المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مجموعة قصائد الشاعر الكبير عبدالرحمن العشماوي


أفاق الفكر
03-09-2008, 05:45 AM
مجموعة قصائد الشاعر الكبير عبدالرحمن العشماوي


الشاعر عبدالرحمن بن صالح العشماوي شاعر عربي مسلم من المملكة العربية السعودية .. ولد في قرية عــراء في منطقة الباحة بجنوب المملكة عام 1956م وتلقى دراسته الابتدائية هناك وعندما أنهى دراسته الثانوية التحق بكلية اللغة العربية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ليتخرج منها 1397 للهجرة ثم نال على شهادة الماجستير عام 1403 للهجرة وبعدها حصل على شهادة الدكتوراة من قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي عام 1409 للهجرة ..

تدرج العشماوي في وظائف التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حتى أصبح أستاذاً مساعداً للنقد الحديث في كلية اللغة العربية في هذه الجامعة .. وعمل محاضراً في قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي حتى تقاعد قبل سنوات ..

شاعرنا عبدالرحمن العشماوي شاعر إسلامي كبير خرج بالشعر الإسلامي من الظلام إلى النور وأعاد إليه بريقه ورونقه في عصر الغناء والطرب ولذلك نال شهرة كبيرة في الوسط الإسلامي وسينال بإذن الله تعالى أجراً عظيماً من الله عز وجل فالعشماوي هو صاحب القصائد التي تدعو إلى بزوغ فجر جديد في هذه الأمة الميتة وهو صاحب الأسلوب الحماسي الذي لا يحتاج إلا إلى رجال يفهمون ما تعنيه أبيات هذه قصائده التي تبكي حسرة على ما آلت إليه أمورنا وهو في نفس الوقت يشحذ الهم ويتكلم عن الأمل القادم وعن الإشراقة الجديدة للشمس التي يتمنى العشماوي أن تنير سماء الأمة الإسلامية من جديد..


عبدالرحمن العشماوي شاعر نشيط وكاتب متفتح الذهن ومن الجميل حقاً أن ترى شاعراً مسلماً يتفاعل بقوة مع أحوال أمته ومشكلاتها وبشكل دائم يدعو إلى الإعجاب فقد كتب العشماوي أشعاره ومقالاته في البوسنة والشيشان ولبنان وبالتأكيد في أطفال الحجارة وفي أحوال الأمة وفي الخير والشر وفي أهوال يوم القيامة وغير ذلك .. وهكذا هو العشماوي دائماً يسخر قلمــه وقصائده في خدمة الإسلام والمسلمين وفي شحذ الهمم والتذكير بعزة الإسلام وقوة المسلمين كما أن العشماوي كاتب نشيط وله مقالاته الدائمة في الصحف السعودية ..


كما أن للعشماوي مشاركات في الأمسيات الشعرية والندوات الأدبية ، وله حضوره الإعلامي من خلال برامجه الإذاعية والتلفازية مثل (من ذاكرة التاريخ الإسلامي ، قراءة من كتاب ، وآفاق تربوية) ، بالإضافة إلى دواوينه وقصائده ومقالاته التي تنشر بشكل دائم في الصحافة وعلى شبكة الإنترنت..


للشاعر دواوين كثيرة مثل : إلى أمتي ، صراع مع النفس ، بائعة الريحان ، مأساة التاريخ ، نقوش على واجهة القرن الخامس عشر ، إلى حواء ، عندما يعزف الرصاص ، شموخ في زمن الانكسار ، يا أمة الإسلام ، مشاهد من يوم القيامة ، ورقة من مذكرات مدمن تائب ، من القدس إلى سراييفو ، عندما تشرق الشمس ، يا ساكنة القلب ، حوار فوق شراع الزمن و قصائد إلى لبنان ..


كما أن الشاعر عبدالرحمن العشماوي أديب ومؤلف وله مجموعة من الكتب مثل كتاب الاتجاه الإسلامي في آثار على أحمد باكثير وكذلك له كتـــاب من ذاكرة التاريخ الإسلامي ، بلادنا والتميز و إسلامية الأدب كما أنه له مجموعة من الدراسات مثل دراسة (إسلامية الأدب ، لماذا وكيف ؟)


يقول العشماوي عن قصة هذه القصيدة:


اتصل بي عدد من الإخوة والأخوات بعد قراءتهم لقصيدتي رامي

عن الطفل الفلسطيني الذي قتل في حضن أبيه الجريح، وأكَّدوا لي

أنهم قرأوا وسمعوا أن اسم الطفل هو محمد وليس رامي،

علماً بأن وسائل الإعلام نشرت الاسم مختلفاً، فكانت هذه القصيدة:

هو رامي أو محمَّد

صورةُ المأساة تشهد:

أنَّ طفلاً مسلمِاً في ساحة الموتِ تمدَّد

أنَّ جنديَّاً يهودياً على الساحةِ عربَد

وتمادى وتوعَّد

ورمى الطفلَ وللقتلِ تعمَّد

هو رامي أو محمَّد

صورة المأساةِ تشهد:

أنَّ طفلاً وأباً كانا على وعدٍ من الموتِ محدَّد

مات رامي أو محمَّد

مات في حضن الأَب المسكينِ،.

والعالَمُ يشهد

مَشهدٌ أبصرَه الناسُ،.

وكم يخفى عن الأعيُنِ مشهَد

هو رامي أو محمَّد

صورة المأساةِ تشهد:

أنَّ إرهابَ بني صهيونَ،.

في صورته الكبرى تجسَّد

أنَّ حسَّ العالَم المسكونِ بالوَهم تبلَّد

أنَّ شيئا ً اسمُه العطفُ على الأطفالِ،.

في القدس تجمَّد

هو رامي أو محمَّد

صورة المأساةِ تشهد:

أن لصَّاً دخل الدَّارَ وهدَّد

ورأى الطفلَ على ناصيةِ الدَّرب فسدَّد

وتعالى في نواحي الشارع المشؤومِ صوت القصفِ حيناً،.

وتردَّد

صورة المأساةِ تشهد:

أنَّ جيشاً من بني صهيونَ،.

