المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترجمة الإمام ابن القيم[1] ـ رحمه الله ـ


أفاق الفكر
09-17-2006, 12:45 AM
ترجمة الإمام ابن القيم[1] ـ رحمه الله ـ

عبدالرحمن بن محمد بن علي الهرفي
الداعية بمركز الدعوة بالمنطقة الشرقية


اسمه ونسبه :

أبو عبدالله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز بن مكي زيد الدين الزُّرعي ثم الدمشقي الحنبلي الشهير بابن قيم الجوزية .
واشتهر ـ رحمه الله ـ بإبن قيم الجوزية [2].
وقيم الجوزية هو والده ـ رحمه الله ـ فقد كان قيما على المدرسة الجوزية بدمشق مدة من الزمن ، واشتهر به ذريته وحفدتهم من بعد ذلك ، وقد شاركه بعض أهل العلم بهذه التسمية [3].
وتقع هذه المدرسة بالبزورية المسمى قديما سوق القمح ، وقد اختلس جيرانها معظمها وبقي منها الآن بقية ثم صارت محكمة إلى سنة 1372هـ [4]

مولده ونشأته :
ولد في اليوم السابع من شهر صفر لعام 691هـ . قيل أنه ولد في زرع وقيل في دمشق .

عبادته وزهده :
قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ : وكان ـ رحمه الله تعالى ـ ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى ، وتأله ولهج بالذكر وشغف بالمحبة ، والإنابة والاستغفار والافتقار إلى الله والانكسار له ، والإطراح بين يديه وعلى عتبة عبوديته ، لم أشاهد مثله في ذلك ولا رأيت أوسع منه علماً ، ولا أعرف بمعاني القرآن والسنة وحقائق الإيمان منه ، وليس بمعصوم ، ولكن لم أر في معناه مثله . وقد امتحن وأوذي مرات ، وحبس مع الشيخ تقي الدين في المرة الأخيرة بالقلعة منفردا عنه ولم يخرج إلا بعد موت الشيخ . وكان في مدة حبسه منشغلا بتلاوة القرآن بالتدبر والتفكر ففتح عليه من ذلك خير كثير وحصل له جانب عظيم من الأذواق والمواجيد الصحيحة ، وتسلط بسبب ذلك على الكلام في علوم أهل المعارف والدخول في غوامضهم وتصانيفه ممتلئة بذلك . ) [5]

وقال ابن كثير ـ رحمه الله ـ : ( لا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادة منه ، وكانت له طريقة في الصلاة يطيلها جدا ، ويمد ركوعها وسجودها ، ويلومه كثير من أصحابه في بعض الأحيان فلا يرجع ولا ينزع عن ذلك ـ رحمه الله تعالى ـ ) [6]

أعماله ـ رحمه الله ـ :

1. الإمامة بالجوزية .
2. التدريس بالصدرية ، وأماكن أخرى .
3. التصدي للفتوى .
4. التأليف .

فتاوى امتحن بسببها :

* مسألة الطلاق الثلاث بلفظ واحد .
* فتواه بجواز المسابقة بغير محلل : وذكر ابن حجر ـ رحمه الله ـ أنه رجع عن هذه الفتوى [7]، وما ثمة دليل على الرجوع ، والله أعلم بالصواب ، وقوله هو الصواب الموافق للدليل [8] .
* إنكاره شد الرحال إلى قبر الخليل .
* مسألة الشفاعة والتوسل بالأنبياء .
فرحمه الله تعالى وهذا هو طريق الأنبياء والمرسلين ، فمن ابتلى في الله علم أنه على طريق إمام الموحدين الخليل إبراهيم ومن بعده سيد ولد آدم محمد ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ .

