المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصيدة أغاني الحِجاز


abo _mohammed
09-30-2004, 05:00 AM
قصيدة أغاني الحِجاز

د. محمد مختار الشنقيطي 19/7/1425 04/09/2004

(1)
جراحُ الرّوحِ في قلمي
تفيـضُ بدمـعةٍ ودمِ

وتسكبُ نارَ حرقتِـها
بقلـبٍ غيرِ ملـتئمِ

فتسقيــني عذابـاتي
تباريحًـا من الألـمِ

أُناجي الرّكب مشتاقًا
لجيرانٍ بذي سلَــمِ

على رمْضائِهم أشـدو
وأعدو حافيَ القـدمِ

وأحكي من مآثرهـم
حكايا الحـيِّ والخِيمِ

أُطارد طيفَ أشواقـي
بقلبٍ للحبيبِ ظَمِي

وأنـثر دمعتي الحرَّى
على خـدَّيَّ بالحـرَمِ

ينامُ الكونُ من حولي
وعينُ الشوقِ لم تنـمِ
(2)
على السّفحين من أُحُدِ
حفرْتُ لمضجعي بِيدِي

وروحي للذُّرا حنَّتْ
فضاقَ بحمْلها جسـدِي

سقطتُ ولذّة اللّقـيا
على قلبي على كبـِدي

قريرَ العـينِ مبتهـجًا
بعـيشٍ ناعـمٍ أبـدِي

وكمْ في السّفحِ من ظبيٍ
وكمْ في السّفح من أسدِ!

فنحن القومُ إنْ غامـتْ
دروبُ مسيرنا لِغــدِ

أضأناها بلمْعِ السـّـيــفِ
بين الرّوح والجسدِ

بكـفٍّ غير مرتعـشٍ
وقلـبٍ غير مُرتعــدِ

ستذرفُ دمعَـها الدّنيا
وتبكيـنا إلى الأبــدِ
(3)
قصدْنا طـور سيــناء
فأورقَ قلبُ صحراءِ

وفجَّرنا قلـوبَ الصّخــرِ
ينبـوعًا من المـاءِِ

وفـتَّـقنا الربيعَ هناك
من أحشـاءِ رمضـاءِ

وسرَّحْنا النّواظـرَ في
حدائقَ منه غَـنَّـاءِ

وواحاتٍ من النّخـلِ
وزيـتـونٍ وحِنَّـاءِ

وتلك حُداتنا تشـدو
بإيحــاءٍ وإيمــاءِ

لأذوادٍ من الإبـْـلِ
وقطعـانٍ من الشّـاءِ

فومْضُ النّورِ جنبَ الطّورِ
بدَّد كلّ ظلمـاءِ

ليغمـرَ هـذهِ الدنيا
بعذبِ النـّورِ والمـاءِ
(4)
وفي البطحاءِ من بـدرِ
بذرنا بـذرةَ الفجرِ

سقيْنا روحَها الظمأى
بفيضِ دمائِنا الحـُمْرِ

فمدّ الفجرُ أجنحـةً
بنورِ الفتحِ والنـّصرِ

وغطّى فيضُه الآفـاقَ
من بَـرٍّ ومن بـَحْرِ

تضمِّخُـه الأزاهيـرُ
بأنفـاسٍ من العِطـرِ

وتسقيـهِ العصافيـرُ
رحيقَ الشّدو والنّـقرِ

فنورُ البدرِ من بـدرٍ
دمٌ في الرّوح يستشري

يحرّر أرضَ أقصـانـا
من البحرِ إلى النهـرِ

ويُفنِي الليلَ والظلماءَ
إلا ليلـةَ الـقـدْرِ
(5)
سكبْنا الدّمع رقراقًا
وخُضْنا فيه عُشّاقـا

إذا ما الليلُ طوّقَـنا
فتقنا منه أطـواقـا

وأشعلْـنا جوانبـَهُ
ترانيمًا وأشواقــا

ظعائنُ مَن له نهوى
طوتْ بالسير آفاقا

وهيّج ركبَه الحادي
أُصيلالاً وإشراقـا

سنبكي عند مربعِـه
ونجعلُ منه تِرياقـا

وفـيُّ الحبّ عاشقُنا
كَـتُومٌ للذي لاقى

ولولا الخدّ خضَّـبه
مسيُر الدّمعِ دفَّـاقا

لما بانـت سريرتـُه
وذاق الناسُ ما ذاقا
(6)
ستندفعُ الأناشـيدُ
وترتفعُ الأغاريـدُ

ذرعْنا القفرَ والبيداءَ
حتى كلَّـتِ البيدُ

نُروِّي كـلَّ ظمآنٍ
له في البيدِ تسهـيدُ

فما اتّسعتْ لنا أرضٌ
ولا صَمَدتْ لنا صِيدُ

لنا في نجدنا ذكرى
وفي الحرَمين تغريـدُ

تؤجّج نارَ حرقتـِنا
ظباءُ حِجازنا الغِـيدُ

ومن نجْـدٍ نسائمُه
لها في الرّوحِ ترديـدُ

عناقيـدُ المحبـّةِ لا
تُدانيـها عنـاقـيدُ

تدلّـت بين أيدينا
فطاب الكأسُ والعودُ
(7)
على رأس الثَّـنِيَّاتِ
تبسّمَ فجرُنا الآتـي

فأشرق نورُ مهجتِهِ
يبـشّرُ بالملاقــاةِ

ثَنِيَّاتُ الوداعِ غَدَت
ثنـيـّاتِ المسرَّاتِ

على القصواءِ أنوارٌ
تحيِّـرُ كلَّ مِشـكاةِ

وتسكبُ صفوَ خمرتها
بكاساتِ مُضيئـاتِ

نسيمٌ بالحجاز سرى
مثـيـرًا للصّباباتِ

تلين له الجبالُ جوىً
فتصدحُ بالمناجــاةِ

ويهتزّ النخيلُ هوىً
بحُسْنِ الوصفِ والذاتِ

فما أحلى طلوعَ البدرِ
من خلفِ الثّنيّاتِ!