أفاق : الاداره
09-18-2006, 03:14 AM
أصول العقيدة الإسلامية
أساس العقيدة الإسلامية هو أصول الإيمان الستة التي ذكرها الله سبحانه وذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير موضع
قال الله تعالى : { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ } ( البقرة الآية : 177 ) .
وقال تعالى : { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ } ( البقرة الآية : 285 ) ، وقال تعالى : { وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا } ( النساء الآية : 136 ) ، وقال تعالى : { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } ( القمر الآية : 49 ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عمر بن الخطاب وأبو هريرة - رضي الله عنهما - ، وأخرجه البخاري ومسلم وغيرهما حين سأله جبريل - عليه السلام - عن الإيمان فقال : « أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره » .
ولهذه الأصول تفصيلات وتفريعات .
منزلة علم العقيدة الإسلامية :
هذا العلم هو أشرف العلوم وأعظمها وأعلاها ، لأن شرف العلم بشرف المعلوم ، ومنزلة العلم تقدّر بحاجة الناس إليه ، وبما يحصل لصاحبه من الانتفاع به في الدنيا والآخرة .
وحاجة العباد إلى علم العقيدة فوق كل حاجة ، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة لأنه لا حياة للقلوب ولا نعيم ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها ومعبودها بأسمائه وصفاته وأفعاله ، وما يجب له وما ينزه عنه ، ويكون مع ذلك كله أحب إليها مما سواه ، ويكون سعيها فيما يقربها إليه .
وكلما كانت معرفة العبد بربه صحيحة تامة كان أكثر تعظيما واتباعا لشرع الله وأحكامه ، وأكثر تقديرا للدار الآخرة .
وإذا انطبعت في نفس العبد هذه المعاني الشريفة من العلم بالله وتوحيده ومحبته وخشيته وتعظيم أمره ونهيه ، والتصديق بوعده ووعيده ، سعد في الدنيا والآخرة ، وسعد مجتمعه به ، ذلك أن صلاح سلوك الفرد تابع لصلاح المجتمع
قال تعالى في خبر إبراهيم - عليه السلام - { وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } ( الأنعام الآية : 81 ) ، ثم قال تعالى فاصلا بين الفريقين مبينا الآمن منهما : { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ } ( الأنعام الآية : 82 ) .
وقد ثبت في الصحيحين « عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن الرسول صلى الله عليه وسلم فسر الظلم هنا بالشرك » ، كما قال تعالى : { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } ( لقمان الآية : 13 ) ، ومعنى الآية أن الذين أخلصوا العبادة لله وحدهم هم الآمنون يوم القيامة المهتدون في الدنيا والآخرة .
والشرك لا يغفره الله ، كما قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } ( النساء الآية : 48 ) ، والشرك محبط للعمل كما قال تعالى : { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } ( الزمر الآية : 65 ) ، وقال تعالى : { وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ( الأنعام الآية : 88 ) ، وقال تعالى : { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا } ( الفرقان الآية : 23 ) .
والتوحيد عاصم للدين والدم والمال ، كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله » .
وفي الصحيحين عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، والجنة حق والنار حق ، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل » .
ولهذا يجب على كل مسلم أن يعتني بالعقيدة تعلما وتعليما وفهما وتدبرا واعتقادا ، ليبني دينه على أساس صحيح سليم ، يحصل به سعادة دنياه وآخرته .
مصدر تلقي العقيدة الإسلامية :
مصدر تلقي العقيدة هو كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يجب التمسك والاعتصام بهما ، وقد تكفل الله لمن اتبعهما بأن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة ، قال تعالى : { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى }{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }{ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا }{ قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى } ( طه الآيات : 123 - 126 ) .
وامتن سبحانه على هذه الأمة بأن بعث فيهم رسولا من أنفسهم يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ، فقال تعالى : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } ( الجمعة الآية : 2 ) .
وأقسم سبحانه أنه لا يحصل الإيمان لأحد حتى يحكِّم الرسول صلى الله عليه وسلم ويسلم لحكمه ، فقال تعالى : { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } ( النساء الآية : 65 ) .
