المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترجمة :الرئيس جمال عبد الناصر


abo _mohammed
09-17-2006, 02:00 AM
جمال عبد الناصر: العروبة العاطفية

عبد الناصر في سطور

1918 ولادة عبد الناصر في الإسكندرية من أسرة أصلها من قرية بني مر في صعيد مصر.
1925 ـ 1936 متابعة الدراسة الابتدائية والثانوية بين الإسكندرية والقاهرة.
1936 ـ 1938 دخول المدرسة الحربية والتخرج برتبة ضابط ثم التعيين في صفوف الجيش.
1940 - 1945 وعي مشاكل مصر الداخلية وتأسيس جماعة "الضباط الأحرار".
1948 مصر تدخل حرب فلسطين، وعبد الناصر يقود الفرقة التي حاربت في الفالوجة.
1953 الهزيمة وتردي الأوضاع الداخلية والفساد تؤدي إلى قيام الضباط الأحرار بثورة 23 يوليو ( تموز). اللواء محمد نجيب يصبح أول رئيس للجمهورية.
1954 عبد الناصر يصبح رئيسا للوزراء.
1955 عبد الناصر يلعب دورا أساسيا في مؤتمر باندونغ الذي أدى إلى تشكيل "حركة عدم الانحياز".
1956 استفتاء الشعب المصري حول دستور جديد وانتخاب عبد الناصر رئيسا للجمهورية. تأميم قناة السويس وبدء العدوان الثلاثي.
1958 قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا برئاسة عبد الناصر.
1958 ـ 1967 الإصلاح الزراعي - وضع حجر الأساس للسد العالي ـ إدخال المبادئ الاشتراكية على كافة مستويات الحكم والإدارة.
1967 الهزيمة في حرب "الأيام الستة" التي بدأت في الخامس من حزيران ـ يونيو.
1970 عبد الناصر يحل النزاع القائم بين الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية ثم يتوفى فجأة في الثامن والعشرين من أيلول ـ سبتمبر.



الناظر إلى أحوال العالم في نهاية القرن العشرين سيلاحظ حتما أن مبادئ كثيرة قد سقطت، أو بالأحرى أسقطت عمدا وعن سابق تصور وتصميم، بفعل انتصار أرباب النظام العالمي الجديد الذين استخدموا ويستخدمون قواهم المالية والقوى العسكرية للولايات المتحدة الأميركية القادرة على جر معظم البلدان الأخرى إلى تأييد مواقفها ـ رهبة لا رغبة، وبتبعية لم يعرفها العالم منذ عصور طويلة.

أجل! لقد سقط الانحياز وعدم الانحياز والحياد تباعا، ولم يعد أمام الدول سوى خيار واحد على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية وحتى الأمنية. فما تقرره الولايات المتحدة هو الصحيح، واقتصادها هو الاقتصاد الأمثل، ومن تنصبهم أبطالا يتم التصفيق لهم ويمنحون جوائز نوبل، ومن تصنفهم مجرمين إرهابيين يحاكمون سياسيا وإعلاميا وحتى قضائيا، ولو كانت منطلقاتهم ودوافعهم وأعمالهم لا تختلف جوهريا عنها لدى "الأبطال".

والمؤسف أن ذلك كله يتم باسم الحرية والديمقراطية. ولا ندري فعلا ما الحاجة إليهما، ولماذا يتم التشدق بهما بكرة وأصيلا.

ما هي الحاجة فعلا إلى الديمقراطية والحرية عندما يكون ثمة خيار واحد لا ثاني له؟ وكم هي الحاجة فعلا اليوم إلى زعماء وقادة من نوع عبد الناصر وديغول الذين قالوا: لا للتبعية، وعملوا على تحقيق نوع من الحياد الإيجابي بين القوتين العظميين (آنذاك)، وان كانوا لم يجدوا حرجا في "الانحياز" إلى إحداهما إذا وجدوا أنها كانت على حق.


ولد جمال عبد الناصر في الخامس عشر من شهر كانون الثاني ـ يناير 1918، في الإسكندرية من أسرة أصلها من قرية بني مر في محافظة أسيوط. وقد قال مرة في هذا الصدد: "إنني فخور بالانتماء إلى قرية بني مر الصغيرة. وإنني أكثر فخرا بانتمائي إلى عائلة فقيرة. إنني أقول هذا للتاريخ: إن عبد الناصر وُلد في أسرة فقيرة وسوف يحيا ويموت رجلا فقيرا".

