المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السعودية:المملكة التي لا يعرفها الغرب


أفاق : الاداره
01-03-2010, 03:13 AM
السعودية: المملكة التي لا يعرفها الغرب


المملكة من الداخل: الملوك ورجال الدين والمحدثون والإرهابيون والصراع
من أجل المملكة العربية السعودية المؤلف: روبرت لاسي الناشر: هتشينسون 2009
بقلم بولا ميجا

تاريخ النشر: الجمعة 25 ديسمبر 2009 تم التحديث: الجمعة 25 ديسمبر 2009

يتسم كتاب المملكة من الداخل بالجرأة والقدرة على التصدي لعدد كبير من القضايا التي شكلت المملكة العربية السعودية. وكيف تتعامل القيادة السعودية مع القضايا الداخلية مع المواطن السعودي، و كيف تدير علاقتها الخارجية، كما يرصد لاسي التطورات التي حدثت للمرأة السعودية ، و تأثير حادث احتلال الحرم على المجتمع السعودي.

تتميز المملكة العربية السعودية بتاريخ فريد. فهي دولة تختلف كثيرًا في طبيعتها وثقافتها عن الاتجاهات الاجتماعية العامة في العديد من دول العالم، فقدرتها على البقاء واحتلال المكانة المتميزة التي تشغلها على المستوى الإقليمي أو الدولي يمثل نموذجا يستحق التوقف أمامه ودراسته.

بهذه المقدمة يمهد روبرت لاسي للنمط الذي سيسير عليه في كتابه الجديد الممتع والغنى بالمعلومات عن بلد يعد، بنسبة كبيرة، لغزًا إذا ما قورن ببقية دول العالم.

ويعد كتاب لاسي "المملكة من الداخل" استمرارًا للجهد الذي بدأه المؤلف في كتابه الأول حول المملكة العربية السعودية، والذي يحمل عنوان "المملكة". ولكن الكتاب الثاني يختلف عن الأول في أنه يلقى الضوء على الاختلافات في السعودية، وبشكل أكثر تحديدًا يركز على دراسة الأثر الذي أحدثته الثقافة المحافظة للمملكة في علاقتها مع بقية العالم. ويتمتع لاسى بالجرأة الشديدة في تغطيته للقضايا المتنوعة داخل المملكة السعودية سواء ما يتعلق بتعاملها الحكيم مع ظاهرة الإرهاب أو علاقاتها الخاصة مع الولايات المتحدة، ودور المرأة، وكيف تكيفت القيادة السعودية مع الأزمنة المتغيرة.

ويبدأ روبرت لاسي كتابه باستعراض الظروف التاريخية التي سمحت للمجتمع السعودي بالتمسك بالقيم المحافظة التي تشكل هوية المملكة اليوم، و هو الأمر الذي يثير اهتمام معظم الأجانب في الغالب. و في هذا السياق، يورد لاسي في كتابه مجموعة من الأحداث، مثل حصار جهيمان لمكة المكرمة، وهجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول، في تفسير سوسيولوجي يوضح كيف ساهم تطور القبائل في إعطاء مجتمعاتها الحديثة صبغة محافظة.

وفيما يتعلق بحصار مكة المكرمة بشكل محدد، يوضح لاسي كيف أن هذا الحدث ربما كان له التأثير الأكبر على تطور العادات الاجتماعية الحديثة مقارنة بغيره من الأحداث الأخرى في المملكة العربية السعودية. وينجح المؤلف في نقل هذه الرسالة من خلال طرق شتى بخلاف الحقائق التاريخية والقصص التي رواها المعاصرون للحدث والتي أدمجها في قصته عن الحدث. فهو ككاتب مخضرم يستحق الثناء لأنه ينقل للقارئ، من خلال التحقيقات التي قام بها في كتابه، مدى الرعب الذي شعر به السعوديون، باختلاف فئاتهم في ذلك اليوم المشئوم ، ليس خوفًا من جهيمان و أتباعه ، وإنما خشية على بيت اللـه الذي يحتفظون له في نفوسهم بمكانة خاصة ، مشيرًا، على سبيل المثال، إلى تعجب الملك الورع، خالد مما حدث وقولته الشهيرة التي حفظها السعوديون : "كنت أتمنى لو أنهم احتلوا قصري، بدلًا من احتلالهم للمسجد الحرام" ، فقد اعتبر لاسي هذه المقولة أكبر دليل على الصدمة التي أصابت السعوديين جراء هذا الاعتداء الجهيماني ، ومدى حبهم لبيت الله الحرام وتعلقهم به قيادة وشعبًا .