ومنهج أهل الحق - وهم أهل السنة والجماعة - الاعتماد على الكتاب ، والسنة ، وتعظيم نصوصهما ، فيعتصمون بها ، ولا يعرضونها لتحريف أو تأويل يخرجها عن مراد الله أو مراد رسوله ، كما يفعل أهل البدع والأهواء ، ويقفون فلا يخوضون في آيات الله ، وأحاديث رسوله بغير علم ، بل يتدبرون كتاب الله وسنة رسوله كما أمرهم سبحانه بقوله : { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ } ( النساء الآية : 82 ) ، وقوله : { أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ } ( المؤمنون الآية : 68 ) ، وقوله : { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ } ( ص الآية : 29 ) ، وقوله : { الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ } ( يوسف الآية : 1 ) ، وقوله : { هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ } ( آل عمران الآية : 138 ) ، وقوله : { فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } المائدة الآية : 92 ) ، وقوله : { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } ( النحل الآية : 44 ) .
ويستعينون في فهم مدلول نصوصهما بآثار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أهل السبق والفضل ، وأقوال التابعين لهم بإحسان ، وما عرف من لغة العرب ، ويكلون ما لم يعلموه إلى عالمه سبحانه وتعالى .
وهم في هذا الصدد لا يعارضون الكتاب والسنة بعقولهم وآرائهم ، بل يقررون أن النقل والعقل لا يتعارضان ، إذا كان النقل صحيحا ، والعقل صريحا (1) .
بل إن النقل تضمن أدلة عقلية على المطالب الدينية ، ففي الاستدلال على وجود الله ، قال سبحانه : { أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ } ( الطور الآية : 35 ) ، وفي الاستدلال على الوحدانية قال : { مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ } ( المؤمنون الآية : 91 ) ، وفي الاستدلال على العلم قال : { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } ( الملك الآية : 14 ) .
والعقل يمكن أن يدرك جملا من مقررات علم العقيدة ، مثل أن الله موجود ، وواحد ، وحي ، وعال على مخلوقاته ، عليم بهم ، قادر ، حكيم مستحق للعبادة وحده دون سواه ، ونحو ذلك ، لكن لا يمكن أن يستقل بمعرفة وإدراك تفاصيل هذا العلم ، إذ لا تدرك التفاصيل إلا من الكتاب والسنة .
ولأننا اشترطنا لانتفاء التعارض بين النقل والعقل أن يكون العقل صريحا لم يطرأ عليه انحراف أو تغيير - نقول : إذا وجد ما يوهم التعارض بين النقل الثابت والعقل وجب تقديم النقل لسببين :
الأول : أن النقل ثابت ، والعقل متغير .
الثاني : أن النقل معصوم ، والعقل ليس كذلك .
الاعتقاد والعلم والواجب على المكلف :
يجب على كل واحد من المكلفين أن يؤمن بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم إيمانا عاما مجملا ، فيقر بجميع ما جاء به الرسول من أمر الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ، وما أمر به الرسول ونهى عنه ، فلا بد من تصديقه عليه الصلاة والسلام فيما أخبر ، والانقياد له فيما أمر به أو نهى عنه ، وهذا الإيمان المجمل .
وأما التفصيل فعلى كل مكلف أن يقر بما ثبت عنده من خبر الرسول صلى الله عليه وسلم أو أمره ونهيه .
وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يبلغه ، ولم يمكنه العلم به ، فهو لا يعاقب على ترك الإقرار به مفصلا ، وهو داخل في إقراره بالمجمل العام .
من ناحية القدرة يجب على القادر على سماع العلم وفهم دقيقه ما لا يجب على العاجز عن ذلك ، ويجب على من سمع النصوص وفهمها من علم التفصيل ما لا يجب على من لم يسمعها ، ويجب على المفتي والحاكم والعالم ما لا يجب على آحاد العامة .
ومن ناحية الحاجة يجب على المكلف أن يعلم ما يتعين عليه الإيمان به واعتقاده وما يتعين عليه امتثاله أو اجتنابه ، فمن عنده مال تجب فيه الزكاة يجب عليه معرفة تفاصيل زكاة ماله ، ولا تجب معرفة هذا على من ليس عنده مال ، والمستطيع للحج تجب عليه معرفة صفته ، وهكذا .
وأما القدر الزائد على ما يحتاج إليه المعين فهو داخل في فرض الكفاية .
