المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من فتاوى ابن باز


مــــريـــــــم
06-18-2006, 06:11 PM
من فتاوى ابن باز

للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ..

والشيخ ابن عثيمين

السؤال : ما هي أنواع التوحيد مع تعريف كل منها ؟

ج : أنواع التوحيد : ثلاثة : توحيد الربوبية ، وتوحيد الإلهية ، وتوحيد الأسماء والصفات ، فتوحيد الربوبية : هو إفراد الله تعالى بالخلق والرزق والإحياء والإماتة وسائر أنواع التصريف والتدبير لملكوت السموات والأرض ، وإفراده تعالى بالحكم والتشريع بإرسال الرسل وإنزال الكتب ، قال تعالى : ( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين )(الأعراف/54) .
وتوحيد الألوهية : هو إفراد الله تعالى بالعبادة فلا يعبد غيره ، ولا يدعى سواه ، ولا يستغاث ولا يستعان إلاّ به ، ولا ينذر ولا يذبح ولا ينحر إلاّ له ، قال الله تعالى : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين )(الأنعام/162 ، 163) ، وقال : ( فصل لربك ونحر )(الكوثر/2) .
وتوحيد الأسماء والصفات : هو وصف الله تعالى وتمسيته بما وصف وسمّى به نفسه ، وبما وصفه وسمّاه به رسوله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة ، وإثبات ذلك له من غير تشبيه ولا تمثيل ومن غير تأويل ولا تعطيل : ( ليس كمثله شيءٌ وهو السميع البصير )(الشورى/11) .

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (1/55) .



السؤال : ما المقصود بتوحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية ، وتوحيد الأسماء والصفات والذات ؟

ج : توحيد الربوبية : هو توحيد الله بأفعاله من الخلق والرزق والإحياء والإماتة ونحو ذلك ، وتوحيد الألوهية : هو إفراد الله بالعبادة من صلاة وصوم وحج وزكاة ونذر وذبح ونحو ذلك ، وتوحيد الأسماء والصفات أن تصف الله بما وصف به نفسه ، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم ، وتسميه بما سمى به نفسه ، أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم ، من غير تشبيه ولا تمثيل ، ومن غير تحريف ولا تعطيل .

وبالله التوفيق . وصلى الله على نبينا محمد ، وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( 1/54).

توحيد الربوبية



السؤال : هل هناك من الناس من يجري الرزق إلى غيره من المخلوقات أو يدفع الضر عنه ؟

ج : الله هو الرزاق ذو القوة المتين ، وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويدفع الضر ، أما الإنسان الحي فقد يجعله الله سببـًا في كسب الرزق لإنسان آخر ، ودفع الضر عنه بإذن الله تعالى ، أما هو في نفسه فلا يملك لنفسه ولا لغيره نفعـًا ولا ضرًا .

للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ..



سؤال : يقول بعض الناس كيف يكون الرزق كله من الله وأنا يمكنني أن أزيد في عملي اليوم من أجل أن أحصل رزق أكثر فكيف يكون مقدر عليّ الرزق ومكتوب عليّ لا دخل لي في زيادته أو نقصانه ، وهل هناك كتب تبحث في مثل هذه القضايا فتدلونا عليها ؟
ج : الرزق من عند الله إيجادًا وتقديرًا وإعطاءً وكسبـًا وتسببـًا، فالعبد يباشر السبب أيـًّا كان صعبـًا أو سهلاً كثيرًا أو قليلاً ، والله يقدر السبب ويوجده فضلاً منه ورحمة فينسب الرزق إلى الله تقديرًا وإعطاءً وإلى العبد تسببـًا وكسبـًا .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ..


نظرية النشوء والارتقاء :

سؤال : هناك من يقول : إن الإنسان منذ زمن بعيد كان قردًا وتطور فهل هذا صحيح ، وهل من دليل ؟

ج : هذا القول ليس بصحيح والدليل على ذلك أن الله بيّن في القرآن أطوار خلق آدم فقال تعالى : ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من ترابٍ )(آل عمران/59) ثم إن هذا التراب بُل حتى صار طينـًا لازبـًا يعلق بالأيدي فقال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين )(المؤمنون/12) ، وقال تعالى : ( إنا خلقناهم من طين لازب )(الصافات/11) ثم صار حمـأ مسنونـًا ، قال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من صلصالٍ من حمأ مسنون )(الحجر/26) ثم لما يبسي صار صلصالاً كالفخار قال تعالى : ( خلق الإنسان من صلصالٍ كالفخار )(الرحمن/14) وصوّره الله على الصورة التي أرادها ونفخ فيه من روحه ، قال تعالى : ( وإذ قال ربك للملائكة إني خالقٌ بشرًا من صلصالٍ من حمأ مسنون ، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين )(الحجر/28 ، 29) هذه هي الأطوار التي مرت على خلق آدم من جهة القرآن ، وأما الأطوار التي مرت على خلق ذرية آدم فقال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرارٍ مكين * ثم خلقنا النطفة علقةً فخلقنا العقلة مضغة فخلقنا المضغة عظامـًا فكسونا العظام لحمـًا ثم أنشأناه خلقـًا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين )(المؤمنون/12ـ14) .
أما زوجة آدم " حواء " فقد بيّن الله تعالى أنه خلقها منه فقال تعالى : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ، وبث منهما رجالاً كثيرًا ونساءً )(النساء/1) ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .


