المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المبالغ التي يتملكها الاطفال والفتيان في ايام العيد


sultan
11-29-2003, 05:29 AM
المبالغ التي يتملكها الاطفال والفتيان في ايام العيد


بقلم :مريم عبدالله


من الجوانب المهمة التي ينبغي التعرض لها، ونحن نناقش المبالغ التي يتملكها الاطفال والفتيان في ايام العيد، مسألة ربما غابت عن اذهان كثير من الآباء والامهات، وترتبط بهدف بعيد يراد تحقيقه عبر الوسيط الذي اسميناه العيدية، واردنا ان يكون وسيطاً بين ابنائنا وبين جملة من المعاني الايجابية التي تتسع هدايا العيد لها دون مواربة ألا وهو كونها احد المنافذ المهمة لتقوية صلة الجيل الجديد بالقراءة والمطالعة.


والغريب انه يولد الطفل في وطننا العربي وما يكاد تحمله رجلاه إلا ويعرف طريقه الى أقرب محل لبيع لعب الاطفال والذي يكون في الغالب احد محلات الحي القريبة.


وما ان يشب قليلاً حتى تتسع امام عينيه الدنيا، ويكتشف عالما اقرب للخيال يطوف بخاطره وتتراقص صوره امام عينيه، وكأنه في سيرك يمتد طولاً وعرضاً باتساع الجغرافيا التي تحوي ارضه وتضم اترابه المشدودين مثله لعالم الصور والالوان والعروض المتجددة للألعاب وأنواع التسلية والترفيه.


يتطبع الطفل سريعاً اذن على وجود عالم خاص يتناسب بشكل عفوي مع طبيعته المؤثرة للهو والمرح، ويكبر ولا يزاحم تلك الروح التي ألفت الحياة الخالية من الاعباء، ما يعكر صفوه ويساعد على تسريع تكيفه الاجتماعي واشراكه في عالم الكبار الذي يبدو عالماً غريباً عن عالمه البسيط.


ما ضاعف من تعثر نمو الاطفال نمواً نفسياً سليماً منافسة ألعاب الديجيتال التي قلبت الموازين التقليدية وانجذب النشء اليها بقوة، لم تنفع معها نصائح الآباء التي يبدو انها جاءت في الزمن الضائع، وولدت وحروفها لم تكتمل، أو هكذا وصلت الى آذان من ادمنوا تلك الالعاب واصبحت جزءاً من حياتهم الخاصة.


حين ندعو اذن لمشاركة الابناء في التفكير بعيديتهم فإننا نحاول ان نفتح ثغرة في تلك العقول المصمتة لنصل من خلالها الى نوع من التفاوض العقلاني بهدف توجيه جزء من المال لتنمية العقل وتربية الذوق والاحساس قبل ان تغلق المكتبات الخاصة ابوابها، أو تتحول كاملة لبيع القرطاسية ومستلزمات المدارس بعد ان اصبح بيع الكتب يأتي بالدرجة الثانية لدى اغلبها.


ان اخذ عينة عشوائية من هذه المكتبات المنتشرة في مدن الدولة يكفي ليؤكد ان الكتاب لم يعد مصدراً مناسباً للدخل لدى من اختاروا هذه المهنة واقتنعوا بدورها في خدمة المعرفة.


حوار واحد بسيط مع صاحب احدى هذه المكتبات يؤكد مدى الصدمة المروعة التي ألمت بطموحاته وأطاحت بأحلامه الأولى. وكم من صاحب مكتبة افتتحها وهو لا يريد إلا بيع الكتب، وتيسيرها للقراءة ولم يمض سوى عام واحد إلا واصبحت مكتبته متجراً متنوع البضائع متعدد الاغراض.


فأي بلاء يمكن ان يحل بالمشاريع التنموية أكثر من أن تزاحمها في عقر دارها، منتجات لا علاقة لها من قريب أو بعيد بذلك العالم السحري الذي أصطلح على تسميته عالم المطالعة؟!!


اي محنة تمر بالعقل العربي، وهو يمارس بقصد أو دون قصد، دوراً تثبيطياً للمبادرات المجتمعية الملتزمة بخط الامة ومصالحها العليا؟


أي جريمة تمارس علنا، وبشكل مكثف، ضد الجيل الجديد الذي تتفتح عيناه ولا يبصر في محيطه إلا محلات تتكدس فيها صنوف المنتجات المختلطة في متجر قيل عنه تجاوزاً انه مكتبة؟!!


ان حرمان هذا الجيل من رؤية اسواق تنفرد ببيع الكتب هو خطأ جسيم لا تصلحه إلا مبادرات متراكمة تبدأ من لحظة انبعاث شرارة العلم في عقول المربين لتحملهم، وباختيار واع، ليمارسوا نوعا من التربية المنفتحة على عالم المعرفة بيتياً قبل ان تنفتح خارج جدرانه في الحي والشارع والمدينة.


انها مسألة بناء أو هدم يقوم بها المربون لتنعكس على سلوك الابناء وتحكم معاييرهم وتصرفاتهم.


مسألة ترشيد منافذ صرف العيدية أرى انها تتصل اتصالاً وثيقاً بحماية مشاريعنا المكتبية من الانهيار ولا أدل على صدق هذا الرأي من الالتفات الى الناحية الاخرى حيث تقف طوابير شبابية اختلط بها اطفال صغار يتسابقون بكل قواهم للفوز بأحد برامج الديجيتال حيث تصرف عشرات الألوف، ان لم اقل اكثر، في يوم واحد للفوز بشريط رقمي جديد!!


لطفا ايها الآباء والامهات فقد كانت العدالة والانصاف يقتضيان ان ندعم مشاريعنا التي نراهن على حاجتنا اليها بدلاً من هذا الاستسلام الساذج لطيش الصغار، واندفاعهم غير المأمون.


لطفاً فما هكذا تكون التربية ولا هكذا يكون التعامل مع المنطق الطفولي البسيط.


ان ميزانية طائلة تهدر في يوم واحد او يومين بينما كان من الأولى ان تتحول هذه الاموال لدعم كل ما هو خلاق وهادف من المشاريع والافكار.


وحتى ينتبه الآباء والامهات لحجم التفريط في زمن البذر على كل واحد منا ان يحبس الانفاس، فنحن مقبلون على مزيد من العنف الذي انتجته برامج الالعاب، ومارست من خلاله دوراً سلبياً ارهق مشاعر الشباب، وابقاهم في دائرة مغلقة، لا نعلم متى يكون الخروج منها.


البيان