المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المرأة نصف المجتمع والنصف الآخر يتربى في أحضانها


ماما حواء
02-19-2004, 12:36 PM
المرأة نصف المجتمع والنصف الآخر يتربى في أحضانها

المؤامرة على المرأة المسلمة

التحديات التي تواجه المرأة المسلمة - 1

يُعتبر إحقاق الحق في أي قضية تهمُّ الإنسانية إحقاقاً للحق في جانب من جوانب الشرع وانتصاراً له . ولما كانت المرأة تشكّل نصف المجتمع من حيث العدد ، و تمثل أجمل ما فيه من حيث العواطف، و أعقد ما فيه من حيث المشاكل ، كان تناولُ قضيتها ذا أهمية بالغة.
ويكفي في تعريف المرأة ما قاله الشيخ راشد الغنوشي "المرأة نصف المجتمع والنصف الآخر يتربى في أحضانها" ومن ثم فهي تؤثر في كل المجتمع ، لذلك وجب عليها أن تعي أن عليها مسؤولية شرعية وتاريخية ألا وهي صناعة وتكوين الأجيال . فالمرأة إذن مناطةٌ بوظيفة تفعيل وصياغة أحد شروط الحضارة وهو الإنسان ، ذلك أن عناصر الحضارة كما عرفها الأستاذ مالك بن نبي وغيره هي" الإنسان والمكان والزمان" .
وقد تكرر مصطلح المرأة في القرآن 26 مرة ، ومصطلح النساء 59 مرة . في حين ذكر مصطلح الإنسان 70 مرة ومصطلح ابن آدم 25 . ومن خلال هذه الأرقام يظهر أن القرآن توجه إلى المرأة كإنسان في أكثر من 95 موضع في حين خصها كامرأة في 85 موضع ، فتبين بذلك أن الله خاطبها كإنسان أكثر من كونها جنساً له خصوصيات مميزة…. لأن الرجل والمرأة في التصور الإسلامي سيان في التكليف والمسؤولية والجزاء ، وهذه المساواة أصل أصيل في الشريعة أبرزه بشكل واضح قوله تعالى: ) من عمل صالحاً منكم من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلَنُحْيِيَنَهُ حياة طيبة( . وقوله صلى الله عليه وسلم : "النساء شقائق الرجال" ، لا فرق إذاً في خطاب الوحي بين الجنسين إلا في أحكام شرعية محدودة. وجسدت النساء هذا المبدأ بمشاركتهن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وخلال خير القرون من بعده في كل المجالات المتاحة في المجتمع.
لكن هذه المكتسبات التي حصلت عليها المرأة بالإسلام ضاعت عبر القرون ، فغابت المرأة تدريجيا لتحبس في البيت طيلة أربعة قرون ، ثم لِتُفْـتن خلال قرن الاستعمار و كان هذا إما إفراطاً أو تفريط. ورغم أن نسبة النساء اليوم في المجتمعات العربية و الإسلامية تتراوح ما بين 48% و63% إلا أنها لازالت لم تؤدِ وظيفتها الحضارية بفعالية ، ولم تقدم رموزاً متميزة تعكس نسبتها العددية في المجتمع ، وسبب ذلك مواجهتها لتحديات حالت دون وصولها إلى أداء وظيفتها المرتقبة .
ويمكن حصر هذه التحديات في ثلاث: تحديات ذاتية ، تحديات واقعية ، تحديات حضارية. والهدف من هذه المقالة بسط الحديث في هذه التحديات.

التحديات الذاتية:
لا زالت المرأة - للأسف - كرةً تتقاذفها أرجل الأقوياء ، كلٌ يريد تسجيل الهدف في مرمى الآخر . ونحن نرى كيف تُزايِد على حقوقها جمعياتٌ ومؤسساتٌ مختلفة المشارب واللافتات ترمي من وراء ذلك إلى تحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية . ولن تتحرر المرأة من هذه المطامع إلا إذا وعت خطط أعدائها ، وحملت مشروع إصلاح أمرها بيدها وأدركت أن لكل فردٍ أنساقاً ثلاثةً تشكّل شخصيته، ولابد لها من إعادة صياغتها في ذاتها وهي: النسق التصوري والنسق النفسي والنسق السلوكي .
أ. النسق التصوري:
وهو يتكون من مجموع الصور الذهنية التي ترسمها المرأة لكل ما يحيط بها . وهذا النسق لم ينضج عموماً عندها ، بحيث لا تتضح لها معالم القضايا سواء كانت سياسيةً أو اقتصادية أو اجتماعية، محليةً كانت أو عالمية . فالمرأة تفتقد لمنظومةٍ تحكم رؤيتها و لنسيجٍ فكري يضبط تصورها ، ولا تستطيع بلورة مواقف فكرية - وأتحدث هنا عن عامة النساء - أما الاستثناءات فلا يخلو منها عصرٌ ولا مصر . وقد نجد نخبةً نسائيةً ناضجة على المستوى التصوري ، لكنها لم توفق حتى الآن في إيصال خطابها ، وربط الجسور بينها وبين بنات جنسها.