وأوضح لاسي، كيف أدى هذا الحادث إلى أن تصبح الثقافة السعودية أكثر حذراً. ولكن بالرغم من ذلك، فإن هذه السمة المحافظة قد انطوت على مفارقات كبيرة. و يعد من أهم فصول الكتاب تلك التي خصصها لاسي لاستعراض التطور الفكري لدى أسامة بن لادن، فقد اعتبر لاسي نموذج بن لادن إضافة الى ظاهرة الاتجاه نحو التطرف التي انتشرت بين بعض السعوديين في أواخر التسعينيات، بمثابة نقد اجتماعي للدور الذي لعبته المؤسسة الدينية مع الشباب سهل الانقياد.

وينجح لاسي، بدون الإساءة للتقاليد، في ضرب أمثلة عن الأعضاء السابقين في الجماعات الإرهابية توضح أن المملكة العربية السعودية لم تكن يومًا في مشكلة مع الدين نفسه، وإنما مشكلتها الحقيقية ومواجهتها كانت وما زالت ضد التعصب والتطرف الذي يسيء إلى الدين الإسلامي المعتدل.

وهذا التعصب، كما يقول لاسي، هو الذي يفسر، ولو جزئيًا، السبب في أن الغالبية العظمى من منفذي هجمات 9 / 11 كانوا من السعوديين وليسوا من اليمنيين.

وكان لافتًا في كتاب لاسي أنه انطلق من تحليل التعصب الذي سيطر على فكر قلة من الشباب السعودي إلى مناقشة مشكلة أكثر عمومية و هي نمو الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط بشكل عام وخلص لاسي إلى تحديد مجموعة متنوعة العوامل التي تدفع الأفراد للمشاركة في هذه الأعمال المتطرفة، ومن أهمها العامل الاقتصادي، فقد رأى لاسي أن غياب الفرص و الخيارات التي تتوافر أمام هؤلاء الشباب في دولهم وإيمانهم بقضية كبرى كان سبباً رئيسياً في إلى اقتناعهم بأن يصبحوا شهداء ، لكن في المقابل ليس كل المتطرفين فقراء ، فالحالة الاقتصادية لم تكن وحدها السبب وراء اتجاه الشباب إلى الإرهاب وإلا. فكيف إذن يفسر حقيقة انضمام العديد من السعوديين، الذين لديهم الكثير من الفرص الاقتصادية في بلادهم، إلى هذه الحركات الجهادية؟

يقول لاسى :

كان هناك تسلسل هرمي بين الجهاديين. وكان اليمنيون في أسفل الهرم...لأنهم كانوا يعيشون في فقر مدقع، ولم يكن أمامهم سبيل لتحسين أحوالهم. وربما كانوا أفضل حالًا في أفغانستان مما كانوا عليه في الوطن. كما أنهم لم يكونوا، في كل الأحوال، قادرين على السفر إلى أي مكان... كما لم يكن المصريون أيضًا قادرين على السفر، ولم يكن بوسعهم بالطبع العودة إلى بلادهم. فقد كانوا رجالًا مطلوب القبض عليهم، ولم يكن لديهم الكثير من المال. ولكن السعوديين على الجانب الآخر كانوا على قمة الهرم لأنهم يملكون الكثير من المال. فالسعودي لم يكن بحاجة ماسة إلى الحصول على 150 دولارًا.. وكان باستطاعته العودة إلى الوطن في أي وقت. ولذلك فإن وجوده في هذا المكان لم يكن يعنى أنه لم يكن قادمًا من أجل المال أو بسبب حالته الاقتصادية السيئة وإنما جاء ليجاهد بنفسه. كما يعنى أيضًا أن لديه القدرة على تنفيذ المهام الخطيرة على أكمل وجه.

وفي هذا الجانب يمكن وصف تحليل لاسي لأسامة بن لادن بأنه متعمق؛ لأنه قدم تقييماً متميزاً لكيفية خروج زعيم لتنظيم القاعدة مثل أسامة بن لادن من بلد متميز في الشرق الأوسط، ذات علاقات قوية نسبيا مع الغرب مثل المملكة العربية السعودية.