أسئلة في العقيده 5
س41 : ما الذي يجب علي إذا أمرني الله بأمر ؟
ج41 : وجب عليك سبع مراتب :
الأولى : العلم به ، الثانية : محبته ، الثالثة : العزم على الفعل ، الرابعة : العمل ، الخامسة : كونه يقع على المشروع خالصا صوابا ، السادسة : التحذير من فعل ما يحبطه ، السابعة : الثبات عليه .
س42 : إذا عرف الإنسان أن الله أمر بالتوحيد ونهى عن الشرك هل تنطبق هذه المراتب عليه ؟
ج42 : المرتبه الأولى : أكثر الناس علم أن التوحيد حق والشرك باطل ، ولكن أعرض عنه ولم يسأل ! وعرف أن الله حرم الربى وباع واشترى ولم يسأل ! وعرف تحريم أكل مال اليتيم وجواز الأكل بالمعروف ويتولى مال اليتيم ولم يسأل !
المرتبه الثانيه : محبة ما أنزل الله وكفر من كرهه ، فأكثر الناس لم يحب الرسول بل أبغضه وأبغض ما جاء به ، ولو عرف أن الله أنزله .
المرتبه الثالثة : العزم على الفعل ، وكثير من الناس عرف وأحب ولكن لم يعزم خوفا من تغير دنياه .
المرتبه الرابعة : العمل وكثير من الناس إذا عزم أو عمل وتبين عليه من يعظمه من شيوخ أو غيرهم ترك العمل .
المرتبه الخامسه : أن كثير ممن عمل لا يقع خالصا فإن وقع خالصا لم يقع صوابا .
المرتبة السادسة : أن الصالحين يخافون من حبوط العمل لقوله تعالى : (( أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون )) وهذا من أقل الأشياء في زماننا .
المرتبه السابعة : الثبات على الحق والخوف من سوء الخاتمة وهذا أيضا من أعظم ما يخاف منه الصالحون .
س43 : ما معني الكفر وأنواعة ؟
ج43 : الكفر كفران :
1- كفر يخرج صاحبه عن المله وهو خمسة أنواع :
* الأول : كفر التكذيب ، قال تعالى : (( ومن أعظم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين )).
* الثاني : كفر الإستكبار والإباء مع التصديق . قال تعالى : (( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلا ابليس أبى واستكبر وكان من الكافرين )).
* الثالث : كفر الشك ، وهو كفر الظن قال تعالى : (( ودخل جنته وهو ظالم نفسه ..)) إلى قوله (( ثم سواك رجلا )).
* الرابع : كفر الإعراض والدليل عليه قوله تعالى:((والذين كفروا عما أنذروا معرضون )).
* الخامس : كفر النفاق ودليله قوله تعالى : (( ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون )).
2- كفر أصغر لا يخرج عن الملة ، وهو كفر النعمة ، والدليل عليه قوله تعالى: (( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون )) وقوله : (( إن الإنسان لظلوم كفار )).
س44 : ما هو الشرك وما أنواع الشرك ؟
ج44 :اعلم أن التوحيد ضد الشرك .
الشرك ثلاث أنواع : شرك أكبر ، وشرك أصغر ، وشرك خفي .
النوع الأول : الشرك الأكبر وهو أربعة أنواع :
الأول: شرك الدعوة ، قال تعالى:(( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلي البر إذا هم يشركون )).
الثاني : شرك النية ، الإرادة والقصد ، قال تعالى: (( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الأخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون )).
الثالث :شرك الطاعة ، قال تعالى : (( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا منن دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون )).
الرابع :شرك المحبه ،
س45 : ما الفرق بين القدر والقضاء ؟
ج45 : القدر في الأصل مصدر قدر ، ثم استعمل في التقدير الذي هو التفصيل والتبيين واستعمل ايضا بعد الغلبة في تقدير الله للكائنات قبل حدوثها .
وأما القضاء : فقد استعمل في الحكم الكوني ، بجريان الأقدار وما كتب في الكتب الأولى وقد يطلق هذا على القدر الذي هو التفصيل والتميز .
ويطلق القدر أيضا على القضاء الذي هو الحكم الكوني بوقوع المقدرات .