هل في الحيوان المنوي روح؟

سؤال : هل نفهم من نفخ الروح في الجنين بعد أربعة أشهر أن الحيوان المنوي المتحد ببويضة المرأة والذي يتكون الجنين منه لا روح فيه أو ماذا ؟
ج : لكل من الحيوان المنوي وبويضة المرأة حياة تناسبه إذا سلم من الآفات تهيئ كلاً منها بإذن الله وتقديره للاتحاد بالآخر ، وعند ذلك يتكون الجنين إن شاء الله ذلك ، ويكون حيـًا أيضـًا حياة تناسبه حياة النمو والتنقل في الأطوار المعروفة ، فإذا نفخ فيه الروح سرت فيه حياة أخرى بإذن الله اللطيف الخبير ،ومهما بذل الإنسان وسعه ولو كان طبيبـًا ماهرًا فلن يحيط علمـًا بأسرار الحمل وأسبابه وأطواره ، إنما يعرف عنه بما أوتي من علم وفحص وتجارب بعض الأعراض والأحوال ، قال الله تعالى : ( الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد ، وكل شيء عنده بمقدار * عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال )(الرعد/8 ، 9) ، وقال تعالى : ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام )(لقمان/34) . وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ..


معنى الاستخلاف في الأرض

سؤال : وجدت في بعض الكتب عبارة " وأنتم أيها المسلمون خلفاء الله في أرضه " فما حكم ذلك ؟
ج : هذا التعبير غير صحيح من جهةٍ معناه ، لأن الله تعالى هو الخالق لكل شيء، المالك له، ولم يغب عن خلقه وملكه ، حتى يتخذ خليفة عنه في أرضه ، وإنما يجعل الله بعض الناس خلفاء لبعض في الأرض ، فكلما هلك فرد أو جماعة أو أمة جعل غيرها خليفة منها يخلفها في عمارة الأرض كما قال تعالى : ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعضٍ درجاتٍ ليبلوكم فيما آتاكم )(الأنعام/165) ، وقال تعالى : ( قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا ، قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون )(الأعراف/129) وقال تعالى : ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة )(البقرة/30) أي نوعـًا من الخلق يخلف من كان قبلهم من مخلوقاته .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ..



توحيد الألوهية

س 1: لماذا سمي الدين الإسلامي بالإسلام ؟
ج1: لأن من دخل فيه أسلم وجهه لله واستسلم وانقاد لكل ما جاء عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحكام ، قال تعالى : ( وَمَن يَرْغَبُ عن مِلَّة إبراهيم إلا من سَفِه نَفسَهُ ) .. إلى قوله : ( إذ قال لهُ رَبُّهُ أسلم قال أسلمت لِرَبِ العالمين ) ، وقال : ( بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فلهُ أجره عند ربه ) .

فتاوى اللجنة الدائمة 1/76


س 2 : ما هي حقيقة الإسلام

ج 2: حقيقة الإسلام جاءت في جواب الرسول صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه الصلاة والسلام حينما سأله عن الإسلام فقال : " الإسلام : أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً ) ، ويدخل في ذلك الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، كما يدخل في ذلك الإحسان وهو: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك؛ لأن الإسلام متى أطلق شمل هذه الأمور؛ لقول الله تعالى: ( إن الدين عند اللهِ الإسلام ) ، وحديث جبرائيل حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان أجابه بما ذكر، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن جبرائيل سأل عن هذه الأمور لتعليم الناس دينهم، ولا يخفى أن هذا يدل أن دين الإسلام هو الانقياد لأوامر الله ظاهرًا وباطنًا وترك ما نهى عنه ظاهرًا وباطنًا، وهذا هو الإسلام الكامل .

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 1/83.


