المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنامل عبقرية تداعب وتنطق الحجر!


abo _mohammed
01-29-2005, 03:23 PM
28 Jan 2005 21:07:23 GMT
إيقاعات على أنغام دبي
أنامل عبقرية تداعب وتنطق الحجر!

كما في مدن العالم الكبرى، وكما نرى فيها من شواهد الحضارة والثقافة وتغذية النفس بما يتجاوز الطعام والشراب، فإن دبي حريصة على ان تضاهي الآخرين وتمتاز ايضاً، بنظرتها الحضارية. ما هي الا فترة لن تطول حتى نجد في العديد من جنبات دبي لمسات جمالية بديعة، انسابت من انامل اربعين من كبار الفنانين النحاتين حول العالم وستزين منحوتاتهم الميادين والشوارع والزوايا والحدائق الكثيرة في دبي.

جاء هؤلاء الفنانون من 40 دولة ولكل منهم مدرسته التي يتبعها.. سريالية وتقليدية وتكعيبية وتجريدية، ابهرتهم المدينة بنهضتها وتطورها وايقاعها السريع وبما تحتضنه من ثقافات عالمية مختلفة. تعيش وسط واحة من الامان والمشاعر الطيبة، فتأثروا بها. واستبدل كثير منهم التصاميم التي كانوا يعتزمون المشاركة بها في هذا الملتقى الفني العالمي في دبي والذي تنظمه شركة «إعمار»، بعدما استلهموا افكاراً اخرى مما شاهدوه في دبي، التي يزورها معظمهم للمرة الأولى.

ويتواكب الملتقى مع فعاليات مهرجان دبي للتسوق.. وما أجمل ما يعبر عنه الفنانون بحسهم العالي وذوقهم الرفيع، فمع أن الصخور والأحجار هي القاسم المشترك لعمل هؤلاء الفنانين إلا ان لكل منهم لمسته، وذوقه الذي يوظفه في اضفاء اللمسة الجمالية، فهم من أشهر فناني النحت في العالم ولكل منهم مدرسته وأسلوبه وطريقته في التعبير وستخضع جميع هذه الأعمال إلى تحكيم دولي على أيدي فنانين كبار آخرين.

تليين

رغم قسوة الاحجار الاسمنتية التي تم احضارها من سلطنة عمان لهذه المسابقة، إلا ان هؤلاء النحاتين يقومون بتطويعها وتحويلها إلى مكونات جميلة المنظر تبعث على الارتياح لمن يراها وهم يبدأون العمل من التاسعة صباحاً حتى الخامسة مساء بأزاميلهم ومطارقهم ومعداتهم وماكينات تقطيع الرخام، وقف كل منهم يعبر عن فكرته بأسلوبه الخاص وسط أصوات هذه المعدات التي حولت المكان إلى ورشة مفتوحة على مساحة كبيرة مملوءة بالغبار وما يشبه أزيز الطائرات.

لكن كل هذا لا يهم فقد تعودوا عليه ومن تحته خرجت أعمالهم التي زينت ميادين شهيرة في روما ولندن وباريس وهانوي والقاهرة وبوليفيا ومدريد ومعها وجدوا سعادة غامرة وستكون سعادتهم أكبر كما قالوا حينما توضع اعمالهم في مدينة دبي التي تحتضن مهرجاناً ذاعت شهرته في جميع أنحاء العالم، وسيرى البشر من كل الدنيا أعمالنا هنا في دبي لتتفاعل هذه الأعمال مع رسالة السلام إلى البشرية التي يبعثها مهرجان دبي للتسوق.

وقد أبدى الفنانون دهشتهم واعجابهم بما رأوه في مهرجان دبي للتسوق من حسن تنظيم واعداد لكل من الفعاليات التي تخاطب وتجذب جميع الفئات وهم يرون في المهرجان بعداً ثقافياً وحضارياً ويعتقدون حسبما رأوا أن دبي بمثابة بوتقة انصهرت فيها كل هذه الثقافات وهذا ما لا يتحقق في أي مكان في العالم وتمنى كثيرون منهم لو كان لديه مزيد من الوقت ليستمتع أكثر بفعاليات المهرجان التي زاروا بعضها في القرية العالمية ومراكز التسوق وقالوا انها مدهشة حقاً.