للإرهابِ يُحشَد

أنَّ نارَ الظلم والطغيانِ تُوقَد

أنَّ آلافَ الخنازير،.

على المنبع تُورَد

هذه الطفلةُ سارةْ

زهرةٌ فيها رُواءٌ ونضارةْ

رَسَمَ الرشّاشُ في جبهتها،.

شَكلَ مَغارة

لم تكن تعلم أن الظالم الغاشمَ أزبَد

وعلى أشلائها جمَّع أشلاءً وأوقَد

هو رامي أ و محمَّد

صورة المأساةِ تشهَد:

أنَّ جرحَ الأمةِ النازفَ منها لم يُضَمَّد

أنَّ دَينَ المجد مازال علينا،.

لم يُسَدَّد

أنَّ باب المجدِ مازالَ،.

عن الأمَّةِ يُوصَد

صورة المأساة تشهد:

أنَّ أشجاراً من الزيتونِ تُجتَثُّ،.

وفي موقعها يُغرَسُ غرقَد

أنَّ تمثالاً من الوهمِ،.

على تَلٍّ من الإلحادِ يُعبَد

هو رامي أو محمَّد

صورةُ المأساةِ تشهد:

أنَّ ما أدَلى به التاريخُ،.

من أخبار صهيونَ مؤكَّد

أنَّ ما نعرف من أحقادِ صهيونَ تجدَّد

ما بَنُو صهيونَ إلاَّ الحقدُ،.

في صورةِ إنسانٍ يُجسَّد

أمرُهم في نَسَق الناسِ معقَّد

يا أعاصيرَ البطولاتِ احمليهم

ووراء البحر في مستنقع الذُّلِّ اقذفيهم

وعن القدسِ وطُهر القِبلة الأُولى خذيهم

قرِّبيهم من مخازيهم وعنَّا أبعديهم

هو رامي أو محمَّد

هو سعدٌ وسعيدٌ ورشيدٌ ومُرشَّد

هي لُبنَى هي سُعدى وابتسامٌ وهيَ سارةْ

هم بواكيرُ زهور المجد في عصر الإثارَةْ

هم شموخٌ في زمانٍ أعلن الذلُّ انكسارة

هم وقود العزم والإقدامِ عنوانُ الجَسَارة

هم جميعاً جيلنا الشامخُ،.

أطفالُ الحجارَة ْ

لو سألناهم لقالوا:

ما الشهيدُ الحرُّ،،.

إلا جَذوَةٌ تُوقِِدُ نارَ العزمِ،.

والرَّأيِ المسدَّد

ما الشهيد الحرُّ إلاَّ،.

شَمعَةٌ تطرد ليلَ اليأسِ،.

والحسِّ المجمَّد

ما الشهيد الحرُّ إلاَّ،.

رايةُ التوحيد في العصر المُعَمَّد

ما الشهيدُ الحرُّ إلاَّ،.

وَثبَةُ الإيمانِ في العصر المهوَّد

ما الشهيدُ الحرُّ إلاَّ،.

فارسٌ كبَّر للهِ ولمَّا حَضَرَ الموتُ تشهَّد

ما الشهيدُ الحُرُّ إلا،.

روح صدِّيقٍ إلى الرحمنِ تصعَد

أيُّها الباكونَ من حزنٍ علينا،.

إنما يُبكَى الذي استسلمَ للذلِّ وأخلَد

نحن لم نُقتل،.

ولكنَّا لقينا الموتَ أعلى همَّةً منكم وأمجد

نحن لم نحزن ولكنا فرحنا ورضينا

فافرحوا أنَّا غسلنَا عنكم الوهمَ الملبَّد

طلِّقوا أوهامكم،.

إنَّا نرى الغايةَ أبعَد

هو رامي أو محمَّد

هو سعدٌ وسعيدٌ ورشيدٌ ومرشَّد

ربَّما تختلف الأسماءُ لكن

هَدَفُ التحرير للأقصى موحَّد.



وللشيشان نصيب من شعر العشماوي

.. أيُّها العالمُ ما هذا السكوتُ ؟..


أيُّها العالمُ ما هذا السكوتُ **** أو ما يؤذيك هذا الجبروتُ؟

أو ما تُبصر في الشيشان ظلماً **** أو ما تُبصر أطفالاً تموتُ؟

أو ما يُوقظ فيك الحسَّ شعبٌ **** جمعُه من شدَّة الهول شَتِتُ؟

أرضه تُصلى بنيران رصاصٍ **** وشظايا هُدمت منها البيوتُ

أو ما تُبصر آلاف الضحايا **** ما لها اليوم مقيلٌ أو مبيتُ؟

شرَّدتها الحربُ في ليلٍ بهيمٍ **** ما لها في زحمة الأحداث قوتُ

تأكل الأخضر واليابس حربٌ **** كل ما فيها من الأمر مقيتُ

أين منها مجلس الأمن وماذا **** صنع الحلفُ وأين الكهنُوتُ؟

أيها العالمُ ما هذا التغاضي **** كيف وارى صوتك العالي الخفوتُ؟

أو ما صُنعت قوانين سلامٍ **** عجزت عن وصف معناها النُعـوتُ؟

قاذفات الروس إعلان انتهاكٍ **** لقوانينك ، واللَّص فَلُوتُ

فرصة أن تُعلن الحق ولكن **** فرص الحق على الباغي تفوت

ربما تعلن قول الحق لكن **** بعد ما يعلنه في البحر حوت

أيها الأحباب في الشيشان صبراً **** إن من ينصر حقاً يستميتُ

إن يكن للروس آلات قتالٍ **** فلنا في هجعة الليل القنوتُ


.. الشهيد الشيخ أحمد ياسين ..