س 3: ما هي العبودية الحقيقة ؟ أهي جعل المرء غيره عبدًا ولو كان على غير طريقة الإسلام ؟
ج4: العبودية أنواع :

1- عبودية حقيقية عامة لجميع الخلق في كل زمان، وهذه ليست لأحد إلا لله وحده، كما في قوله تعالى: ( إن كل من في السموات والأرض إلا آتى الرحمن عبدًا . لقد أحصاهم وعدهم عدًّا . وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا ) وفي الحديث القدسي الذي رواه مسلم عن أبي زر الغفاري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ قال الله تعالى : يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا ).. الحديث . وكما في الحديث النبوي في الدعاء المشهور: ( اللهم إني عبدك ابن عبدك ماضٍ فيّ حكمك ، عدل فيّ قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي ) . فهذه عبودية كونية قدرية حقيقية عامة ، مقتضاها تصرف الله في خلقه كيف يشاء، وانقيادهم له طوعًا وكرهًا، لا معقب لحكمه وهو اللطيف الخبير، لا شريك له في شيء من ذلك .
2- عبودية تشريف وتكريم لأصفيائه وأوليائه من أنبيائه وملائكته وسائر الصالحين من عباده، كما في قول الله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ) الآيات ، وقوله تعالى في الملائكة: ( بل عبادٌ مكرمون ) الآيات ، وقوله تعالى في عموم الصالحين: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا) إلى الآية الأخيرة من سورة الفرقان .
وهذه عبودية حقيقية خاصة اختص الله تعالى بها الصالحين الأخيار من عباده ، تشريفًا لهم وتكريمًا .
3- عبودية بين مخلوق ومخلوق وهذه عبودية خاصة محدودة مؤقتة، وهي إما شرعية إن كانت عن حرب إسلامية للكفار، خولها الله للغانمين ولمن اشترى منهم وجعل لهم حقوقًا، وإما غير شرعية وهي التي تكون عن سرقة أحرار أو التسلط عليهم ظلمًا وعدوانًا، أو تكون بشراء من هؤلاء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " يقول الله تعالى : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثم غدر ، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره) متفق عليه .

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 1/83.



س4: ما تفسير كلمة (لا إله إلا الله ، محمدًا رسول الله ) ؟

شهادة أن (لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله) هي الركن الأول من أركان الإسلام، ومعنى (لا إله إلا الله): لا معبود بحق إلا الله، وهي نفي وإثبات. (لا إله ) نافيًا جميع العبادة لغير الله، (إلا الله ) مثبتًا جميع العبادة لله وحده لا شريك له، ونوصيك بمراجعة كتاب [ فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ] تأليف الشيخ عبد الرحمن بن حسن؛ لأنه قد بسط الكلام في ذلك في باب تفسير التوحيد وشهادة ألا إله إلا الله. وأما كلمة (محمد رسول الله ) فمعناها: الإقرار برسالة محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان بها والانقياد لها قولاً وفعلاً واعتقادًا، واجتناب كل ما ينافيها من الأقوال والأعمال والمقاصد والتروك، وبعبارة أخرى معناها: طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب مانهى عنه وزجر وأن لا يعبد الله إلا بما شرع .

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 1/78


س 5 : من مات وله خمس نسوة أو زائد أهو مسلم لنصلي عليه بعد موته وقد علمنا قول الله جل شأنه : ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعضٍ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ) ؟
ج5 : لا يثبت الإيمان لمن قال : لا إله إلا الله، إلا إذا قالها خالصًا من قلبه، ولا تعتبر عند الله إلا إذا كانت كذلك، أما في الدنيا فيعامل من قالها معاملة المسلمين مطلقًا ولوكا ن غير مخلص فيها؛ لأنا إنما نأخذ بالظاهر والله هو الذي يتولى السرائر، ومن قالها وأتى بما ينقضها كفر، كمن يستحل ما علم من الدين بالضرورة بعد البلاغ، مثل: مستحل الزنى، ونكاح المحارم، ومن نواقضها ترك الصلاة عمدًا مع إبلاغه وأمره والنصح له، على الصحيح من أقوال العلماء، ومنها تعليق الحجب والتمائم، من غير القرآن، مع اعقتاد تأثيرها، أما إذا اعتقد أنها سبب للشفاء أو حفظه من الجن والعين فهي محرمة ولا تنقض الإسلام، ولكنها من أنواع الشرك الأصغر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعه فلا ودع الله له " ، وأما تعليق التمائم من القرآن ففي جوازه خلاف بين العلماء، والأرجح تحريم ذلك؛ لعموم الأدلة، ولسد الذريعة المفضية إلى تعليق غيره.

ومن نواقض الإسلام الاستغاثة بالأموات والأصنام ونحوها من الجمادات أو بالغائبين من الجن والإنس أو بالأحياء الحاضرين فيما لا يقدر عليه إلا الله . ونحو ذلك .