اتصاله بشيخ الإسلام ـ رحمهما الله وغفر لهما ـ :
اتفقت كلمة المؤرخين على أن تاريخ اللقاء كان منذ سنة 712هـ وهي السنة التي التي عاد فيها شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ من مصر إلى دمشق واستقر فيها إلى أن مات ـ رحمه الله ـ سنة 728هـ .
وقد تاب ـ رحمه الله ـ على يد شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ قال :

يا قوم والله العظيم نصيحة *** من مشفق وأخ لكم معوان
جربت هذا كله ووقعت في *** تلك الشباك وكنت ذا طيران
حتى أتاح لى الإله بفضله *** من ليس تجزيه يدى ولساني
بفتى أتى من أرض حران فيا *** أهلا بمن قد جاء من حران
فالله يجزيه الذي هو أهله *** من جنة المأوى مع الرضوان
أخذت يداه يدي وسار فلم يرم *** حتى أراني مطلع الإيمان
ورأيت أعلام المدينة حولها *** نزل الهدى وعساكر القرآن
ورأيت آثارا عظيما شأنها *** محجوبة عن زمرة العميان


مشايخه :

له عدد كبير من المشايخ جمعهم معالي الشيخ بكر أبو زيد ـ وفقه الله لكل خير وبر ـ وذكر منهم خمسة وعشرين ونذكر بعضهم :


1. قيم الجوزية : والده ـ رحمه الله ـ .
2. شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ .
3. ابن عبدالدائم : أحمد بن عبدالدائم بن نعمة المقدسي مسند وقته ـ رحمه الله ـ .
4. أحمد بن عبدالرحمن بن عبدالمنعم بن نعمة النابلسي ـ رحمه الله ـ .
5. ابن الشيرازي : ذكر في مشيخة ابن القيم ولم يذكر نسبه فاختلف فيه .
6. المجد الحراني : إسماعيل مجد الدين بن محمد الفراء شيخ الحنابلة ـ رحمه الله ـ .
7. ابن مكتوم : إسماعيل الملقب بصدر الدين والمكنى بأبي الفداء بن يوسف بن مكتوم القيسي ـ رحمه الله ـ .
8. الكحال : أيوب زين الدين بن نعمة النابلسي الكحال ـ رحمه الله ـ .
9. الإمام الحافظ الذهبي ـ رحمه الله ـ .
10. الحاكم : سليمان تقي الدين أبو الفضل بن حمزة بن أحمد بن قدامة المقدسي مسند الشام وكبير قضاتها ـ رحمه الله ـ .
11. شرف الدين ابن تيمية : عبدالله أبو محمد بن عبدالحليم بن تيمية النميري أخو شيخ الإسلام ـ رحمهما الله ـ .
12. بنت الجوهر : فاطمة أم محمد بنت الشيخ إبراهيم بن محمود بن جوهر البطائحي البعلي ، المسندة المحدثة ـ رحمها الله ـ .

طلابه :

وتلاميذه كثر ذكر منهم الشيخ بكر احدى عشر ونذكر بعضهم :
1. البرهان بن قيم الجوزية : ابنه برهان الدين إبراهيم ـ رحمهما الله ـ .
2. الإمام الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ .
3. الإمام ابن رجب ـ رحمه الله ـ .
4. السبكي : علي بن عبدالكافي بن علي بن تمام السبكي ـ رحمه الله ـ .
5. الإمام الحافظ الذهبي ـ رحمه الله ـ .
6. الحافظ ابن عبدالهادي : محمد بن أحمد بن عبدالهادي بن قدامة المقدسي ـ رحمه الله ـ .
7. الفيروزآبادي : محمد بن يعقوب بن محمد الفيروزآبادي صاحب القاموس ـ رحمه الله ـ .

مؤلفاته ـ رحمه الله ـ ونذكر منها :

بلغ بها معالي الشيخ بكر أبو زيد 98 مؤلفا ومنها :

1. الصواعق المرسلة .
2. زاد المعاد .
3. مفتاح دار السعادة .
4. مدارج السالكين
5. الكافية الشافية في النحو
6. الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية
7. الكلم الطيب والعمل الصالح
8. الكلام على مسألة السماع
9. هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
10. المنار المنيف في الصحيح والضعيف
11. معالم الموقعين عن رب العالمين
12. الفروسية
13. طريق الهجرتين وباب السعادتين
14. الطرق الحكمية

وفاته :

توفي ـ رحمه الله ـ في ليلة الخميس 13/7/751هـ وقت أذان العشاء وبه كمل من العمر ستون سنة .
وصلي عليه في الجامع الأموي ثم بجامع جراح وقد ازدحم الناس للصلاة عليه .