جاء هؤلاء الفنانون من كندا، واسبانيا، وفرنسا، وبريطانيا، واليابان، والنمسا وسوريا ولبنان والمغرب، والكويت، ومصر، وسلطنة عمان، والبحرين، وبوليفيا، و.. و.. من كل أنحاء العالم، ليقفوا تحت مظلات أعدتها لهم شركة اعمار في منطقة زعبيل في الجهة المقابلة لمركز دبي التجاري العالمي، كما وفرت لهم مساعدين يوفرون لهم ما يحتاجون.

ويشارك الفنان التشكيلي الإماراتي محمد يوسف في هذا الملتقى الذي يستمر 25 يوماً وهو يقول: «بلا مبالغة اتوقع ان تصبح دبي خلال سنوات قليلة، ،بعد وضع هذه الأعمال في ميادينها وشوارعها، مدينة فنية توازي النهضة العمرانية العملاقة التي تشهدها الآن.

نحن نحتاج إلى هذه اللمسات الفنية خاصة وأن الفنانين المشاركين معظمهم من مشاهير النحت في العالم، ويدرسون في أكاديميات علمية، وتضم أعمالهم متاحف شهيرة في العالم ويفيد هذا الملتقى في تبادل الخبرة والثقافة، والرأي في التوجهات الفنية. إنهم يطوعون الحجر من الصلابة إلى الليونة، رغم مشقته وقسوته.

ويشير إلى ان معظم الأعمال تميل إلى تكوينات فنية تمزج بين الحداثة والتصميم المعماري. ويشارك محمد يوسف بمجسم يرمز لسيدتين من الامارات تلتقيان معا، وترتدي كل منهما برقعا، ويشير الى انه يحب البرقع لانه جزء من التراث الاماراتي. ويعتمد في تشييده لمكونه الفني على أسلوب الواقعية.

نظرة إلى دبي

وجاء فوزي الأسطى من الكويت إلى دبي عاشقا لها، ومعجبا بنهضتها التي يفخر بها كل عربي. وهو يقدم عملا فنيا لامرأة تلقي نظرة اعجاب على الازدهار الجاري في دبي. ويقول: حينما تجلس امرأة صافية الذهن مستريحة البال وهي تنظر إلى ما يحدث في دبي، ستبدو علامات الاعجاب عليها. وهذا ما حاولت أن أعبر عنه في لوحتي الحجرية واستلهمت بها فكرتي. فدبي لابد وأن تعجب كل من يأتي إليها. وشهرتها طافت الدنيا. ونحن كعرب سعداء بهذا.

باقة الورد

تيد كاراسكو، فنان عالمي شهير، جاء من بوليفيا ويوشك على إتمام العقد السابع من عمره. وله في العالم مشاركات كثيرة، وحصل على جوائز عدة، حيث احترف هذا الفن منذ أكثر من خمسين عاما.

ويبدي كاراسكو دهشته مما رأى في دبي، التي يزورها للمرة الأولى. ويوضح انه لا يجد الوقت للتعرف على تفاصيل المدينة، لكنه يجدها مبهرة بطموحها، ويقول: ما رأيته لا يصدق، وأبهرني كثيرا. كيف تحتضن هذه المدينة الصغيرة كل هذه الجنسيات والثقافات؟ وكيف حدث هذا التناغم الفريد بينهم؟».

ويستطرد قائلا: حينما ترى وردة فأنت تسعد بها لانك ترى شيئا جميلا ومريحا لنفسك، فما بالك وأنت ترى باقة ورد تضم أشكالا وألوانا من الورود. دبي هكذا باقة ورد تبعث على الراحة والصفاء الذهني وتدخل الفرحة في القلب».