هم أكسبوك من السباق رهانـــا ...... فربحت أنت وأدركـــوا الخسرانا

هم أوصلوك إلى مُناك بغدرهم ...... فأذقتهم فـــوق الهــــــــوان هوانا

إني لأرجو أن تكــــون بنارهم ...... لما رمـــوك بها ، بلغـــــت جِنانا

غدروا بشيبتك الكريمة جهـــرةً ...... أبشـــر فـقـــد أورثتهم خــــــذلنا

أهل الإساءة هم ، ولكن مادروا ...... كم قدمـــــوا لشموخـــك الإحسانا

لقب الشهادة مَطْمَحٌ لم تدَّخـــــر ...... وُسْعَــاً لتحمله فكـنــــت وكـــــانا

يا أحمد الياسين ، كـنت مفوهـاً ...... بالصمت ، كانا الصمت منك بيانا

ما كنــت لإهــمة وعــزيمـــــةً ...... وشموخ صبرٍ أعجــــــز العدوانا

فرحي بنيل مُناك يمزج دمعتي ...... ببشارتي ويخفِّـــف الأحــــــزانا

وثَّقْتَ بــالله اتصالــــــك حينما ...... صليت فجرك تطـلــــب الغفرانا

وتلوت آيــــــات الكتاب مرتلاً ...... متـــأمــلاً .. تــتــدبر القــــــرآنا

ووضعت جبهتك الكريمة ساجدا ...... إن السجــــــــود ليرفع الإنسانا

وخرجت يتبعك الأحبة ، مادروا ...... أن الفـــــــراق من الأحبة حانا

كرسيك المتحرك أختصر المدى ...... وطوى بك الآفـــــــاق ولأزمانا

علمته معنى الإباء ، فلم يكـــــن ...... مثل الكراسي الراجفــــات هوانا

معك استلذ الموت ، صار وفاؤه ...... مثلاً ، وصــــــــار إباؤه عنوانا

أشلا ء كرسي البطولة شاهــــدٌ ...... عــــدل يديــــن الغادر الخـــوانا

لكأنني أبصـــــرت في عجلاته ...... ألما لفـــــقــدك ، لوعــــة وحنانا

حزناً الأنك قد رحلت ، ولم تعد ...... تمشي به ، كالطـ،ـواد لا تتوانى

إني لتسألني العدالـــــة بعدمـــا ...... لقيت جحود القوم ، والنكـــــرانا

هل أبصرت أجفان أمريكا اللظى ...... أم أنــهـــــــا لاتملك الأجفانا ؟

وعيون أوربا تُراها لم تـــــزل ...... في غفـلـــة لا تبصر الطغيانـــا

هل أبصروا جسدا على كرسيه ...... لما تـنــاثــــر في الصباح عيانا

أين الحضارة أيها الغرب الذي ...... جعل الحضارة جمرةً ، ودخــانا

عذراً ، فما هذا سؤالُ تعطُّـفٍ ...... قد ضلَّ مــن يستعطف الـبــركانا

هذا سؤالٌ لايجيـد جوابــــــــه ...... من يعبد الأَهــــــــواء والشيطانا

يا أحمدُ الياسيـن ، إن ودعتـنا ...... فلقد تركـــت الصــــدق والإيمانا

أنا إن بكيتُ فإنما أبكـي علـى ...... مليارنا لمـا غــــدوا قُطعـــــــــانا

أبكي على هــذا الشتات لأمتي ...... أبـكـي الخلاف الُمرَّ ، والأضغانا

أبكي ولي أمـــلٌ كبيرٌ أن أرى ...... في أمتي من يكســــــــر الأوثانا

يا فارس الكرسي وجهُكَ لم يكن ...... إلا ربيعاً بالهــــــــــدى مُزدانا

في شعر لحيتك الكريمة صورةٌ ...... للفجــــــــرحيــن يبشِّر الأكوانا

فرحتْ بك الحورُ الحسان كأنني ...... بك عندهـــــن مغرِّداً جَـــذْلانا

قدَّمْتَ في الدنيا المهورَ وربما ...... بشموخ صبرك قــد عقدت قِرانا

هذا رجائي يابن ياسين الذي ...... شيَّــــدتُ فــــــي قلبي لـــه بنيانا

دمُك الزَّكيُّ هو الينابيع التي ...... تسقي الجذور وتنعش الأغصانا

روَّيتَ بستانَ الإباء بدفقــــــه ...... ما أجمــــــــل الأنهارَ والبستانا

ستظل نجماً في سماء جهادنا ...... يامُقْعَداً جعــــل العــــدوَّ جبــــانا


.. عندما يعزف الرصاص..


