المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التربية الخُلُقِيّة للطفل


أفاق : الاداره
05-18-2004, 04:11 AM
التربية الخُلُقِيّة للطفل

--------------------------------------------------------------------------------

التربية الخُلُقيّة ...
وأقصد بهذا الاسم : مجموعة المبادئ والفضائل السلوكية التي يجب أن نربي عليه الطفل وننمي بها أخلاقه التي ولد عليها ألا وهي الفطرة السليمة ..
قال الله تعالى : فطرة الله التي فطر الناس عليها ..
و قال صلى الله عليه وسلم : كل مولود على الفطرة ...
فهذه الأخلاق هي ثمرة من ثمرة الإيمان الراسخ في عقيدة الأسرة التي تسعى للنشأة الإيمانية الصحيحة ..
فالطفل يجب أن يتربى على الايمان بالله بمطلق الايمان لتثبت عقيدته الصحيحة ..
ألسنا نعلم طفلنا في أوّل ما يحفظه من القرآن : قل هو الله أحد ؟؟؟
هذه الآية يجب ألا تكون بظاهرها كلام نحشو به دماغ الطفل فحسب لنتباهى أمام الزوار أنه يحفظ شيئا من كتاب الله ..
بل يجب أن يصاحب ذلك الحفظ مراقبة لتصرفاتنا أمامه وكلماتنا أمامه ليأخذ منا العقيدة الايمانية سلوكاً عمليّاً في حيّز التطبيق قبل أن يكون قوانين نظريّة ..
مع عدم الإهمال لناحية التحفيظ للقرآن ولكلام رسول الله ولشيء من الأشعار ..
فذلك من صلب التربية الخلقية أو الأخلاقية للطفل وللنشء المسلم ....
فديننا والحمد لله دين الأخلاق الحميدة والصفات المجيدة...
والطفل الذي يتربى على الإيمان بالله .. ويتربى على خشيته .. ومراقبته في السر والعلن ..
والاعتماد عليه والاستعانة به والتسليم لقدره في كل ما يصيبه من سرّاء وضرّاء .. إلخ (وهذا يعتبر أصلاً في فطرته التي كوّن عليها ..)
تصبح عنده الاستجابة لأوامر الله ونواهيه استجابة ذاتيّة ...
فلا يسعك إلا أن تقول له حكم الله في أمر ما إلا وتجده يسارع إلى تركه ..
لأن الوازع الديني تأصّل عنده في ضميره ، والمراقبة الالهية التي ترسخت في أعماق وجدانه والمحاسبة النفسيّة التي سيطرت علة تفكيره واحساسه .. كل ذلك بات حائلا بين الطفل وبين الصفات القبيحة والعادات الآثمة التقاليد الجاهلية الفاسدة ..
بل يصبح إقباله على الخير عادة من عاداته ، ويصبح حبّه للمكارم والفضائل خلقاً أصيلاً في نفسه ومن أبرز أخلاقه وصفاته ...
وحينما تكون الترببية للطفل بعيدة عن الوازع الديني وعباره عن حياة روتينة تمشي هكذا بدون أي ضابط يضبط لنا حياتنا أو دستور يحدد لنا تصرفاتنا ..
فإن الطفل لا يتورع عن المضي في طريق الفسق والانحلال وينشأ على الضلال ...
وسيتبع بالتالي نفسه هواها .. ويصير الشيطان فارسه الذي يسيّره كيف يشاء حتى يودي به إلى طريق نهايته الكفر والعياذ بالله ...
....
....
والأطفال أنواع بحسب صفاتهم النفسية :
فإن الطفل ( هادئاً مُسالماً ) عاش حياته بليداً خاملاً غافلاً حيّاً كميت وموجودا كمفقود ..
وإن كان ( عصبيّاً ثائراً تموج به روح الحيوية والنشاط ) جعل همّه العلو في الأرض والاستكبار على الناس ....
بينما المؤمن كلما ازداد نشاطاً في الأرض ازداد خضوعاً لله وتذللاً بين يديه ...
أليس والده من علّمه قول الله تعالى : أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ...؟؟
وقد قال القائل الذي عاش في عز الهمجية الجاهلية :
ونشرب إن وردنا الماء صفواً ... ويشرب غيرنا كَدَراً وطيناً