ويطلق القضاء على الحكم الديني الشرعي ، قال الله تعالى : (( ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ))ويطلق القضاء على الفراغ والتمام كقوله تعالى : (( فإذا قضيت الصلاة )) ويطلق على نفس الفعل ، قال تعالى : (( فاقض ما انت قاض )).
ويطلق على الإعلان والتقدم بالخبر ، قال تعالى : (( وقضينا إلى بني اسرائيل )) ويطلق على الموت ومنه قولهم : قضى فلان ، اى مات ، قال تعالى : (( ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك )) ويطلق على وجود العذاب ، قال تعالى : (( وقضي الأمر )).
ويطلق على التمكن من الشيء وتمامه ، كقوله : (( ولا تعجل بالقراءن من قبل ان يقضى إليك وحيه )) ويطللق على الفصل والحكم ، كقوله تعالى : (( وقضى بينهم بالحق ))،ويطلق على الخلق كقوله تعالى : (( فقضاهن سبع سموات )).
ويطلق على الحتم كقوله تعالى : (( وكان أمر الله مقضيا ))ويطلق على الأمر الديني كقوله تعالى : (( أمر ألا تعبدوا إلا إياه )) ويطلق على بلوغ الحاجه ، ومنه : قضيت وطري ، ويططلق على إلزام الخصمين بالحكم ، ويطلق بمعنى الأداء كقوله تعالى : (( فإذا قضيتم مناسككم )).
والقضاء في الكل : مصدر ، واقتضي الأمر الوجوب ودل عليه ، والإقتضاء هو : العلم بكيفية نظم الصيغة وقولهم : لا اقضي منه العجب ، قال الأصمعي : يبقى ولا ينقضي .
س46 : هل القدر في الخير والشر على العموم جميعا من الله أم لا ؟
ج46 : القدر في الخير والشر على العموم فعن على رضي الله عنه قال : كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتي الرسول – صلي الله علية وسلم – فقعد فقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس فجعل ينكت بمخصرته ثم قال : ( ما منكم من احد ، ما من نفس منفوسه إلا وقد كتب الله مكانها ففي الجنة والنار وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة ) قال : فقال رجل : أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل ؟ فقال : ( من كان من أهل االسعادة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة ) ثم قرأ (( فأما من أعطي واتقى * وصدق بالحسني * فسنيسره لليسري * وأما من بخل واستغني * وكذب بالحسني * فسنيسره للعسري )) وفي الحديث ( واعملوا فكل ميسر ، أما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة وأما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة ) ثم قرأ (( فأما من أعطي واتقى * وصدق بالحسنى ) الآيتان .
س47 : ما معنى لا إله إلا الله ؟
ج47 : معناها لا معبود بحق إلا الله والدليل قوله تعالى:(( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ))
فقوله (( ألا تعبدوا )) فيه معنى لا إله ، وقوله (( إلا إياه )) فيه معنى إلا الله .
س48 : ما هو التوحيد الذي فرضه الله على عباده قبل الصلاة والصوم؟
ج48 : هو توحيد العبادة ، فلا تدعو إلا الله وحده لا شريك له ، لا تدعوا النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا غيره ، كما قال تعالى : (( وإن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا )).
س49 : أيهما أفضل : الفقير الصابر أم الغني الشاكر ؟ وما هو حد الصبر وحد الشكر ؟
ج49 : أما مسألة الغني والفقر فالصابر والشاكر كل منهما من أفضل المؤمنين وأفضلهما أتقاهما كما قال تعالى : (( إن أكرمكم عند الله اتقاكم )) .
وأما حد الصبر وحد الشكر : المشهور بين العلماء أن الصبر عدم الجزع ، والشكر أن تطيع الله بنعمته التي أعطاك .
س50 : ما الذي توصيني به ؟
ج50 : الذي أوصيك به وأحضك عليه : التفقه في التوحيد ، ومطالعة كتب التوحيد فإنها تبين لك حقيقة التوحيد الذي بعث الله به رسوله وحقيقة الشرك الذي حرمه الله ورسوله وأخبر أنه لا يغفره ، وأن الجنة على فاعله حرام ، وأن من فعله حبط عمله .