نسـبى و نطرد يا أبي و نباد **** فإلى متى يتطاول الأوغاد

وإلى متى تدمي الجراح قلوبنا **** وإلى متى تتقرح الأكباد

نـصحـوا على عزف الرصاص كأننا **** زرع وغارات العدو حصاد

ونبيت يجلدنـا الشتاء بسوطه **** جلدا فما يغشي العيون رقاد

يتسامر الأعداء في أوطاننا **** ونصيبنا التشريد والإبعاد

وتفرخ الأمراض في أجسادنا **** أواه مما تحمل الأجساد

كم من مريض مل منه فراشه **** ما زاره آسٍ ولا عوّاد

نشرى كأنا في المحافل سلعة **** ونباع كي يتمتع الأسياد

في نهر (جيحون) الحزين مراكب **** غرقت ودنس صفوه الإلحاد

وعلى ضفاف النهر جثة زورق **** يبكي على أشلائها الصياد

وأمامه دار على جدرانها **** صور يجدد رسمها ويعاد

صور تلونها دماء أحبة **** غرسوا أصول المكرمات وشادوا

رحلوا وللقرآن في أعماقهم **** ألق أضاء نفوسهم فانقادوا

أنى اتجهنا يا أبي ظهرت لنا **** إحن يحرك جمرها الحساد

أو ما ترى من فوق كل ثنية **** صنما يزيد غروره العباد

نصحوا على أصوات ألف مبشر **** عزفوا لنا أوهامهم فأجادوا

جاءوا وسيف الجوع يخلع غمده **** فشدوا بألحان الغذاء وجادوا

أما دعاة المسلمين فهمهم **** أن تكثر الأموال والأولاد

هم في الخوالف حين ينطق مدفع **** وإذا تحدث درهم رواد

أرأيت أظلم يا أبي من صاحب **** تختال في أعماقه الأحقاد

يسعى ليبني بالخداع حياته **** أرأيت صرحا في الهواء يشاد

أين الأحبة يا أبي أو ما دروا **** أنـَّا إلى ساح الفناء نقاد ؟

أو ما دروا كم دمية في أرضنا **** تعلو وكم يزري بنا استعباد؟

أو ما لنا في المسلمين أحبة **** فيهم من العوز المميت سداد؟

ما بال إخواننا استكانوا يا أبي **** لا شامنا انتفضت ولا بغداد؟

قالوا الحياد وتلك أكبر كذبة **** فحيادهم ألا يكون حياد

هذي بساتين الجنان تزينت **** للخاطبين فأين من يرتاد؟

يا ويحنا ماذا أصاب رجالنا **** أو مالنا سعد ولا مقداد؟

نامت ليالي الغافلين وليلنا **** أرق يذيب قلوبنا وسهاد

سلت سيوف المعتديـن وعربدت **** وسيوفنا ضاقت بها الأغماد

هذا هو الأقصى يلوك جراحه **** والمسلمون جموعهم آحاد

دمع اليتامى فـيه شاهد ذلة **** وسواد أعينهن فيه حداد

أواه يا أبتي على أمجادنا **** يخـتال فوق رفاتها الجلاد

خمسون عاما أتخمت سنواتها **** ذلا فكل زمانها إخلاد

ها نحن يا أبتي يسير وراءنا **** ليل له فوق السواد سواد

ها نحن يا أبتي نبيت هنا ولا **** طـنب لخيمتنا ولا أوتاد

أهو القنوط يهد ركن عزيمتي **** وبه ظلام مخاوفي يزداد

أهو القنوط فأين إيماني بمن **** خلق الوجود وما له أنداد

يا أمة ما زال يكتب نثرها **** طه ويروي شعرها حماد

ويرتب الحلاج دفتر فكرها **** ويقيم مأتم عرسها حداد

ترعى حماها كل سائبة وفي **** تمزيقها تتجمع الأضداد

تصغي لأغنية الهوى فنهارها **** نوم ثقيل والمساء سفاد

أجدادنا كتبوا مآثر عزها **** فمحا مآثر عزها الأحفاد

يا ليل أمتنا الطويل متى نرى **** فجرا تغرد فوقه الأمجاد

ومتى نرى بوابة مفتوحة **** للحق تقصـر عندها الآماد

أنا يا أبي طفل و لكن همتي **** فجر به يحلو لي استشهاد

لا تخش يا أبتي علي فربما **** قامت على عزم الصغير بلاد

ولربما مات القوي بسيفه **** وقضى على مال الغني كساد

في سيف عنترة الفوارس قوة **** ما كان يعرف سرها شداد

قل لي بربك يا أبي هل ننزوي **** خوفا فليس للعدو قياد

دعنا نسافر في دروب آبائنا **** ولنا من الهمم العظيمة زاد

ميعادنا النصرالمبين فإن يكن **** موت فعند إلهناالميعاد

دعنا نمت حتى ننال شهادة **** فالموت فـي درب الهدى ميلاد


.. يــا قــدس ..

