المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أبواب الرزق الجميل


د.سكينة بن عامر
09-11-2008, 01:23 PM
تعودت دائما أن اخذ كل شيء ببساطة وسهولة، وأن افتح قلبي للدنيا كلها، فالحياة تسير شئنا أم أبينا، ورب العباد سبحانه وتعالي يقسم الأرزاق ويشمل الإنسان برحمته، فهو سبحانه كريم ورحمن ورحيم، وكنت أمازح الجميع عند اشتداد المشاكل بان نصف المئة لا تزيد عن سبعة ونصف بشيء، وبالرغم من دهشة الجميع من (برودة أعصابي) و(لامبالاتي) إلا أنني لم اكشف لهم يوما عن غضب صاعق، إذ أن ( الروح الرياضية) و (المرونة في التعامل) هي شعاري، كما أن ( الصوت العالي) هو( جعجعة فارغة) و(ضعف) و(دليل عن التخلف) هكذا كنت أخبر الجميع أمام دهشتهم من هدوء أعصابي في كل المواقف، ولكن الذي لا يعلمه هؤلاء هو أنني أتعامل مع كل ما يصادفني بحب، وأحاول جاهدة أن ابحث عن النقاط المضيئة في أي موقف يقابلني، وهذه صفات تعلمتها من أبي وأمي, رحمهما الله، فقد تعلمت منهما أن أحب عملي حتى لو لم يكن يوافق هواي، وأن أتعامل معه كهواية، وأن لا أجعل منه حرفة أبدا ولو كان مصدر رزقي الوحيد، فقد رأيت أبي ينجز عمله بحب، ومن أجل هذا الحب فتح الله له أبواب الرزق الجميل، عندها أخبرني، رحمه الله, بأن الحب الصادق هو الذي يمنح الصادقين عطاياه. تعلمت من أمي الجميلة الرائعة بأن لا اترك أي مكان أتواجد فيه إلا وفي قلب من أقابلهم علامة جميلة، أو كلمة لا تنسى، او موقفا مساندا، ومن خلالها تعلمت العطاء الذي ينشر الأمل في قلب من نقابله, ونجعله يعرف من خلاله نفسه ويكون هذا الأمل نجوما مضيئة في مستقبله الكامن في علم الغيب، و ربما لن أكون قربه في هذا المستقبل لأسانده، ولكن كلماتي ستكون هناك، وستأخذ بيده، وتهدي عينيه الي الخير والأمل. تعلمت منهما معا حب الحياة وحب الآخرين، وحب المعرفة، وتلقيت علي يديهما الكريمتين العلم من روح حية تعرف المحبة الصادقة والإيمان، وتتجاوز أوراق ومجلدات محفوظة، فكنت، بفضلهما، جزء من مناخ من نور رباني يتغلغل في أعماقي، وينير بصيرتي، فأرى بديع خلق الله سبحانه وتعالي، وأغتبط بالمعرف، وأتوق الي الحقيقة دون قيود. وأسعى الي الإنجاز بشغف ومثابرة، فقد كانت لهما طريقة فريدة في توصيل الحقيقة لي ولأشقائي وشقيقاتي، لم يتقمصا شخصية المعلم المثالي أثناء تعاملهما معنا، وما كانا يجملان نفسيهما، أو يتصرفان أمامنا كملكين منزهين، كما لم يتظاهران بأنهما فوق الأخطاء والهفوات وبأننا مهما فعلنا فلن نصل الي مثاليتهما، بل كان يتعاملان معنا بصدق وبساطة، يشعراننا بانهما بشر مثلنا، يمكننا أن نتكلم معهما عن أشياء تتصل بحياتهما، وأن نهتم بهمومهما وأن نمازحهما دائما. وان نعرف بانهما قد لا يعلمان أشياء مثلما يعلمان أشياء أكثر، ومن هنا تعلمنا الصدق وعدم المبالغة. أبي وأمي كانا أبوين عاديين مثل كل الآباء والأمهات الذين نقابلهما في هذه الدنيا، لكنهما كانا المعلمين الوحيدين الصادقين أمام قلوبنا الصغيرة.