فمن المعروف أن بن لادن ابن لأسرة سعودية معروفة وغنية، لكنه متشدد جدا. يقول لاسى في تفسير هذا التناقض إن بن لادن لم يكن نتاجاً لظروف سعودية و إنما تأثر إلي حد كبير بعضو في جماعة الإخوان المسلمين وهو رجل سوري. وكان بن لادن في ذلك الوقت تلميذًا في المدرسة. وبعد ذلك بوقت قصير، تم غزو أفغانستان وشعر أسامة بالرغبة في دعم إخوانه المسلمين، وهنا قام بن لادن بالضغط علي أصدقائه وأقربائه الأثرياء من أجل قيامهم بالتبرع للمجاهدين وبالفعل نجح في جمع مبالغ ضخمة لهؤلاء المجاهدين. واستخدم بن لادن الدين كحافز لأقربائه والجميع حتى يقوموا بإعطائه مبالغ كبيرة. فقد كان من الصعب بالنسبة للكثيرين في ذلك الوقت قبول موت الأبرياء المسلمين في أفغانستان.

وهنا نشأت مشكلة، فعندما شاهد الجهاديون مثل بن لادن خروج القوات السوفيتية من أفغانستان و اعتبروا أن هذا الخروج سببه الحقيقي هو جهادهم ، قرروا عدم ترك السلاح. وقال أحد المحللين إن هؤلاء الرجال قد ضلوا في تفسير الحق ومعرفة ما هو صحيح، ونتيجة لذلك تحول جهادهم إلى حركة عالمية؛ واعتبروا الجهاد نوعًا من الدفاع عن معتقدات المسلمين.

وبعد هذا التحليل المتعمق لحالتي بن لادن وجهيمان يشير المؤلف إلى نقطة يراها مهمة ، ويقول إنه بالرغم من وجود بعض المزايا في الطبيعة المحافظة للمجتمع السعودي، فإن هذه الطبيعة نفسها كانت أحد الأسباب التي عززت ظهور التطرف لدى بعض الشباب السعودي ، لكن لاسى يشير بوضوح إلى أن المسئولين السعوديين أدركوا هذه السلبية وتعاملوا معها بشكل جيد، جنب المملكة مخاطرها .

ويخصص لاسي قدرًا كبيرًا من البحث لكيفية إعادة تأهيل الإرهابيين السابقين، هذا الموضوع الذي لم يجد مساحة كافية من التناول. وحتى يقوم بذلك، يستكشف لاسي التدابير التي استخدمتها الحكومة السعودية في هذا الصدد، ففي سبيل التغلب على هذه المشكلة، استخدمت وزارة الداخلية السعودية تكتيكًا جديدًا وهو الزواج. فإن أحد أسس برنامج إعادة تأهيل المتطرفين السابقين هو حصول المستفيدين، كما يطلق عليهم، علي ميزة الاستقرار مع زوجة.

بالإضافة إلى تشجيع الزواج ، أشار لاسي إلى أن الحكومة تساعد الإرهابيين العائدين في العثور على عمل. وروى لاسي قصة معتقل سابق في جوانتانامو وهو خالد الحبيشي الذي تم منحه 60 ألف ريال عقب الإفراج عنه، وهو مقدار المهر المتعارف عليه في السعودية. ويقول المعتقل السابق بعد أن تزوج و حصل على وظيفة: "لقد أحسنت الحكومة إليَّ، فلماذا لا أكون محسنًا معها".

والفلسفة الكامنة وراء إعادة تأهيل الإرهابيين السابقين، وفقا لوزارة الداخلية، هو بناء وفاق وطني على أن التطرف خطأ، لذلك فإن إحدى طرق إعادة التأهيل المؤثرة تتم من خلال الدعم العائلي و تحقق نتائج طيبة. ففي الأشهر القليلة الماضية، قام تسعة شبان بالاستسلام لأن أسرهم ساعدتهم على العودة إلى الطريق الصواب. ولذا فإن دمج هؤلاء التائبين في المجتمع بالشكل الصحيح الذي تنفذه المملكة، على حد قول لاسي، سوف يؤدي إلى كسب هذه المعركة"، ويبدو أن هذا التكتيك سيكون له نتائج واعدة.