ما كلُّ مَنْ نطقوا الحروفَ أبانوا **** فلقد يَذوبُ بما يقولُ لسانُ

لغة الوفاءِ شريفةٌ كلماتُها **** فيها عن الحبِّ الأصيلِ بَيانُ

يسمو بها صدقُ الشعور إلى الذُّرا **** ويزُفُّ عِطْرَ حروفها الوجدانُ

لغةٌ تَرَقْرَقَ في النفوس جمالُها **** وتألَّقتْ بجلالها الأَذهانُ

يجري بها شعري إليكم مثلما **** يجري إلى المتفضِّل العِرْفانُ

لغةُ الوفاء، ومَنْ يجيد حروفَها **** إلا الخبير الحاذق الفنَّانُ؟

أرسلتُها شعراً يُحاط بموكبٍ **** من لهفتي، وتزفُّه الألحانُ

ويزفُّه صدقُ الشعور وإِنَّما **** بالصدق يرفع نفسَه الإِنسانُ

أرسلتُ شعري والسَّفينةُ لم تزلْ **** في البحر، حار بأمرها الرُّبَّانُ

والقدس أرملةٌ يلفِّعها الأسى **** وتُميت بهجةَ قلبها الأحزانُ

شلاَّلُ أَدْمُعِها على دفَقاته **** ثار البخار فغامت الأَجفانُ

حسناءُ صبَّحها العدوُّ بمدفعٍ **** تَهوي على طلقاته الأركانُ

أَدْمَى مَحاجرها الرَّصاص ولم تزلْ **** شمَّاءَ ضاق بصبرها العُدوانُ

لْقَى إليها السَّامريُّ بعجله **** وبذاتِ أَنواطٍ زَهَا الشَّيْطَانُ

نَسي المكابرُ أنَّ عِجْلَ ضلالِه **** سيذوب حين َتَمُّسه النيرانُ

حسناءُ، داهمَها الشِّتاءُ، ودارُها **** مهدومةٌ، ورضيعُها عُريانُ

وضَجيج غاراتِ العدوِّ يَزيدها **** فَزَعاً تَضَاعف عنده الَخَفقانُ

بالأمسِ ودَّعها ابنُها وحَليلُها **** وابنُ اْختها وصديقُه حسَّانُ

واليوم صبَّحتِ المدافعُ حَيَّها **** بلهيبها، فتفرَّق الجيرانُ

باتت بلا زوجٍ ولا إِبنٍ ولا **** جارٍ يَصون جوارَها ويُصَانُ

يا ويحَها مَلَكتْ كنوزاً جَمَّة **** وتَبيت يعصر قلبَها الِحرْمانُ

تَستطعم الجارَ الفقيرَ عشاءَها **** ومتى سيُطعم غيرَه الُجوْعَانُ

صارتْ محطَّمةَ الرَّجاء، وإنَّما **** برجائه يتقوَّت الإِنسانُ

يا قدسُ يا حسناءُ طال فراقُنا **** وتلاعبتْ بقلوبنا الأَشجانُ

من أين نأتي، والحواجزُ بيننا: **** ضَعْفٌ وفُرْقَةُ أُمَّةٍ وهَوانُ؟

من أين نأتي، والعدوُّ بخيله **** وبرَجْلهِ، متحفِّزٌ يَقْظَانُ؟

ويَدُ العُروبةِ رَجْفَةٌ ممدودةٌ **** للمعتدي وإشارةٌ وبَنانُ؟

ودُعاةُ كلِّ تقُّدمٍ قد أصبحوا **** متأخرين، ثيابُهم أَدْرَانُ

متحدِّثون يُثَرْثِرُون أشدُّهم **** وعياً صريعٌ للهوى حَيْرانُ

رفعوا شعارَ تقدُّمٍ، ودليلُهم **** لِينينُ أو مِيشيلُ أو كاهانُ

ومن التقدُّم ما يكون تخلُّفاً **** لمَّا يكون شعارَه العصيانُ

أين الذين تلثَّموا بوعودهم **** أين الذين تودَّدوا وأَلانوا؟

لما تزاحمت الحوائجُ أصبحوا **** كرؤى السَّراب تضمَّها القيعانُ

كرؤى السَّرابِ، فما يؤمِّل تائهٌ **** منها، وماذا يطلب الظمآنُ؟

يا قدس، وانتفض الخليلُ وغَزَّةٌ **** والضِّفتان وتاقت الجولانُ

وتلفَّت الأقصى، وفي نظراته **** أَلَمٌ وفي ساحاته غَلَيانُ

يا قُدس، وانبهر النِّداءُ ولم يزلْ **** للجرح فيها جَذْوةٌ ودُخانُ

يا قدس، وانكسرتْ على أهدابها **** نَظَراتُها وتراخت الأَجفانُ

يا قُُدْسُ، وانحسر اللِّثام فلاحَ لي **** قمرٌ يدنِّس وجهَه استيطانُ

ورأيتُ طوفانَ الأسى يجتاحُها **** ولقد يكون من الأسى الطوفانُ

كادت تفارق مَنْ تحبُّ ويختفي **** عن ناظريها العطف والتَّحنانُ

لولا نَسائمُ من عطاءِ أحبَّةٍ **** رسموا الوفاءَ ببذلهم وأعانوا

سَعِدَتْ بما بذلوا، وفوقَ لسانها **** نَبَتَ الدُّعاءُ وأَوْرَقَ الشُّكرانُ

لكأنني بالقدس تسأل نفسَها **** من أين هذا الهاطلُ الَهتَّانُ؟

من أين هذا البذلُ، ما هذا النَّدى **** يَهمي عليَّ، ومَنْ هُم الأَعوانُ؟

هذا سؤال القدس وهي جريحةٌ **** تشكو، فكيف نُجيب يا سَلْمانُ؟

ستقول، أو سأقول، ما هذا الندى **** إلاَّ عطاءٌ ساقه المَنَّانُ

هذا النَّدى، بَذْلُ الذين قلوبُهم **** بوفائها وحنانها تَزْدَانُ

أبناءُ هذي الأرض فيها أَشرقتْ **** حِقَبُ الزمان، وأُنزِل القرآنُ

صنعوا وشاح المجد من إِيمانهم **** نعم الوشاحُ ونِعْمَتِ الأَلوانُ

وتشرَّف التاريخ حين سَمَتْ به **** أخبارُهم، وتوالت الأَزمانُ

في أرضنا للناس أكبرُ شاهدٍ **** دينٌ ودنيا، نعمةٌ وأَمانُ

هي دوحةُ ضَمَّ الحجازُ جذورَها **** ومن الرياض امتدَّت الأَغصانُ

الأصل مكةُ، والمهاجَرُ طَيْبةٌ **** والقدسُ رَوْضُ عَراقةٍ فَيْنَانُ

شيمُ العروبة تلتقي بعقيدةٍ **** فيفيض منها البَذْلُ والإحسانُ

للقدس عُمْقٌ في مشاعر أرضنا **** شهدتْ به الآكامُ والكُثْبانُ

شهدت به آثارُ هاجرَ حينما **** أصغتْ لصوت رضيعها الوُديانُ

شهدت به البطحاء وهي ترى الثرى **** يهتزُّ حتى سالت الُحْلجانُ

ودعاءُ إبراهيمَ ينشر عطره **** في الخافقين، وقلبُه اطمئنان

هذي الوشائج بين مهبط وحينا **** والمسجد الأقصى هي العنوانُ

هو قِبلةٌ أُولى لأمتنا التي **** خُتمت بدين نبيِّها الأديانُ

أوَ لَمْ يقل عبدالعزيز وقد رأى **** كيف الْتقى الأحبار والرُّهبانُ

وأقام بلْفُورُ الهياكلَ كلَّها **** للغاصبين وزمجر البُركان

وتنمَّر الباغي وفي أعماقه **** حقدٌ، له في صدره هَيجَانُ

وتقاطرتْ من كلِّ صَوْبٍ أنْفُسٌ **** منها يفوح البَغْيُ والطغيانُ

وفدوا إلى القدس الشريف، شعارهم **** طَرْدُ الأصيل لتخلوَ الأوطانُ

وفد اليهود أمامهم أحقادهم **** ووراءهم تتحفَّرُ الصُّلبان

أوَ لم يقل عبدالعزيز، وذهنُه **** متوقدٌ، ولرأيه رُجْحَانُ

وحُسام توحيد الجزيرة لم يزلْ **** رَطْباً، يفوح بمسكه الميدانُ

في حينها نَفضَ الغُبارَ وسجَّلَتْ **** عَزَماتِه الدَّهناءُ والصُّمَّانُ

أوَ لم يَقُلْ، وهو الخبيرُ وإِنما **** بالخبرةِ العُظْمى يقوم كيانُُ:

