويم للاستنباط والاجتهاد، يتمكن بواسطته من نصب الأدلة السمعية على مدلولاتها، ومعرفة كيفية استنباط الأحكام الشرعية منها، فهو من أعم العلوم نفعاً، وأشرفها مكانة، وهو من أهم الوسائل التي ثبتت قواعد الدين ودعمتها، وردت على شبه الملحدين والمضللين وأبطلتها، فكان للمخلصين نبراساً وهادياً، وللمبتدعة على بدعهم راداً وقاضياً، ولولاه لاستمر ذلك النـزاع القديم الذي نشأ بين أهل الحجاز وأهل العراق، أو بين أهل الحديث وأهل الرأي" .

وعلم أصول الفقه ينظر إليه في عصرنا هذا على أنه أساس للفكر الإسلامي، إذ التفكير لا يكون إلا بواسطة منهج وطريق واضح، ولا يكون التفكير إسلامياً ولا يكون المفكر مفكراً إسلامياً إذا بعد التحقق والتحقيق لعلم أصول الفقه، بحيثُ ينطبع هذا العلم في نفس المفكر، فتصدر عنه أفكاره وآراؤه السياسية والاجتماعية، فضلاً عن الشرعية.

ذلك أن صدور الأحكام في مختلف المجالات التي لها علاقة بحركة المسلمين في الحياة، لا تكون ذات قيمة ووزن، إذا ابتعدت عن قواعد هذا العلم المتين، وتكون نتيجة الخطأ بالابتعاد عن قواعد هذا العلم، بناء فروع على غير أصول، وتخريج أحكام على غير أساس.