وجاء كاراسكو متأثرا بتراث بلاده في أميركا الجنوبية المستمد من أبنائها الأصليين الذين أطلق عليهم الفاتحون الأوروبيون لقب «الهنود الحمر». ويتكون عمله من حجرين يوضع أحدهما فوق الآخر، ليشكل الحجر العلوي الاتجاهات الأربعة: الشمال والجنوب والشرق والغرب ويتوسطهما حجر مركزي صغير. وقال ان هذه الفكرة مستوحاة مما كان يحبه الفنانون البوليفيون القدامى وتسمى في بلادهم TAIPI-KALA. وهو يتمنى أن يوضع هذا التشكيل الحجري في أحد الميادين في دبي.

الضوء والظل

تأثرت كارمن تبشان وهي فنانة رومانية شهيرة في العمل الذي تقوم به في دبي بأحاسيسها المرهفة، والأمل الذي لا يفارقها لحياة أفضل للبشرية رغم كل ما يجري. تقف كارمن طوال اليوم تنحت بالمطرقة والأزميل ثلاث صخور حجرية تم تجويفها جميعا لتصطف بجوار بعضها في شكل رأسي، فيتهاوى الضوء على بعض الأماكن المظلمة منها، وتشير الى أنها استلهمت فكرتها من الظل والضوء للتعبير عن الأمل بمستقبل أفضل. وتضيف انها تمارس مهنتها منذ أكثر من عشرين سنة.

صداقة

ومن المملكة المغربية جاءت الفنانة النحاتة اكرام القباج بخبرة تعود الى 21 سنة مضت ومشاركات في مسابقات دولية عديدة لتقدم لوحة تجريدية من صخرتين تلتقيان مع بعضهما وتقول: «قد تكون الصخرتان صديقتين تلتقيان وقد تكونان دولتين صديقتين هما الامارات والمغرب.. انه عمل تجريدي حاولت أن أعبر به عن حبنا في المغرب لدولة الامارات العربية المتحدة ودبي التي يشرفني أن توضع هذه اللوحة في أحد أماكنها فهذا شيء جميل وسيسعدني كثيراً.

واستلهم الفنان الاسباني روبرتو مالتانو فكرة عمله من مضي الحياة والحركة التي تدب في الكون وطوعها لنحت شكل معماري هندسي جميل، يتكون من حجرين يدوران في حالة حركة.

ومن مصر، جاء الفنان صلاح حماد، معجباً بدبي وسرعة ايقاع نهضتها وتطورها الاقتصادي والسياحي وعبر عن هذا بعمل فني بديع عبارة عن قطعتين من الحجر، يرمز الجزء الاسفل لأم «دبي» بينما يتكون الجزء الاعلى من سمكة وطائرة تحلق في سماء هذه الأم وكأنما أراد ان يقول ان دبي تسير بخطى مسرعة مثل سرعة الطائرة فيما رمز اليها ايضاً بالسمكة كتعبير عن البيئة البحرية وكون دبي من المدن الساحلية ولعب البحر جزءاً مهماً من تكوينها الثقافي.

يقول صلاح حماد انه يزور دبي لأول مرة ومع انه سمع عنها الكثير والكثير فإنه لم يكن يتوقع ان يرى كل هذه النهضة والبنية التحتية المتطورة، وقال انني سعيد جداً بطيبة اهلها وتعاملهم بأسلوب متحضر مع ضيوفهم، وقال: هذا فخر لكل عربي ان تكون دولة عربية بهذا التقدم والازدهار وتحتضن كل هذه الجنسيات.

ويضيف في معظم ملتقيات فن النحت حول العالم يشارك 16 فناناً فقط وهذا اكبر ملتقى اشاهده في حياتي، حيث يتجمع 40 فناناً من اشهر فناني النحت على مستوى العالم واعمالهم تزين مدناً شهيرة في الشرق والغرب وبالتأكيد ستضيف لمسات جمالية في دبي تلك المدينة الجميلة بالثقافات العديدة التي تضمها هذه الجنسيات المتنوعة.


استطلاع: وجيه عبدالعاطي