المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فكيف يتزوج هذا بثانية؟ ... تعدد الزوجات


أفاق : الاداره
09-14-2006, 01:15 AM
فكيف يتزوج هذا بثانية؟ ... تعدد الزوجات


رئيسية :عام :الاثنين 18 شعبان 1427هـ – 11 سبتمبر 2006م

عزيزي القارئ:

لعلك تتعجب معي من هذه النماذج لبعض الرجال:

منهم من ضعف عن القيام بالنفقة على زوجاته ، وعجز عن تربية الأولاد والنظر في مصالحهم نتيجة لضيق الوقت وقلة المال، فكيف يتزوج هذا ثانية؟

ومنهم من سلك طريق الإغاظة والكيد لإحدى نسائه، ومقارنتها بالأخرى، إلى غير ذلك من صور الإضرار ... فكيف يتزوج هذا بثانية؟

ومنهم من تكتم أمر زواجه بثانية، واكتفى بالذهاب ساعة أو بضع ساعات بالنهار إلى إحدى زوجاته، على أن يكون بياته عند الثانية كالمعتاد، وقد يموت ولا تعلم امرأته ببقية نسائه ولا أولاده ببقية إخوتهم، فكيف يتزوج هذا بثانية؟

ومنهم من يسارع بتطليق واحدة من نسائه خلاصًا من المشاكل وهؤلاء كثير، فيصيبها بمضرة وأذى، وخصوصًا إن كان لديها أولاد، فكيف يتزوج هذا بثانية؟

ولمثل هذه النماذج نوجه الحديث حيث أن التعدد في هذا الحال يكون سببًا من أسباب المشاكل النفسية، والاضطرابات التي تصيب الزوجة وكذلك الأبناء.

فمن يريد أن يحقق سنة التعدد فلا يضيع الفرائض، فالله عز وجل لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة، كما قال أبو بكر الصديق لعمر رضي الله عنهما: [ ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، فنفس تنجيها خير من تعدد لا تقوى عليه ولا تقوم بحقه ].

وقد قال العلامة السفاريني في 'غذاء الألباب': [ ويستحب أن لا يزيد على واحدة إن حصل بها الاعفاف، وكل هذا لقوله سبحانه وتعالى: { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت إيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا } [ النساء : 3 ].

قال المفسرون: [ أقرب من أن لا تميلوا، يُقال: عال الميزان إذا مال ].

الشق المائل

وتأمل معي عزيزي القارئ حديث رسولنا الكريم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [[ من كانت عنده امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط ]][1] ، وفي لفظ أبي داود قال صلى الله عليه وسلم: [[ من كانت له امرأتان فمال لأحداهما جاء يوم القيامة؛ وشقه مائل ]][2]

ومن هنا نخرج بفائدة، وهي أنه لا يتزوج ثانية إلا من اتسم بصفات شخصية خاصة، وهو الرجل العدل الحازم، وأيضًا عنده قدره مادية وجسدية؛ حتى لا يتسبب من لا يمتلكون هذه الصفات في زعزعة وخللة البناء الأسري في المجتمع.

وقد مر بنا حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول:[[ اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ]][3] ، يعني : القلب

الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم

وانظر أيضًا عزيزي القارئ إلى جزاء المقسطين عند ربهم، فقد روى مسلم وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[ إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلوا ]][4].

وخلاصة القول:

لقد سمعنا الكثير من القصص العجيبة والمآسي التي تظهر التعدد بصورة منفرة، ورأينا من أساء وتعدى وظلم، ففي الوقت الذي أراد فيه الرجل أن يقيم سنة التعدد؛ ذهب يضيع الفرائض ويضيع نفسه ومن يعول، والمشكلة هنا ليست في شرع الله، وإنما في الأخطاء الشخصية والفردية التي يفعلها الأفراد، وبالتالي لا ننسب إلي شرع الله الخطأ والظلم، فالدين لا يضيره إساءة بعض المسلمين لرخصة التعدد دون عدل.

وفق الله الجميع لما فيه الخير لبناء الأسرة المسلمة

وتذكر عزيزي القارئ:

إن تعدد الزوجات بمثابة الدواء والعلاج لأمراض كثيرة، وهو أمر مباح، ويُسن إذا حسُنت النوايا وروعيت فيه الضوابط الشرعية، وقد ينقلب حرامًا إذا ما خاف الإنسان الجور وعدم العدل، أو جرى الاشتراط اللفظي أو العرفي بمنع التعدد عند العقد.
ـــــــــــــــــــــ

[1] صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، [1949].

[2] صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، [2133].

[3] ضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود، [2134].

[4] صححه الألباني في صحيح الجامع، [1953].