والشأن كل الشأن في معرفة حقيقة التوحيد الذي بعث الله به رسوله وبه يكون الرجل مسلما مفارقا للشرك وأهله
أساس العقيدة الإسلامية هو أصول الإيمان الستة التي ذكرها الله سبحانه وذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير موضع
قال الله تعالى : { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ } ( البقرة الآية : 177 ) .
وقال تعالى : { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ } ( البقرة الآية : 285 ) ، وقال تعالى : { وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا } ( النساء الآية : 136 ) ، وقال تعالى : { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } ( القمر الآية : 49 ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عمر بن الخطاب وأبو هريرة - رضي الله عنهما - ، وأخرجه البخاري ومسلم وغيرهما حين سأله جبريل - عليه السلام - عن الإيمان فقال : « أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره » .
ولهذه الأصول تفصيلات وتفريعات .
منزلة علم العقيدة الإسلامية :
هذا العلم هو أشرف العلوم وأعظمها وأعلاها ، لأن شرف العلم بشرف المعلوم ، ومنزلة العلم تقدّر بحاجة الناس إليه ، وبما يحصل لصاحبه من الانتفاع به في الدنيا والآخرة .
وحاجة العباد إلى علم العقيدة فوق كل حاجة ، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة لأنه لا حياة للقلوب ولا نعيم ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها ومعبودها بأسمائه وصفاته وأفعاله ، وما يجب له وما ينزه عنه ، ويكون مع ذلك كله أحب إليها مما سواه ، ويكون سعيها فيما يقربها إليه .
وكلما كانت معرفة العبد بربه صحيحة تامة كان أكثر تعظيما واتباعا لشرع الله وأحكامه ، وأكثر تقديرا للدار الآخرة .
وإذا انطبعت في نفس العبد هذه المعاني الشريفة من العلم بالله وتوحيده ومحبته وخشيته وتعظيم أمره ونهيه ، والتصديق بوعده ووعيده ، سعد في الدنيا والآخرة ، وسعد مجتمعه به ، ذلك أن صلاح سلوك الفرد تابع لصلاح المجتمع
قال تعالى في خبر إبراهيم - عليه السلام - { وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } ( الأنعام الآية : 81 ) ، ثم قال تعالى فاصلا بين الفريقين مبينا الآمن منهما : { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ } ( الأنعام الآية : 82 ) .
وقد ثبت في الصحيحين « عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن الرسول صلى الله عليه وسلم فسر الظلم هنا بالشرك » ، كما قال تعالى : { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } ( لقمان الآية : 13 ) ، ومعنى الآية أن الذين أخلصوا العبادة لله وحدهم هم الآمنون يوم القيامة المهتدون في الدنيا والآخرة .
والشرك لا يغفره الله ، كما قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } ( النساء الآية : 48 ) ، والشرك محبط للعمل كما قال تعالى : { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } ( الزمر الآية : 65 ) ، وقال تعالى : { وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ( الأنعام الآية : 88 ) ، وقال تعالى : { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا } ( الفرقان الآية : 23 ) .
والتوحيد عاصم للدين والدم والمال ، كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله » .
وفي الصحيحين عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، والجنة حق والنار حق ، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل » .
ولهذا يجب على كل مسلم أن يعتني بالعقيدة تعلما وتعليما وفهما وتدبرا واعتقادا ، ليبني دينه على أساس صحيح سليم ، يحصل به سعادة دنياه وآخرته .
مصدر تلقي العقيدة الإسلامية :
مصدر تلقي العقيدة هو كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يجب التمسك والاعتصام بهما ، وقد تكفل الله لمن اتبعهما بأن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة ، قال تعالى : { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى }{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }{ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا }{ قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى } ( طه الآيات : 123 - 126 ) .
وامتن سبحانه على هذه الأمة بأن بعث فيهم رسولا من أنفسهم يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ، فقال تعالى : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } ( الجمعة الآية : 2 ) .
وأقسم سبحانه أنه لا يحصل الإيمان لأحد حتى يحكِّم الرسول صلى الله عليه وسلم ويسلم لحكمه ، فقال تعالى : { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } ( النساء الآية : 65 ) .