و من بين الموضوعات المثيرة للجدل في الكتاب دور المرأة في المملكة العربية السعودية. فوضع المرأة وحقوقها المحدودة في أعين الأجانب، كما يقول لاسي، ربما كان هو السبب الذي جعل بعض الغربيين يشعرون بالنفور من السعوديين. ويتناول لاسي هذا الموضوع ويعرض مستويات القبول المتباينة بين النساء السعوديات للسلوك المتوقع منهن في المملكة.

ويسلط الضوء في هذا السياق على قصة امرأة تدعى سوزان آل مشهدي وتعمل إخصائية اجتماعية كتبت مقالًا في جريدة الحياة السعودية عن وضعها كامرأة في المملكة. وانتقدت في هذه المقالة وضع المرأة في السعودية بشكل علني. وقالت إنها كانت تتوقع انتقادات شديدة لأفكارها، لكنها توقعت أن يأتي أكثر تلك الانتقادات من الرجال. إلا أنها دُهشت عندما حدث العكس .

أتت جميع الرسائل الإلكترونية واللاذعة من نساء أخذن ينتقدن سوزان نقداً شديدًا قائلات لها: "أنت ليبرالية وعلمانية، أنت لا تمثلينا. في البداية اعتقدت سوزان أن بعض الرسائل قد أرسلت من قبل رجال يتظاهرون بأنهن نساء. لكنها وجدت أن جميع رسائل البريد الإلكتروني المشجعة أتت من الرجال.

وروى لاسي حكاية قصيرة وكاشفة للهياكل التي تدعم المجتمع السعودي اليوم. وكانت قصته بمثابة دليل على أنه بالرغم من وجود العديد من النساء اللاتي يعترضن على ما هو منتظر منهن في المملكة العربية السعودية وهو الخضوع للعادات والتقاليد السعودية فإن هناك نسبة أخرى كبيرة منهن تحتضن هذه العادات المتشددة ويشعرن بأن هويتهن تصير مهددة عندما تصبح هذه العادات محل شك. ووفقا لاعتقاد لاسي، فإن الاتهام "بالليبرالية" له صدى مماثل تعبر عنه العناصر المحافظة في المؤسسة الدينية إزاء العديد من القضايا.

والمثير للاهتمام أن لاسي يشير إلى أن القيادة السعودية قد فعلت الكثير لكي تحقق المساواة بين وضع الرجال والنساء. وروي لاسي قصة مدرسة للبنات في مدينة مكة المكرمة التي اشتعلت فيها النيران في عام 2002. حيث كانت الفتيات يرتدين زيهن الرسمي، ولم يكن لديهن الوقت الكافي لجمع العباءات بينما كن يحاولن الخروج من المبنى. وكان مدخل المبني يخضع لحراسه أفراد من الشرطة الدينية، ولم يسمحوا للفتيات بالخروج من المبنى دون العباءة، مما أدى إلى وفاة خمس عشرة فتاة، وإصابة ما لا يقل عن 50 أخريات. وهنا بدأ الإعلام السعودي يتناقل المعلومات والأزمة التي شعر بها المجتمع السعودي كله والتي حدت بولي العهد وقتها عبد اللـه بن عبد العزيز إلى أن يقرر أنه آن الأوان للتغيير. وقرر ولي العهد أن تخضع مدارس البنات في المملكة لإشراف وزارة التربية والتعليم مثل مدارس البنين.

وبالرغم من أن ذلك قد يعتبره البعض دليل بسيط على التغيير، إلا أن لاسي يراه دليلًا على إدراك الحكومة السعودية بأن هناك حاجة للإصلاح. وفي هذا الصدد، يصور لاسي القيادة السعودية بأن معظم أفرادها دائما يستجيبون لحاجات المجتمع السعودي.

وبينما يسلط الكتاب الضوء على عدد من القضايا التي تحدد مكانة المملكة العربية السعودية على الصعيد الدولي، و أعطى لاسي أيضًا اهتمامًا كبيرًا لعلاقة المملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة. و كيف وُضعت المملكة العربية السعودية في مواقف صعبة عندما أصبح تدخل الولايات المتحدة في المنطقة مثار جدل في الدول العربية الأخرى. وأحد الأمثلة البارزة على ذلك حرب الخليج. فبعد أن صدقت السعودية وعود صدام حسين بأنه سوف يحترم سيادة الكويت، شعرت الحكومة السعودية بالخيانة والخطر. وعندما وجدت نفسها في مواجهة توتر حاد في المنطقة، واستعداد من جانب الولايات المتحدة للتدخل، وقتها تعين على الملك إدارة المعارضة الداخلية لوجود قواعد أمريكية في السعودية.

