المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيخ محمد بن راشد رجل الإنسانية ........ د. عارف الشيخ


أفاق الفكر
11-27-2007, 12:52 AM
الشيخ محمد بن راشد رجل الإنسانية ........ د. عارف الشيخ


أبى سموه إلا أن يكون للعالم كله، وأن يمسك بزمام المبادرات في كل مكان، يجب أن يكون هو الأول في كل المجالات، الخيرية منها والإنسانية والاجتماعية والسياسية والأدبية والرياضية.

يحترم الصغير والكبير ويقدر المرأة والرجل، ينظر إلى ماضيه بأنه تراث خالد، ويرى مستقبله بأنه أمل واعد، من أجل ذلك فإنه ما أنشأ مؤسسة للاهتمام بالشباب، إلا وأنشأ مثلها للاهتمام بالكبار وذوي الاحتياجات الخاصة، ويعمل من غير كلل ولا ملل.

يحب التأني في الأمور ويحكم العقل والمنطق، ويؤمن بمقولة صلاح الدين الأيوبي، لأن أخطىء في العفو أحب إلي من أن أصيب في العقاب.

نعم هذا هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الذي أعده قائداً من نوع خاص، ورجلاً استثنائياً من غير شك، ويستحق أن يدخل قائمة الأفراد المعدودين من زعماء العالم.

أكد لي سموه أكثر من مرة أنه يحب التحدي ويحب المغامرة ولا يحب الفشل لأنه لم يجربه ولا لمرة، ومن يقرأ كتاب “رؤيتي” يعلم يقيناً بأنه متفائل بالحياة أكثر من التفاؤل نفسه، وكأن الحياة كلها مسرات ومبرات وإنجازات.

إن سموه يحمل هذه الروح المثيرة للجدل منذ طفولته، وقد تطورت معه إلى أن أصبحت قوة دافعة إلى أن يغامر ويتحدى المواقف الصعبة حتى خارج حدود دولة الامارات، فهو اليوم زعيم أمة.

سموه صاحب مدرسة فكرية فلسفية تستحق أن تكون نموذجاً في العصر الحديث، ليتخرج فيها القادة الذين يشقون طريقهم إلى الريادة والتميز.

إنني أتابع سموه يومياً كما يتابعه غيري، وفي كل يوم أزداد إعجاباً به. لماذا؟ لأنني في كل مرة أتعلم منه شيئاً جديداً، فأضيفه إلى مكتسباتي الفكرية والأدبية، مما يجعلني أتذكر قول أفلاطون: لا يصلح الحاكم حاكماً إلا إذا كان فيلسوفاً.

فلو سمح لي سموه لأضفت إلى ألقابه المتعددة لقب الفيلسوف، وهذا ليس مبالغة مني في حقه ولكنه حقيقة، فسموه يفكر بعمق قبل ان يعمل أي شيء، وبعد ذلك يقدم نموذجاً إنسانياً رائعاً عن قناعة.

أجل فالشيخ محمد بن راشد آل مكتوم فيلسوف قبل أن يكون حاكماً وكلمة فيلسوف معناها أنه محب للحكمة، وسموه رأيته كذلك حكيماً عندما أسس مؤسسة محمد بن راشد للأعمال الخيرية.

ورأيته حكيماً عندما أسس مؤسسة محمد بن راشد للإسكان، كما رأيته حكيماً عندما أنشأ مؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب، ومؤسسة أخرى عالمية للتنمية الإنسانية.

ورأيته حكيماً ذا بعد انساني عندما وقف في منتدى دافوس ودعا الدول الغنية إلى التخلي عن بعض نفقاتها في التسلح وتوجيهها إلى تنمية الدول الفقيرة.

وبالأمس التاسع عشر من شهر سبتمبر/أيلول من عام 2007 وقف في قاعة “أرينا” بمدينة جميرا أمام 1500 شخص من شيوخ ووزراء وتجار وأعيان البلاد وكافة رجال السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي، ليطلق مبادرة جديدة، وهي حملة عالمية إنسانية لدعم التعليم في عدد من دول العالم الفقيرة.

مثل هذه المبادرة لم يكن متوقعاً أن يطلقها رئيس دولة، لكن محمد بن راشد أطلقها، لأنه الرجل الذي يتقمص شخصية عمر بن الخطاب الذي قال: “لو عثرت دابة في أقصى البلاد لخشيت أن يحاسبني الله تعالى عليها. لِمَ لم أمهد لها الطريق؟”.

إن إضاءة الشموع أينما خيم الظلام، كما قال سموه، واجب إنساني حث عليه ديننا الحنيف. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خير الناس أنفعهم للناس”.