نشأ عبد الناصر وتابع دروسه في الإسكندرية ثم القاهرة.
وكان والده موظفا بسيطا في الدولة. وقد أثرت نشأته وانتماؤه إلى عائلة فقيرة من قرية صغيرة في تكوين اتجاهاته إلى الدفاع عن الفقراء وتبني قضيتهم منذ صغره.

في عام 1936 صدرت إرادة ملكية سمحت لأبناء الطبقات الفقيرة بالانتماء إلى الكلية الحربية التي كانت قبل ذلك وقفا على الأغنياء. وهكذا انتسب إليها عبد الناصر وتخرج منها ضابطا ثم عُيّن في محافظة أسيوط (1938).
أدى تعيين عبد الناصر في وظيفته إلى اطلاعه على أمور الدولة والحكم عن قرب، وراح يكتشف مدى فساد حكم الملك فاروق تحت الانتداب البريطاني. فشكل مع جماعة من زملائه منظمة شبه سرية أطلقوا عليها اسم الضباط الأحرار.
سنة 1948 أرسل عبد الناصر إلى الفالوجة على راس قوة مصرية لمحاربة استيطان اليهود وتهجير الفلسطينيين. وقد حوصرت القوة التي يقودها، ولم تتلق أي دعم من الخطوط الخلفية بسبب الفوضى التي كانت سائدة بين الجيوش العربية غير المنظمة وغير الخاضعة لقيادة واحدة. بالإضافة إلى انحياز المستعمرين الإنكليز إلى جانب اليهود.

أدى ذلك كله إلى ازدياد وعى عبد الناصر للمسألة الفلسطينية خصوصا والقضية العربية عموما. وزاد أيضا من نقمته على الاستعمار بكافة أشكاله.
أدت خسارة حرب فلسطين وتفشي الفساد داخليا إلى قيام الضباط الأحرار بإعلان "ثورة 23 يوليو" 1952. وكان اللواء محمود نجيب أكبر أعضاء المجموعة سنا، ومعروفا في كافة الأوساط المصرية فعين قائدا للثورة.

في السادس والعشرين من تموز ـ يوليو غادر الملك فاروق مصر معلنا نجله الأمير احمد فؤاد ( الذي لا يتجاوز بضع سنوات من العمر) ملكا على مصر. في حين بدأت القوات البريطانية تغادر مصر، ومع نهاية العام 1954 لم يعد هناك أي جندي بريطاني على التراب المصري.

في تلك الأثناء كان الضباط الأحرار قد خلعوا الملك أحمد فؤاد (1953) وأعلنوا مصر جمهورية رئيسها اللواء محمد نجيب وتولى عبد الناصر منصب رئيس الوزراء. إلا أن نجيبا الذي لم تعوزه الشجاعة، كان مسالما، وقد عمل دائما ووصل إلى ما وصل إليه من خلال النظام، وبالتالي لم تكن لديه مخططات واضحة لإدخال تعديلات جذرية عليه. وهكذا وجد القائد الحقيقي لثورة يوليو، جمال عبد الناصر، أن ليس أمامه إلا أن يتولى زمام الأمور بنفسه. فأطاح باللواء محمد نجيب وتولى منصب رئاسة الجمهورية قبل نهاية العام 1954.

كانت الأمور حتى ذلك الحين تسير وفق ما عرف بـ "شرعية الثورة". وفي العام 1956 جرى استفتاء الشعب المصري على دستور جديد يتضمن مواصفات رئاسة الجمهورية، فأقره الشعب وصار عبد الناصر رئيسا للجمهورية بموجب الشرعية الدستورية.

صحيح أن الانقلاب العسكري حصل عام 1952 ولكن التغييرات الثورية الفعلية في السياسة الخارجية والداخلية لم تعرف طريقها إلى مصر إلا بعد أن صار عبد الناصر رئيسا للجمهورية.
في عام 1955 لعب عبد الناصر دورا أساسيا، إلى جانب الزعيمين الهندي نهرو واليوغوسلافي تيتو، في إنجاح مؤتمر باندونغ الذي أدى إلى إعلان "حركة عدم الانحياز".

