المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإعلام الغربي والعنف الأسري


مــــريـــــــم
02-09-2005, 02:54 AM
الإعلام الغربي والعنف الأسري


أولاً: العنف والتمييز في السينما الأمريكية
لعبت صناعة السينما الأمريكية وبخاصة هوليوود دورا عالميا في الترويج لثقافة العنف والمغامرة والإرهاب والجاسوسية والجنس والجريمة المنظمة..

وكذلك في الترويج للكسب السهل والانحلال وتفكيك الأسرة ( فضلاً عن الترويج للصناعة الأمريكية ولرجل الأمن والإنسان الأمريكي السوبر).

كذلك لعبت هوليوود دوراً في تسويغ ذبح الآخر والتمييز ضده نموذج الهندي الأحمر وفي فيلم ضرر إضافي مثال صارخ آخر، حيث وصم العربي فيه بالإرهاب.. إلا إن احتجاج منظمات عربية أمريكية على صورة العربي المسلم في الأفلام الأمريكية في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001 وخشية أن تتم مقاطعته من المشاهدين العرب، اضطر مخرجه لاستبدال الصورة بإرهابيين كولومبيين!.. ومع أن التغيير قد حدث في هذا الفيلم بالنسبة لنا.. غلا أنه تحول إلى تشويه للآخرين- إنها السينما الأمريكية التي يسيطر رأس المال اليهودي عليها، كالإعلام أيضاً.

ويقول لنا دائماً سياسيون وإعلاميون ومبعوثوا استخبارات واستطلاعات وجمع معلومات أمريكان بخاصة.. إننا مقصرون في تقديم قضايانا للرأي العام الغربي ونخبة السياسية والثقافية.. الخ، ونحن كذلك فعلاً! ولكن السؤال هل ثمة إمكانات حقيقية في وسائل الإعلام وصناعة السينما الأمريكية بخاصة، لتقديم أفكارنا على نحو منصف ومتوازن، بل وأقل بكثير إلى جانب الأفكار المجحفة والمشوهة للآخر، ومن ضمنها الإنسان والثقافة العربية والإسلامية.

لقد تراجع دور دُور عرض السينما في أمريكا بعد أحداث سبتمبر 2001 كما تراجعت صناعة العنف في السينما الأمريكية، إلا أن الجيش الأمريكي لجأ إلى تحويل اهتمامات السينما وجهة أخرى أشد خطراً ، مستفيداً من خبرة السينمائيين الأمريكان في صناعة أفلام المغامرة والعنف، لأجل ما يسمى مكافحة الإرهاب حاثا المخرجين على تخيل تهديدات إرهابية محتملة قد تواجه أمريكا مستقبلا ووضع آليات للمواجهة، ونظمت الصناعة الأمريكية في هوليوود حملات دعائية ومالية رديفة لدور النظام السياسي والأمني والأمريكي.

لقد ربت صناعة السينما الأمريكية جمهور المشاهدين العالمي، على ثقافة المغامرة والعنف والقتل السهل والجنس والكسب السريع على مدى عقود من العمل مطلق النجاح.. مما نرى أثاره.. كما أصبح من غير الممكن نجاح أي صناعة للسينما العالمية خارج أمريكا دون محاكاة الأمريكية في تقاليد صناعتها السّمية تلك، ولم نكن نحن العرب- كأمة مغلوبة على أمرها في هذا العصر خارج هذه المعادلة- وبما لدى هذه السينما من قدرة على التأثير والإقناع والإبهار، وهكذا أخذنا نشهد جرائم نوعية في مجتمعاتنا بتأثيرات هوليوود و تجلياتها المرعبة والممزقة لكل نسيج وإدراك واع ونظيف.

ومع كل ذلك تبقى المسؤولية قائمة على صعيد الواقع العربي والإسلامي.. ربما بنفس القدر الذي تحمله السينما الأمريكية بخاصة وتأثيراتها الضارة.. بتكثيف الجهد والمعرفة.. ووضع وتطوير النصوص والأدوات والآليات الخاصة بنا، لتقديم البديل المقنع الجميل والحضاري، وفتح الأسواق العربية والإسلامية وغيرها في وجه المنتج العربي في غير شكوك أو مخاوف.

ثانيا: العنف في التلفزيون.. التحول من الافتراض إلى الواقع
إن شيوع العنف في المجتمعات الديمقراطية أي الغربية والاستهلاكية يمثل ظاهرة ليست جديدة في الواقع، إنما الجديد هو وعيها بصورة بطيئة جداً ومنذ فترة ليست بالبعيدة ذلك أن مفهوم الحرية الفردية كان هو المهيمن على العقول ويكفي مجرد مشاهدة ما تقدمه القنوات التلفزيونية العديدة كل يوم من مشاهد عنف وجريمة كي يدرك المرء مدى خطورة مثل هذا الأمر خاصة بالنسبة للأطفال والمراهقين.

إن واضعي هذا التقرير بدؤوا يطرحون بعض التساؤلات الجوهرية حول الآثار الاجتماعية و الآثار السيكولوجية و الآثار السياسية و الآثار الفنية لتعاظم جرعة العنف في البرامج التلفزيونية بما في ذلك في نشرات الأخبار؟ وتساؤل جوهري آخر حول طبيعة الإجراءات القانونية وموقف السلطات الرسمية من هذه الظاهرة؟

لا شك بأن هناك العديد من الدلالات حول التنبه منذ أكثر من عقدين من الزمن إلى واقع تنامي ظاهرة العنف في المجتمعات وهذا ما عبرت عنه عناوين بعض الكتب في فرنسا مثل تلفزيون العنف و شاشات العنف و الأطفال في ظل دائرة التأثير كذلك كثر الحديث عن جنح الشباب الأمر الذي استدعى البحث عن حلول جديدة إذ إن التسامح الديمقراطي وسياسات الوقاية إذا لم يأخذا ظاهرة تنامي العنف في حسابهما يمكن أن يؤديا إلى تراخي الأمن وبالتالي يتطلبان البحث عن منظومة أمنية مختلفة كما يعبر ديدييه بيرا المدعي العام في منطقة بونتواز القريبة من العاصمة الفرنسية باريس والذي يؤكد في نفس الوقت على ضرورة أن تتسم هذه المنظومة الأمنية المختلفة بالفعالية والبعد الإنساني.

العدد (87) ديسمبر 2003 ـ ص: 42