مُدُّوا يدَ البَذْلِ الصحيحةَ وادعموا **** شعبَ الإِباءَ فإنهم فُرْسَانُ

شَعْبٌ، فلسطينُ العزيزةُ أَنبتتْ **** فيه الإباءَ فلم يُصبْه هَوانُ

شَعْبٌ إذا ذُكر الفداءُ بَدا له **** عَزْمٌ ورأيٌ ثاقبٌ وسنانُ

شعبٌ إذا اشتدَّتْ عليه مُصيبةٌ **** فالخاسرانِ اليأسُ والُخذلاُن

لا تُخرجوهم من مَكامنِ أرضهم **** فخروجُهم من أرضهم خُسران

هي حكمةٌ بدويَّة ما أدركتْ **** أَبعادَها في حينها الأَذهانُ

يا قُدْسُ لا تَأْسَي ففي أجفاننا **** ظلُّ الحبيبِ، وفي القلوبِ جِنانُ

مَنْ يخدم الحرمين يأَنَفُ أنْ يرى **** أقصاكِ في صَلَفِ اليَهودِ يُهانُ

يا قُدسُ صبراً فانتصاركِ قادمٌ **** واللِّصُّ يا بَلَدَ الفداءِ جَبَانُ

حَجَرُ الصغير رسالةٌ نُقِلَتْ على **** ثغر الشُّموخ فأصغت الأكوانُ

ياقدسُ، وانبثق الضياء وغرَّدتْ **** أَطيارُها وتأنَّقَ البستانُ

يا قدس، والتفتتْ إِليَّ وأقسمتْ **** وبربنا لا تحنَثُ الأَيمانُ

واللّهِ لن يجتازَ بي بحرَ الأسى **** إلاَّ قلوبٌ زادُها القرآنُ


.. وا أمــتـــاه ..

زفراتكم من حولنا تتصعَّد *** وصراخكم في صمتنا يتبدَّدُ

ذبتم على وَهَج الرَّصاص ولم نزلْ ***لعدوِّنا وعدوِّكم نتودد

تتغيَّثون سحابَنا، وسحابنا *** وَهْمٌ كبير في الفضاء مجَّمُد

تترقَّبون قرار مؤتمراتنا *** بُشرى لكم، فقرارها سيندِّد

ولسوف ينطق ناطقٌ ، أنّا على *** شَجْبِ العدوِّ المستبدِّ سنصمدُ

ولسوف يحلف حالفٌ من قومنا *** أنَّ الأسى من أجلكم يتجدَّدُ

ولسوف تُقْرَأُ كلَّ يومٍ نشرة *** عنكم مصوَّرةٌ ويُعرض مشهَدُ

ولسوف تُرسَمُ لوحةٌ زيتيَّةٌ *** فيها صريع بالتراب موسَّدُ

بُشرى لكم سيُقام حفلٌ ساهرٌ *** وتُصاغ أُغنيةٌ لكم وتُردَّد

هذا الذي سترون منا فافرحوا *** واستبشروا،وعلى الكلام تعوَّدوا

أما الجهادُ لأجلكم ، بعتادنا *** فمحرَّم، إنَّ الجهاد تمرُّدُ

ولِمَ الجهادُ ، وهيئةُ الأممِ انبرتْ *** للظالمين ، ففضلُها لا يُجحَدُ

أحبابَنا عفواً فغايةُ قومنا *** مالٌ وأولادٌ وعيشٌ أَرْغَدُ

أما مقاومة العدوِّ فعادةٌ *** مذمومةٌ ، من مثلنا لا تُحَمُد

أنَّى تجاهد أمةٌ تحيا على *** غَبَشٍ ، تُفرِّط في الكتاب وتُلحِدُ

سيفُ الجهاد بغمده متلفِّع *** والبابُ في وجه المجاهد يُوصَدُ

أحبابنا إني أغالب حسرةً *** مشبوبةً وعلى الأسى أتجلَّدُ

نظراتُ أعينكم تعذِّبني فلا *** عيشي يطيب ، ولا جفوني ترقدُ

تجري دماء الأبرياء على الثرى *** نهراً ، وعالَمُنَا المخدَّر يشهَدُ

إني لأبصر وجه طفلٍ تائهٍ *** وسؤاله الحيرانُ ، أين المرشدُ ؟

يبكي ولا أمُّ تكفكف دمعَه *** يشكو وليس له أبٌ يتودِّد

سرق النظام العالميُّ ثيابَه *** وسهام أوروبا إليه تُسدَّد

ماذا جنى هذا الصغيرُ ، أما هُنا *** رجلٌ إلى قول الحقيقةِ يُرشدُ؟؟!!

إني لأسمع صوت مسلمةٍ لها *** قلبٌ ، وليس لها على الباغي يدُ

ظلَّت تصيح وتستجير فلا ترى *** من قومها مَنْ يستجيب ويُنْجدُ

نادتْ ونادت، فاستجاب لها الصَّدَى *** إن الذي يحمي الحمى لا يُوْجَدُ

لا تصرخي ، فصلاحُ دينك غائبٌ *** وحصانُ معتصم الإباءِ مقيَّد

والخيلُ، خيلُ الله، لم تُصنع لها *** سُرُجٌ، ولم يقد الكتيبةَ أحمدُ

لا تصرخي. فسلاحُ أمتك التي *** تستصرخين، من العدا مستوردُ

لا تصرخي فالحاكمون بأمرهم *** حفظوا أناشيد الخضوع وأنشدوا

يا ويحهم لو أنهم جعلوا الهدى *** درباً ، لما حكم القريب الأبعدُ

إنى لأبصر أمةَ الإسلام في *** لَهْوٍ ، تقوم على الهوان وتقعَدُ

نار الصليب تُشَبُّ بين خيامها *** ولواءُ إسرائيل فيها يُعقَدُ

ورصاص أوروبا مزِّق جسمَها *** وغرور أمريكا فَمٌ يتوعَّدُ

فأكاد أحلف أنَّ أمتنا غدتْ *** بالذُّل في دَيْر الهوانِ تُعمَّد

ماذا أقول لها، أألطم وجهها *** بالشعر حتى ينهضَ المستعبَدُ؟!

ماذا أقول: إذا رسمنا لوحةً *** للحزن، قالوا إنّ شعرك أسودُ ؟!

وإذا رفعنا الصوت نشكو ما جرى *** قالوا تُثير الغافلين وتحشُدُ

وإذا تنهدنا أداروا نحونا *** ظهراً، وقالوا: العارُ أنْ تتنهَّدوا

من أين نخرج، كلُّ زاويةً بها *** ذئبٌ يراقبنا، وعينٌ ترصدُ ؟؟!