وإذا كان ديننا أمرنا بمحاربة الجهل فإن معالجة الفقر مطلوبة قبل الدعوة إلى محاربة الجهل، لأنه ما وجد الجهل في مكان إلا ووجد قبله الفقر والمرض والبؤس واليأس، وقد قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه “لو كان الفقر رجلاً لقتلته”.

إذن، مطلوب من كل من يحمل ضميراً حياً أن يفكر في مائة وعشرين مليوناً من أطفال العالم الذين حرموا من نعمة التعليم بسبب الفقر وهم ما زالوا في مرحلة التعليم الابتدائي، وعليهم ان يفكروا في 800 مليون أمي يعيشون في العالم، وقد فاتهم ركب التعليم.

وقد وجه سموه أغنياء العالم ولا سيما رجال المال والاقتصاد في دولة الامارات إلى اعتبار الجهل مرضاً شرساً، لذا لا بد من أن يطرق طرقاً شديداً، وإلا يظل كابوساً جاثماً على الصدور لا نستطيع أن ننفك منه.

ثم ضرب سموه مثالاً للجمهور الذي حضر وهو من الواقع الذي ما زلنا نذكره، فقال إن إسهام الأغنياء في دولة الإمارات في نشر التعليم، ليس بجديد على أهل الإمارات، ففي العهد ما قبل قيام دولة الاتحاد كان رجال أثرياء مثل ابن دلموك والسركال والمحمود وغيرهم، سعوا إلى إنشاء مدارس.

وفي العصر الحاضر كذلك رجال استمروا على نهج الآباء، وضرب مثلاً برجل المال المعروف جمعة الماجد الذي فتح مدارس وكلية ومركزاً للثقافة والتراث، وما زال ينفق عليها بالملايين كما انه يسهم في الخير في كل مكان.

وعندما دعا سموه القطاع الخاص إلى التبرع بما تجود به أنفسهم، لم ينس أن يقول: وسوف أشارك أنا وأبنائي وبناتي قبلكم في هذا العمل الإنساني، ولنبدأ بتعليم مليون طفل في العالم، وربما الحاجة متمركزة في آسيا وإفريقيا أكثر.

أقول ولا أنسى أن أنوه بدور التلفزيون الإعلامي الرائع الذي جسد مبادرة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في دعاية جميلة ورائعة، حيث إن الذي يدعو إلى التبرع لا يظهر بل يتحدث بصوت مشفوع بصور لبعض السلع المحببة إلى الناس، ثم يقول: هذه السلعة قيمتها كذا، ويمكنك بدلاً من أن تشتريها لنفسك، أن تتبرع بقيمتها مثلاً لبناء مدرسة أو شراء باص لمصلحة أطفال العالم الذين لا يتمكنون من مواصلة تعليمهم.

الإعلان جاذب من غير شك لكنه لا يجبر المشاهد على دفع ذلك المبلغ إجبارياً قل أو كثر، بل يقول له لك الخيار، وهذا الأسلوب في نظري هو أسلوب نبوي جميل حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان يريد أن يقدم على عمل خير لم يكن يقول يا فلان عليك أن تعمل كذا، ولكنه كان يقول على سبيل المثال: من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة، أو كان يقول: أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة وأشار إلى السبابة والوسطى، وبعد ذلك كان الصحابة يتنافسون على الفوز.

نعم.. دعا الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تجار دبي إلى التبرع في شهر العطاء رمضان المبارك، وهو لم يحدد مبلغاً معيناً، ولكنه واثق من أن القطاع الخاص بشقيه المواطن وغير المواطن، سوف يسهم في هذا العمل الإنساني.

وبالمناسبة فإن الأثرياء من المقيمين على أرض دولة الإمارات معنيون بهذا الإسهام، لأنهم يشاركون المواطنين في خيرات هذه الأرض الطيبة التي لم تفرق بين المواطن والوافد، وهم اليوم نسبتهم كبيرة ويفترض أيضاً أن يكون إسهامهم كبيراً.

وفي النهاية أقول: سلم الله لنا رجل المبادرات الإنسانية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وأبقاه قدوة لنا في الخير، ووفق الله أهل الخير والنعم جميعاً مواطنين ووافدين لينفقوا مما أنعم الله عليهم بنفس راضية، وهم يؤمنون بالحديث النبوي القائل: اللهم أعط منفقاً خلفاً وأعط ممسكاً تلفاً.

وإنهم من غير شك يتحملون مسؤولية انتشار الفقر والجهل والبطالة والمرض، اذا لم يساهموا ولم يخففوا من معاناة الفقراء في العالم كله.