ويروي لاسي كيف واجه الملك الراحل فهد بن عبد العزيز هذا الأمر بحنكة و هدوء و كيف تحدث بوضوح إلى قواته العسكرية و المؤسسة الدينية.

فقد كانت هناك أزمة انعدام ثقة من السعوديين في القوات الأمريكية من جانب، فالمواطنون آمنوا بما وصفه أحد السعوديين على النحو التالي :

عندما رأيت تلك القوافل الأمريكية الضخمة مسافرة ،عرفت أنها لم تأت إلى هنا من أجلي أو من أجل شعبي أو حكومة بلادي. فهراء أن أظن أنهم قطعوا هذه المسافة الطويلة من أجل حمايتي! إنهم جاءوا لحماية مصالحهم الخاصة؛ لأنهم لا يريدون سيطرة صدام على النفط الذي يحتاجونه.

ومع الأخذ في الاعتبار المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، التي هي مثار جدل وانعدام الثقة بوجه عام الذي عززه هذا التوجه فإن علاقة المملكة العربية السعودية بالولايات المتحدة تعقدت بالرغم من التقارب النسبي بينهما، حتى وإن كان ذلك بسبب الضغوط الداخلية وحدها. ووفقا للاسي، فإن ذلك أصبح أكثر وضوحا بعد أحداث 11 / 9 ، عندما تمت إعادة تقييم العلاقة الخاصة بين البلدين من قبل الجانبين ، وتطلعت المملكة العربية السعودية إلى استعاضة اعتمادها على الولايات المتحدة بالاقتراب أكثر من دول قوية أخرى مثل الصين وروسيا.

و في هذا السياق يشير لاسي إلى تشبيه الأمير بندر بن سلطان للعلاقات الأمريكية السعودية بالزواج الكاثوليكي طويل الأمد و قوله أنه قد تكون هناك منغصات وتوترات من وقت لآخر، إلا أن الزواج سيستمر إلى الأبد. لكن في ربيع عام 2004 ، غيَّر الأمير سعود الفيصل هذا التعريف وقال إن العلاقة بين أمريكا والسعودية "ليست زواجًا كاثوليكيًا... إنما هي زواج إسلامي". والزوج المسلم يُسمح له بأربع زوجات، على أن يعدل بينهن؛ و هو ما يجب أن تفعله المملكة في الأيام الصعبة التي أعقبت أحداث 9 / 11.

و يتناول لاسي العلاقات الجديدة التي أقامتها المملكة العربية السعودية مع الدول الأخرى التي لها مصالح في المنطقة معتبرًا أن هذا التوجه السعودي يدل على التغيرات التي حدثت على الساحة الدولية في أعقاب 11 / 9 وغزو العراق. و يشير لاسي إلى أن الخريطة السياسية للمنطقة قد تغيرت وهيأت الظروف لإعادة تقييم العلاقة الخاصة التي تجمع بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. وعلى ما يبدو كان لسلوك إدارة بوش اليد الطولى في هذه التطورات، ولكنه ليس من الواضح لنا ما إذا كانت التغييرات التي حدثت أخيرًا في السياسة الخارجية الأمريكية سوف تؤدي إلي خلق قوة متجددة للعلاقات الأمريكية السعودية أم لا .

بوجه عام، يتسم هذا الكتاب بالجرأة والقدرة على التصدي لعدد كبير من القضايا التي شكلت المملكة العربية السعودية. وقوة لاسي في تقديم هذا البلد للقراء الذين لا يعرفون ثقافة وتاريخ المملكة العربية السعودية تكمن في قدرته على رواية حكاية بعد حكاية، وخلق شعور حقيقي بالقيم التي يتمسك بها الناس في السعودية . وهذا الكتاب بأسلوبه الممتع ومعلوماته الوفيرة مرشح لأولئك الذين يبحثون عن فهم عميق للاختلافات الموجودة بالمملكة من منظور غربي؛ ويعطي الجهد الاستقصائي للمؤلف مزيدًا من الأهمية للنتائج التي توصل إليها كتابه الأخير.

http://www.majalla.com/ar/reviews/article12626.ece