ب. النسق النفسي:
وهو مهد الانفعالات والمواقف النفسية من العواطف والأحاسيس التي تثيرها مجموعة أحداثٍ ووقائع . وهذا الجانب رغم تميز المرأة به ، إلا أنه مبالغٌ فيه عندها ، حيث يثيرها الخطاب العاطفي أو الترفيهي أكثر من غيره ويؤثر على توجهاتها وقراراتها . وقد عزَفَتْ على هذا الوتر عدة تيارات ومؤسسات ونجحت في تحقيق مآربها . وليس ذلك غريباً إذا علمنا أنه كلما غابت قوة العقل ارتفع حس العاطفة .
وقد تأثرت المرأة عبر العصور بالخِطاب الخَطابي دون أن تتفاعل مع الخطاب العلمي بعقل راصدٍ وناقد ، لأنها تفتقد أداةً أساسية ألا وهي: العلم .كما أنها تربت على فقه الطاعة ولم تتعود على فقه الحوار ، مما جعلها سهلة الاستلاب لهذا التيار أو ذاك . وعند فقدانها للتوازن النفسي وتضخم حس العاطفة ، أفرزت المرأة تفاعلاً غير سليم مع الأحداث والوقائع من حولها.
و لا يقصد هنا طبعاً التمرد، بل يقصد التفكير و الحوار السوى ذا الضوابط السليمة فالمجتمع المسلم الآن و ما يواجهه من تحديات يجزم بضرورة الحوار و التفكير و اتخاذ القرارات لأن الإتجاهات و التيارات كثيرة و لم تعد محددة كالأمس.
سبب آخر قوى جداً ألا و هو أن النساء شقائق الرجال كما قال الحبيب المصطفى صلوات ربى و تسليماته عليه و ذلك دليل على أن أغلبية أوامر الله سيان للرجال و النساء إلا من بعض الأوامر الخاصة و بذلك يتضح أن هذه المرأة ستقف أمام الله وحدها يحاسبها على كل همسة و لابد أن تتحمل عواقب أفكارها و تصرفاتها وحدها فى سياق قوامة الرجل و طاعة المرأة لزوجها و أبيها فهذا تشريع الخالق لحمايتها و لن تجد المرأة من يخاف عليها و يحميها و يوجهها أفضل من محارمها.
ج. النسق السلوكي:
ويتضمن هذا النسق كل الأفعال التي تندرج في إطار سلوك المرأة العام . والسلوك نتاجٌ يُفرز عناصر الشخصية ، لأنه الواجهة الخارجية التي تعكس أي انحرافٍ أو خلل أو بالمقابل أي اعتدال وتوازن . والمطّلع على واقع المرأة يلاحظ انتشار أعراضٍ مرضيّة كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

الاهتمام المفرط بالقشور والشكليات دون الجوهر ، والتركيز على الجسد مقابل إهمال العقل والروح .

التنافس على التكاثر في المسائل الدنيوية بشكلٍ مبالغ فيه.

انتشار الأخلاق الرديئة من مثل الغيبة والنميمة وقتل الوقت في أتفه الاهتمامات والمواضيع .

تقديس التقاليد الراكدة والوافدة .

إغفال أداء المهمة التي أنيطت بها بجانب أخيها الرجل على حد سواء ، ألا وهي الاستخلاف في الأرض.

ولما كان السلوك نتاجاً لا يمكن إصلاحه بمعزلٍ عن إصلاح النسق النفسي والتصوري لأنهما يشكلان الآلة التي تفرزه ، وجب أن يتوجه التصويب إلى النسق النفسي والنسق التصوري لصياغة سلوكٍ إسلامي يمكّن المرأة من أداء دورها الحضاري . وعبر تفاعل هذه الأنساق تتحقق الشخصية المتوازنة للمسلمة .
وأخيراً نخلص إلى أن أكبر التحديات التي تعيشها المرأة بشكل عام والمسلمة بشكل خاص هي: العوائق الذاتية ، التي تشكل السبب الأساسي في غيابها عن العطاء . ولا سبيل لإصلاح واقعها إلا بالوعي بذاتها من خلال تكوين وتفعيل الأنساق الثلاثة. وأول خطوةٍ في مسيرة الوعي حمل وتحقيق شعار: "يجب أن يبدأ في أنفسنا التحول" بناءً على قوله تعالى: )إن الله لا يغير ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم)

أ. عتيقة المملوكي