-------------------
[1] ذيل طبقات الحنابلة (2/447 )لابن رجب ، ذيل العبر (5/282) للذهبي ، المقصد الأرشد (2/ 384) لإبن مفلح ، الدر المنضد للعليمي (2/ 521) المنهج الأحمد (5/92) للعليمي ، معجم المؤلفين (3/164) ، التسهيل برقم : 1779، ابن القيم حياته وآثاره ـ لمعالي الشيخ بكر أبو زيد ـ وأكثر النقل عنه ـ ، علماء الحنابلة ـ لبكر أبو زيد برقم : 2109
[2] وأطلق عليه زاهد الكوثري الجهمي الهالك ابن زفيل !! وكان يسبه كثيرا ووقفت على كتاب الرد على أحكام الطلاق وقد أكثر من سب الشيخ الإمام بأقبح السباب فيقول : حمار وكلب وغيرها ، وكما قيل كل إناء بما فيه ينضح ، وقد سب غيره من علماء السلف ـ رحمهم الله ـ وعامل الكوثري بعدله .
[3] ابن القيم حياته وآثاره ـ 28 .
[4] منادمة الأطلال ـ عبدالقادر بدران ـ المكتب الإسلامي ـ 227
[5] ذيل طبقت الحنابلة ، 2/448 .
[6] البداية والنهاية : 14/202
[7] الدرر الكامنة : 4/23
[8] وهو أختيار شيخنا معالي الشيخ صالح الفوازان ـ وفقه الله لكل خير وبر ـ .



ترجمة الإمام ابن القيم -رحمه الله-


نسبه ونسبته:

هو الفقيه، المفتي، الإمام الربّاني شيخ الإسلام الثاني أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزُّرعي ثم الدِّمشقي الشهير بـ"ابن قيم الجوزية" لا غيره خلافًا للكوثري الذي نبزه بـ"ابن زفيل" .
ولادته:

ولد -رحمه الله- في السابع من شهر صفر الخير سنة (691هـ). أسرته ونشأته وطلبه للعلم:

نشأ ابن قيِّم الجوزية في جوِّ علمي في كنف والده الشيخ الصالح قيم الجوزية، وأخذ عنه الفرائض، وذكرت كتب التراجم بعض أفراد أسرته كابن أخيه أبي الفداء عماد الدين إسماعيل بن زين الدين عبد الرحمن الذي اقتنى أكثر مكتبة عمّه، وأبناؤه عبد الله وإبراهيم، وكلهم معروف بالعلم وطلبه.
وعُرف عن ابن قيم الجوزية -رحمه الله- الرغبة الصادقة الجامحة في طلب العلم، والجَلَد والتَّفاني في البحث منذ نعومة أظفاره؛ فقد سمع من الشِّهاب العابر المتوفى سنة (697هـ) فقال -رحمه الله- : "وسمّعت عليه عدّة أجزاء، ولم يتفق لي قراءة هذا العلم عليه؛ لصغر السِّنِّ ، واخترام المنية له -رحمه الله- " وبهذا يكون قد بدأ الطلب لسبع سنين مضت من عمره.

رحلاته:

قَدم ابن قيّم الجوزية -رحمه الله- القاهرة غير مرّة ، وناظر ، وذاكر.
وقد أشار إلى ذلك المقريزي فقال : "وقدم القاهرة غير مرّة" .
قال: "وذاكرت مرة بعض رؤساء الطب بمصر" .
وقال: "وقد جرت لي مناظرة بمصر مع أكبر من يشير إليه اليهود بالعلم والرياسة" .

وزار بيت المقدس، وأعطى فيها دروسًا.
قال: "ومثله لي قلته في القدس" .
وكان -رحمه الله- كثير الحجِّ والمجاورة كما ذكر في بعض كتبه . قال ابن رجب: وحج مرات كثيرةً، وجاور بمكة، وكان أهل مكة يذكرون عنه من شدّة العبادة وكثرة الطواف أمرًا يُتعجب منه" .

