المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي && بصبح وما الاصباح منك بأمثل


abo _mohammed
04-22-2008, 03:07 AM
الأربعاء,كانون الأول 27, 2006

ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي && بصبح وما الاصباح منك بأمثل

ألا انجلي بين امرئ القيس وأبي وأمي وأنا


وليل كموج البحر

في ليلة شتاء طويلة , أناخ فيها الهم على صدري ، فقمت من مجلسي ورحت امشي في شوراع تتلألأ فيها أنوار السيارات , وتلوح انوار الاعمدة بين الضباب , لا ظلام لا نجوم لا هدوء الليل صاخب ومترع بالحركة , وأمام دخان سيجارتي الذي اختلط بضباب الليل كانت تختفي الانوار لتعود بعد انقشاع ذلك الدخان ثم تعود للاختفاء من جديد , ولفظت سيجارتي من فمي قبل ان تلفظ انفاسها الاخيرة ، ونفثت مع بقايا سمومها همومي .
ووضعت يدي في جيبي ورحت امشي مركزا عيني على الارض , امشي وأركل علب المشروبات وزجاجات الماء , واتابعها ركلا الى أن يجيرها مني دخولها تحت سيارة واقفة أو ذهابها بعيدا عن مساري ,
ثم ارتدت بي الذاكرة الى البعيد , عندما كنت افيق على صوت ابي الذي كان ينام في العراء , تاركا المنزل وغرفه الكئيبة , هاربا من الاركان البائسة الى سعة السماء , تاركا أضواء المصابيح الخمسة التي كانت تضيء البيت , واضعا ( فانوسه ) على حجر بجانب سريره المصنوع من الخشب والحبال , وبجانبه المذياع البني , وهو يستمع الى ام كلثوم , اتذكرها وهي تقول ( انت خلتني اعيش الحب وياك الف حب )
هذا الذي حفظته من تلك الايام , وعندما يهم بالنوم يقفل الراديو , ويلقي بجسمه على السرير , ويداه خلف رأسه ، كنت افيق على صوته وهو يتغنى
الا ايها الليل الطويل الا انجلي بصبح وما الاصباح منك بامثل
سمعت هذا البيت كثيرا من والدي , وحفظته وانا في الخامسة , فكنت اردده , بلثغتي الصفيرية , (( بثبح وما الاثباح منك بامثل ))
وكنت اسمع والدي وهو يقول (( الله يلعن امرؤ القيس اعطى الليل حقه ))
ورحت افكر في ذلك الليل الذي شكاه والدي , وليلي الذي اشكوه
ما الذي تملكه ايها الليل ويجعلك قويا لا تتغير تحت غزو الحضارة , انت نفس الليل الذي شكاه امرؤ القيس قبل الف وخمسمائة عام , وشكاه والدي قبل اكثر من عشرين عام , واشكوه انا الان ؟
مات والدي وانا في السابعة , وبيت امريء القيس ما يزال رنانا في اركان الدار الى الان , فقد كانت امي تردده , وتقول حفظته من ابيك , وهانذا اردده , ويحفظه عني اخوتي الصغار ,
وكم ليله دخلت البيت وأمي واضعة اختي الصغرى في حجرها ( وتفلي راسها )
فاقول :
وليل كموج البحر ارخى سدوله
فتجيبني :
علي بانواع الهموم ليبتلي
ثم اذهب لغرفتي واعود لاسالها عن غرض من اغراضي فاراها وهي تهز رجلها وتتغني
وليل كموج البحر ارخى سدوله علي بانواع الهموم ليبتلي
فقلت له لما تمطى بصلبه واردف اعجازا وناء بكلكل
الا ايها الليل الطويل الا انجلي بصبح وما الاصباح منك بامثل
بلحن قريب الى (( الصوت )) الذي تشتهر به منطقة الخليج العربي , ثم تنتبه الى وجودي , وتقول متحدية كعادتها بسؤالها التقليدي : (( اذا انت شاطر قلي منهو اللي قال ذا الشعر ))
أي بيت خرج من قريحتك يا ذا القروح ليردده الناس على اختلاف مستوياتهم ؟
واي شاعر انت لتعطي الليل حقه على رأي والدي رحمه الله ؟
ستحفظ اختي البيت عن امي وستردده ليحفظه عنها ابناءها ،
وساردده ليحفظه ابنائي ،
وسيردده الابناء للاحفاد
فهل الليل الذي نشكوه الان هو نفسه ليلك يا امرأ القيس ؟





كتبها محمد الجبلي

منقول