ومنهج أهل الحق - وهم أهل السنة والجماعة - الاعتماد على الكتاب ، والسنة ، وتعظيم نصوصهما ، فيعتصمون بها ، ولا يعرضونها لتحريف أو تأويل يخرجها عن مراد الله أو مراد رسوله ، كما يفعل أهل البدع والأهواء ، ويقفون فلا يخوضون في آيات الله ، وأحاديث رسوله بغير علم ، بل يتدبرون كتاب الله وسنة رسوله كما أمرهم سبحانه بقوله : { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ } ( النساء الآية : 82 ) ، وقوله : { أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ } ( المؤمنون الآية : 68 ) ، وقوله : { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ } ( ص الآية : 29 ) ، وقوله : { الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ } ( يوسف الآية : 1 ) ، وقوله : { هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ } ( آل عمران الآية : 138 ) ، وقوله : { فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } المائدة الآية : 92 ) ، وقوله : { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } ( النحل الآية : 44 ) .
ويستعينون في فهم مدلول نصوصهما بآثار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أهل السبق والفضل ، وأقوال التابعين لهم بإحسان ، وما عرف من لغة العرب ، ويكلون ما لم يعلموه إلى عالمه سبحانه وتعالى .
وهم في هذا الصدد لا يعارضون الكتاب والسنة بعقولهم وآرائهم ، بل يقررون أن النقل والعقل لا يتعارضان ، إذا كان النقل صحيحا ، والعقل صريحا (1) .
بل إن النقل تضمن أدلة عقلية على المطالب الدينية ، ففي الاستدلال على وجود الله ، قال سبحانه : { أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ } ( الطور الآية : 35 ) ، وفي الاستدلال على الوحدانية قال : { مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ } ( المؤمنون الآية : 91 ) ، وفي الاستدلال على العلم قال : { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } ( الملك الآية : 14 ) .
والعقل يمكن أن يدرك جملا من مقررات علم العقيدة ، مثل أن الله موجود ، وواحد ، وحي ، وعال على مخلوقاته ، عليم بهم ، قادر ، حكيم مستحق للعبادة وحده دون سواه ، ونحو ذلك ، لكن لا يمكن أن يستقل بمعرفة وإدراك تفاصيل هذا العلم ، إذ لا تدرك التفاصيل إلا من الكتاب والسنة .
ولأننا اشترطنا لانتفاء التعارض بين النقل والعقل أن يكون العقل صريحا لم يطرأ عليه انحراف أو تغيير - نقول : إذا وجد ما يوهم التعارض بين النقل الثابت والعقل وجب تقديم النقل لسببين :
الأول : أن النقل ثابت ، والعقل متغير .
الثاني : أن النقل معصوم ، والعقل ليس كذلك .
الاعتقاد والعلم والواجب على المكلف :
يجب على كل واحد من المكلفين أن يؤمن بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم إيمانا عاما مجملا ، فيقر بجميع ما جاء به الرسول من أمر الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ، وما أمر به الرسول ونهى عنه ، فلا بد من تصديقه عليه الصلاة والسلام فيما أخبر ، والانقياد له فيما أمر به أو نهى عنه ، وهذا الإيمان المجمل .
وأما التفصيل فعلى كل مكلف أن يقر بما ثبت عنده من خبر الرسول صلى الله عليه وسلم أو أمره ونهيه .
وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يبلغه ، ولم يمكنه العلم به ، فهو لا يعاقب على ترك الإقرار به مفصلا ، وهو داخل في إقراره بالمجمل العام .
من ناحية القدرة يجب على القادر على سماع العلم وفهم دقيقه ما لا يجب على العاجز عن ذلك ، ويجب على من سمع النصوص وفهمها من علم التفصيل ما لا يجب على من لم يسمعها ، ويجب على المفتي والحاكم والعالم ما لا يجب على آحاد العامة .
ومن ناحية الحاجة يجب على المكلف أن يعلم ما يتعين عليه الإيمان به واعتقاده وما يتعين عليه امتثاله أو اجتنابه ، فمن عنده مال تجب فيه الزكاة يجب عليه معرفة تفاصيل زكاة ماله ، ولا تجب معرفة هذا على من ليس عنده مال ، والمستطيع للحج تجب عليه معرفة صفته ، وهكذا .
وأما القدر الزائد على ما يحتاج إليه المعين فهو داخل في فرض الكفاية .