إني برغم الحزن لستُ بيائسٍ *** فالفجر من رحم الظلام سيُولَدُ

أفاق الفكر
03-09-2008, 05:47 AM
وقفة وداع شعري لابن عثيمين يرحمه الله

.. شـموخ الصـابريـن ..


لحقَ الشيخُ بركبِ الصالحين **** فلماذا يا جراحي تنزفين؟

ولماذا يا فؤادي تشتكي **** ولماذا يا دموعي تَذرفين؟

رحل الشيخ عن الدنيا التي **** كلُّ ما فيها سوى الذِّكر لَعين

فارقَ الدنيا، وما الدنيا سوى **** خيمةٍ مَنصوبةٍ للعابرين

فارقَ الدنيا التي تَفَنَى إلى **** منزلٍ رَحبٍ وجناتٍ، وَعِين

ذاكَ ما نرجو، وهذا ظنُّنا **** بالذي يغفر للمستغفرين

رحل الشيخُ على مِثلِ الضُّحَى **** من صلاحٍ وثباتٍ ويقين

فلماذا أيُّها القلبُ أرى **** هذه اللَّوعَةَ تسري في الوَتين؟

ولماذا يا حروفَ الشعر عن **** سرِّ آلام فؤادي تكشفين

أتركي الحسرةَ في موقعها **** تتغذَّى من أسى قلبي الحزين

وارحلي بي رحلةً مُوغلة **** في حياةِ العُلماءِ الأكرمين

واسلُكي بي ذلكَ الدَّربَ الذي **** ظِلُّه يحمي وجوهَ السالكين

يا حروفَ الشعر لا تَصطحبي **** لغةَ الشعر الى جُرحي الدَّفين

ربماأحرقها الجرحُ، فما **** صار للشعر فَمٌ يَروي الحنين

واتركي لوعةَ قلبي، إنَّها **** تارةً تقسو، وتاراتٍ تَلين

وادخلي بي واحةَ العلم التي **** فُتحت أبوابُها للوافدين

عندها سوف نرى النَّبعَ الذي **** لم يزل يَشفي غَليلَ الظامئين

شيخُنا ما كانَ إلاَّ عَلَماً **** يتسامى بخشوع العابدين

عالمُ السنَّةِ والفقهِ الذي **** هزَمَ اللهُ به المبتدعين

لا نزكّيه، ولكنَّا نرى **** صُوراً تُلحِقُه بالصادقين

في خيوط الشمس ما يُغني، وإن **** أنكرتها نظراتُ الغافلين

راحلٌ ما غاب إلا جسمُه **** ولنا من علمه كنزٌ ثمين

ما لقيناه على دَربِ الهوى **** بل على دَربِ الهُداةِ المهتدين

لكأني أُبصر الدنيا التي **** بذلت إغراءَها للناظرين

أقبلت تَعرض من فتنتها **** صوراً تَسبي عقول الغافلين

رقصَت من حوله، لكنَّها **** لم تجد إلا سُموَّ الزَّاهدين

أرسل الشيخُ إليها نَظرةً **** من عُزوف الراكعين الساجدين

فمضت خائبةً خاسرةً **** تتحاشى نظراتِ الشَّامتين

أخرجَ الدنيا من القلبِ، وفي **** كفِّه منها بلاغُ الراحلين

لم يكن في عُزلةٍ عنها، ولم **** يُغلقِ البابَ عن المسترشدين

غيرَ أنَّ القلبَ لم يُشغَل بها **** كان مشغولاً بربِّ العالمين

أوَ ما أعرض عنها قَبلَه **** سيِّدُ الخلقِ، إمامُ المرسلين

أيُّها الشيخُ، لقد علَّمتنا **** كيف نرعى حُرمَةَ المستضعفين

كيف نَستَشعِرُ من أمَّتنا **** صرخة الثَّكلَى ودَمعَ الَّلاجئين

كيف نبني هِمَّةَ الجيل على **** منهج التقوى، ووعي الراشدين

كنتَ يا شيخ على علمٍ بما **** نالنا من غَفلةِ المنهزمين

قومُنا ساروا على درب الرَّدَى **** فغدوا ألعوبةَ المستعمرين

شرَّقوا حيناً وحيناً غرَّبوا **** واستُبيحت أرضهم للغاصبين

هجروا الصَّالحَ من أفكارهم **** فتلقَّتهم يدُ المستشرقين

وارتموا في حضن أرباب الهوى **** من ذيول الغاصب المستعربين

ضيَّعوا الأقصى وظنُّوا أنَّهم **** سوف يحظون بِسِلمِ المعتدين

فإذا بالفارس الطفل على **** هامة المجد ينادي الواهمين

صاغها ملحمةً قُدسيَّةً **** ذكَّرتنا بشموخ الفاتحين

قالها الطفلُ، وقُلنا معه **** إنَّ بيعَ القدس بَيعُ الخاسرين

أيُّها الشيخُ الذي أهدى لنا **** صُوَراً بيضاءَ من علمٍ ودين

لم تكن تغفل عن أمَّتنا **** وضلالاتِ بَنيها العابثين

كنتَ تدعوها إلى درب الهُدَى **** وتناديها نداءَ المصلحين

قلتَ للأمةِ، والبؤسُ على **** وجهها الباكي غبارٌ للأنين

إنما تغسل هذا البوسَ عن **** وجهكِ الباكي، دموع التائبين

أيها الشيخُ الذي ودَّعَنا **** عاليَ الهمَّةِ وضَّاح الجبين

نحن نلقاك وإن فارقتَنا **** في علومٍ بقيت للرَّاغبين

أنتَ كالشمسِ إذا ما غَربَت **** أهدتِ البَدرَ ضياءَ المُدلجين

أنتَ ما ودَّعتَنا إلاَّ إلى **** حيث تُؤويكَ قلوبُ المسلمين

إن بكيناكَ فإنّا لم نزل **** بقضاء الله فينا مُوقنين

في وفاةِ المصطفى سَلوَى لنا **** وعزاءٌ عن وفاةِ الصالحين

ذلك الرُّزءُ الذي اهتزَّ له **** عُمَرُ الفاروقُ ذو العقل الرزين

ماتَ خيرُ الناس، هذا خَبَرٌ **** ترك الناسَ حيارى تائهين

طاشت الألبابُ حتى سمعوا **** ما تلا الصدِّيقُ من قولٍ مُبين

لا يعزِّينا عن الأحبابِ في **** شدَّةِ الهول سوى مَوتِ الأمين

إنها الرُّوح التي تسمو بنا **** ويظلُّ الجسم من ماءٍ وطين

يحزن القلب ولكنَّا على **** حُزنه نَبني شموخ الصابرين

كلُّنا نفنَى ويبقى ربُّنا **** خالق الكون ملاذُ الخائفين


.. في طريق الحزن ..