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 1/ 99



توحيد الأسماء والصفات

ما يعتقده المسلم في أسماء الله وصفاته

سئل سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ ما هي عقيدتكم التي تدينون الله بها في أسماء الله وصفاته ، وبخاصة في إثبات صفة العلو لربنا تبارك وتعالى ـ باختصار ـ بارك الله فيكم وفي علمكم ؟
عقيدتي التي أدين الله بها ، وأسأله سبحانه أن يتوفاني عليها: هي الإيمان بأنه سبحانه هو الإله الحق المستحق للعبادة، وأنه سبحانه فوق العرش، قد استوى عليه استواءً يليق بجلاله وعظمته بلا كيف، وأنه سبحانه يوصف بالعلو فوق جميع الخلق، كما قال سبحانه: ( الرحمن على العرش استوى)[طه/5]، وقال عز وجل: ( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيامٍ ثم استوى على العرش)[الأعراف/54]، وقال عز وجل في آخر آية الكرسي: ( ولا يَؤُودُهُ حفظهما وهو العلي العظيم )[البقرة/255]، وقال عز وجل: ( فالحكم لله العلي الكبير )[غافر/12]، وقال سبحانه: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه )[فاطر/10] ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .
وأومن بأنه سبحانه له الأسماء الحسنى والصفات العلى، كما قال عز وجل: ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها )[الأعراف/180].

والواجب على جميع المسلمين هو الإيمان بأسمائه وصفاته الواردة في الكتاب العزيز والسنة الصحيحة، وإثباتها له سبحانه على الوجه اللائق بجلاله من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، كما قال سبحانه: ( ليس كمثله شيءٌ وهو السميع البصير )[الشورى/11] ، وقال عز وجل: (فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون )[النحل/74]، وقال سبحانه: ( قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كُفُوًا أحد )[الإخلاص/1ـ4] .
وهي توقيفية لا يجوز إثبات شيء منها لله إلا بنص من القرآن أو من السنّة الصحيحة، لأنه سبحانه أعلم بنفسه وبما يليق به، ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو أعلم الناس به، وهو المبلغ عنه، ولا ينطق عن الهوى كما قال الله سبحانه: ( والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحيٌ يوحى )[النجم/1ـ4] .
وأومن بأن القرآن كلامه عز وجل، وليس بمخلوق، وهذا قول أهل السنَّة والجماعة من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن بعدهم.
وأومن بكل ما أخبر الله به ورسوله من أمر الجنة، والنار، والحساب، والجزاء، وغير ذلك مما كان وما سيكون، مما دل عليه القرآن الكريم أو جاءت به السنَّة الصحيحة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم .
والله المسؤول أن يثبتنا وإياكم على دينه، وأن يعيذنا وسائر المسلمين من مضلات الفتن ونزغات الشيطان ، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعـًا ، وأن يمنحهم الفقه في الدين ، وأن يجمع كلمتهم على الحق ، وأن يوفق ولاة أمرهم ، ويصلح قادتهم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (1/291)


الفرق بين الأسماء والصفات

س1: ما الفرق بين الأسماء والصفات ؟

الجواب: كل أسماء الله سبحانه مشتملة على صفات الله سبحانه تليق به وتناسب كماله ، ولا يشبهه فيها شيء ، فأسماؤه سبحانه أعلام عليه ونعوت له عز وجل ، ومنها : الرحمن ، الرحيم ، العزيز ، الحكيم ، الملك ، القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن .. إلى غير ذلك من أسمائه سبحانه الواردة في كتابه الكريم وفي سنّة رسوله الأمين .

فالواجب إثباتها له سبحانه على الوجه اللائق بجلاله ؛ من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل . وهذا هو معنى قول أئمة السلف - كمالك والثوري والأوزاعي وغيرهم - أمروها كما جاءت بلا كيف . والمعنى أن الواجب إثباتها لله سبحانه على الوجه اللائق به سبحانه.
أما كيفيتها فلا يعلمه إلا الله سبحانه ، ولما سئل مالك رحمه الله عن قوله تعالى: ( الرحمن على العرش استوى ) (طه : 5 ) . كيف استوى ؟ أجاب رحمه الله بقوله : الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة . يعني بذلك رحمه الله: السؤال عن الكيفية .. وقد روي هذا المعنى عن شيخ ربيعة ابن أبي عبد الرحمن ، وعن أم سلمة رضي الله عنها .

وهو قول أئمة السلف جميعًا ، كما نقله عنهم غير واحد من أهل العلم ، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " العقيدة الواسطية " وفي "الحمودية" و " التدمرية " وفي غيرها من كتبه رحمه الله . هكذا نقله عنهم العلامة ابن القيم رحمه الله في كتبه المشهورة، ونقله عنهم قبل ذلك أبو الحسن الأشعري رحمه الله.

مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (1/294)

عذاب القبر ونعيمه

1. سئل الشيخ ابن عثيمين (رحمه الله): هل عذاب القبر ثابت ؟

فأجاب بقوله : عذاب القبر ثابت بصريح السنة، وظاهر القرآن، وإجماع المسلمين هذه ثلاثة أدلة:

أما السنة: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " تعوذوا بالله من عذاب القبر، تعوذوا بالله من عذاب القبر، تعوذوا بالله من عذاب القبر).

وأما إجماع المسلمين: فلأن جميع المسلمين يقولون في صلاتهم "أعوذ بالله من عذاب جنهم، ومن عذاب القبر" حتى العامة الذين ليسوا من أهل الإجماع ولا من العلماء.

وأما ظاهر القرآن: فمثل قوله تعالى في آل فرعون : ( النار يعرضون عليها غدّوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) [غافر : 46].

قال: ( النار يعرضون عليها غدوا عشيا )، ثم قال: ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب)، ولا شك أن عرضهم على النار ليس من أجل أن يتفرجوا عليها، بل من أجل أن تصيبهم من عذابها، وقال تعالى: ( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم ) [ الأنعام : 93] ، الله أكبر إنهم لشحيحون بأنفسهم ما يريدون أن تخرج ( اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ) [ الأنعام : 93] . فقال ( اليوم ) و( ال) هنا للعهد الحضوري، اليوم يعني اليوم الحاضر الذي هو يوم وفاتهم ( تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ).

إذن فعذاب القبر ثابت بصريح السنة ، وظاهر القرآن ، وإجماع المسلمين ، وهذا الظاهر من القرآن يكاد يكون كالصريح لأن الآيتين اللتين ذكرناهما كالصريح في ذلك.



2. وسئل الشيخ : كيف نجيب من ينكر عذاب القبر بأنه لو كشف القبر لوجده لم يعتبر ولم يضق ولم يتسع ؟

فأجاب حفظه الله بقوله : يجاب على من أنكر عذاب القبر بحجة أنه لو كشف القبر لوجد أنه لم يتغير بعدة أجوبة منها : ـ

أولاً : أن عذاب القبر ثابت بالشرع قال الله تعالى في آل فرعون : ( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) [ غافر : 46] وقوله صلى الله عليه وسلم : " فلولا ألا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع، ثم أقبل بوجهه فقال تعوذوا بالله من عذاب النار، قالوا نعوذ بالله من عذاب النار، فقال تعوذوا بالله من عذاب القبر، قالوا نعوذ بالله من عذاب القبر " ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في المؤمن : " ويفسح له في قبره مد بصره " إلى غير ذلك من النصوص، فلا يجوز معارضة هذه النصوص بوهم من القول بل الواجب التصديق والإذعان.

ثانيًا : أن عذاب القبر على الروح في الأصل ، وليس أمرًا محسوسًا على البدن فلو كان أمرًا محسوسًا على البدن لم يكن من الإيمان بالغيب، ولم يكن للإيمان به فائدة ، لكنه من أمور الغيب وأحوال البرزخ لا تقاس بأحوال الدنيا .

ثالثًا : أن العذاب والنعيم وسعة القبر وضيقه إنما يدركه الميت دون غيره، والإنسان قد يرى في المنام وهو نائم على فراشه أنه قائم وذاهب وراجع ، وضارب ومضروب ، ويرى أنه في مكان ضيق موحش ، أو في مكان واسع بهيج، والذي حوله لا يرى ذلك ولا يشعر به .

فالواجب على الإنسان في مثل هذه الأمور أن يقول سمعنا وأطعنا ، وآمنا وصدقنا .



3. وسئل الشيخ ابن عثميين رحمه الله: ما المراد بالقبر؟ هل هو مدفن الميت أو البرزخ ؟

فأجاب: أصل القبر مدفن الميت قال الله تعالى: ( ثم أماته فأقبره ) [عبس: 21] قال ابن عباس: أي أكرمه بدفنه.

وقد يراد به البرزخ الذي بين موت الإنسان وقيام الساعة وإن لم يدفن كما قال تعالى: (ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) [ المؤمنون: 100] ويعني من وراء الذين ماتوا؛ لأن أول الآية يدل على هذا ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صلحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) [ المؤمنون : 100].