أسئلة في العقيده 5
س41 : ما الذي يجب علي إذا أمرني الله بأمر ؟
ج41 : وجب عليك سبع مراتب :
الأولى : العلم به ، الثانية : محبته ، الثالثة : العزم على الفعل ، الرابعة : العمل ، الخامسة : كونه يقع على المشروع خالصا صوابا ، السادسة : التحذير من فعل ما يحبطه ، السابعة : الثبات عليه .
س42 : إذا عرف الإنسان أن الله أمر بالتوحيد ونهى عن الشرك هل تنطبق هذه المراتب عليه ؟
ج42 : المرتبه الأولى : أكثر الناس علم أن التوحيد حق والشرك باطل ، ولكن أعرض عنه ولم يسأل ! وعرف أن الله حرم الربى وباع واشترى ولم يسأل ! وعرف تحريم أكل مال اليتيم وجواز الأكل بالمعروف ويتولى مال اليتيم ولم يسأل !
المرتبه الثانيه : محبة ما أنزل الله وكفر من كرهه ، فأكثر الناس لم يحب الرسول بل أبغضه وأبغض ما جاء به ، ولو عرف أن الله أنزله .
المرتبه الثالثة : العزم على الفعل ، وكثير من الناس عرف وأحب ولكن لم يعزم خوفا من تغير دنياه .
المرتبه الرابعة : العمل وكثير من الناس إذا عزم أو عمل وتبين عليه من يعظمه من شيوخ أو غيرهم ترك العمل .
المرتبه الخامسه : أن كثير ممن عمل لا يقع خالصا فإن وقع خالصا لم يقع صوابا .
المرتبة السادسة : أن الصالحين يخافون من حبوط العمل لقوله تعالى : (( أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون )) وهذا من أقل الأشياء في زماننا .
المرتبه السابعة : الثبات على الحق والخوف من سوء الخاتمة وهذا أيضا من أعظم ما يخاف منه الصالحون .
س43 : ما معني الكفر وأنواعة ؟
ج43 : الكفر كفران :
1- كفر يخرج صاحبه عن المله وهو خمسة أنواع :
* الأول : كفر التكذيب ، قال تعالى : (( ومن أعظم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين )).
* الثاني : كفر الإستكبار والإباء مع التصديق . قال تعالى : (( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلا ابليس أبى واستكبر وكان من الكافرين )).
* الثالث : كفر الشك ، وهو كفر الظن قال تعالى : (( ودخل جنته وهو ظالم نفسه ..)) إلى قوله (( ثم سواك رجلا )).
* الرابع : كفر الإعراض والدليل عليه قوله تعالى:((والذين كفروا عما أنذروا معرضون )).
* الخامس : كفر النفاق ودليله قوله تعالى : (( ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون )).
2- كفر أصغر لا يخرج عن الملة ، وهو كفر النعمة ، والدليل عليه قوله تعالى: (( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون )) وقوله : (( إن الإنسان لظلوم كفار )).
س44 : ما هو الشرك وما أنواع الشرك ؟
ج44 :اعلم أن التوحيد ضد الشرك .
الشرك ثلاث أنواع : شرك أكبر ، وشرك أصغر ، وشرك خفي .
النوع الأول : الشرك الأكبر وهو أربعة أنواع :
الأول: شرك الدعوة ، قال تعالى:(( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلي البر إذا هم يشركون )).
الثاني : شرك النية ، الإرادة والقصد ، قال تعالى: (( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الأخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون )).
الثالث :شرك الطاعة ، قال تعالى : (( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا منن دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون )).
الرابع :شرك المحبه ،
س45 : ما الفرق بين القدر والقضاء ؟
ج45 : القدر في الأصل مصدر قدر ، ثم استعمل في التقدير الذي هو التفصيل والتبيين واستعمل ايضا بعد الغلبة في تقدير الله للكائنات قبل حدوثها .
وأما القضاء : فقد استعمل في الحكم الكوني ، بجريان الأقدار وما كتب في الكتب الأولى وقد يطلق هذا على القدر الذي هو التفصيل والتميز .
ويطلق القدر أيضا على القضاء الذي هو الحكم الكوني بوقوع المقدرات .
