المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نون النسوة ... المرأة والتناقض ....د. عارف الشيخ


أفاق الفكر
11-27-2007, 12:47 AM
نون النسوة ... المرأة والتناقض ....د. عارف الشيخ


قالوا عن المرأة إنها تفاحة وأفعى في وقت معاً، وقالوا أيضاً إن المرأة الفاضلة تقول لا، والمرأة العاطفية تقول نعم، والمرأة اللعوب تقول لا ونعم وقت واحد.

وقال عنها شكسبير: عندما تقسم حبيبتي إنها اصدق مجسداً، أصدقها مع انني أعرف أنها تكذب.

وقالوا أيضاً: تشعل المرأة النار بابتسامتها، وتحاول عبثاً أن تطفئها بدموعها، حب المرأة مكتوب على الماء، وإيمانها مرسوم على الرمال.

أقول: هذه الروايات وهذه الأمثال من أقوال البشر ولا أدعي لهم العصمة، لكن لا دخان من غير نار، فلو لم تكن المرأة كذلك لما قيل عنها ما قيل.

لكن ما قيل عنها من السلبية لا يقلل أيضاً من شأن إيجابياتها، إلا أنها من غير شك تناقضات تسجل على المرأة التي تظهر بأكثر من وجه وأكثر من لون.

وهذا التناقض في المرأة غير مصطنع بدليل انها تفعل شيئاً ثم سرعان ما تندم عليه، أو تقول شيئاً، وبعد قليل تبرئ ساحتها مما قالت ذلك أن اللذة والألم يمشيان معاً في إحساس المرأة كما يقول العقاد، فتجمع هي بينهما اضطراراً من حيث تريد ومن حيث لا تريد.

فأسعد ساعات المرأة هي ساعة الولادة، لكنها مع ذلك فهي أشد ساعات الآلام والأوجاع في جسد الأم الطريح بين الحياة والموت.

وأسعد ساعات المرأة هي ساعة التسليم للرجل الذي يستحق عندها مذلة التسليم، إذ لا سعادة لها مع الرجل الضعيف، لأنه أب غير صالح وزوج غير نافع ورجل غير موفور الرجولة.

ويرجع العقاد في كتابه “هذه الشجرة” سبب هذا التناقض في المرأة الى أنها شخصية حية خاضعة للمؤثرات التي تتناولها من عدة جهات، إضافة الى أنها عضو في بيئة اجتماعية هي الأمة كما أنها من جهة أخرى أنثى لها تركيب حيوي يربطها بمخلوق آخر لا يتم وجودها بغيره.

فانظر إليها كأم تحب أبناءها، وكزوجة تحب زوجها وكعضو في الأمة تحب أن تسهم بدورها.

هذه الأطوار المختلفة تجعلها مرة تنضوي الى رجل لأنه كريم يغمرها بالنعمة، ومرة تتعلق ببخيل لا ينفق ماله عليها، لكنه يتمتع بصفة أخرى تحبها هي.

ورغم أن الأنوثة من شأنها التناقض، الا أن الأنوثة درجات أيضاً، وكل صفات الأنوثة لا تجتمع في امرأة واحدة، وقديماً قال الأوروبيون ليست كل امرأة أنثى من فرع رأسها الى اخمص قدمها، أو أنثى مائة في المائة.

وقد كفت الدورة الشهرية وعوارض الحمل والولادة لأن تجعلها غامضة الأغوار، غريبة الأطوار.

ويقر الأستاذ العقاد بأن هذا التناقض قد لا يكون خاصاً بالأنوثة فقط، إذ إن الرجال ينطبق عليهم ما قلنا عن النساء، إلا أن تناقض المرأة أشد وأغرب.

فالمرأة قد تبدو ضعيفة، لكن ضعفها عند الشدائد يستحيل في الغالب الى قوة رائعة، وكذلك الرجل قد تعصف به تلك الشدائد نفسها، وتجعله وهو القوي من أضعف الضعفاء.

نعم... ولكن ضعف الرجل لا يمكن أن نسميه تناقضاً، لأنه يحصل لدى استنفاده كل طاقاته ومحاولاته.

أما المرأة فيبدو تناقضها في كلتا حالتيها، وكأنها تتصنع القوة والضعف والحب والكره والجد والهزل.

من أجل ذلك أصفها في قصيدة من قصائدي فأقول:


قد ملأت الكون بالأش
عار حتى خفت غيا

وطويت العمر في البحر
فلم أفهمك شيا

أي شيء أنت قدسا
فرت مرات عديدة؟

فتندمت ولم أر
جع بأفكار جديدة

أنا أخشاك وأهوا
ك فمن أنت وماذا؟

أنت لغز أنا لا أع
رف ألغازاً كهذا