ولكن هل الداعي إذا دعى: " أعوذ بالله من عذاب القبر" يريد من عذاب مدفن الموتى، أو من عذاب البرزخ الذي بين موته وبين قيام الساعة؟

الجواب : يريد الثاني لأن الإنسان في الحقيقة لا يدري هل يموت ويدفن أو يموت وتأكله السباع ، أو يحترق ويكون رماداً ما يدري ( وما تدري نفس بأي أرض تموت ) [ لقمان: 34] فاستحضر أنك إذا قلت من عذاب القبر أي العذاب الذي يكون للإنسان بعد موته إلى يوم قيام الساعة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حكم الذبح عند الأضرحة ودعاء أهلها

س : ما حكم التقرب بذبح الذبائح في أضرحة الأولياء الصالحين وقول: ( بحق وليّك الصالح فلان اشفنا أوابعد عنا الكرب الفلاني ) ؟

ج : من المعلوم بالأدلة من الكتاب والسنة أن التقرب بالذبح لغير الله من الأوليـاء أو الجن أو الأصنام أو غير ذلك من المخلوقات - شرك بالله ومن أعمال الجاهلية والمشركين ، قال الله عز وجل : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) ( سورة الأنعام /162-163) . والنسك هو " الذبح " بيّن سبحانه في هذه الآية أن الذبح لغير الله شرك بالله كالصلاة لغير الله .. قال تعالى : ( إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحـر) ( سورة الكوثر /1-2) . أمر الله سبحانه نبيه في هـذه السورة الكريمة أن يصلي لربه وينحر له خلافا لأهل الشرك الذين يسجدون لغير الله ويذبحون لغيره. وقال تعالى : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ) ( سورة الإسراء /23) ، وقال سبحانه وتعالى : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) ( سورة البينة /5 ) ، والآيات في هـذا المعنى كثيرة . والذبح من العبـادة فيجب إخلاصه لله وحده . وفي صحيح مسلم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعن الله من ذبح لغير الله " .
أما قول القائل : أسأل الله بحق أوليائه أو بجاه أوليائه أو بحق النبي أو بجاه النبي - فهذا ليس من الشرك ولكنه بدعة عند جمهور أهل العلم ومن وسائل الشرك ؛ لأن الدعاء عبادة وكيفيته من الأمور التوقيفية ولم يثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم ما يدل على شرعية أو إباحة التوسل بحق أو جاه أحد من الخلق فـلا يجوز للمسلم أن يحدث توسلا لم يشرعه الله سبحانه ، لقوله تعالى : ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) ( سورة الشورى /21) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق على صحته ، وفي رواية لمسلم وعلقها البخاري في صحيحه جازما بها " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" ومعنى قوله : " فهو رد " أي مردود على صاحبه لا يقبل ، فالواجب على أهـل الإسلام التقيد بما شرعه الله والحذر مما أحدثه الناس من البدع .
أما التوسل المشروع فهو التوسل بأسمـاء الله وصفاته وبتوحيده وبالأعمال الصالحات ومنها الإيمان بالله ورسوله ومحبة الله ورسوله ونحو ذلك من أعمال البر والخير والأدلة على ذلك كثيرة منها قوله سبحانه: ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) ( سورة الأعراف /180) ، ومنها أنه صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: " اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولـد ولم يكن له كفوا أحد " فقال صلى الله عليه وسلم : " لقد سأل الله باسمه الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب" أخرجه أهل السنن الأربع وصححه ابن حبان . ومنها حديث أصحاب الغار الذين توسلوا إلى الله سبحانه وتعالى بأعمالهم الصالحة فإن الأول منهم توسل إلى الله سبحانه ببره بوالديه ، والثاني توسل إلى الله بعفته عن الزنا بعد قدرته عليه ، والثالث توسل إلى الله سبحانه بكونه نمّى أجرة الأجير ثم سلمها له ، ففرج الله كربتهم وقَبِلَ دعاءهم وأزال عنهم الصخرة التي سدت عليهم باب الغار ، والحديث متفق على صحته . والله ولي التوفيق.