في طريق الحزن

واجهت فتاة مسلمة

تحمل الطفل الذي يحمل أعلى الأوسمة

لم يكن يبكي ..

ولا لا مست الشكوى فمه

غير أني وأنا أنظر

أبصرتُ على الثوب دمه

حينما سلمتُ ردتْ . .

وهي عني محجمه

واستدارتْ وأنا أسمعُ بعض الغمغمه

وسؤالا كاد يجتاح مدى سمعي

ِلمه.؟؟

والصدى يرتد من كل الزوايا المظلمه

صارخاً في وجه إحساسي

ِلمه؟؟

عجباً من أنتِ يا هذي وماذا تقصدين

ولماذا تحجمين!؟

ولماذا هذه العقدة

تبدو في الجبين

حينها. أبصرتُ برقاً

وغزا سمعي رنين

وكأني بنداء جاء ممزوجاً بأصوات الأنين

هذه القدس

أما تبصر آثار السنين

أو ما تبصر في مقلتها خارطة الحزن الدفين؟؟

أو ما تبصر جور الغاصبين؟؟

هذه القدس التي يطفح من أهداب عينيها الضجر

لم تزل تسأل عن مليار مسلم

أو ما يمكن أن تبصر فيهم وجه مقدم!؟

هذه القدس التي أسعدها الطفل الأغر

حينما واجه رشاش الأعادي بالحجر

حينما أقسم أن يقتحم اليوم الخطر

يا جراح الطفل اشعلت جراحي

وقتلت البسمة الخضراء في ثغري

وأحييت نواحي

يا جراح الطفل هيضت جناحي

أنت حركت على قارعة الحزن

رياحي

.يا جراح الطفل عذراً

حين أجلتُ كفاحي

وتغافلت عن الليل

فلم أنثر له نور صباحي ..

يا جراح الطفل

يا وصمة عارٍ في جبيني

يا بياناً صارخاً يعلنه دمع حزين

يا جنون الألم القاسي الذي

أذكى جنوني

يا يد الأم التي تلتف حول الطفل

مقتولاً

وتبكي

ألجمتها شدة الهول فما تستطيع

تحكي

وجهها لوحة آلام وتعبيرات ضنك

أنت يا أم البطل

لملمي حزنك هذا وافتحي باب الأمل

نحن لا نملك تأخير الأجل

ليت لي طولاً

لكي امسح هذا الحزن عنك

يا صغيراً مات في عمر الزهور

يا صغيراً ضم في جنبيه

وجدان كبير

يا صغيراً واجه الرشاش ..

مرتاح الضمير

يا صغيراً مد عينيه لجنات وحور

يا صغيراً

سجلت أشلاؤه أسمى حضور

أنت! رمز للمعالي يا صغيري

ما الذي أكتب؟؟

قد جف مدادي

لا ترى عيني سوى نار وأكوام رماد

وبقايا من شضايا ورؤوس وأيادي

وبقايا لعبة الطفل الذي مات.

بلا ماء وزاد.

صورة تنبئ عن حقد الاعادي

هذه الأشلاء في الأقصى تنادي

من تنادي؟؟

ليت شعري من تنادي

هذه الصخرة روع تتألم

قلبها من شدة الهول تحطم

لم تزل تلمح

ما يجري ..

من البغي المنظم

ثغرها ما زال مقتول السؤال

أين أنتم يا أباة الضيم

يا أهل النضال

أين انتم يا رجال

أنسيم أن باب المجد مفتوح

لمن شدّوا إلى الأقصى الرحال

يا أخا الكعبة والبيت المطهر

يا حبيباً

حبه في خافق الأمة أزهر

حبه أوضح من ناصية الشمس وأظهر

يا مدى ذاكرة التاريخ

والماضي المعطر

أيها الأقصى الذي تنعشه الله أكبر

مقلة الإسراء ترنو

ويد المعراج تمتد وتدنو

وفم الأمجاد يدعوكم بأصوات الأوائ

اكسروا هذي السلاسل

اكسروها أيها الابطال عن يد تناضل

اكسروها

قيدوا الأيدي التي ترمي

على القدس القنابل

اكسروها

واجعلوها في أيادي

من يهزون المعاول

يعلنون الحرب في وجه اليتامى

والأرامل

ويهدون على الأطفال جدران المنازل

قيدوا فيها يهودياً

بلا وعي يقاتل

اكسروها

وأعيدوا ذكريات المجد في

ذات السلاسل

حطموا تمثال وهم.

ظل يبنيه اليهود

واعلموا أن سلام القوم وهم.

ماله في هذه الدنيا وجود

أيهود وسلام؟؟ وسلام ويهود؟؟

هذه الأكذوبة الكبرى

وفي التاريخ آلاف الشهود

اكسروا هذي السلاسل

لا تقولوا: مات رامي.

وأخو رامي زياد

وبكت من قسوة الأحداث

لبنى وسعاد

وتداعت أمم الكفر

على أهل الرشاد

لا تقولوا: إن قوات اليهود استوطنت

ومن الأقصى دنت

لا تقولوا: إن باراك إلى شارون عاد

كل هذا أيها الابطال

عنوان الكساد

عندكم أنتم من الإيمان

ما تحتاجه كل البلاد

فافتحوا بوابة النصر وقولوا

إن باب النصر لا يفتح إلا بالجهاد