وكان لقراراته الداخلية بتأميم قناة السويس (26 تموز ـ يوليو 1956 ) والبدء بتطبيق قوانين الإصلاح الزراعي أكبر الثر في تحسين مستوى معيشة غالبية الشعب المصري التي عانت من حالة العوز المدقع في زمن الحكم الملكي.
كان القرار بتأميم قناة السويس ردا مباشرا على قرار الحكومة الأميركية سحب تمويلها لمشروع السد العالي، أي أن هدفه المباشر كان وطنيا ـ اقتصاديا بحتا، ولكنه أدى إلى إعلان "العدوان الثلاثي" ( البريطاني ـ الفرنسي ـ الإسرائيلي) على مصر، والذي انتهى بعد ضغوط أميركية وسوفياتية إلى انسحاب المعتدين والإقرار بالسيادة الوطنية المصرية على قناة السويس.

بدأ نجم عبد الناصر يلمع في سماء السياسة العالمية، وصار له مركزه المرموق في البلدان التائقة إلى التحرر من سلطات الاستعمار والوصاية، وبات ملهما ومساعدا فعليا لحركات التحرر العالمي التي بدأت بالظهور في أفريقيا وآسيا. ولكن همه الأساسي كان دائما الوحدة العربية. وان كان قد عجز عن تحقيق الكثير في هذا المجال فعليا وعلى الأرض. فالوحدة مع سوريا لم تدم سوى سنوات معدودة (1958 ـ 1961)، وهي لم تكن سنوات حلوة على الإطلاق. وتدخل مصر في حرب اليمن في بداية الستينات أيضا كانت لها مرارتها الخاصة.
شهد شهر تموز ـ يوليو عام 1961 إقرار مجموعة كبيرة من المشاريع الإصلاحية الاشتراكية، أهمها تحديد الملكية الزراعية ب 100 فدان للعائلة، تأميم المنشآت المصرية الكبرى، ومنح العمال والفلاحين حقوقا وامتيازات لم يحظوا بمثلها من قبل.

اخذ التنظيم السياسي لثورة يوليو أسماء مختلفة: "منظمة التحرير" (1953)، "الاتحاد الوطني" (1957) ولكنه رسا على اسم "الاتحاد الاشتراكي" بدءا من العام 1962 وبقي على هذا الاسم حتى بعد وفاة عبد الناصر.
توطدت العلاقات بين الاتحاد السوفياتي ومصر بعد انسحاب الولايات المتحدة من تمويل المشاريع الاقتصادية، وساعد السوفياتُ في بناء السد العالي وفي الكثير من المشاريع المصرية الأخرى، بالإضافة طبعا إلى تزويد مصر بالسلاح والمعدات العسكرية، وحتى بالخبراء العسكريين.
في النصف الثاني من الستينات بدا أن النزاع العربي ـ الإسرائيلي سائر إلى الجمود، أراد عبد الناصر تحريك المسالة اعتقادا منه أن القوة العربية كافية لتحقيق نصر حاسم. وفاته، لأسباب عديدة في مقدمها ضعف أجهزة المخابرات العربية، والتعتيم التام على كل ما يتعلق بالعدو، أن الدولة العبرية كانت تبنى على أسس حديثة ومتينة، مثل البناء الجديد الذي يمكن تكييفه بالكامل، فيما كانت الدول العربية تعاني في إعادة بناء نفسها من مشاكل وعقبات عديدة يعود بعضها إلى زمن الاستعمار التركي.

وهكذا فاجأت إسرائيل العرب، بل العالم كله، بالنصر الحاسم الذي حققته في حرب الأيام الستة التي بدأت في الخامس من حزيران 1967 بعد أيام قليلة من إعلان مصر طرد مراقبي الأمم المتحدة وإغلاق مضائق تيران في وجه الملاحة المتوجة إلى إسرائيل.

بعد انكشاف مدى الهزيمة التي لحقت بمصر والعرب وأدت إلى احتلال إسرائيل شبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان وكامل الضفة الغربية لنهر الأردن، أي فلسطين بكاملها، بما فيها القدس طبعا، أعلن عبد الناصر استقالته من منصبه. ولكن المظاهرات عمت القاهرة والمدن المصرية والعالم العربي مطالبة بعودته عن استقالته. فاستجاب، وصرف السنوات اللاحقة في إعادة بناء القوات المسلحة، إلى أن وافته المنية فجأة في الثامن والعشرين من أيلول ـ سبتمبر 1970، بعد ساعات قليلة من قيامه بوداع آخر الملوك والرؤساء العرب الذين حضروا مؤتمر القمة العربية التي نجحت في إنهاء الصراع المسلح الذي احتدم ذلك الشهر بين الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية.
قدر عدد الذين شاركوا في تشييع نعش جمال عبد الناصر في شوارع القاهرة بأكثر من ثلاثة ملايين .