لنا الدنيا ومن أمسى عليها ..... ونبطش - حين نبطش - قادرينا
بغاة طالمون وما ظُلمنا ......... ولكنّا سنبدأ ظالمينا ..!!!!
ألس هذه الروعة في البيان والعزة والقوة والعظمة تكون أسمى لو كانت في التواضع بين الناس ؟؟!!
....
ولسنا في منتدانا هذا بحاجة لنبيّن لكم أخوتي الأكارم آراء المستشرقين والمفكرين الأجانب في ضرورة التوحيد بين الأخلاق والدين ...
فقد قال هذا : الفيلسوف الألماني " فيخته " والزعيم الهندي " غاندي " والقاضي البريطاني " ديننج " والفيلسوف " كانت " ....
وديانة الإسلام أولى من هؤلاء جميعهم وغيرهم بالربط بين الأخلاق والدين ...
وقد روى الترمذي عن أيوب بن موسى عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" ما نحَلَ - أي منح - والد ولداً من نحلٍ أفضل من أدي حسن "
وهنا تأتي مسؤولية الآباء والمربين في التوجيه نحو الأخلاق الفاضلة التي أمر بها الاسلام ..
والأمر بالتحلي بأخلاق الاسلام الفاضلة الي هي أساس الإسلام كله ...
وهي مزيّة من مزايا رسولنا الكريم حين قال فيه العلي القدير :
وإنك لعلى خلق عظيم ، وقال أيضاً يحضه على اللين في الخطاب : فبما رحمة من الله لنت لهم .. ولو كنت فظّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك ...
...
فتعليم الطفل المحافظة على الصلوات الخمس مثل تعليمه المحافظة على آداب الطريق ..
وتعليمه القرآن مثل تعليه ترك الكذب والصدق ..
وتعليمه المحافظة على النوافل مثل تعليمه الكرم والسخاء ...
لا يتجزأ هذا من ذاك أبداً ...
ولعلكم ترون وتسمعون ما يقوله العوام إن رأوا شيخاً أو رجل علم يتصرّف بتصرّفً أخلاقيّ لا يليق فيقولون :
أهذا ما يأمر به الإسلام ؟؟؟
إذ كان الشيخ يفعل ذلك فلا حرج علينا نحن ...
..
وأورد لكم قصة صغيره - وما أكثر القصص - عن أن الأخلاق الفضيلة هي جزء لا يتجزأ من رسالة الدعوة إلى الله :
مضى رجلٌ عالم من علماء دمشق يمشي في السوق التجاري الكبير وهو يزور المحلّات التجارية ويجمع من التجّار الأغنياء زكاة أموالهم أو صدقاتهم لتصل إلى الجمعيّات الخيرية ليتم توزيعا على الفقراء ...
وصلإلى محلٍ ضخمٍ جدّاً من محلّات السوق ودخل وقال لصاحب المحل :
- هل عندك شيء لله ؟؟؟
فبصق التاجر في لحيته ...
فمسح الشيخ لحيته بمنديله وقال :
- هذه للحيتي هذه ... فما عندك لله ؟؟؟
فإذا بالتاجر ينكب باكياً فوق طاولته وقد هزّته تلك الكلمة هزّاً
وما كان منه إلا أن قام يعتذر من الشيخ .. ثم فتح له خزنته الحديدية على مصراعيها وهو يقسم عليه أن يأخذ ما يريد منها دون أن يحصي أو يعد ما أخذ ....
وانقلب حال التاجر بعدها إلى أكبر المنفقين للمال في شتى وجوه الخير ... وإلى رجل تقي يخاف الله تعالى ..
...
الشاهد في القصّة على موضوعنا : أنه لولا أخلاق هذا الرجل الذي دفعته لتحمل الاهانة لنفسه لما حصل ماحصل مع هذا التاجر مما غيّر مجرى حياته ..
ولو كان شخص آخر .. مثلي لكان جوابه الشتائم ربما ، أو الرد بالمثل ... ، أو الانصراف واللسان يدعو الله عليه بهلاكه وفناء أمواله في أسوأ الحالات ..
...
هذه هي ثمار التربية الأخلاقية التي حضّ الاسلام عليها ...
فلتكن هي ثاني سبيل نتّبعه في تربيتنا لهذا الجيل الذي نسأل الله ان يجعل صلاح الأمة على يديه ..
إنه سميع قريب مجيب ..
والسلام عليكم


منقوووووووووووووول