مكتبته:

كان ابن قيّم الجوزية -رحمه الله- مُغرمًا بجمع الكتب، وهذا دليلُ الرَّغبة الصّادقة للعلم بحثًا وتصنيفًا، وقراءةً وإقراءً يظهر ذلك في غزارة المادة العلمية في مؤلفاته، والقدرة العجيبة على حشد الأدلة.
وقد وصف تلاميذه -رحمهم الله- مكتبته فأجادوا:
قال ابن رجب: "وكان شديد المحبة للعلم وكتابته ومطالعته وتصنيفه، واقتناء الكتب، واقتنى من الكتب ما لم يحصل لغيره" .
وقال ابن كثير -رحمه الله-: "واقتنى من الكتب ما لم لا يتهيأ لغيره تحصيل عُشْرِه من كتب السلف والخلف" .
قلت: ومع هذا كله يقول بتواضع جم: "بحسب بضاعتنا المزجاة من الكتب" .
ورحم اللهُ شيخه شيخَ الإسلام ابن تيمية القائل: "فمن نوّر الله قلبه هداه ما يبلغه من ذلك، ومن أعماه لم تزدْهُ كثرةُ الكتب إلا حيرة وضلالةً" .

مشاهير شيوخه:

تلقى ابن قيم الجوزية -رحمه الله- العلم على كثير من المشايخ ، ومنهم:
1- قيم الجوزية والده -رحمه الله-.
2- شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لازمه ، وتفقه به، وقرأ عليه كثيرًا من الكتب ، وبدأت ملازمته له سنة (712هـ) حتى توفي شيخ الإسلام سجينًا في قلعة دمشق (728هـ).
3- المزي -رحمه الله- .
تلاميذه :
1- ابن رجب الحنبلي ، صرح بأنه شيخه، ثم قال: "ولازمت مجالسه قبل موته أزيد من سنة ، وسمّعت عليه قصيدته النونية الطويلة في السّنة ، وأشياء من تصانيفه وغيرها" .
2- ابن كثير -رحمه الله- قال : "وكنت من أصحب الناس له وأحبّ الناس إليه" .
3- الذهبي -رحمه الله- ترجم لابن القيم الجوزية في "المعجم المختص" بشيوخه .
4- ابن عبد الهادي -رحمه الله- ؛ كما قال ابن رجب: "وكان الفضلاء يعظمونه ويتتلمذون له كابن عبد الهادي وغيره" .
5- الفيروزآبادي صاحب "القاموس المحيط" ، كما قال الشوكاني: "ثم ارتحل إلى دمشق فدخلها سنة (755هـ) فسمع من التقي السبكي وجماعة زيادة عن مائة كابن القيم" .
علاقته بشيخه ابن تيمية ومنهجه :
بدأت ملازمة ابن قيم الجوزية لشيخ الإسلام ابن تيمية عند قدومه إلى دمشق سنة (712هـ) ، واستمرت إلى وفاة الشيخ سنة (728هـ) ، وبهذا تكون مدة مرافقة ابن قيم الجوزية لشيخه ستة عشر عامًا بقي طيلتها قريبًا منه يتلقى عنه علمًا جمًا ، وقرأ عليه فنونًا كثيرة.
قال الصفدي: "قرأ عليه قطعة من "المحرّر" لجدّه المجد، وقرأ عليه من "المحصول" ، ومن كتاب "الأحكام" للسيف الآمدي، وقرأ عليه قطعة من "الأربعين" و"المحصل" وقرأ عليه كثيرًا من تصانيفه" .
وبدأت هذه الملازمة بتوبة ابن قيم الجوزية على يدي شيخه ابن تيمية ؛ كما أشار إلى ذلك بقوله

يـا قـوم والله العظيـم نصـيحة
مـن مشـفق وأخ لكـم معـوان

جربت هـذا كلـه ووقعت فـي
>تلك الشبــاك وكنت ذا طيـران

حتى أتـاح لـي الإلـه بفضلـه
مـن ليس تجـزيه يـدي ولسـاني

فتـى أتى مـن أرض حـرّان فيا
أهلًا بمـن قـد جـاء من حــران

وكان لهذه الملازمة أثرٌ بالغٌ في نفس ابن قيم الجوزية ؛ فشارك شيخه في الذَّبِّ عن المنهج السلفي، وحمل رايتَه من بعده ، وتحرر من كل تبعية لغير كتاب الله وسُنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بفهم السلف الصالح.

منقول عبر النت من صيد الفوائد واخرى