المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا : من ديوان الشافعي


أفاق الفكر
03-09-2008, 05:00 AM
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا : من ديوان الشافعي


الصديق الصدوق

إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا
فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة
وفي القلب صبر للحبيب وإن جفا
فما كل من تهواه يهواك قلبه
ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة
فلا خير في ود يجيء تكلفا
ولا خير في خل يخون خليله
ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده
ويظهر سرا كان بالأمس قد خفا
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها
صديق صدوق صادق الوعد منصفا

المهلكات الثلاث

ثلاث هن مهلكة الأنـام
وداعية الصحيح إلى السقام
دوام مُدامة ودوام وطء
وإدخال الطعام على الطعـام

التوكل على الله

توكلت في رزقي على الله خـالقي
وأيقنـت أن الله لا شك رازقي

وما يك من رزقي فليـس يفوتني
ولو كان في قاع البحار العوامق

سيأتي بـه الله العظـيم بفضلـه
ولو لم يكن من اللسـان بناطق

ففي اي شيء تذهب النفس حسرة
وقد قسم الرحـمن رزق الخلائق

العلم رفيق نافع

علمي معي حـيثمــا يمّمت ينفعني
قلبي وعاء لـه لا بطــن صـنـدوق
إن كنت في البيت كان العلم فيه معي
أو كنت في السوق كان العلم في السوق

تول أمورك بنفسك

ما حك جلدك مثل ظفرك
فتـول أنت جميع أمرك
وإذا قصدت لحـاجــة
فاقصد لمعترف بفضلك

فتنة عظيمة

فســاد كبيـر عالم متهتك
وأكبر منه جـاهل متنسك
هما فتنة في العالمين عظيمة
لمن بهما في دينه يتمسك

دعوة إلى التعلم

تعلم فليس المرء يولد عالـمــا
وليس أخو علم كمن هو جاهـل
وإن كبير القوم لا علم عـنـده
صغير إذا التفت عليه الجحافل
وإن صغير القوم إن كان عالما
كبير إذا ردت إليه المحـافـل

إدراك الحكمة ونيل العلم

لا يدرك الحكمة من عمره
يكدح في مصلحة الأهـل
ولا ينــال العلم إلا فتى
خال من الأفكار والشغـل
لو أن لقمان الحكيم الذي
سارت به الركبان بالفضل
بُلي بفقر وعـيـال لمـا
فرق بين التبن والبقــل

أبواب الملوك

إن الملوك بـلاء حيثما حـلـوا
فلا يكن لك في أبو أبهم ظــل
ماذا تؤمل من قوم إذا غضبـوا
جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا
فاستعن بالله عن أبو أبهم كرمـا
إن الوقوف على أبوابهــم ذل

العلم بين المنح والمنع

أأنثر درا بين سارحة البهــم
وأنظم منثورا لراعية الغنـم
لعمري لئن ضُيعت في شر بلدة
فلست مُضيعا فيهم غرر الكلم
لئن سهل الله العزيز بلطفــه
وصادفت أهلا للعلوم والحكـم
بثثت مفيدا واستفدت ودادهـم
وإلا فمكنون لدي ومُكْتتـــم
ومن منح الجهال علما أضاعـه
ومن منع المستوجبين فقد ظلم

العيب فينا

نعيب زماننا والعيب فينا
ما لزمانا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب
ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب
ويأكل بعضنا بعضا عيانا

ياواعظ الناس

يا واعظ الناس عما أنت فاعله
يا من يعد عليه العمر بالنفس
احفظ لشيبك من عيب يدنسه
إن البياض قليل الحمل للدنس
كحامل لثياب الناس يغسلها
وثوبه غارق في الرجس والنجس
تبغي النجاة ولم تسلك طريقتها
إن السفينة لا تجري على اليبس
ركوبك النعش ينسيك الركوب على
ما كنت تركب من بغل و من فرس
يوم القيامة لا مال ولا ولد
وضمة القبر تنسي ليلة العرس

في القناعة

تعمدني بنصحك في انفرادي
وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع
من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي
فلا تجزع إذا لم تعط طاعه

فضل السكـوت

وجدت سكوتي متجرا فلزمته
إذا لم أجد ربحا فلست بخاسر
وما الصمت إلا في الرجال متاجر
وتاجره يعلو على كل تاجر


الحب الصادق

تعصي الإله وأنت تظهر حبه
هذا محال في القياس بديـع
لو كان حبك صادقا لأطعتـه
إن المحب لمن يحب مطيـع
في كل يوم يبتديك بنعمــة
منه وأنت لشكر ذلك مضي

نور الله لا يهدى لعاص :

شكوت إلى وكيع سوء حفظي
فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخـبرني بأن العـلم نــور
ونور الله لا يهـدى لعـاص

العلم مغرس كل فخر

العلم مغرس كـل فخر فافتخـر
واحذر يفوتك فخـر ذاك المغـرس
واعلم بأن العـلم ليس ينالـه
من هـمـه في مطعــم أو ملبـس
إلا أخـو العلم الذي يُعنى بـه
في حـالتيه عـاريـا أو مـكتـسي
فاجعل لنفسك منه حظا وافـرا
واهجـر لـه طيب الرقــاد وعبّسِ
فلعل يوما إن حضرت بمجلس
كنت أنت الرئيس وفخر ذاك المجلس

أدب المناظرة

إذا ما كنت ذا فـضل وعلم
بما اختلف الأوائل والأواخر
فناظر من تناظر في سكون
حليمـا لا تـلح ولا تكابـر
يفيدك ما استفادا بلا امتنان
من النكـت اللطيفة والنوادر
وإياك اللجوج ومن يرائي
بأني قد غلبت ومن يفـاخـر
فإن الشر في جنبات هـذا
يمني بالتقـاطـع والـتدابـر


لا تيأسن من لطف ربك

إن كنت تغدو في الذنـوب جليـدا
وتخاف في يوم المعاد وعيـدا
فلقـد أتاك من المهيمـن عـفـوه
وأفاض من نعم عليك مزيـدا
لا تيأسن من لطف ربك في الحشا
في بطن أمك مضغة ووليـدا
لو شــاء أن تصلى جهنم خالـدا
ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيــدا

متى يكون السكوت من ذهب ?

إذا نطق السفيه فلا تجبه
فخير من إجابته السكوت
فإن كلمته فـرّجت عنـه
وإن خليته كـمدا يمـوت

آداب التعلم

اصبر على مـر الجفـا من معلم
فإن رسوب العلم في نفراته
ومن لم يذق مر التعلم ساعــة
تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن فاته التعليم وقت شبابــه
فكبر عليه أربعا لوفاتــه
وذات الفتى والله بالعلم والتقى
إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته

في الحكمة

دع الأيام تفعل ما تشاء
وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي
فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا على الأهوال جلدا
وشيمتك السماحة والوفاء
وإن كثرت عيوبك في البرايا
وسرك أن يكون لها غطاء
تستر بالسخاء فكل عيب
يغطيه كما قيل السخاء
ولا تر للأعادي قط ذلا
فإن شماتة الأعدا بلاء
ولا ترج السماحة من بخيل
فما في النار للظمآن ماء
ورزقك ليس ينقصه التأني
وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حزن يدوم ولا سرور
ولا بؤس عليك ولا رخاء
إذا ما كنت ذا قلب قنوع
فأنت ومالك الدنيا سواء
ومن نزلت بساحته المنايا
فلا أرض تقيه ولا سماء
وأرض الله واسعة ولكن
إذا نزل القضا ضاق الفضاء
دع الأيام تغدر كل حين
فما يغني عن الموت الدواء