من فتاوى ابن باز


حكم إتيان الكهان

ابن عثيمين

سئل الشيخ ابن عثيمين - حفظه الله - عن الكهانة ؟ وحكم إتيان الكهان ؟
فأجاب بقوله : الكهانة فعالة مأخوذة من التكهن ، وهو التخرص والتماس الحقيقة بأمور لا أساس لها ، وكانت في الجاهلية صنعة لأقوام تتصـل بهم الشياطين وتسترق السمع من السمـاء وتحدثهم به ، ثم يأخذون الكلمة التي نقلت إليهم من السماء بواسطة هؤلاء الشياطين ويضيفون إليها ما يضيفون من القول ثم يحدثون بها الناس ، فإذا وقع الشيء مطابقاً لما قالوا اغتر بهم الناس واتخذوهم مرجعاً في الحكم بينهم ، وفي استنتاج ما يكون في المستقبل ، ولهذا نقول : الكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل .
والذي يأتي إلى الكاهن ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : أن يأتي إلى الكاهن فيسأله من غير أن يصدقه ، فهذا محرم ، وعقوبة فاعـله أن لا تقبل له صلاة أربعين يوماً ، كما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ من أتى عرّافاً فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوماً أو أربعين ليلة ] .
القسم الثاني : أن يأتي إلى الكاهن فيسأله ويصدقه بما أخبر به ، فهذا كفر بالله - عز وجل - لأنه صدقه في دعوى علمه الغيب ، وتصديق البشر في دعوى علم الغيب تكذيب لقول الله تعالى - : ( قل لا يعلم من في السماوت والأرض الغيب إلا الله ) ولهذا جاء في الحديث الصحيح : [ من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما نزّل على محمد ، صلى الله عليه وسلم ] .
القسم الثالث : أن يأتي إلى الكاهن فيسأله ليبين حاله للناس ، وأنها كهانة وتمويه وتضليل ، فهـذا لا بأس به ، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه ابن صياد ، فأضمر له النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً في نفسه فسأله النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ماذا خبأ له ؟ فقال : الدخ يريد الدخان . فقال النـبي : [ اخسأ فلن تعدو قدرك ] .
هذه أحوال من يأتي إلى الكاهن ثلاثة :
الأولى : أن يأتي فيسأله بدون أن يصدقه ، وبدون أن يقصد بيان حاله فهذا محرم ، وعقوبة فاعله أن لا تقبل له صلاة أربعين ليلة .
الثانية : أن يسأله فيصدقه وهذا كفر بالله - عز وجل - على الإنسان أن يتوب منه ويرجع إلى الله - عز وجل - وإلا مات على الكفر .
الثالثة : أن يأتيه فيسأله ليمتحنه ويبين حاله للناس فهذا لا بأس به .

حكم إتيان الكهان ونحوهم وسؤالهم وتصديقهم

ابن بـــاز



الحمـد لله وحده ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

فقد شاع بين كثير من الناس أن هناك من يتعلق بالكهان والمنجمين والسحرة والعرافين وأشباههـم ، لمعرفة المستقبل والحظ وطلب الزواج والنجاح في الامتحان وغير ذلك من الأمور التي اختص الله سبحانه وتعالى بعلمها كما قال الله تعـالى : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ) ( سورة الجن : 26 ) وقال سبحانه : ( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ) ( سورة النمل : 65 ) .
فالكهان والعرافون والسحرة وأمثالهم قد بين الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ضلالهم وسوء عاقبتهم في الآخرة وأنهم لا يعلمون الغيب ، وإنما يكـذبون على الناس ويقولون على الله غير الحق وهم يعلمون ، قال تعالى : ( وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُـمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ) ( سورة البقرة : 102 ) وقال سبحانه : ( إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى ) ( سورة طه : 69 ) . وقال تعـالى : ( وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون . فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون ) ( سورة الأعراف : 117 ، 118 ).
فهذه الآيات وأمثالها تبين خسارة الساحر ، وما له في الدنيا والآخرة ، وأنه لا يأتي بخير، وأن ما يتعلمه أو يعلمه غيره يضر صاحبه ولا ينفعه ، كما نبه سبحانه أن عملهم باطل ، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ اجتنبوا السبع الموبقات ] قالوا : وما هـن يا رسول الله ؟ قال : [ الشـرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتـيم والتولي يوم الزحـف وقذف المحصنـات الغافلات المؤمنات ] متفق على صحته .
وهذا يدل على عظم جريمة السحر لأن الله قرنه بالشرك ، وأخبر أنه من الموبقـات وهي المهلكات ، والسحر كفر لأنه لا يتوصل إليه إلا بالكفر ، كما قال تعالى : ( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحـن فتنة فلا تكفر ) ( سورة البقرة : 102) وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ حد الساحر ضربة بالسيف ] . ( رواه الترمذي ) .
وصح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أمر بقتل بعض السحرة من الرجال والنساء وهكذا صح عن جندب الخير الأزدي رضي الله عنه _ أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم _ أنه قتل بعض السحرة ، وصح عن حفصـة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : سأل أناس النبي صلى الله عليه وسلم عن الكهـان ، فقال : [ ليسوا بشيء ] فقالوا : يا رسول الله إنهـم يحدثونا أحياناً بشيء فيكون حقـاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرقرها في أذن وليه فيخلطوا معها مائة كذبة ] ( رواه البخاري )
وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن عباس رضي الله عنهما : [ من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد ] ( رواه أبو داود وإسناده صحيح ) وللنسائي عن أبي هـريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : [ من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك ومن تعلق شيئاً وكل إليه ] وهذا يدل على أن السحر شرك بالله تـعالى كما تقدم ، وذلك لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن والتقرب إليهم بما يطلبون من ذبح وغيره من أنواع العبادة ، وعبادتهم شرك بالله عز وجل .
فالكـاهن من يزعم أنه يعلم بعض المغيبات ، وأكثر ما يكون ذلك ممن ينظرون في النجوم لمعـرفة الحوادث أو يستخدمون من يسترقون السمع من شياطين الجن ، كما ورد بالحديث الذي مر ذكره ومثل هؤلاء من يخط في الرمل أو ينظر في الفنجان أو في الكف ونحو ذلك ، وكذا من يفتح الكتاب زعماً منهم أنهم يعرفون بذلك علم الغيب وهم كفار بهذا الاعتقاد ، لأنهم بهذا الزعم يدعون مشاركة الله في صفة من صفاته الخاصة وهي علم الغيب ولتكذيبهم بقوله تعالى : ( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ) ( سورة النمل : 65 ) ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ) (سورة الأنعام : 59 ) وقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكـم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي ) ( سورة الأنعام : 50 ) .
ومن أتاهم وصدقهم بما يقولون من علم الغيب فهو كافر ، لما رواه أحمد وأهل السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقـد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ] وروى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبـل له صلاة أربعين ليلة ] ، وعن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ ليس منا من تطير له أو تكهن له أو سحر له ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ] ( رواه البزار بإسناد جيد ) .
وبما ذكرنا من الأحاديث يتبين لطالب الحق أن علم النجوم وما يسمى بالطالع وقراءة الكف وقراءة الفنجان ومعرفة الخط وما أشبه ذلك مما يدعيه الكهنة والعرافون والسحرة كلهـا من علوم الجاهليـة التي حرمها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن أعمالهم التي جاء الإسلام بإبطالها والتحذير من فعلها أو إتيان من يتعاطها وسؤاله عن شيء منها أو تصديقه فيما يخبر به من ذلك لأنه من علم الغيب الذي استأثر الله به .
ونصيحتي لكل من يتعلق بهذه الأمور أن يتوب إلى الله ويستغفره وأن يعتمد على الله وحده ويتوكل عليه في كل الأمور مع أخذه بالأسباب الشرعية والحسية المباحة ، وأن يدع هذه الأمور الجاهلية ويبتعد عنها ويحذر سؤال أهلها أو تصديقهم ، طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وحفاظاً على دينه وعقيدته ، وحذراً من غضب الله عليه ، وابتعاداً عن أسباب الشرك والكفر التي من مات عليها خسر الدنيا والآخرة .
نسأل الله العافية من ذلك ونعوذ به سبحانه من كل ما يخالف شرعه أو يوقع في غضبه ، كما نسـأله سبحانه أن يوفقنا وجميع المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه ، وأن يعيذنا جميعاً من مضلات الفـتن ومن شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .

من فتاوى ابن باز


التهنئة بعيد الكريسماس

سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين : عن حكم تهنئة الكفار بعيد الكريسماس ؟ وكيف نرد عليهم إذا هنئونا بها ؟ وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يقيمونها بهـذه المناسبة ؟ وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئاً مما ذكر بغير قصد ؟وإنما فعله إما مجامـلة أو حياء أو إحراجًا أو غير ذلك من الأسباب وهل يجوز التشبه بهم في ذلك ؟

فأجاب فضيلة الشيخ بقوله : تهنئة الكفار بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حــرام بالاتفاق ، كما نقل ذلك ابن القيم - رحمه الله - في كتابه ( أحكام أهـل الذمـة ) ، حيث قال : ( وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنيهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول : عيد مبارك عليك ، أو : تهنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات ، وهو بمنـزلة أن يهنئه بسجوده للصليب ، بل ذلك أعظم إثمـاً عند الله ، وأشد مقتـاً من التهنئة بشرب الخمر وقتـل النفس ، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه ، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه . انتهى كلامه - رحمه الله - .
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حرامًا وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم ، لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعـائر الكفر ، ورضىً به لهم ، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه ، لكن يحـرم على المسلم ان يرضى بشعائر الكفر أو يهنئ بها غيره، لأن الله تعالى لا يرضى بذلك ، كما قال الله تعالى : ( إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ) ( الزمر : 7 ) وقال تعـالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) ( سورة المائدة : 3 ) وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا . وإذا هنئونا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك ، لانها ليست بأعياد لنا ، ولأنهـا أعياد لا يرضاها الله تعالى ، لأنهـا إما مبتدعة في دينهم ، وإما مشروعة ، لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث به محمدًا صلى الله عليه وسلم ، إلى جميع الخلق ، وقال فيه : ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) ( آل عمران : 85 ) .
وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام ، لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في لك من مشاركتهم فيها وكذلك يحـرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهـذه المناسبة ، أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى ، أو أطباق الطعام ، أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : [ من تشبه بقوم فهو منهم ] . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم : " مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل ، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء " . انتهى كلامه - رحمه الله - .
ومن فعل شيئاً من ذلك فهو آثم ، سواء فعله مجاملة أو توددًا أو حياء أو لغير ذلك من الأسباب ؛ لأنه من المداهنة في دين الله ، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم .

الشيخ ابن عثيمين