ويطلق القضاء على الحكم الديني الشرعي ، قال الله تعالى : (( ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ))ويطلق القضاء على الفراغ والتمام كقوله تعالى : (( فإذا قضيت الصلاة )) ويطلق على نفس الفعل ، قال تعالى : (( فاقض ما انت قاض )).
ويطلق على الإعلان والتقدم بالخبر ، قال تعالى : (( وقضينا إلى بني اسرائيل )) ويطلق على الموت ومنه قولهم : قضى فلان ، اى مات ، قال تعالى : (( ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك )) ويطلق على وجود العذاب ، قال تعالى : (( وقضي الأمر )).
ويطلق على التمكن من الشيء وتمامه ، كقوله : (( ولا تعجل بالقراءن من قبل ان يقضى إليك وحيه )) ويطللق على الفصل والحكم ، كقوله تعالى : (( وقضى بينهم بالحق ))،ويطلق على الخلق كقوله تعالى : (( فقضاهن سبع سموات )).
ويطلق على الحتم كقوله تعالى : (( وكان أمر الله مقضيا ))ويطلق على الأمر الديني كقوله تعالى : (( أمر ألا تعبدوا إلا إياه )) ويطلق على بلوغ الحاجه ، ومنه : قضيت وطري ، ويططلق على إلزام الخصمين بالحكم ، ويطلق بمعنى الأداء كقوله تعالى : (( فإذا قضيتم مناسككم )).
والقضاء في الكل : مصدر ، واقتضي الأمر الوجوب ودل عليه ، والإقتضاء هو : العلم بكيفية نظم الصيغة وقولهم : لا اقضي منه العجب ، قال الأصمعي : يبقى ولا ينقضي .
س46 : هل القدر في الخير والشر على العموم جميعا من الله أم لا ؟
ج46 : القدر في الخير والشر على العموم فعن على رضي الله عنه قال : كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتي الرسول – صلي الله علية وسلم – فقعد فقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس فجعل ينكت بمخصرته ثم قال : ( ما منكم من احد ، ما من نفس منفوسه إلا وقد كتب الله مكانها ففي الجنة والنار وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة ) قال : فقال رجل : أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل ؟ فقال : ( من كان من أهل االسعادة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة ) ثم قرأ (( فأما من أعطي واتقى * وصدق بالحسني * فسنيسره لليسري * وأما من بخل واستغني * وكذب بالحسني * فسنيسره للعسري )) وفي الحديث ( واعملوا فكل ميسر ، أما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة وأما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة ) ثم قرأ (( فأما من أعطي واتقى * وصدق بالحسنى ) الآيتان .
س47 : ما معنى لا إله إلا الله ؟
ج47 : معناها لا معبود بحق إلا الله والدليل قوله تعالى:(( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ))
فقوله (( ألا تعبدوا )) فيه معنى لا إله ، وقوله (( إلا إياه )) فيه معنى إلا الله .
س48 : ما هو التوحيد الذي فرضه الله على عباده قبل الصلاة والصوم؟
ج48 : هو توحيد العبادة ، فلا تدعو إلا الله وحده لا شريك له ، لا تدعوا النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا غيره ، كما قال تعالى : (( وإن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا )).
س49 : أيهما أفضل : الفقير الصابر أم الغني الشاكر ؟ وما هو حد الصبر وحد الشكر ؟
ج49 : أما مسألة الغني والفقر فالصابر والشاكر كل منهما من أفضل المؤمنين وأفضلهما أتقاهما كما قال تعالى : (( إن أكرمكم عند الله اتقاكم )) .
وأما حد الصبر وحد الشكر : المشهور بين العلماء أن الصبر عدم الجزع ، والشكر أن تطيع الله بنعمته التي أعطاك .
س50 : ما الذي توصيني به ؟
ج50 : الذي أوصيك به وأحضك عليه : التفقه في التوحيد ، ومطالعة كتب التوحيد فإنها تبين لك حقيقة التوحيد الذي بعث الله به رسوله وحقيقة الشرك الذي حرمه الله ورسوله وأخبر أنه لا يغفره ، وأن الجنة على فاعله حرام ، وأن من فعله حبط عمله .
والشأن كل الشأن في معرفة حقيقة التوحيد الذي بعث الله به رسوله وبه يكون الرجل مسلما مفارقا للشرك وأهله